البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

تدين آل سعود يكتسح الماضي: نموذج تحقيق الكتب التاريخية

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 7402


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


تعمل آلة الدعاية لدى آل سعود على التمكين لمفاهيمها الدينية التي تمثل امتدادا لتدين بني أمية، وهو تدين وظيفي يكرس الواقع ويعلي من شأن الحاكم، من خلال تكوين مؤسسة إسلام رسمي يؤثثها مرتزقة دين مسنودين بآلة دعاية فعالة.

حديثا بنيت آلة الدعاية لدى آل سعود على مرتزقة من طراز ثقيل كابن باز الذي أفتى بشرعية تواجد القوات الأمريكية بالسعودية وضربها العراق وتقتيل الآلاف من المسلمين.
ومن رموز الدعاية الذين تعتمد عليهم أيضا آلة الدعاية السعودية يمكن ذكر خاصة: العثيمين وآل الشيخ وفيلق كبير من المتحدثين في شؤون الإسلام منضوين عادة في ما يسمى هيئة كبار العلماء.

آلة الدعاية الدينية السعودية، تحصد ضحايا كثيرين، ممن يعتقدون صحة التدين الأموي / السعودي، ولذلك فإنك تجد من يدافع عن السعودية على أنها نموذج الإسلام وأنها ناصرة الدين ومدافعة عنه وأن علمائها رموز الإسلام يجب أن يعلى من شأنهم بزعمهم، بل لقد أنتجت آلة الدعاية السعودية مفاهيم كالسلفية العلمية ومشتقاتها كالمدخلية ، وأسميها أنا سلفية ولاة الأمور.

ولآل سعود جامعات تكون خريجين على منهج تدينها الوظيفي، منها جامعة محمد بن سعود وجامعة أم القرى، يؤمها عادة الوافدون الجدد لحضيرة الدين من الغربيين، ويدرس فيها البعض ممن اعتقد لسبب ما بكون مرتزقة آل سعود علماء ربانيين فعلا.

ولما استتب الأمر لآل سعود في الحاضر حيث مكنوا لتدينهم واقعا، إذ انتدبوا الضحايا من مختلف البلدان الإسلامية من أولئك الذين يتخذون تدينهم الوظيفي نموذحا ينافحون عنه، فإنهم انطلقوا للماضي وتراثه العلمي خاصة يؤولونه ويفسرونه تارة بما يخدم تدينهم، ويشوهونه ويضيقون عليه أخرى.

بعض نماذج ذلك، أن آل سعود بثوا -كما يبدو لي- أتباع تدينهم يحققون الكتب العلمية التاريخية المعتبرة من تلك التي تعتمد مناهج عقلية تعارض التدين الوظيفي الأموي / السعودي، فأفسدوها بتعليقاتهم الركيكة وشوشوا على محتويتها، وهي تحقيقات مزعومة تكاد تنتهي لإفساد تلك الكتب القيمة، لأن تحقيق الكتب مفهوما، لا يجب أن يجاوز الشرح اللغوي وإخراج الأحاديث وتوضيح ما أشكل، وليس التعليق على المحتويات ونقاشها وتفنيدها.

ولي تجارب في ما أقول تؤكد طرحي:
منذ سنوات أقتنيت كتاب "التفسير الكبير" (مفاتيح الغيب) لفخر الدين الرازي (1) وهو كما هو معروف، أقرب للموسوعة الفلسفية الكلامية منه للتفسيرالقرآني، علما أن الفخر الرازي أشعري الاعتقاد شافعي المذهب أي ليس هو بالمعتزلي ولا بالرافضي كما يقال. لم أكد أشرع في قراءة التفسير حتى خرج لي من أسفل الصفحات أحدهم أفسد علي لذة القراءة يزعم انه يقوم بتحقيق الكتاب، قافزا كل مرة يريد أن يسفه ما يقول الرازي، رادا عليه أرائه بما لا يجوز لمحقق أن يفعله، متخذا في ذلك أقوال ابن باز مفتي الأمريكان، كمرجع في الرد على الرازي وما أدراك ما الرازي.

بعد ذلك، أقتنيت تفسر "الكشاف" للزمخشري (2)، وهو تفسير متميز ذكره ابن خلدون وأشاد به، والزمخشري معتزلي لا يخفي اعتزاله، لكن تفسيره بلاغي بياني وليس كتابا كلاميا، وضح فيه بلاغة القرآن وسطوع بيانه، حتى اتخذ التفسير مرجعا – بقطع النظر عن المذاهب، فالسنة أيضا يعتمدون عليه - في الرد على من يزعم أن بالقرآن خطلا لغويا.

لم أكد أيضا ألج الكتاب، حتى اعترضني أحدهم نصب نفسه محققا، شاهرا سيفه ضد الزمخشري، مفندا أرائه، وكل مرة أغوص فيها مع الكشاف، ينبري لك المحقق المزعوم في أسفل الصفحة معلقا ومشنعا أحيانا بألفاظ التبديع والخروج على منهج أهل السنة والجماعة بزعمه وغيرها من التهم ضد الزمخشري.
يجب القول أن المحقق ينقل تعليقات أحدهم من القدماء ممن كتب مشنعا على الزمخشري أرائه، ولا يعلق من عنده.

تخرج بخلاصة أن هناك ما يشبه اللوبي لدى دور النشر المعتبرة التي تطبع هذه الكتب التاريخية القيمة، يعمل على إفساد تلك الدرر التاريخية، من خلال الزعم بالتحقيق وما هو بتحقيق، ولكنه سعي للتحكم في التاريخ والسطو عليه من خلال تشويه محتوياته.

هناك ما يشبه إرادة للتشويش على تلك الإبداعات الفكرية الفذة وتغييبها، سعيا للحد أو إلغاء تأثيرها واقعا، لكي يخلو حقل التأثير منها، ويصبح مشاعا لكتب التدين الوظيفي الأموي من تلك التي تكرس الواقع وتسطح الدين وتنتج الأساطير.

ليس بالضرورة – طبعا - أن يكون هناك إشراف مباشر أو دعوة من آل سعود لأعمال التحقيق الموجهة تلك، وإنما ما يهم هو استشراء ثقافة التدين الوظيفي لدى المحققين ودور النشر، حد الإرادة والسعي لخنق كل إبداعاتنا التاريخية.

--------------------
(1) التفسير الكبير للفخر الرازي – تحقيق عماد زكي البارودي- المكتبة التوفيقية - مصر
(2) الكشاف للزمخشري – علق عليه الشريبيني شريرة – وبهامشه الإنتصاف لأحمد بن المنير – دار الحديث - مصر


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

آل سعود، الزمخشري، تفسير الكشاف، الفخر الرازي، تفسير مفاتيح الغيب، التدين الوظيفي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 25-07-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  المعارف التعليمية جعلت للإقناع بالواقع وليس لتغييره
  لا تبرر مبادئك ولا تعتذر عنها: حادثة احتفال المدرس بالفتاة ذات الحجاب
  الطالبة التي عرفت بفطرتها خطر اللغة الفرنسية
  حول الصراع والتدافع والمغالبة
  المبتئسون "المتقلّقون" من احتفال أستاذ بلابسة الحجاب: ضحايا منظومات التحويل الذهني
  ما لايصح عقديا لا معنى لقبوله معرفيا: حول الدفاع عن الشذوذ الجنسي
  وجوب توفّر نموذج تفسيري للتعامل مع الواقع: فهم غياب الجامعة عن الفعل وحفلة "منوبة"
  التقييم يكون لفكرة الفعل وليس لنتيجته
  الثقة وتوظيفها في نقل المعنى والتوجيه الذهني
  الأسئلة الواجب طرحها حول الحركة الإسلامية واحتمالية التجنيد المخابراتي
  مجلدات ومعارف لا تغير الواقع وإنما تكرسه
  لايكفي أن تفعل وإنما ماذا تفعل: الفعل كمسار وليس كنقطة، ووجوب النظر في تأسيسات تونس الحديثة
  الإختصاص لازم في المعارف وليس في الفكر
  من له تعاملات مع منظمات أجنبية لا يجب أن يُتوقف عنده حتى وإن عارض الإنقلاب
  في فهم بعض أسباب تتالي هزائم حركة "النهضة"
  الوعي الموجه، نموذج الشيعة وخطرهم: من أنتجه وكيف نشأ
  إنها القناعة بما تعتقد في نفسك، هي التي تنتج الفاعلية
  لايمكن أن تقاوم من تتخذه مسطرة: نموذج القبول بالتحقيب الغربي وبمصطلح "الديكولونيالية"
  الفرق بين الفكرة ومحورية الفكرة: حالة الغنوشي
  شروط لنجاح أفعال تغيير الواقع
  الذين يشيدون بالعفيفة لابسة الحجاب، وإذا تزوجوا اختاروا المتبرجة المتهتكة
  نقاش الانتخابات: الأفضل أن نبحث في كيفية خروجنا من السجن لا تحسين ظروف البقاء فيه
  تأملات في الغيب (5): العجز الذهني هو الذي ينتج الجرأة على الله والقرآن
  الواقع تغيره الفاعلية وليس المبادىء والحق
  المصطلح الدعائي المكثف كأداة للفعل السياسي "الناجح": الخوارج، الخوانجية، الإرهاب...
  تماثيل شكري بلعيد، أعمال عدائية يجب أن تزال
  لقد أثبتت الأحداث أن تُهَمَكم ضد "النهضة" باطلة: من يجعل مُغالِبه مسطرة فلن تنتظر منه غير الهزيمة
  "الوطد" ليس هو المسؤول الأول ولا الوحيد عن سوئنا، وماهو إلا مجرد مقاول صغير
  "الكيل بمكيالين": نموذج لصيغ الإخضاع الذهني
  حول اغتصاب الفلسطينيات

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
طلال قسومي، إسراء أبو رمان، محمد يحي، فتحـي قاره بيبـان، عبد الغني مزوز، جاسم الرصيف، محمد أحمد عزوز، د. صلاح عودة الله ، صفاء العربي، صلاح المختار، د. أحمد بشير، حسن الطرابلسي، حميدة الطيلوش، نادية سعد، صباح الموسوي ، حسني إبراهيم عبد العظيم، فتحي الزغل، محمد شمام ، يحيي البوليني، عبد الرزاق قيراط ، حاتم الصولي، مصطفى منيغ، أحمد ملحم، محمود طرشوبي، د. مصطفى يوسف اللداوي، مجدى داود، سامر أبو رمان ، أ.د. مصطفى رجب، عبد الله زيدان، د - عادل رضا، مصطفي زهران، فوزي مسعود ، محمد اسعد بيوض التميمي، الناصر الرقيق، رافع القارصي، فتحي العابد، د. طارق عبد الحليم، د.محمد فتحي عبد العال، أحمد النعيمي، رحاب اسعد بيوض التميمي، د - محمد بنيعيش، صالح النعامي ، سعود السبعاني، د- جابر قميحة، عواطف منصور، مراد قميزة، أحمد بن عبد المحسن العساف ، وائل بنجدو، علي عبد العال، المولدي الفرجاني، د. خالد الطراولي ، أحمد الحباسي، خالد الجاف ، رضا الدبّابي، سليمان أحمد أبو ستة، إيمى الأشقر، حسن عثمان، رشيد السيد أحمد، صلاح الحريري، د - مصطفى فهمي، منجي باكير، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د. عادل محمد عايش الأسطل، محرر "بوابتي"، د - المنجي الكعبي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د- هاني ابوالفتوح، محمد العيادي، د - محمد بن موسى الشريف ، عبد الله الفقير، أشرف إبراهيم حجاج، سفيان عبد الكافي، محمد الطرابلسي، رافد العزاوي، أنس الشابي، محمود فاروق سيد شعبان، ماهر عدنان قنديل، سلوى المغربي، فهمي شراب، كريم فارق، د- محمود علي عريقات، عمار غيلوفي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. عبد الآله المالكي، د- محمد رحال، أحمد بوادي، خبَّاب بن مروان الحمد، د - الضاوي خوالدية، أبو سمية، كريم السليتي، صفاء العراقي، سيد السباعي، علي الكاش، سلام الشماع، الهادي المثلوثي، محمد الياسين، عراق المطيري، سامح لطف الله، ضحى عبد الرحمن، رمضان حينوني، الهيثم زعفان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمود سلطان، تونسي، محمد عمر غرس الله، إياد محمود حسين ، ياسين أحمد، عزيز العرباوي، عمر غازي، د - صالح المازقي، د - شاكر الحوكي ، يزيد بن الحسين، د. أحمد محمد سليمان، العادل السمعلي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة