البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

ماذا يواجه العراق، وماذا تواجه المنطقة

كاتب المقال د. ضرغام الدباغ - برلين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3928


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


ليس من الصعب ملاحظة ما ترمي إليه خطط وفعاليات تدور في السر والعلن. الخطط التي ترمي إلى إحكام السيطرة على منطقة الشرق الأوسط، وطالما أن العراق يمثل قلبها القوي الحيوي، فسيحضى بالثقل الأقسى والأكثر دموية من المخطط. وبتقديري أن الخطط، حتى بعض تفاصيلها قد درست بعناية في مراكز استخبارية في دول كبرى، وأحدث دليل على ذلك هو حزمة الفعاليات المعادية للأمة العربية والإسلامية وهي تدور في أكثر من قطر، بدرجات متفاوتة من الوضوح والقوة في الإيقاع.

من البديهي أن القوى المعادية (المحلية والاقليمية والدولية) ليست متفقة تماماً في برامجها، ولكنها تتفق في نقطة واحدة، هو ضرورة إبقاء الأقطار العربية في وضع الدفاع، والضعف، وخلق حالات تؤدي إلى فقدان القدرة على القيام بفعاليات أستراتيجية كبيرة، بل سيكون همهما،(الاقطار العربية نظاماُ وجماهير وحركات)، هو الإبقاء على رأسها فوق سطح الماء، وخلق بؤر فوضى(العراق، لبنان، اليمن، البحرين، سوريا)، تسعى القوى المعادية إلى إضعاف ردود الفعل العربية.

وللأسف لابد من الاعتراف أن هذه الخطط لا تواجه مقاومة فعالة، لأسباب ذاتية وموضوعية. والأسباب الموضوعية تتلخص بأن القوى المتآمرة مختلفة جزئياً وكلياً، كما أنها متخوفة من النتائج النهائية لهذه المغامرة الكبيرة، أي قلب الطاولة بفسيفسائها رأساً على عقب، فهناك دائماً حيز مجهول أو عناصر وفقرات كامنة غير ظاهرة، أو خارجة عن السيطرة، وقد يكون الوبال كل الوبال في هذه العناصر بالذات، وفي الفقرات التي لم ينتبه لها المتآمرون. ثم وكسبب موضوعي أيضاً، أن المتآمرون لإخفاقات (ذاتية وموضوعية) باتوا لا يثقون بقواهم على ضخامتها. ألم يخرج الأمريكان من العراق بجحافلهم العسكرية مدحورين على يد الشعب العراقي، وها هم اليوم ينسحبون من أفغانستان أيضاً، ولكنهم يحاولون قدر الإمكان أن لا يبدو الأمر كهزيمة مذلة، ولكنها كذلك، فبعد 13 عاماً، لم يستطع الأمريكان ومعهم حلفاء الناتو وغيرهم بقضهم وقضيضهم من قهر إرادة شعب يفتقر إلى كل شيئ عدا الإرادة، لا يتلقى السلاح ولا حتى أبسط المساعدات في نضاله من أحد، ورغم ذلك هو يحقق الصمود، والأنتصار قادم المدوي حتماً وقريباً، كما الهزيمة المدوية آتية حتماً، وها هم الأمريكان يفقدون السيطرة على مجريات المؤامرة، ولكنهم يقولون لحلفائهم لا تغرنكم حالة التراجع، فهناك بركان خامد، بوسعه أن يحرق السهل كله.

الأسباب الذاتية تكمن، أننا نفتقر إلى استراتيجية مقاومة واضحة، وتعوزنا القدرة والمصداقية في إقامة التحالفات الداخلية والخارجية، وهناك تفاوت في وضع جدول الأولويات، كما أن هناك قصور واضح في نظام التفكير، فما زالت الخلافات الداخلية تهيمن على الموقف السياسي الداخلي، والتنافضات الثانوية تتحول بدون داع حقيقي إلى تناقضات رئيسية، بل إلى تناحرية في معظم الحالات، والقوى الرئيسية لحركة التحرر تعاني من الأنقسام والتشرذم، وفي أفضل الأحيان إلى الافتقاد للثقة فيما بينها.

ومع ذلك فالمخطط المعادي يواجه الاخفاقات والفشل قريباً، وسوف لن ينجح، ليس بسبب حنكة خططنا ومقاومتنا لها فقط، بل أولاً وقبل كل شيئ بفضل أخطاؤهم الكبيرة، فهم يخططون على الورق، ويستمعون لما يقوله خبرائهم الأكاديميون، وهذا ليس عيباً بحد ذاته، ولكنه يفتقر إلى الدقة الحيوية، إلى نبض الحياة، فهم يتعاملون مع معطيات مادية وأرقام وإحصاءات، مع بلدان تختزن الكثير من قدراتها وطاقاتها، ولا تظهر مما تمتلك إلا قليلاً، وتلك خاصية تاريخية قديمة، فالعربي والشرقي بصفة عامة قد أعتاد على الادخار والاحتفاظ بالمؤنة والاحتياطات، ومن هنا لا تنطبق حسابات الحقل على حسابات البيدر، والنتائج هي دوماً، خيبة أمل كبيرة.

فعلى سبيل المثال تماطل كافة الأطراف وتناور في الموقف السياسي حيال ثورة الشعب السوري، ويعزفون مع الروس وسائر جوقة الشر معزوفة طحن الشعب السوري وقدراته، فأي كان مستقبل سورية الذي ستكون عليه، فلتكن ضعيفة هزيلة، وبالضبط هذا هو لب وفحوى سياسة القوى المتحالفة في العراق، والهدف هو إبقاء العراق ضعيفاً، معدوم القدرات بعد إبادة منجزاته السياسية والاقتصادية / الصناعية، والعلمية / الثقافية والفنية، ليلف الظلام العراق ولا نلمس سوى بصبص شعاع بسيط هو الأمل ليس إلا، ولذلك يتواصل تراجع العراق، بدون الخدمات والهياكل الأساسية، بدون بنى تحية، وبدون سائر مستلزمات الاقلاع والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومن هنا بالضبط أعمال القتل اليومية لإيصال العراقيين لدرجة اليأس وأن يكفروا بوطنهم، وليبقى التقسيم هو السيف المسلط على رقبة هذا البلد الحاضر في التاريخ والجغرافيا منذ ألاف السنين كضربة قاضية ونهائية، وإلى ذلك نلفت أنتباه العراقيين المخلصين.

سيستغرق بعض الوقت إنجاز عمليات جراحية دموية هنا وهناك، وحتى ذلك الوقت لا بد من إبقاء النمر العراقي حبيساً وإبعاد تأثيراته عن الساحة، وليلاحظ كل ذي بصيرة، إن إشارة البدء تمثلت باحتلال العراق، وإشارة النهاية ستأتي من العراق أيضاً.

ليست هناك قوة في العالم تتحدى الشعب، وتعتقد أن أسلحتها، مهما كانت فتاكة، أنها قادرة على قمع إرادة الشعب، ودفعهم للتخلي من مطالبهم العادلة في سيادته على أرضه.

خسرنا كثيراً، وربما سنخسر أكثر، ولكن الشعب العراقي سينتصر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه المقالة جزء من مقابلة تلفازية بتاريخ 28/ كانون 2 / 2014


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

العراق، المالكي، حكومة المالكي، المقاومة العراقية، العنف الطائفي بالعراق،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 9-02-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  ماذا يحدث في بلاد العم سام
  الوضع الثقافي في شبه الجزيرة قبل الاسلام
  سوف تكسبون ... ولكنكم لن تنتصروا Sie werden gewinnen aber nicht siegen
  صبحي عبد الحميد
  الخطوط الدفاعية
  غيرترود بيل ... آثارية أم جاسوسة ..؟
  أمن البعثات الخارجية
  الحركة الوهابية
  ماذا يدور في البيت الشيعي
  الواقعية ... سيدة المواقف
  زنبقة ستالينغراد البيضاء هكذا أخرجت فتاة صغيرة 17 طائرة نازية من السماء
  اللورد بايرون : شاعر أم ثائر، أم بوهيمي لامنتمي
  حصان طروادة أسطورة أم حقيقة تاريخية
  دروس سياسية / استراتيجية في الهجرة النبوية الشريفة
  بؤر التوتر : أجنة الحروب : بلوشستان
  وليم شكسبير
  البحرية المصرية تغرق إيلات
  كولن ولسن
  الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية
  بيير أوغستين رينوار
  المقاومة الألمانية ضد النظام النازي Widerstand gegen den Nationalsozialismus
  فلاديمير ماياكوفسكي
  العناصر المؤثرة على القرار السياسي
  سبل تحقيق الأمن القومي
  حركة الخوارج (الجماعة المؤمنة) رومانسية ثورية، أم رؤية مبكرة
  رسائل من ملوك المسلمين إلى أعدائهم
  وليم مكرم عبيد باشا
  ساعة غيفارا الاخيرة الذكرى السادسة والستون لمصرع البطل القائد غيفارا
  من معارك العرب الكبرى : معركة أنوال المجيدة
  نظرية المؤامرة Conspiracy Theory

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. مصطفى يوسف اللداوي، أحمد النعيمي، سلام الشماع، حميدة الطيلوش، أحمد ملحم، د. كاظم عبد الحسين عباس ، الهادي المثلوثي، أ.د. مصطفى رجب، أبو سمية، سفيان عبد الكافي، عمار غيلوفي، أنس الشابي، عراق المطيري، إسراء أبو رمان، تونسي، د - صالح المازقي، د.محمد فتحي عبد العال، خبَّاب بن مروان الحمد، د - محمد بنيعيش، رحاب اسعد بيوض التميمي، فتحي الزغل، حسن الطرابلسي، محمد اسعد بيوض التميمي، صباح الموسوي ، سامح لطف الله، صالح النعامي ، ياسين أحمد، الهيثم زعفان، علي الكاش، فوزي مسعود ، د - الضاوي خوالدية، سليمان أحمد أبو ستة، محمد العيادي، سلوى المغربي، فتحي العابد، د- هاني ابوالفتوح، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د - مصطفى فهمي، ضحى عبد الرحمن، د. عبد الآله المالكي، د. صلاح عودة الله ، رضا الدبّابي، د. أحمد محمد سليمان، مصطفي زهران، رشيد السيد أحمد، سعود السبعاني، جاسم الرصيف، د- محمد رحال، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أحمد الحباسي، صلاح الحريري، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عبد الله زيدان، د. طارق عبد الحليم، رافد العزاوي، محمد الطرابلسي، حسن عثمان، منجي باكير، الناصر الرقيق، صلاح المختار، عمر غازي، كريم فارق، يزيد بن الحسين، د - شاكر الحوكي ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د- محمود علي عريقات، د. أحمد بشير، د - المنجي الكعبي، أشرف إبراهيم حجاج، وائل بنجدو، عواطف منصور، صفاء العربي، ماهر عدنان قنديل، محمد يحي، عبد الرزاق قيراط ، محمد عمر غرس الله، مصطفى منيغ، طلال قسومي، حسني إبراهيم عبد العظيم، علي عبد العال، يحيي البوليني، رمضان حينوني، محمد شمام ، صفاء العراقي، محرر "بوابتي"، حاتم الصولي، خالد الجاف ، محمود طرشوبي، سامر أبو رمان ، مراد قميزة، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - محمد بن موسى الشريف ، د- جابر قميحة، عزيز العرباوي، أحمد بوادي، كريم السليتي، محمود فاروق سيد شعبان، فتحـي قاره بيبـان، د - عادل رضا، محمود سلطان، رافع القارصي، إياد محمود حسين ، د. خالد الطراولي ، محمد أحمد عزوز، مجدى داود، المولدي الفرجاني، فهمي شراب، محمد الياسين، إيمى الأشقر، سيد السباعي، عبد الغني مزوز، عبد الله الفقير، العادل السمعلي، نادية سعد،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة