البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الدين من مصلحة الخالق أم المخلوق؟

كاتب المقال مولاي أحمد صابر- المغرب    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 9135


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


الله هو الغني فوق عباده، فعبادة الناس له لا تزيد في ملكه ‏شيئا ولا تنقص منه شيئا، وهذا يعني أن ثمار العبادة يحصدها ‏الإنسان في الدنيا قبل الآخرة، ولا معنى لها إن لم تجلب الخير ‏للناس في دنياهم وآخرتهم، وبما أن الإنسان في حاجة ماسة ‏إلى عبادة ربه، وبرحمة من الله به بعث الأنبياء والرسل وأنزل ‏معهم الكتاب ليبينوا للناس معنى الدين الذي يريده الله لعباده، ‏والذي جوهره عبادتهم له. ‏
وبعبادتهم تلك يحسن حالهم في دنياهم وآخرتهم، وبهذا فالدين ‏الذي شرعه الله جاء من اجل الإنسان وليس من أجل الخالق ‏سبحانه، فلا معنى للدين عند الله إن لم يذكر الإنسان ويدفعه ‏لإقامة العدل ورفض الظلم، ولا معنى له إذا سلب من الإنسان ‏حريته وإرادته وقلبه وعقله الذي وهبه الله إياه، ولا معنى له إن ‏تمسك بالجهل بدل العلم، وبالباطل بدل الحق، وبالخرافة بدل ‏العقل، وبالأصنام بدل الأفكار، فالعبادة التي لا تنظر في حقوق ‏الناس بعضهم البعض، الغني منهم والفقير، القوي والضعيف، ‏الظالم والمظلوم، الحاكم والمحكوم، الذكر والأنثى... وتهجر صلة ‏الإنسان بالكون وما فيه، فهي عبادة عرجاء ومشلولة، لا يرضاها ‏الله ولا يريدها لعباده، لأن العبادة باب من العلم، والله لا يعبد عن ‏جهل، ومعرفته لا تتأتى إلا بالنظر في أحوال عباده وخلقه، وقد ‏أخطأ من اععتبرأن العبادة صلة بين العبد وربه فقط . فالعبادة ‏بدرجة أولى، هي صلة بين عباد الله بعضهم البعض وما يحيط ‏بهم. ‏
قال تعالى}:شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما ‏بالقسط{ آل عمران. ‏
وقال أيضا: }إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار ‏لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ‏ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا ‏سبحانك فقنا عذاب النار{ آل عمران . ‏
فما قيمة الصلاة إذن، إن لم تحيي في عباد الله حب الإنفاق ‏والعطف على الفقراء والمحرومين، والحد من الفحشاء والمنكر. ‏وما قيمة الصوم إن لم يحي في الناس قيم المساواة والرحمة، ‏وما قيمة الحج إن لم يذكرنا بأن كل الناس من آدم وآدم من تراب، ‏ونسعى إلى التحاور بدل التصادم. وما قيمة الشهادتين إن لم ‏يحسن بعضنا إلى البعض الآخر. ‏
فهل هذه المناسك التي جاء بها الدين ،هي من أجل مصلحة ‏الخالق أم المخلوق؟ ‏
لا شك أن الدين الذي أنزله الخالق، شرع هذه المناسك وغيرها ‏من أجل مصلحة العباد ومنفعتهم في الدنيا، وكلما حققوا الخير ‏فيما بنهم إلا وآتاهم الله خيرا آخر في الآخرة، إلا أن الكثير من ‏الناس قلبوا هذا الفهم رأسا على عقب، وجعلوا الدين من أجل ‏الله بدل الإنسان، لإغراض ومصالح شخصية وسياسية وغيرها، ‏شعروا بذلك أم لم يشعروا به، وورث جل الناس هذا الفهم ‏المقلوب وشاع بينهم، وبهذا فهم الناس الدين في ثوب آخر بدل ‏الثوب الذي جاء فيه، وتورم فقه كبير وواسع يتدخل في صلاحية ‏الخالق سبحانه التي لا قبل لأحد بها من خلقه . يبحث مثلا، في ‏من تجزؤه صلاته عند الله ومن لا تجزؤه، ومن صيامه مقبول أو ‏باطل وفيمن وضوءه صحيح أو مرفوض، وفيمن اعتقاده بالله اعتقاد ‏صحيح على هدى أو على ضلال . و الغريب أن بعض الناس يمكن ‏أن يصحح صلاة غيره بقلم أحمر، ويفصل فيمن يدخل الجنة أو ‏النار، أو يتحدث باسم الله عن شيء لم يخبر به. أمر لم يكلف به ‏أحد من خلق الله من ملائكته وأنبيائه ورسله، وهذا ما تنبأ له ‏القرآن وحذر منه. قال تعالى}: قالوا لن يدخل الجنة إلا من كان ‏هودا أو نصارى تلك أمنيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين{ ‏البقرة . ‏
وقال أيضا } ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب{ النساء. وبهذا ‏تحول الكثير من هؤلاء إلى متحدثين بالنيابة في الأرض عن الله، ‏ومع طول الزمن تحولت نيابتهم هذه إلى إدارة إلهية في الأرض ‏بين عباد الله، رغم أن الله لم يتخذ لنفسه إدارة أو مركزا ليتحدث ‏من خلالها أحد باسمه، فهو أقرب إلينا من أنفسنا ، وهو معنا ‏أينما كنا وهو اللطيف الخبير. ‏
نيابتهم هذه ضيقت الدين رغم اتساعه أشد تضييق، ولخصته ‏رغم كبره. هكذا فهم الناس الدين أنه منظم للعلاقة بين العبد ‏وربه فقط، إلا أن الدين لم يأتي إلا لينظم العلاقة بين الإنسان ‏وأخيه الإنسان، والإنسان والكون بما فيه، وكلما كان هذا التنظيم ‏محكما كانت عبادة الله وتوحيده أقوى وأسلم، ومن تدبر آيات ‏القران الكريم سيدرك هذا الأمر بشكل واضح . فبالفهم المقلوب ‏للدين استوطنت العبادة في المساجد والمعابد والكنائس، ‏ورحلت من قصور السياسة، ومن كل مرافق الحياة العامة للناس. ‏
النيابة عن الله في الأرض داخل المساجد والمعابد، تدمن على ‏رفع الطلبات والأدعية صباحا ومساء إلى الله وتحث الناس على ‏ذلك. هذا جميل ورائع ، إلا أن الأدعية أمام الإعراض عن الأخذ ‏بالأسباب عمل ناقص. أما أن تذكرهم أن في أموالهم حق معلوم ‏للسائل والمحروم، فهذا أمر مستبعد ونادر، فالبؤس والفقر ‏والحرمان مثلا لا يزولان إلا بإيتاء المال على حبه ذوي القربى ‏واليتامى والمساكين، وهذا من غايات الذين، فالغريب أن الكثير ‏من المحرومين يقصدون المساجد والمعابد، خاصة في يوم ‏الجمعة، اليوم الأسبوعي الذي يأتي فيه الأغنياء وغيرهم ليجددوا ‏عقد الصلح مع ربهم، فبعد انقضاء صلاتهم تلك يحرجهم هؤلاء ‏المحرومون ولسان حالهم يقول، بأن لا معنى لعبادة هؤلاء للخالق ‏إن لم يحسنوا مع عباده . ‏
إن الإنسان لم يهجر الدين في أية لحظة من تاريخه الطويل، إلا ‏أنه يقلبه رأسا على عقب لصالح الكبراء والوجهاء ، وبذلك تصبح ‏غايات الدين مقلوبة، ويصبح الدين في قفص الاتهام، ويغفل كثير ‏من الناس عن حقيقة جهاد الأنبياء والمرسلين، بما فيهم محمد، ‏وهو جهاد لإقامة العبادة والدين وفق سياقه الصحيح رغم الجحود ‏والعصيان، فمشكلة المشركين من قريش وغيرهم مع ‏محمد{ص} ليست مشكلة الدين بدرجة أولى، بقدر ما هي ‏مشكلة مع الدين الحق، الغير المقلوب، الذي جاء من أجل الناس ‏أجمعين، فهم سواء أمام الله في كل الحقوق، السيد منهم ‏والخادم، فخالقهم جعل منهم شعوبا وقبائل ليتعارفوا وأكرمهم ‏عنده أتقاهم، وأتقاهم هو أرحمهم بخلقه وعباده، و هوا لرسول ‏الرحمة المبعوثة للعالمين، وعلى نهجه وبكرم من القرآن وقف ‏الكثير من المصلحين والأئمة و غيرهم، في وجه الفهم المقلوب ‏للدين، فكم نحن في حاجة من أي وقت مضى إلى فهم الدين ‏الذي جاء به القرآن فهما صحيحا غير مقلوب، وهذا لا يتأتى إلا ‏بالعودة إلى القرآن الكريم حكما بين الناس أجمعين، بتعدد ‏ثقافاتهم واعتقاداتهم. ‏

مولاي أحمد صابر
باحث وكاتب المملكة المغربية‏
‏ ‏Myahmed74@hotmail.com


 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 18-09-2007  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
الردود على المقال أعلاه مرتبة نزولا حسب ظهورها  articles d'actualités en tunisie et au monde
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
 

  18-09-2007 / 12:35:32   DIFT


Bon article.
j'ai juste un point à rajouter, c'est que ceux qui obéissent " en l'accéptant de plein coeur" à tout ordre en contradiction avec la parole de Dieu se sont automatiquement convertis à adorer cet émetteur d'ordre en dehors de Dieu. Ceci est appuyé par le fait que notre prophète (asws) a dit ce que je traduit " Maudits sont les nazariens, il ont pris leur prêtres Dieu à la place d'Allah" et les prêtres avaient la place de législateurs et d'émetteurs d'ordres. A vous de comparer ça avec ce qui se passe chez nous de nos jours.
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
فتحي الزغل، د. عادل محمد عايش الأسطل، خبَّاب بن مروان الحمد، د - الضاوي خوالدية، أنس الشابي، د- هاني ابوالفتوح، د. ضرغام عبد الله الدباغ، عبد الله زيدان، جاسم الرصيف، وائل بنجدو، صفاء العربي، ماهر عدنان قنديل، محمد شمام ، علي الكاش، ضحى عبد الرحمن، سيد السباعي، د- جابر قميحة، عبد الله الفقير، عزيز العرباوي، عبد الغني مزوز، سلوى المغربي، د. أحمد محمد سليمان، سفيان عبد الكافي، فتحي العابد، سامح لطف الله، يزيد بن الحسين، صلاح المختار، مراد قميزة، الهيثم زعفان، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د. خالد الطراولي ، إيمى الأشقر، محمود فاروق سيد شعبان، محمد أحمد عزوز، د - محمد بن موسى الشريف ، عمار غيلوفي، محمد يحي، علي عبد العال، سليمان أحمد أبو ستة، سعود السبعاني، د - صالح المازقي، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمد الياسين، رشيد السيد أحمد، محمد العيادي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، رافد العزاوي، أشرف إبراهيم حجاج، د - عادل رضا، صباح الموسوي ، د- محمود علي عريقات، أحمد بوادي، أبو سمية، خالد الجاف ، محمد الطرابلسي، د. صلاح عودة الله ، يحيي البوليني، إياد محمود حسين ، عبد الرزاق قيراط ، مصطفى منيغ، أحمد ملحم، د - شاكر الحوكي ، محمد عمر غرس الله، د - المنجي الكعبي، رحاب اسعد بيوض التميمي، رضا الدبّابي، أحمد النعيمي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمود طرشوبي، د - محمد بنيعيش، مصطفي زهران، محمد اسعد بيوض التميمي، كريم السليتي، د.محمد فتحي عبد العال، كريم فارق، الناصر الرقيق، إسراء أبو رمان، حميدة الطيلوش، منجي باكير، حسن الطرابلسي، محمود سلطان، الهادي المثلوثي، رافع القارصي، عمر غازي، حسن عثمان، حاتم الصولي، د- محمد رحال، صلاح الحريري، رمضان حينوني، نادية سعد، د. مصطفى يوسف اللداوي، المولدي الفرجاني، د. أحمد بشير، د - مصطفى فهمي، صالح النعامي ، سامر أبو رمان ، عواطف منصور، طلال قسومي، أحمد الحباسي، سلام الشماع، ياسين أحمد، د. طارق عبد الحليم، محرر "بوابتي"، مجدى داود، فوزي مسعود ، أ.د. مصطفى رجب، د. عبد الآله المالكي، العادل السمعلي، فهمي شراب، صفاء العراقي، عراق المطيري، تونسي، فتحـي قاره بيبـان،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة