البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

مسابقات "الجمال" والتمركز حول الجسد

كاتب المقال فاطمة حافظ   
 المشاهدات: 7304



اختتمت في منتصف يوليو الجاري فعاليات مسابقة ملكة جمال الكون وهي تندرج ضمن المسابقات الأربع الكبرى عالميًّا؛ لتحيي الجدل حول ظاهرة مسابقات الجمال التي انتشرت عالميًّا منذ عقود وعرفت طريقها إلى العالم الإسلامي مؤخرًا.

تاريخ مسابقات الجمال

فكرة اختيار فتاة شابة وتتويجها على عرش الجمال عادة أوروبية قديمة؛ فالمرأة الجميلة ترمز للقارة الأوروبية ذاتها كما ورد في الأساطير القديمة؛ ومن ثم فإن الاحتفالات باختيار الفتيات كانت تأخذ طابعًا قوميًّا ودينيًّا واضحًا.

أما مسابقات الجمال المتعارف عليها حاليًا فتعود إلى عام 1921 حين نظمت ولاية أتلانتا الأمريكية أول مسابقة من نوعها لاختيار ملكة جمال للولاية، وفي العام التالي صار اسمها مسابقة ملكة جمال الولايات المتحدة.

وقد أخذت الفكرة طريقها نحو العالمية على يد البريطاني إريك مورلي الذي نظم مسابقة (miss world) للمرة الأولى عام 1951، وفي العام التالي مباشرة تم تنظيم مسابقة ملكة جمال الكون (miss universe) حتى بلغ عدد المسابقات العالمية أربع مسابقات.

الاحتجاجات الإسلامية

في الجهة المقابلة عرفت هذه المسابقات سبيلها إلى العالم العربي أواخر الثمانينيات التي شهدت بدايات المد العولمي؛ ففي عام 1987 نظمت إحدى الشركات أول مسابقة من نوعها في مصر وذلك على نطاق ضيق وشبه سري واستمر الحال على هذا النحو إلى أن تمت النقلة النوعية لهذه المسابقة عام 1998 بحصولها على توكيل منظمة ملكة جمال الكون وبموجب ذلك أضحت الفتاة الفائزة تشارك في المسابقة العالمية التي تعدها المنظمة.

رافق هذا تبدل مماثل على صعيد وسائل المسابقة التي تخلت عن السرية وصار هناك تركيز إعلامي مفرط في تغطية فعاليتها، وهو ما أسهم في زيادة عدد المتقدمات من بضع عشرات مع انطلاقها إلى أن بلغ 850 عام 2005، وقفز العدد فجأة إلى ما يربو عن ألفي فتاة في الدورة الأخيرة 2007، الأمر الذي فاقم من حدة الانتقادات الموجهة إليها حتى وصل بعضها إلى البرلمان المصري (مجلس الشعب) عدة مرات.


وبعد أن كان الحديث يجري همسًا عن المخالفات الأخلاقية للمسابقة أصبح جهرًا في العام التالي مع تقدم عدد من المتسابقات ببلاغ للنائب العام يتحدثن فيه عن مخالفات شرعية وفضائح أخلاقية شابت فعالياتها.

ورغم ما يثار حول هذه المسابقات فهناك توجه نحو تعميم هذه المسابقات ونشرها؛ فبعد أن كانت مصر ولبنان وحدهما من ينظمان هذه المسابقة عربيًّا شرعت المغرب منذ عام 1999 في تنظيم مسابقة مماثلة.

كما جرت محاولة أردنية عام 2002 لإجراء أول مسابقة أردنية غير أن الاعتراضات الشعبية وضعف الإقبال على المسابقة (شاركت 6 متسابقات فقط) جعلا من تكرار التجربة أمرًا مستحيلاً.

وعلى امتداد العالم الإسلامي لم يكن إقرار هذه المسابقات هينًا، ففي عام 2002 شهدت نيجيريا مواجهات دامية أسفرت عن سقوط مائتي شخص احتجاجًا على إقامة مسابقة ملكة جمال العالم في دولة ذات أغلبية مسلمة وهو الأمر الذي اضطر اللجنة المنظمة إلى نقل المسابقة إلى القارة الأوروبية في مسعى لتهدئة الغضب الإسلامي.

الإمبريالية الأمريكية والجمال

تحملنا النماذج السابقة على الاستنتاج أن هناك جهات ما تضغط باتجاه الترويج لهذه المسابقات في العالم الإسلامي بأي ثمن؛ فهناك حثًّا أمريكيًّا على تنظيم مثل هذه المسابقات في البلدان الواقعة تحت الاحتلال الأمريكي؛ ففي عام 2003 شاركت امرأة أفغانية مقيمة في الولايات المتحدة في مسابقة ملكة جمال الأرض مثيرة بذلك انتقادات شعبية حادة، وكانت المتسابقة قد بررت مشاركتها بأنها تريد القضاء على صورة الأفغانيات باعتبارهن نساء معزولات؛ فهن موهوبات وذكيات وجميلات وبإمكانهن أن يحدثن اختلافًا في هذا العالم.

وللمرء أن يتساءل عن طبيعة هذا الاختلاف وكيف يتحقق؟ وما الاختلاف الذي أحدثته هذه المشاركة على الساحة الأفغانية في السنوات التالية؟

أما في العراق فقد شجعت سلطات الاحتلال تنظيم مسابقة جرى التكتم بشأنها في العراق عام 2006، وما إن أشيع النبأ حتى تلقت الفائزة تهديدات بالقتل فاضطرت إلى التنازل عن اللقب والفرار خارج العراق؛ لذا جرى الاتصال بالوصيفتين الأولى والثانية ولكنهن خشين ذات المصير، وأخيرًا تم منح اللقب إلى المرشحة الرابعة التي أعلن عن أنها ستشارك في مسابقة ملكة جمال الكون التي احتفت بالمتسابقة لشجاعتها.

ويبدو أن هذه المسابقة وجدت في العراق لتبقى؛ فرغم ما أصابها من فشل فقد أعيد تنظيمها في العام التالي تحت دعاوى نشر ثقافة السلام في مواجهة ثقافة الحرب والتدمير، وهنا تثور علامات استفهام عديدة حول العلاقة بين الفتيات الجميلات وبين السلام، وما هي طبيعة ذلك السلام الذي ستحققه الفتيات الجميلات تحت المظلة الأمريكية.

فلسفة إعلاء الجسد
يحمل الرفض الإسلامي في طياته ما هو أكثر من النظر لهذه المسابقات على اعتبار أنها تشيع العري والابتذال؛ فلا يمكن أن نعزو الفتاوى القطعية في تحريم هذه المسابقات لبعض كبار العلماء أمثال الشيخ جاد الحق على جاد الحق - رحمه الله - أو الشيخ نصر فريد واصل أو الشيخ علي جمعة إلى الجانب الفقهي فحسب، رغم جلالته وأهميته، ولكن هذه الفتاوى تعكس فهمًا ووعيًَا بأن هذه المسابقات تلخص رؤية مادية للإنسان وجوهرها اعتبار الجسد معيارًا للتفاضل بين البشر، وهو ما يتنافى مع التصور الإسلامي الذي يرجع التفاضل إلى التقوى، أي ما اكتسبه الإنسان بيده وعمله، وهنا يمكن أن نتوقف أمام بعض العناصر التي تستجلي طبيعة هذه المسابقات.

فمن جهة تتمركز هذه المسابقات بشكل أساسي حول الجسد الذي يعني المادة التي هي مقابل الروح ومنهما سويًا يتشكل الجوهر الإنساني – وفقًا للتصور الإسلامي- وتمركز هذه المسابقات حول الجسد واعتباره معيارًا أوحد في التقييم الإنساني يعني أن الإنسان يتشكل أساسًا من المادة وأنه لا أثر للروح في التكوين الإنساني، وحتى لو افترضنا جدلاً وجود بصيص من الروح فإنها تكون في حالة تابعة للجسد، وليس العكس.

من جهة ثانية يرمز الجسد إلى المتعة ومن ثم يصبح التركيز على الجسد في جوهره تركيز على المتع الحسية ويصبح إشباعها هو غاية الوجود الإنساني ومنتهاه.

ومن جهة ثالثة وأخيرة فإن هناك علاقة لا انفصام لها بين هذه المسابقات وبين الشركات الرأسمالية الكبرى التي تتخذ من أجساد الفتيات المشاركات أداة أساسية للترويج لمنتجاتها الاستهلاكية في تجسيد عملي لمبدأ تعظيم الربح الذي هو أحد المبادئ الكبرى التي تستند إليها الليبرالية الغربية.

وبتدقيق النظر نجد أن (المادة والمتعة والربحية) يختزلون ثلاثتهم التصور الغربي في نظرته للوجود وللطبيعة الإنسانية؛ فكأن هذه المسابقات تستبطن رؤية كامنة وفلسفة وبالتالي لا يمكن النظر إليها بوصفها مسابقات ترفيهية غايتها الاحتفاء بالجمال الذي اختزل – وابتذل أيضًا - في وجه جميل وجسد ممشوق دون أي اعتبار لأبعاد روحية سامية.

إنه الجمال الذي عرفته أسواق النخاسة والرقيق الأبيض فيما مضى وأحيته الحضارة الغربية مجددًا.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

ملكة الجمال، فساد، تغريب، شباب، انحرافات،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 04-08-2008   shareah.com

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /htdocs/public/www/actualites-news-web-2-0.php on line 785

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
ياسين أحمد، رحاب اسعد بيوض التميمي، عمار غيلوفي، محمد الياسين، صالح النعامي ، محمد اسعد بيوض التميمي، فتحي العابد، د- محمود علي عريقات، المولدي الفرجاني، أحمد بن عبد المحسن العساف ، سامر أبو رمان ، أشرف إبراهيم حجاج، د. عادل محمد عايش الأسطل، ماهر عدنان قنديل، العادل السمعلي، كريم فارق، محمد العيادي، أحمد بوادي، د- جابر قميحة، د - محمد بنيعيش، حاتم الصولي، جاسم الرصيف، أحمد النعيمي، إياد محمود حسين ، مصطفى منيغ، صفاء العربي، الهادي المثلوثي، سلوى المغربي، محرر "بوابتي"، خبَّاب بن مروان الحمد، د - الضاوي خوالدية، مجدى داود، حميدة الطيلوش، علي عبد العال، سليمان أحمد أبو ستة، وائل بنجدو، محمد أحمد عزوز، خالد الجاف ، إسراء أبو رمان، سيد السباعي، فتحـي قاره بيبـان، ضحى عبد الرحمن، محمد عمر غرس الله، صلاح الحريري، د- محمد رحال، محمد شمام ، د. مصطفى يوسف اللداوي، فوزي مسعود ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد يحي، رافد العزاوي، يحيي البوليني، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. صلاح عودة الله ، د. أحمد بشير، الهيثم زعفان، محمد الطرابلسي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، أحمد ملحم، عراق المطيري، عبد الرزاق قيراط ، عبد الغني مزوز، د.محمد فتحي عبد العال، سعود السبعاني، رشيد السيد أحمد، طلال قسومي، عمر غازي، رمضان حينوني، حسن عثمان، صباح الموسوي ، رافع القارصي، د. أحمد محمد سليمان، صفاء العراقي، عبد الله الفقير، عبد الله زيدان، عزيز العرباوي، د- هاني ابوالفتوح، يزيد بن الحسين، علي الكاش، د. عبد الآله المالكي، د - المنجي الكعبي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أ.د. مصطفى رجب، صلاح المختار، سلام الشماع، أبو سمية، د. خالد الطراولي ، د - عادل رضا، سفيان عبد الكافي، منجي باكير، محمود سلطان، محمود طرشوبي، عواطف منصور، أحمد الحباسي، حسن الطرابلسي، إيمى الأشقر، د - صالح المازقي، فهمي شراب، سامح لطف الله، كريم السليتي، نادية سعد، تونسي، د - مصطفى فهمي، د. طارق عبد الحليم، محمود فاروق سيد شعبان، أنس الشابي، د - محمد بن موسى الشريف ، رضا الدبّابي، د - شاكر الحوكي ، مراد قميزة، د. ضرغام عبد الله الدباغ، الناصر الرقيق، فتحي الزغل، مصطفي زهران،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة