البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

غزة تفاوض وحدها

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 159



نتابع المثلثات الحمراء والصفراء في غزة، لكن صار يلازمنا السؤال البغيض وخاصة بعدما حوصر نحو 1.2 مليون إنسان في مربع رفح ووضعوا ظهورهم للجدار والأسلاك: ماذا لو انكسرت المقاومة وخسرت حاضنتها وانكشف ظهرها؟ والسؤال الذي يتوالد من السؤال السابق: كيف ستفاوض المقاومة وشعبها واقف على حاجز العبور جائعا وعاريا وجروحه تنزف؟ هذا السؤال المليء بالخوف والشك مثله مثل الإيمان بالانتصار؛ كلامهما يكشف الأهمية الاستراتيجية لحرب الطوفان وأثرها الفعال في الاتجاهين.

تفاوض قاس مع عدو غادر

كُتب الكثير عن أهمية معركة الطوفان وتأثيراتها الواسعة على المنطقة، لكن أغلب ما كُتب صدر عن عرب متعاطفين مع المقاومة لا تطاوعهم قلوبهم على توقعات سيئة. بعض العقل البارد ضروري في هذه المرحلة التي بدأ فيها تفاوض قاس على إنهاء الحرب، وفي التفاوض تبدو لنا المقاومة عزلاء إلا من وسيط قطري متعاطف لكنه غير مسلح، أي أن ثقله العسكري لا يساوي الكثير في ميزان التفاوض. أما الثقل العسكري المصري فلا يزن في كفة المقاومة بل في كفة العدو، بما يجعله سببا للضغط على المقاومة وليس الضغط لصالحها.

نتذكر جيدا أن المقاومة جزمت بثقة بأن ما لم يحصل عليه العدو بالسلاح لن يحصل عليه بالتفاوض، ورغم هذه الثقة فإن معرفتنا بطول نفس العدو المدعوم بكل الوسائل سيرفع الثمن على المقاومة، أي يقلل مكاسبها من الحرب ويجبرها على تنازلات موجعة. وفي تفاوض طويل يصير كل تنازل كما كل تصلب عبئا على المقاومة، إذ يرفع آلام الحاضنة التي إذا توقفت الحرب ستعيد حساب خسارتها في الأهل والرزق وتنفتح أبواب المزايدة والتحريض والمنّ على المقاومة حتى بحفاظات الأطفال.

نظريا، الوصول إلى مرحلة تفاوض يعني نصرا للمقاومة، لكن هذا التفاوض يجري مع عدو بلا شرف عسكري ولا أخلاق حرب لذلك نراقب ونضع يدا على القلب. قلوبنا المتعاطفة تنتظر ضربات تفاوضية لا تقل أثرا في العدو من ضربات الياسين 105.

هل ملكت المقاومة توازن الردع؟

بعد حرب 2006 مع حزب الله حصلت حالة هدوء على جبهة جنوب لبنان / شمال فلسطين، وهذا مثير للتفاؤل إذ يكشف أن العدو يخاف ويتقهقر ويخشى العودة إلى موطن هزيمته، لكن نتذكر أيضا مفاوضات الكيلو 101 (أو مفاوضات طابا) مع الجانب المصري، والتي دامت سنوات طويلة وأمكن للعدو أن يحيَّد مصر نهائيا، بل يفوز بمكاسب أنسته خساراته العسكرية في حرب أكتوبر، لقد كسب في تلك المفاوضات ما خسره بالحرب. والمقاومة الآن بين نموذجين من التفاوض مع نفس العدو، فهل ملكت الردع الذي ملكه حزب الله بحيث تجعل العدو يفكر طويلا قبل التفكير في العودة إلى غزة، وهو ما نسميه توازن الردع؟

قراءات عسكرية كثيرة تقول إن حرب الطوفان فعلت بالعدو أكثر مما فعلت به المقاومة اللبنانية عام 2006، لكن يوجد فرق بين مقاومة خارج الأرض المحتلة وبين مقاومة في منطقة في خاصرة العدو. لقد صمتت جبهة شمال فلسطين منذ 2006، وواصل العدو غطرسته في المنطقة وتوجه إلى حركة تطبيع واسعة فحوّل الهزيمة إلى نصر، فكأنه كبّل المقاومة هناك باتفاق. وهذا الاحتمال وارد بخصوص غزة، كأن يصل إلى اتفاق يعزل غزة عن الضفة وعن القدس، وإذا حقق ذلك فإنه يكون حقق نصرا خارج غزة يكون ثمنه أقسى مما دفع في غزة. وتكون آثاره على غزة بعدية، فهي لا تود أن تكون دولة وجدها معزولة عن بقية الأرض/ الجسد الفلسطيني.

نطرح هذه الأسئلة/ الانشغالات ونود أن نعتذر للمقاومة فنحن لا نتعالم عليها أو نقدم لها دروسا من مكان مريح، فهي من يمسك جمرة فلسطين وما نحن إلا قلوب خافقة من حولها.

نتفاءل من داخل الخوف

لقد قدمت المقاومة في الحرب أكثر مما توقعنا منها (لقد تجاوزت خيالنا الكسيح)، ولذلك اكتفينا في الشهرين الأخيرين بحساب المثلثات الحمراء والصفراء. ويعود خوفنا عليها في بداية التفاوض حول وضع نهائي إلى فقدانها لسند سياسي أو حزام فعال يضع ثقله إلى جانب المفاوض القطري.

تعود لنا الأسئلة حول الدور التركي الغائب (وقد زعم إسناد المقاومة)، وليس لدينا أية صورة مطمئنة عن الدور الإيراني (وله أجندته الخاصة)، في المقابل نعرف يقينا أن مصر والنظام السعودي والأردني (وحزام التطبيع العربي) ينتظرون الحصول على مكاسب في غزة مقابل الحصار الذي فرضوه على المقاومة زمن المعركة. ومكاسبهم أن لا تقوم في غزة معركة أخرى تُقلق راحتهم حيث هم، فضلا عن أن يولد في غزة نصر (أو حتى نصف نصر) قد تنتقل عدواه إلى مرابعهم المطمئنة.

كيف ستصرف حماس إنجازها العسكري؟ سنتابع جولات التفاوض القاسية بقلوب واجفة مثلما تابعنا مجريات المعركة التي أدت إلى التفاوض ولا قدرة لنا كأفراد عزّل في التأثير فيه، مثلما لم نؤثر في المعركة بإسناد الحاضنة بالقليل الممكن.

إذا كانت معركة الطوفان قد ربحت الجولة العسكرية فإن جولتها التفاوضية لن تقل خطورة، ولن يكون أثرها في غزة وحدها.. ومن يدري لعل في مواجهة غزة لمصيرها وحدها دون حزام منافق نصر آخر لا نراه اللحظة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

غزة، فلسطين، إسرائيل، طوفان الأقصى،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 9-02-2024   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
المولدي الفرجاني، عواطف منصور، فوزي مسعود ، طلال قسومي، علي عبد العال، أحمد الحباسي، رشيد السيد أحمد، محمد الطرابلسي، د. خالد الطراولي ، صلاح الحريري، رمضان حينوني، العادل السمعلي، الهيثم زعفان، صفاء العراقي، علي الكاش، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، صباح الموسوي ، الهادي المثلوثي، د- محمد رحال، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عبد الرزاق قيراط ، د. عادل محمد عايش الأسطل، حسن الطرابلسي، محمد عمر غرس الله، د. عبد الآله المالكي، فتحـي قاره بيبـان، محمد العيادي، وائل بنجدو، نادية سعد، د. صلاح عودة الله ، حاتم الصولي، ماهر عدنان قنديل، د. أحمد بشير، سليمان أحمد أبو ستة، سلوى المغربي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، مراد قميزة، أ.د. مصطفى رجب، مصطفى منيغ، عزيز العرباوي، إيمى الأشقر، كريم فارق، رضا الدبّابي، سلام الشماع، محمد اسعد بيوض التميمي، صفاء العربي، د. طارق عبد الحليم، د - مصطفى فهمي، د- محمود علي عريقات، سيد السباعي، أبو سمية، صلاح المختار، أحمد ملحم، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمد أحمد عزوز، مصطفي زهران، الناصر الرقيق، محمد الياسين، فتحي الزغل، محرر "بوابتي"، محمد شمام ، رافد العزاوي، محمد يحي، تونسي، محمود سلطان، صالح النعامي ، عمار غيلوفي، د- هاني ابوالفتوح، حسن عثمان، يحيي البوليني، محمود طرشوبي، د - محمد بن موسى الشريف ، إياد محمود حسين ، أحمد النعيمي، ياسين أحمد، سعود السبعاني، د- جابر قميحة، أشرف إبراهيم حجاج، عبد الله الفقير، عراق المطيري، جاسم الرصيف، د - صالح المازقي، عبد الله زيدان، عمر غازي، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. أحمد محمد سليمان، حسني إبراهيم عبد العظيم، إسراء أبو رمان، د - عادل رضا، مجدى داود، سفيان عبد الكافي، د - الضاوي خوالدية، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - محمد بنيعيش، سامر أبو رمان ، منجي باكير، خالد الجاف ، ضحى عبد الرحمن، كريم السليتي، أحمد بوادي، عبد الغني مزوز، محمود فاروق سيد شعبان، د.محمد فتحي عبد العال، فهمي شراب، يزيد بن الحسين، رافع القارصي، أنس الشابي، سامح لطف الله، فتحي العابد، خبَّاب بن مروان الحمد، د - المنجي الكعبي، حميدة الطيلوش، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - شاكر الحوكي ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة