البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الغرب الرأسمالي ونيلسون مانديلا

كاتب المقال د. ضرغام الدباغ - برلين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3844


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


أمام مشهد درامي يعبر عن الحزن العميق والتعاطف الشديد مع شعب جنوب أفريقيا في وفاة القائد نيلسون مانديلا، ولا أتحدث هنا عن تعاطف الأفراد في الدول الأوربية وأميركا، فلربما هناك ثمة ضرب من عطف حيال مشهد الموت الذي له ثقل نفسي كبير على الأفراد بغض النظر عن أي شأن آخر، ولكني هنا معني بموقف الحكومات الغربية، الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وسائر الدول الغربية الأخرى، التي كانت ولا تزال، تمزق أفريقيا شر ممزق، استعباداً، ونهباً وسلباً، وتقتيلاً، بل حتى بلغ شدة التأثر أن حضر رؤساء هذه الدول مراسم التشيع والدفن وما رافقها من احتفالات جماهيرية.

ولما كان الرجل قد توفي، فالأمر ليس في إبداء تعاطف معه شخصياً ولا مع أفكاره، وفي هذه الأمور السياسية لا مجال البتة لعواطف والأخلاق، فما هو إذن لب وجوهر هذا التعاطف المثير للدهشة، وربما الاشمئزاز..

الغرب الرأسمالي حاول بل أقام نظاماً عنصرياً يعتمد على الأقلية البيضاء من المستعمرين، في جنوب أفريقيا، (وفي زمبابوي ـ روديسيا التي سقط نظامها العنصرية بسهولة بسبب الحماقات التي أرتكبها حاكمها أيان سمث)، ليس فقط بدوافع اللون والمزاج والهوى، بل لأن حكم الأقلية البيضاء كان ذيلاً للنظام الرأسمالي العالمي، ودعموه بكل القوى والامكانات، وساعدوه، ليكون ذيلاً وتابعاً بكل أبعاد الكلمة ومعانيها، أرادوا له أولاً أن يلعب دور قاعدة الارتكاز المركزية في القارة السوداء بالأبعاد السياسية والاقتصادية والعسكرية لهذا التوجه، وحقاً كان هذا النظام يلعب هذه الأدوار، فسمحوا له بأمتلاك الأسلحة النووية، وأن يبقى خارج اتفاقية حظر أنتشار الأسلحة النووية ووكالة الطاقة النووية، وأرتكب النظام سياسة الفصل العنصري، ومارس جرائم عنصرية، دون أن يرف للغرب جفن، ودون إثارة ولا حتى نسمة، ناهيك بالزوبعة، وكانت قد لعبت دور الداعم الرئيس لحكم الأقلية البيضاء في روديسيا (زمبابوي لاحقاً) حتى سقوطه، فتحولت زميابوي ورئيسها موغابي إلى كابوس للغرب لأنه أعاد البلاد لأصحابها، وأنهى احتكاراتها، ولكنهم وعندما أيقنوا تمام اليقين أن نظام الفصل العنصري في برتوريا ماض لا محالة، أمام إصرار شعب جنوب أفريقيا على أستعادة بلاده، فعلوا كل شيئ ليكون هذا التحول تحت السيطرة (Under Control) ، فابتدأت الأوركسترا الغربية بالعزف، فحاولوا تنصيب القس الكاثوليكي الأسود ديزموند توتو رئيساً للبلاد، ولما فشل هذا الخيار جاءوا بالرئيس الأنتقالي دي كليرك، الذي دمر الأسلحة النووية والاستراتيجية، وأنظم لمعاهدة حظر الأسلحة النووية، وأضطر حتف أنفه الذهاب إلى مانديلا في سجنه ليخاطبه خطاب العقل لا القوة التي استخدموها بوحشية مفرطة طوال عشرات السنين.

هدف التخاطب كان: انتقالا سلساً للسلطة، لا يقاضي الإجرام العنصري، ولا يقصي الأقلية البيضاء من المجتمع، الاقتصاد والدولة، ويضمن لدولة جنوب أفريقيا أن لا تكون في قلب المعسكر المعادي للاستعمار الذي وقف مع شعب جنوب أفريقا خاصة وشعوب أفريقيا المناضلة عامة، وأن لا يسمح بالتحولات السياسية والاقتصادية أن تمضي إلى آخر مداها ومسارها، ومقابل ذلك ليخرج السجين السياسي إلى سدة الحكم مباشرة، فليس سوى مانديلا يمكن أن يوحد البلاد ويحدد بوصلتها السياسية، وسوى ذلك الفوضى وفقدان المرجعيات، والغوص في الدماء، ومجازفات الحكومات الوطنية وتطلعاتها الثورية.

مانديلا أدرك بثاقب بصره وبصيرته، أيضاً الوجه الآخر للمسارات المحتملة، وقدرها تقديراً دقيقاً، وقبل بنصف أنتصار، على أحتمال الهزيمة والفوضى وغياب الحكمة في تقدير الأمور، قبل أن يتسلم الحكم ليس كما كان يريد حقاً، على أمل تطور تدريجي سلمي قد يأخذ عقوداً من الزمن كما أخذ الصراع عقوداً طويلة دامية، ولكنه يجنب بلاده خراب لا يعرف حجمه ومداه.

ولكن هل أذعن الغرب للإرادة الشعبية الأفريقية أو أحترمها .......؟

ليس هناك دليل واحد على أحترام الغرب للإرادة الشعبية، أما مظاهر الحزن فلا تدل على شيئ جوهري، فالرأسمالي يفعل كل شيئ لترويج بضاعته، يرقص ويغني ويبكي ويمثل، بل أن الغرب يخطط لأستلام أفريقيا بدون سكان، وهنا نجد أنفسنا مضطرين لأستعادة وتصديق ما نشر في وسائل إعلام الدول الاشتراكية في مطلع الثمانينات أن جرثومة الآيدز إنما هي جرثومة مهجنة من لوكيميا الدم عند القرود الأفريقية طورتها مختبرات الاستخبارات الأمريكية، إلى هذا الجرثوم الفتاك، وها هو فعلاً يفتك بألافارقة فتكاً لا يرحم، وليقول أحد الرؤساء الأمريكيين أنهم سيستلمون أفريقيا بلا سكان، وها هي دولة جنوب أفريقيا ينتشر الآيدز بين أكثر من نصف السكان، ومثلها دولاً أفريقية أخرى، وخاصة بلدان جنوب أفريقيا ووسطها. وعندما اجتمعت الدول الأفريقية وقررت وبتمويل ليبي إقامة مصنع ينتج العلاجات المضادة للإيدز، سارعت الدول الرأسمالية إلى رفض هذا القرار وأكدت أنها ستعمل ضد إقامته، ووضعت أمام تنفيذه العراقيل والعقبات، وفعلاً نجحت بعدم إقامة هذا المصنع ليتواصل فتك المرض بالسكان.

شاهدنا وقوف رؤساء هذه الدول في مأتم مانديلا يذرفون الكلمات ومثلها الدموع، ومن يمثل أفضل منهم، إليسوا هم من ينتج طرزان وفلاش كوردن وسوبرمان وجيمس بوند وبات مان، ورامبو ...؟

وهكذا مصائب قوم عند قوم أفلام ......!


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

نلسون مانديلا، موت مانديلا،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 27-12-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  ماذا يحدث في بلاد العم سام
  الوضع الثقافي في شبه الجزيرة قبل الاسلام
  سوف تكسبون ... ولكنكم لن تنتصروا Sie werden gewinnen aber nicht siegen
  صبحي عبد الحميد
  الخطوط الدفاعية
  غيرترود بيل ... آثارية أم جاسوسة ..؟
  أمن البعثات الخارجية
  الحركة الوهابية
  ماذا يدور في البيت الشيعي
  الواقعية ... سيدة المواقف
  زنبقة ستالينغراد البيضاء هكذا أخرجت فتاة صغيرة 17 طائرة نازية من السماء
  اللورد بايرون : شاعر أم ثائر، أم بوهيمي لامنتمي
  حصان طروادة أسطورة أم حقيقة تاريخية
  دروس سياسية / استراتيجية في الهجرة النبوية الشريفة
  بؤر التوتر : أجنة الحروب : بلوشستان
  وليم شكسبير
  البحرية المصرية تغرق إيلات
  كولن ولسن
  الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية
  بيير أوغستين رينوار
  المقاومة الألمانية ضد النظام النازي Widerstand gegen den Nationalsozialismus
  فلاديمير ماياكوفسكي
  العناصر المؤثرة على القرار السياسي
  سبل تحقيق الأمن القومي
  حركة الخوارج (الجماعة المؤمنة) رومانسية ثورية، أم رؤية مبكرة
  رسائل من ملوك المسلمين إلى أعدائهم
  وليم مكرم عبيد باشا
  ساعة غيفارا الاخيرة الذكرى السادسة والستون لمصرع البطل القائد غيفارا
  من معارك العرب الكبرى : معركة أنوال المجيدة
  نظرية المؤامرة Conspiracy Theory

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
جاسم الرصيف، محمد أحمد عزوز، العادل السمعلي، د- جابر قميحة، صالح النعامي ، طلال قسومي، فوزي مسعود ، كريم فارق، سلوى المغربي، عبد الله الفقير، منجي باكير، د. مصطفى يوسف اللداوي، أحمد ملحم، د. طارق عبد الحليم، تونسي، د - الضاوي خوالدية، د- محمود علي عريقات، ياسين أحمد، محمد الطرابلسي، إسراء أبو رمان، فهمي شراب، سعود السبعاني، د - محمد بن موسى الشريف ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد الياسين، سامح لطف الله، عمر غازي، خالد الجاف ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، ضحى عبد الرحمن، سليمان أحمد أبو ستة، سلام الشماع، محمد شمام ، عبد الغني مزوز، صلاح الحريري، عزيز العرباوي، د - محمد بنيعيش، المولدي الفرجاني، د - صالح المازقي، سيد السباعي، محمد اسعد بيوض التميمي، وائل بنجدو، الناصر الرقيق، خبَّاب بن مروان الحمد، مصطفى منيغ، صلاح المختار، صباح الموسوي ، محرر "بوابتي"، إياد محمود حسين ، محمود سلطان، د- هاني ابوالفتوح، محمد عمر غرس الله، أحمد النعيمي، أشرف إبراهيم حجاج، حسن الطرابلسي، أبو سمية، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. عادل محمد عايش الأسطل، أنس الشابي، يزيد بن الحسين، د. أحمد بشير، د - المنجي الكعبي، أحمد بوادي، عبد الله زيدان، د - عادل رضا، عبد الرزاق قيراط ، يحيي البوليني، رشيد السيد أحمد، د - مصطفى فهمي، مصطفي زهران، محمود فاروق سيد شعبان، عواطف منصور، د. عبد الآله المالكي، رضا الدبّابي، رحاب اسعد بيوض التميمي، حميدة الطيلوش، رافد العزاوي، عمار غيلوفي، حاتم الصولي، أ.د. مصطفى رجب، الهيثم زعفان، د. خالد الطراولي ، فتحـي قاره بيبـان، فتحي العابد، د. صلاح عودة الله ، محمد يحي، صفاء العراقي، د - شاكر الحوكي ، علي عبد العال، كريم السليتي، إيمى الأشقر، أحمد الحباسي، علي الكاش، د- محمد رحال، رمضان حينوني، رافع القارصي، محمد العيادي، عراق المطيري، مجدى داود، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمود طرشوبي، حسني إبراهيم عبد العظيم، نادية سعد، مراد قميزة، ماهر عدنان قنديل، حسن عثمان، الهادي المثلوثي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. أحمد محمد سليمان، سامر أبو رمان ، سفيان عبد الكافي، د.محمد فتحي عبد العال، صفاء العربي، فتحي الزغل،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة