البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

سورة الكهف وأهمية العمل الصالح

كاتب المقال أ.د. علي عثمان شحاته - مصر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 516


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


يقال: صلح أي زال عنه الفساد، وصلح الشيء كان نافعا أو مناسبا، يقال هذا الشيء يصلح لك، وأصلح في عمله أو أمره، أتى بما هو صالح نافع، وأصلح الله لفلان في ذريته أو ماله، جعلها صالحة وفي التنزيل العزيز: "وأصلح لي في ذريتي" سورة الأحقاف: من الآية:15.

أما عن إشارات الصلاح في سورة الكهف فقد وردت في الآية الثانية منها في قوله تعالى عن الكتاب الذي أنزله على عبده كتابا قيما لا معتدلا لا عوج فيه، قال تعالى: «قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا». وعن معنى الصالحات يقول الإمام الطبري: "يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ" قال: هو العمل بما أمر الله بالعمل به، والانتهاء عما نهى الله عنه".

وفي الآية الثلاثين يقول الله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا" فالعمل الصالح لا يضيع ثوابه، لا في الدنيا ولا في الآخرة، وإن تأخر رده في الدنيا فإنه لحكمة يعلمها الله تعالى، ليرفع درجات المحسنين ويحط من أعمال الفاسدين.
وفي الآية السادسة والأربعين يقول الله تعالى: "الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلا" يقول الشيخ السعدي: إن المال والبنين، زينة الحياة الدنيا، أي: ليس وراء ذلك شيء، وأن الذي يبقى للإنسان وينفعه ويسره، الباقيات الصالحات، وهذا يشمل جميع الطاعات الواجبة والمستحبة من حقوق الله، وحقوق عباده ...إلخ، فهذه ثوابها يبقى، ويتضاعف على الآباد، ويؤمل أجرها وبرها ونفعها عند الحاجة، فهذه التي ينبغي أن يتنافس بها المتنافسون، ويستبق إليها العاملون، ويجد في تحصيلها المجتهدون".

ومن إشارات الصلاح التي ارتبطت بقصة موسى والخضر عليهما السلام، قوله تعالى: «وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا» لم يقل: وكان أبوهما غنيا، أو أميرا، أو صاحب أي حيثية من حيثيات الدنيا، بل «وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا» فقد يكون الأب واحدا مما ذكر سلفا أي غنيا أو شريفا...الخ، ولكن الأهم أنه كان صالحا، فلأجل صلاحه وتقواه تحرك لأبنائه - بأمر الله- عبد صالح هو «الخضر» بصحبة نبي من أولي العزم هو «موسى عليه السلام». ركبا البحر وسارا في القفار، عملا لأجل الغلامين في البناء، نسيا جفوة أهل القرية في الاستقبال.
فالصلاح يهذب النعم ولا يمنعها، فلا مانع من أن يكون الأب غنيا صالحا، أميرا أو وزيرا، صانعا أو زارعا.. المهم أن يكون صالحا. فصاحب القصة، هناك ما يشير إلى أنه لم يكن فقيرا، إذ ربما يكون هو صاحب الكنز المخفي تحت الجدار، والكنز – كما قيل- قد يكون علما أو حكمة أو مالا، وكلها حين يسيرها الصلاح تكون كنزا حقيقيا يكون المال أقل محتوياته.

وعلى ذلك، فمن أراد أن يطمئن على أبنائه من بعده فليتمسك بهذا السبب «وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا». وقد يرى البعض أن الصلاح شيئ والمال والسعي شيئ آخر، فيقول عندما يذكر بضرورة السعي الصالح والعمل المستقيم: هل أطعم أبنائي استقامة أو صلاحا؟

أقول: لم يقل أحد إن من شروط الصلاح أن تكون فقيرا معدما، أو عاطلا عن العمل كسلانا، وإنما عليك أن تتحرى الحلال؛ فتسعى به وله، وتحرص على ذلك.

كذلك فمن الصلاح الباقي لأبنائك أن تتقي الله فيهم، فلا تطعمهم حراما، أو تتركه لهم، بل عليك أن تمسك بالحق؛ فتنطق به، وتشهد به، وتطعم به وتحرص على ذلك، قال تعالى: «وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا» يقول الإمام القرطبي من بين ما قيل في المراد بها أنها موجة لجَمِيعُ النَّاسِ، فقد أَمَرَهُمْ بِاتِّقَاءِ اللَّهِ فِي الْأَيْتَامِ وَأَوْلَادِ النَّاسِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فِي حُجُورِهِمْ، وأن يسددوا لَهُمُ الْقَوْلَ كَمَا يُرِيدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يُفْعَلَ بِوَلَدِهِ بَعْدَهُ».

إن الصلاح خير ميراث تتركه لأبنائك؛ إنه مفتاح الأمان الحقيقي، بل إنه يزيد لهم مكتسبات الأمان؛ التي من أهمها رعاية الله وتوفيقه لهم، ثم محبة الخلق وعطفهم عليهم في مرحلة الضعف والاحتياج، ثم الذكر الطيب لأبيهم الذي يفتح لهم الأبواب، ويوسع الله لهم بسببه الأرزاق.
ولذا كان ختام السورة في الآية السابعة بعد المائة منها بقول الله تعالى: "إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نزلا" فالصلاح باق للذرية في الدنيا وسبيل لأن ينزل أهله جنات الفردوس في الآخرة، وما أدراك ما جنات الفردوس يقول صلى الله عليه وسلم كما ورد في الصحيحين: "إِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ الْجَنَّةَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَعْلَى الْجَنَّةِ وَأَوْسَطُ الْجَنَّةِ، وَمِنْهُ تُفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ"
أسال الله تعالى لي ولكم الهداية والتوفيق، ولأبنائنا الخير والفلاح في حياتنا ومن بعدنا.

-----------------
أ.د. علي عثمان شحاته
القاهرة- جمهورية مصر العربية


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

سورة الكهف،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 24-07-2023  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أنس الشابي، وائل بنجدو، تونسي، العادل السمعلي، د. أحمد بشير، علي الكاش، حسن الطرابلسي، جاسم الرصيف، صباح الموسوي ، محمد الياسين، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمود فاروق سيد شعبان، مصطفى منيغ، منجي باكير، سفيان عبد الكافي، محمد يحي، صلاح الحريري، ياسين أحمد، مصطفي زهران، محمد العيادي، رشيد السيد أحمد، د - مصطفى فهمي، محمد عمر غرس الله، صفاء العراقي، د - شاكر الحوكي ، المولدي الفرجاني، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حاتم الصولي، ماهر عدنان قنديل، حسن عثمان، حسني إبراهيم عبد العظيم، سلام الشماع، عبد الله الفقير، كريم فارق، فتحي العابد، خبَّاب بن مروان الحمد، د - المنجي الكعبي، محمد أحمد عزوز، رمضان حينوني، أبو سمية، أشرف إبراهيم حجاج، يزيد بن الحسين، عمار غيلوفي، عزيز العرباوي، د- محمود علي عريقات، د. عادل محمد عايش الأسطل، فتحي الزغل، محمد الطرابلسي، د- هاني ابوالفتوح، أحمد النعيمي، إسراء أبو رمان، د. خالد الطراولي ، أحمد ملحم، سعود السبعاني، محمود طرشوبي، عبد الرزاق قيراط ، سليمان أحمد أبو ستة، عبد الغني مزوز، فتحـي قاره بيبـان، د. مصطفى يوسف اللداوي، د- محمد رحال، عواطف منصور، عراق المطيري، حميدة الطيلوش، أ.د. مصطفى رجب، الناصر الرقيق، عبد الله زيدان، محمد شمام ، مراد قميزة، نادية سعد، إياد محمود حسين ، د - عادل رضا، صالح النعامي ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، صفاء العربي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، يحيي البوليني، خالد الجاف ، محمد اسعد بيوض التميمي، د.محمد فتحي عبد العال، ضحى عبد الرحمن، سامح لطف الله، رافع القارصي، فوزي مسعود ، رافد العزاوي، محرر "بوابتي"، طلال قسومي، سيد السباعي، د. أحمد محمد سليمان، عمر غازي، فهمي شراب، الهيثم زعفان، د. عبد الآله المالكي، د. طارق عبد الحليم، سامر أبو رمان ، صلاح المختار، محمود سلطان، الهادي المثلوثي، مجدى داود، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. صلاح عودة الله ، د- جابر قميحة، أحمد الحباسي، أحمد بوادي، سلوى المغربي، كريم السليتي، رضا الدبّابي، د - الضاوي خوالدية، د - محمد بنيعيش، د - محمد بن موسى الشريف ، إيمى الأشقر، علي عبد العال، د - صالح المازقي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة