البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الموقف السوري الآن ... التانغو الأخير

كاتب المقال د. ضرغام الدباغ - برلين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4939


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


كنا قد تنبأنا قبل أسابيع، أن النظام السوري يضيع ويا للأسف الفرص الكريمة ليس لتجنيب سورية الوطن من محن التدويل وتجنب ويلات التفرقة الداخلية، بل ويخسر أيضاً حتى في إيجاد مخرج شبه كريم له قد لا تسنح له فيما بعد.

نعم نحن نسمع في موروثنا الاجتماعي، أن للمحتضر رفسة قد تكون مؤلمة، ولكننا في الشأن السوري نفترض من الجميع وفي مقدمتهم النظام القابض على الأمور، التعامل بحكمة. في حين أنه يتعامل بيد من حديد في قضايا حساسة ودقيقة تحتاج أيدي ناعمة وقفازات مخملية، وليس من الذكاء أبداً التصرف كما تصرف الأولون قبل نيف وثلاثون عاماً، فالحالة قد تطورت ومعطيات الحياة قد تغيرت، ونزيف الأمس عندما يطل على حسابات اليوم، يزيده وطأة، وهكذا فالأمر بضرب من قراءة واقعية للموقف الداخلي والخارجي، بشموليته وبرمته بحاجة للعقل أكثر من الحديد والأدوات الحديدية.

قبل أسابيع عندما سئلنا مدير البرنامج، ألا تخشى من مخاطر الانزلاق لحرب أهلية، استبعدنا الأمر وما نزال، وقلنا أن الشعب العربي السوري شعب راق ومتحضر، إلا أن الأحداث اليوم تدفع بشكل متسارع صوب خيارات خطرة غير مرغوبة، والعجيب أن النظام وليس غيره من يدفع باتجاهها بكل قواه، ترى لماذا ..؟

النظام بوحشية أجهزته الحكومية وميليشياته، تدفع المعارضة دفعاً بعد شهور دموية لاستخدام السلاح بغير رغبتها وإرادتها، ولكن من يواجه النار يحاول غريزياً إبعادها، ورغم ذلك، فالمعارضة الوطنية والمبادرات العربية كانت تهدف إلى استبعاد خيار همجي يتمثل بالأصطراع المحلي الطائفي والعرقي، وفي مبادراتها كانت تمثل الخيارات الأفضل للنظام، لكن الأيام الأخيرة تؤشر أن كل الطوائف تعبر عن اقترابها بل والتحامها بالمعارضة، وهي طوائف وأثنيات عاشت قروناً متآلفة بل عملت يداً بيد في الحياة السياسية والاجتماعية، ولم تكن تعرف الصراعات لا الدموية ولا غيرها، فهل بدأ النظام يشعر الآن حقاً بفقدان شرعيته حقاً، وهو الذي قد فقدها من زمن غير بسيط، ولذلك بالتحديد يلوح ويهدد بمعركة مفتوحة ويطرح ما يتجنبه ويخشاه الآخرون .. في ابتزاز سياسي مفضوح؟

قلنا أيضاً أن النظام برفضه وإفشاله المبادرتين العربيتين والأولى والثانية، ومن ثم إفشال متعمد لبعثة المراقبين العرب، لتتدحرج الأزمة بشكل متسارع إلى مجلس الأمن، والنظام يقابل كل هذه المبادرات بعدم اكتراث، فهو يلعب على الورقة الروسية والصينية ضانا (وبعض الظن أثم) أن بوسعه الاعتماد عليها إلى ما لا نهاية، ولكنه بذلك سيدفع البلاد والملف صوب التدويل، وهو في غير صالحه على المدى ليس البعيد، بل ربما حتى القريب، بالأمس فقط تتناقل الأنباء أن النظام يريد إشراك رسمي لإيران في شأن تبادل محتجزين مع تركيا، دون أن يعي أن ذلك يمثل دفعة جديدة باتجاه التدويل، وليس عليه بعد ذلك أن يلوم من يلجأ لذلك، فهو من لجأ إليها قبل غيره.

في هذا المسار(التدويل) يستقبل النظام أعداداً كبيرة من عناصر عسكرية عربية (ميليشيا حزب الله اللبناني) وأجنبية (حرس ثوري إيراني) هي جزء من القوات المسلحة النظامية لدولة أجنبية، وفي ذلك أيضاً إقحام متزايد لقوى مسلحة أجنبية في الشأن السورية.

النظام يراهن على الوقت، وقد فاته أن عامل الوقت لا يجري لصالحه، فليستشر في ذلك أستاذ فلسفة أو رجل ذي بصيرة، وإن عز عليه ذلك، فلينظر إلى حصاد الشهور الإحدى عشر الأخيرة.

بتقديرنا أن النظام يدرك تماماً مخاطر هذه التصرفات، بل هو الساعي لها، وهو إنما يفعل ذلك تحت وطأة شعور ضاغط أنها التانغو الأخير في دمشق، فيربط بدون أدنى شعور بالمسؤولية التاريخية مصير البلاد باستمراره على رأس السلطة، في ضرب من مجازفة أخطأ في حساباتها، فهو في توتره وانفعاله، وخلطه الشأن العام بالخاص، يقيم ويجري الحسابات بشكل خاطئ، ويلجأ إلى مقطع شعري لا يعبر عن الحكمة: إذا مت ضمآن فلا نزل القطر.

عندما تضيق المسالك، تقل الخيارات، وعندما تقل الخيارات يصبح اللجوء إلى الممرات الإجبارية إرغامياً، وكما تقول الحكمة العربية، العاقل من يعرف أن يختار أهون الشرين، فليتجنب النظام أحكام الهوى ولينصت إلى صوت الحكمة التي تقول:
إذا أشتبه عليك القرار في أمر ما، فأختر أبعد الحلول لهواك.

أما أن ينهي الأمر كما يشاء هواه فهذه أصبحت من الاحتمالات البعيدة، بل البعيدة جداً. هناك بوابتان ربما ما تزال مفتوحتان: الحل العربي، أو مجلس الأمن، وهو خيار تحدث به حتى الرئيس الروسي ميدييف اليوم 10 / فبراير.

أجد أن قصيدة الشاعر وليم شكسبير مدعاة للتأمل والتفكير :

لقد غامرت ...
كأنني واحد من الصبية اللاهيين على قمم الموج
مثلهم أحاول تطويح كيس منتفخ بالهواء
صيفاً بعد صيف
في بحر من المجد
ولكن البحر كان عميقاً ... عميقاً جداً
أعمق مما أستطيع اللهو فيه ..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المقال جزء من مقابلة تلفازية حول الأوضاع السورية مع إحدى الفضائيات العربية بتاريخ 10 / فبراير / 2012


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

سوريا، بشار الأسد، الثورة، الثورة السورية، إيران،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 15-02-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  ماذا يحدث في بلاد العم سام
  الوضع الثقافي في شبه الجزيرة قبل الاسلام
  سوف تكسبون ... ولكنكم لن تنتصروا Sie werden gewinnen aber nicht siegen
  صبحي عبد الحميد
  الخطوط الدفاعية
  غيرترود بيل ... آثارية أم جاسوسة ..؟
  أمن البعثات الخارجية
  الحركة الوهابية
  ماذا يدور في البيت الشيعي
  الواقعية ... سيدة المواقف
  زنبقة ستالينغراد البيضاء هكذا أخرجت فتاة صغيرة 17 طائرة نازية من السماء
  اللورد بايرون : شاعر أم ثائر، أم بوهيمي لامنتمي
  حصان طروادة أسطورة أم حقيقة تاريخية
  دروس سياسية / استراتيجية في الهجرة النبوية الشريفة
  بؤر التوتر : أجنة الحروب : بلوشستان
  وليم شكسبير
  البحرية المصرية تغرق إيلات
  كولن ولسن
  الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية
  بيير أوغستين رينوار
  المقاومة الألمانية ضد النظام النازي Widerstand gegen den Nationalsozialismus
  فلاديمير ماياكوفسكي
  العناصر المؤثرة على القرار السياسي
  سبل تحقيق الأمن القومي
  حركة الخوارج (الجماعة المؤمنة) رومانسية ثورية، أم رؤية مبكرة
  رسائل من ملوك المسلمين إلى أعدائهم
  وليم مكرم عبيد باشا
  ساعة غيفارا الاخيرة الذكرى السادسة والستون لمصرع البطل القائد غيفارا
  من معارك العرب الكبرى : معركة أنوال المجيدة
  نظرية المؤامرة Conspiracy Theory

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د - المنجي الكعبي، صلاح الحريري، د - محمد بنيعيش، محمد العيادي، رشيد السيد أحمد، سامر أبو رمان ، محمد الياسين، محمد الطرابلسي، المولدي الفرجاني، يزيد بن الحسين، أحمد الحباسي، مجدى داود، عمر غازي، رافع القارصي، جاسم الرصيف، د. أحمد محمد سليمان، طلال قسومي، إيمى الأشقر، د - عادل رضا، د- هاني ابوالفتوح، صالح النعامي ، مصطفي زهران، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، سفيان عبد الكافي، حاتم الصولي، محمد اسعد بيوض التميمي، كريم فارق، حميدة الطيلوش، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمد شمام ، صباح الموسوي ، محمود سلطان، محمد يحي، أحمد النعيمي، عزيز العرباوي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، الناصر الرقيق، ماهر عدنان قنديل، سلام الشماع، ضحى عبد الرحمن، إسراء أبو رمان، أشرف إبراهيم حجاج، د. صلاح عودة الله ، الهيثم زعفان، سليمان أحمد أبو ستة، عمار غيلوفي، نادية سعد، د - الضاوي خوالدية، د. خالد الطراولي ، إياد محمود حسين ، عراق المطيري، فتحي العابد، حسن الطرابلسي، علي الكاش، وائل بنجدو، فوزي مسعود ، علي عبد العال، سلوى المغربي، د. عبد الآله المالكي، حسني إبراهيم عبد العظيم، صلاح المختار، العادل السمعلي، سيد السباعي، خبَّاب بن مروان الحمد، كريم السليتي، تونسي، رضا الدبّابي، د - صالح المازقي، رحاب اسعد بيوض التميمي، فتحـي قاره بيبـان، د- جابر قميحة، د- محمود علي عريقات، عبد الغني مزوز، فهمي شراب، صفاء العراقي، د. طارق عبد الحليم، منجي باكير، فتحي الزغل، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - محمد بن موسى الشريف ، يحيي البوليني، الهادي المثلوثي، عبد الرزاق قيراط ، عبد الله الفقير، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سامح لطف الله، د. أحمد بشير، أبو سمية، أنس الشابي، د - شاكر الحوكي ، محمود فاروق سيد شعبان، محمد عمر غرس الله، د.محمد فتحي عبد العال، عواطف منصور، رمضان حينوني، محمد أحمد عزوز، أ.د. مصطفى رجب، أحمد ملحم، رافد العزاوي، ياسين أحمد، محمود طرشوبي، د- محمد رحال، خالد الجاف ، مراد قميزة، عبد الله زيدان، أحمد بوادي، حسن عثمان، صفاء العربي، د - مصطفى فهمي، مصطفى منيغ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محرر "بوابتي"، سعود السبعاني،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة