البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

السعودية وإيران.. لكي لا يعيد التاريخ نفسه

كاتب المقال  د. ماجد السامرائي    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 2856


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


رغم أنه لا توجد توقعات بصدام سعودي إيراني مسلح مباشر لأن الصدام غير المباشر حاصل عبر بوابة اليمن، إلا أن الصفحات السريعة التي تتحرك على ساحة المواجهة تشير إلى توترات حدثت بسرعة بين العراق وإيران بعيد استلام الخميني للسلطة في طهران وتخييره باحترام شروط الضيافة عندما حصل الاتفاق الشاهنشاهي – الصدامي، وهو تاريخ مليء بالعبر يتذكره العراقيون المحبون لبلدهم أكثر من غيرهم.
ليس المقصود إثارة شجون العاطفة الوطنية والعروبية في استحضار صفحة التاريخ المؤلم القريب بين العراق وإيران، لأنها حرب خلفت أكثر من مليوني ضحية من الطرفين ودمارا ما زالت آثاره قائمة ولم تهدأ النفوس بعد. كانت حربا خدعت فيها كل من إيران والعراق، ولم تنزح مرارة كأس سم الهزيمة العسكرية الذي تجرعه الخميني بقبوله السلام إلا بعد أن تحقق الثأر بسقوط نظام صدام حسين والدولة العراقية عام 2003.

تصعب المقارنة الآن لأن المعطيات الجيوسياسية مختلفة، فإيران ليست جارة للسعودية مثلما هو العراق، والعامل الزمني ترك آثاره لصالح هيمنة إيران على المنطقة بعد سقوط العراق بيدها إلى جانب كل من سوريا والجزء الحيوي من لبنان، لكن هناك الكثير من حقائق الأيديولوجيا والتاريخ تركت بصماتها خلال الثلاثين سنة الأخيرة.

فولاية الفقيه وتصدير الثورة لم يعودا مقبولين داخل إيران، وهما مرفوضان بشدة لدى الشيعة العرب في العراق. الوسائل الإيرانية القديمة وأدواتها ضد خصومها لم تعد مؤثرة اليوم، فلا شعارات “الاستكبار العالمي” أو “الموت لأميركا” عادت صالحة، هناك انكشاف كبير، لكن حضور صيغ جديدة للإرهاب وبينها داعش خلال السنوات الأخيرة يغطي على الانكشاف الإيراني الخاسر. ومحاولة إيران بعث صيغ الصراع والحرب لتحقيق أهداف ولاية الفقيه لم تعد مجدية، واختيار السعودية بعد نهاية العراق له أهمية، لأن إيران تواجه تحديا أيديولوجيا من قبل السعودية لكونها حاملة لراية الإسلام عربيا وعالميا، وإيران لا تسمح رغم صعوبة ذلك عليها لأنه يكشف أهدافها، كما أن لعبة “الأيديولوجيا الدينية والمذهبية” مؤذية لشعوب المنطقة لكنها تخدم مخططات الكبار.

مراجعة ما يحصل على ضفاف الخليج العربي مهم لأنه يمس وضع شعوب المنطقة المتطلعة للاستقرار والسلام. هناك مفردات مهمة من حلقات الصراع العراقي الإيراني الذي كان حتميا لوجود نظامين قوميين في طهران وبغداد يشكلان قطبي الصراع التاريخي القديم، وصدام حسين حين دخل الحرب كان الشعار العروبي القومي هو عنوانه وليس الإسلامي الطائفي، فقد استطاع حشد أكثر من نصف مليون مقاتل شيعي قاتلوا إيران لثماني سنوات. صدام لم يكن يملك أطماعا في إيران، لكنه كان حالما بالزعامة القومية، وشعر بأن الخطر دخل أبواب بغداد، ووجد أن الهجوم العسكري يكسر جموح الخميني الحالم ببغداد مثلما خليفته خامئني يحلم اليوم بمكة، لكن ما كان مخططاً كان أكبر منه ومن معه.

مفردات الصراع السعودي الإيراني، اليوم، قد تقود إلى الصدام المسلح إذا ما سمح الكبار رغم تأكيدات الدبلوماسية السعودية باستبعاد ذلك، فالمناخ شبيه بما حصل قبيل وبعد الحرب العراقية الإيرانية.

الجانب السعودي يدير دبلومامسية هادئة ورصينة، رغم المآخذ على طريقة التعاطي مع الأزمة الحالية، من حيث القدرة على عدم جعل الأمور تفلت عن السيطرة. على الجانب الإيراني أوكل خامئني لقيادة الحرس الثوري المرتبطة به إدارة المعركة السياسية والإعلامية والعسكرية إن تطلب الأمر. ولا دور لوزارة الخارجية إلا في دفاعها المتأخر والفاشل عن الهجوم على السفارة السعودية في طهران والذي خسرت فيه إيران جميع أسلحتها الدبلوماسية في محاولة جلب التعاطف الدولي حول قضية إعدام رجل الدين السعودي نمر النمر. ولعل من الملفت للانتباه أن تأخذ مضامين الحملة الإعلامية لعساكر الحرس الثوري منحى تصعيديا، في محاولة لاستعادة التاريخ الدامي بين العراق وإيران. فقد قال نائب القائد العام للحرس الثوري، حسين سلامي، الذي يتنبأ بـ”سقوط النظام السعودي كتساقط قطع الدومينو وسيدفن تحت الانهيار الذي أحدثه” وربطه ما بين نظام صدام والنظام السعودي “المسار الذي يسلكه النظام السعودي مثل المسار الذي سلكه صدام في الثمانينات والتسعينات. لقد بدأ حربا مع إيران وأعدم رجال دين بارزين ومسؤولين كبارا وقمع المعارضين، وانتهى به الأمر إلى ذلك المصير البائس».

المواطن السعودي الذي أعدمته حكومته لاتهامات تتعلق بأمنها لا يستحق كل هذه الحملة الطائفية. فعالم الدين هذا ليس إيرانيا وكان إعدامه مع عدد من المتهمين بالإرهاب، كما أنه ليس رمزا أو مرجعا شيعيا. ولعل التاريخ يستحضر واقعة إعدام المرجع الشيعي العراقي محمد باقر الصدر عام 1980 من قبل نظام صدام قبيل انفجار الحرب العراقية الإيرانية، وما قيل عن عملية إيقاع مدبرة من قبل الخميني لدوافع الصراع الإيراني العربي لزعامة المرجعية حين وجه للصدر رسالة عبر إذاعة طهران العربية يناشده فيها بالبقاء في العراق لقيادة “الثورة” واستلام الحكم، مما دفع بصدام لإعدامه وشقيقته بنت الهدى، ويقال إن الوثائق الخاصة بهذا الملف أصبحت بعد الاحتلال بيد الراحل أحمد الجلبي.

إن توقيت إعدام النمر ليس صحيحا، ويبدو أن المعركة تدار بعيدا عن ألاعيب المخابرات ووسائلها، قال لي قبل أيام أحد الأصدقاء الأطباء المختصين في بريطانيا “كان ممكنا للسعودية أن تعلن بأن رجل الدين النمر مصاب بمرض عقلي وتحيله إلى أحد المحاجر الصحية وينتهي الأمر”.

تستعيد الذاكرة النشاط السياسي والإعلامي والعسكري الذي اشتغلت عليه طهران لإثارة القلاقل داخل العراق منذ أواخر عام 1979، لأن هذا البلد كان الهدف الأول لتصدير الثورة الخمينية، إلى جانب الحملة التي استهدفت السعودية لدعمها العراق في حربه مع إيران من بينها حادثة مكة عام 1987 التي راح ضحيتها أكثر من ألف حاج نصفهم إيرانيون واشتعال حرب السفارات.

في العراق وقبيل الحرب العراقية الإيرانية جرت محاولة في بغداد لاغتيال وزير الخارجية الراحل طارق عزيز من قبل عناصر من حزب الدعوة عام 1980، ثم تكثفت حملات التفجيرات من قبل هذا الحزب بتوجيه من طهران، ولعل حزب الدعوة هو أول من ابتدع هجمات الانتحاريين والسيارات المفخخة في عملية تفجير مبنى الإذاعة والتلفزيون ببغداد عام 1982 ومبنى وكالة الأنباء العراقية وقيادة القوة الجوية، وكذلك تفجير السفارة العراقية ببيروت عام 1981، حيث قتلت زوجة الشاعر الراحل نزار قباني العراقية بلقيس الراوي. وحاليا تقام دعوى من قبل ضحايا التفجير وبينهم عائلة زوجة نزار قباني موجهة إلى السلطات اللبنانية تتهم أبو إسراء المالكي الذي كان مسؤول الجناح العسكري في حزب الدعوة والذي اتخذ من دمشق منطلقا لنشاطاته، ومعه الشيخ محمد عبدالحليم الزهيري وعماد أبو مغنية بتلك الحادثة.

المعطيات الحالية تشير إلى تراجع إيراني في سوريا وهزيمة في اليمن، لذلك تتشبث إيران بالعراق “تاج الامبراطورية” لكن المعركة مع السعودية خاسرة بجميع المقاييس، خصوصا مع ضغط الكبار من أجل حل شامل تشارك فيه إيران، هل سيكون ذلك الآن أم يحصل بعد أن تتعب دول المنطقة وشعوبها أكثر؟


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

العراق، السعودية، إيران، التدخل الإيراني في العراق، التوتر الإيراني السعودي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 15-01-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
فتحي العابد، سامر أبو رمان ، أحمد النعيمي، ماهر عدنان قنديل، أحمد بوادي، سلوى المغربي، يحيي البوليني، مصطفي زهران، محمد اسعد بيوض التميمي، د - عادل رضا، المولدي الفرجاني، رضا الدبّابي، د. مصطفى يوسف اللداوي، د.محمد فتحي عبد العال، أحمد ملحم، مراد قميزة، محمود فاروق سيد شعبان، حسن الطرابلسي، أحمد الحباسي، عواطف منصور، محرر "بوابتي"، رحاب اسعد بيوض التميمي، العادل السمعلي، سليمان أحمد أبو ستة، فتحـي قاره بيبـان، رمضان حينوني، د. خالد الطراولي ، د- جابر قميحة، د. أحمد محمد سليمان، خبَّاب بن مروان الحمد، د- هاني ابوالفتوح، صفاء العراقي، د - صالح المازقي، إيمى الأشقر، د - المنجي الكعبي، محمد شمام ، علي الكاش، ضحى عبد الرحمن، جاسم الرصيف، نادية سعد، د. أحمد بشير، د - شاكر الحوكي ، د- محمود علي عريقات، يزيد بن الحسين، حاتم الصولي، محمد عمر غرس الله، محمد أحمد عزوز، د - مصطفى فهمي، د - محمد بن موسى الشريف ، الناصر الرقيق، د. عبد الآله المالكي، حميدة الطيلوش، مصطفى منيغ، محمود طرشوبي، سامح لطف الله، تونسي، إياد محمود حسين ، محمد الياسين، طلال قسومي، أبو سمية، د. عادل محمد عايش الأسطل، عبد الغني مزوز، علي عبد العال، عبد الرزاق قيراط ، فتحي الزغل، د. طارق عبد الحليم، سفيان عبد الكافي، سيد السباعي، عبد الله الفقير، سلام الشماع، صباح الموسوي ، فوزي مسعود ، عبد الله زيدان، حسني إبراهيم عبد العظيم، أنس الشابي، عزيز العرباوي، صفاء العربي، د - الضاوي خوالدية، صلاح الحريري، خالد الجاف ، مجدى داود، كريم السليتي، د. صلاح عودة الله ، الهيثم زعفان، د- محمد رحال، محمود سلطان، أ.د. مصطفى رجب، أشرف إبراهيم حجاج، رافد العزاوي، محمد العيادي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عراق المطيري، عمار غيلوفي، إسراء أبو رمان، رافع القارصي، د - محمد بنيعيش، حسن عثمان، أحمد بن عبد المحسن العساف ، كريم فارق، وائل بنجدو، ياسين أحمد، صلاح المختار، محمد الطرابلسي، سعود السبعاني، الهادي المثلوثي، فهمي شراب، منجي باكير، رشيد السيد أحمد، صالح النعامي ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمد يحي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عمر غازي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة