البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

"المهم بالأهم" في التصويت للرئيس القادم

كاتب المقال د- المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5941


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


المهم بالأهم.. تعبير أطلقه السيد الباجي قايد السبسي عرضاً في افتتاح حملته الرئاسية بالمنستير، الأحد الماضي، للتذكير بمفهوم حسن الاختيار لدى الرئيس بورقيبة في أوقات الأزمات حين تختلط الأمور ويكاد لا يميز المواطن بين المهم والأهم في التقديم من أجل المصلحة العليا. إذ الضرورة أو مقتضيات الأمور تتطلب منه اختيار المهم قبلاً وترك الأهم للوقت الأفضل. وهو معنى المهم بالأهم، على سبيل البدل.

والتذكير في محله، لأن الوضع الذي أصبحنا نعيشه بعد الثورة، شبيه بالوضع الذي دخلته البلاد بعد الاستقلال غداة الخلاف البورقيبي اليوسفي المعروف الذي أحدث قطيعة بين أفراد الأمة بين مؤيد لهذا أو ذاك من زعمائها المتنافسين على رئاسة البلاد آنذاك. وأصبحت الحزبية المتشعبة وما داخلها من عروشيات وجهويات وانتماءات حداثية وسلفية تشق الحياة السياسية بشكل خطير يؤذن بانفراط عقد الدولة وينبي بتهديد خطير للوحدة القومية التي صنعتها ثورة التحرير الوطني لعقود طويلة.

وأمثال هذه الأحداث كثيرة ومعروفة في التاريخ، جعلت حكماء السياسة في الإسلام يفكرون بجواز تقديم المفضول على الفاضل في إمامة الأمة، وفقهاء القانون قبلهم يشرعون لنظام الديكتاتور أو المستبد العادل، الذي يتعين بشروط ولفترة وجيزة عند قيام الفتنة داخل الدولة والخشية بانهيار نظامها سواء الملكي أو الجمهوري أو غيرهما. وهذا في الغالب كان يجنب امتداد حالة عدم الاستقرار المؤقت الذي تنخرط فيه الدولة حتماً بعد كل انقلاب أو ثورة.

والذي حدث بعد ثورة 14 جانفي الأخيرة، حين تعذر الحسم بالدستور القائم لأسباب من النزاعات الحزبية بين المتطلعين الى الحكم بعد هروب المخلوع، أن انساقت الثورة الى وضع الحكومات الوقتية المتعاقبة، والتي مانعت كلها من قيام أي وضع مستقر في غير صالحها إلا بعد انتخابات تأسيسية ووضع نظام انتخابي يخدم أغراضها في الاستيلاء على السلطة لمدة تمنع من عودة النظام السابق، وإن اقتضى الأمر تغيير وجهة الدولة وإعادة صناعة المجتمع بالشكل الذي يوفي بأغراضها في بسط هيمنتها على الحياة العامة لمدة أطول، بمنظورها الحزبي الضيق أو المتسع لتحالفات ظرفية تخدم الأغراض دون الأهداف.

لكن المجتمعات، وخاصة الحديثة في ظل العولمة وسقوط الحدود الاعتبارية بين الدول، أصبحت عصية عن كل تغيير راديكالي الا بالقوة العسكرية القاهرة، وهذا غير متاح الاندراج فيه إلا للقوى العظمى، كما هو مشاهد اليوم في صراعات من هذا القبيل. ولذلك نازعت القوى الاجتماعية الغالبة بعد الثورة على استعادة المبادرة بيدها، وظهرت بمظهر الماسك للعصا من الوسط، بين ثورة مهادنة تطالب بالإصلاح وثورة استئصالية تطالب بالانقلاب والقطيعة مع ما سبق.

ويأتي نداء تونس ليس من باب الصدفة، ولكن من حتميات الصراع بين قطبين، ليوحد تحت جناحه كل القوى المضادة للصراع الحزبي الثنائي بين تيار يميني واسع الأطياف متشدد وتيار يساري أقلي متشدد كذلك. واستفاد هذا الحزب من شرعية هشة على أساس النسبية والبواقي، ليفرش الطريق لدستور غير مستفتى عليه، يحمل في طياته عوار الدساتير التي تتولد تحت ضغط الأحداث والتكتلات القاتلة. فيكون المستفيد من القادم الجديد في التشرعية والرئاسية الأولى بعده هو حتماً، وتؤول الأمور لصالحه، كرد فعل أو تحوطاً من استنتاخ الحالة السابقة التي سادت بما طبعها من تسيب وتهور وانخرام الأوضاع وسقوط الدولة في وحل النزاعات الحزبية المتوالدة كالطحالب في الغدير..

ولذلك يجد المواطن نفسه اليوم أمام أمرين اثنين: تصويت الضرورة لرئيس قادم، لإنقاذ البلاد من الفوضى التي تردت فيها طيلة ثلاث سنوات، وفي ذهنه تقديم المهم على الأهم بين المترشحين، لأن شروط الرئاسة غير شروط المرحلة التي قد لا تخضع لسن دنيا أو قصوى أو تزكيات حزبية أو نيابية تحت أي مسمى أو آخر. وهو معنى المهم بالأهم، إذا كان هناك حقيقة في تقدير المنتخِب مرشحٌ أهم من المهم، قد يخطئه الفوز في هذه المرحلة الحرجة.

ولتحصين اختياره لهذا الرئيس المنتخب لأول مرة انتخاباً حراً ديمقراطياً سرياً مباشراً عليه بعد التصويت له بمداومة اليقظة لدعم صاحب الشرعية بإطلاق ومنع أية معارضة غير مسؤولة من منازعته شرعيته البرلمانية أو الرئاسية أو هما معاً، وبالمقابل دعم كل معارضة ديمقراطية تحقق التوازن في البناء الداخلي للمجتمع وتتحرك به نحو التجديد والتقدم والتداول للسلطة، ما يحفظ للوطن استقلالية قراره وحريته الداخلية لتنمية اقتصاده ودفاعه ومقوماته العربية الاسلامية والمتوسطية والأفريقية، في ظل نظام دولي يحفظ للدول وللأمم حقها في صنع التقدم والحضارة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الإنتخابات التونسية، الإنتخابات التشريعية، الإنتخابات الرئاسية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 5-11-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  على هامش الانتخابات الرئاسية القادمة صدور كتابين تاريخيين في طبعة جديدة
  حل الدولتين في مأزق النقض
  فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ
  المرحوم قاسم بوسنينة مثال نادر من الرجال المخلصين
  فعل المستحيل، أو بعبع حق النقض في يد إسرائيل بالتناظر لأمريكا
  أفكار يجرفها الطوفان
  كل ما تخسره إسرائيل بتطاول مدة الحرب تكسبه حماس
  يهود العالم في ولايات متحدة أمريكية صهيونية
  هدنة تفتح على حل دائم وإلا عودة لحماس أشد بأسا
  معركة الأسرى أقوى من معركة السلاح وفتيل النار
  كل الغثاء حمله الطوفان
  رب درس تأخذه من عند غير مدرس ولو من طوفان
  في غزة طوفان دموع اختلط بطوفان الأقصى
  فرنسا من المعاداة للسامية إلى المؤاخاة للصهيونية
  قمة العرب والمسلمين لمساندة طوفان الأقصى في غزة بما أوتوا من قوة الإختلاف والإئتلاف
  فلسطين بطوفان الأقصى دخلت حرب التحرير بالمعنى الجزائري الفريد
  إهلال الإسلام على الكون الجديد
  "‏الفيتو" الأمريكي البريطاني الفرنسي ملطوخ في غزة
  ‏إسرائيل تقتل نفسها عرقا عرقا في غزة
  إسرائيل «غريبة» أوروبا في الشرق الأوسط
  هذه حرب ظالمة لا حرب دفاع عن النفس
  مال الإسلام إرهاب
  الصراع الأمريكي الإسرائيلي
  ‏تركيا وإيران ومصر
  حل الدولة الواحدة
  التهور مزلة والإقدام عن تبصر مأمون
  الموقف التونسي
  ‌على أنفاس غزة
  لمحات شابية
  نيتشه الموت والحياة

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمود طرشوبي، ياسين أحمد، الهيثم زعفان، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سامح لطف الله، محمد الطرابلسي، إيمى الأشقر، سليمان أحمد أبو ستة، مصطفى منيغ، الهادي المثلوثي، صلاح المختار، فتحي العابد، أحمد الحباسي، كريم فارق، إياد محمود حسين ، د. عبد الآله المالكي، يزيد بن الحسين، نادية سعد، خالد الجاف ، أنس الشابي، سلوى المغربي، د- هاني ابوالفتوح، المولدي الفرجاني، عبد الرزاق قيراط ، رافد العزاوي، فتحي الزغل، د - محمد بنيعيش، أحمد بوادي، د- محمود علي عريقات، أ.د. مصطفى رجب، د - عادل رضا، رضا الدبّابي، عبد الله زيدان، يحيي البوليني، رحاب اسعد بيوض التميمي، طلال قسومي، د - مصطفى فهمي، تونسي، محمد العيادي، صالح النعامي ، سفيان عبد الكافي، د. طارق عبد الحليم، سامر أبو رمان ، محمد أحمد عزوز، أحمد ملحم، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمود فاروق سيد شعبان، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - الضاوي خوالدية، خبَّاب بن مروان الحمد، د. ضرغام عبد الله الدباغ، كريم السليتي، فوزي مسعود ، أحمد النعيمي، العادل السمعلي، د. أحمد محمد سليمان، رافع القارصي، محمود سلطان، أشرف إبراهيم حجاج، مصطفي زهران، سعود السبعاني، حسن عثمان، رشيد السيد أحمد، د. صلاح عودة الله ، صلاح الحريري، جاسم الرصيف، وائل بنجدو، د - محمد بن موسى الشريف ، فهمي شراب، عواطف منصور، عبد الله الفقير، ضحى عبد الرحمن، فتحـي قاره بيبـان، حميدة الطيلوش، عراق المطيري، سيد السباعي، د.محمد فتحي عبد العال، علي عبد العال، د. مصطفى يوسف اللداوي، صباح الموسوي ، محمد الياسين، محمد يحي، حاتم الصولي، مجدى داود، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، الناصر الرقيق، رمضان حينوني، د - شاكر الحوكي ، محرر "بوابتي"، إسراء أبو رمان، محمد اسعد بيوض التميمي، مراد قميزة، محمد شمام ، د. خالد الطراولي ، د. أحمد بشير، د- محمد رحال، عزيز العرباوي، علي الكاش، منجي باكير، د - المنجي الكعبي، صفاء العربي، د- جابر قميحة، حسن الطرابلسي، محمد عمر غرس الله، ماهر عدنان قنديل، أبو سمية، صفاء العراقي، عمار غيلوفي، د - صالح المازقي، سلام الشماع، عبد الغني مزوز، حسني إبراهيم عبد العظيم، عمر غازي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة