البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

لماذا غابت الجامعات المغاربية عن التصنيف الدولي للجامعات؟

كاتب المقال امحمد مالكي - المغرب   
 المشاهدات: 641



لم تحظ أية جامعة مغاربية بالتصنيف ضمن أفضل ألف جامعة في العالم، بحسب التقرير السنوي الأخير (2022)، الذي دأبت جامعة شنغهاي الصينية على إصداره منذ 2009. والحقيقة لم يكن هذا الخبر مفاجئا، لأن الجامعات المغاربية ظلت على مدار كل السنوات السابقة غائبة عن ترتيب كوكبة الألف جامعة الأفضل في العالم، وقليلا ما شكل هذا الغياب مصدر قلق للدول المعنية وصناع سياسات التعليم والبحث العلمي فيها. وحدها بعض النخب الأكاديمية تتفاعل جزئيا مع الموضوع كلما صدر التقرير السنوي وأعلن عن الترتيب، وسرعان ما يخفت الحديث وتعود الأمور إلى حالتها الطبيعية، علما أن ثمة كفاءات علمية مرموقة في المهاجر، كما أن هناك جهودا فردية تبذل هنا وهناك من قبل المجتمع الأكاديمي المغاربي، دون أن تكون لها بنيات حاضنة تُثمن عملها وتدمجه ضمن سياسات مستدامة وذات بُعد استراتيجي.

جاءت صورة الجامعات المغاربية شاحبة ومحزنة ليس دوليا فحسب، بل عربيا أيضا، حيث تم ترتيب عدد من الجامعات العربية ضمن أفضل ألف جامعة عالمية، بل هناك من هذه الجامعات ما تغير ترتيبها إيجابيا مقارنة مع التقارير السنوية السابقة.

فعلى الرغم من الانتقادات التي وجهها بعض الأكاديميين المصريين لترتيب جامعات بلدهم، احتلت جامعة القاهرة -على سبيل المثال- المرتبة 301 في الترتيب، تُضاف إليها ست جامعات أخرى في مواقع مختلفة ضمن ألف أفضل جامعة.

وقد حظيت 19 جامعة عربية بالترتيب ضمن تقرير جامعة شنغهاي لهذا العام (2022)، إذ علاوة على سبع جامعات مصرية، هناك 12 جامعة من كل من المملكة العربية السعودية (7)، الإمارات (1)، الأردن (1)، لبنان (1)، سلطنة عمان (1)، قطر (1)، بينما بقيت كل البلدان العربية الأخرى خارج الترتيب، وعلى رأسها البلاد المغاربية.

وبالموازاة، حافظت الجامعات العريقة على مكانتها في الترتيب، حيث صُنفت جامعة "هارفارد" للمرة العشرين كأول أفضل جامعة في العالم، تليها جامعة "ستانفورد"، وبعدها في المرتبة الثالثة "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)".

جدير بالإشارة أن المعايير المعتمدة في تصنيف الجامعات وفق تقرير جامعة شنغهاي، هي ستة، منها: عدد الفائزين بجوائز نوبل وميداليز فيلدز بين خريجيها وأساتذتها، فضلا عن عدد الباحثين الذين ترد أسماؤهم كثيرا في مجال اختصاصهم، أو حتى عدد المقالات المنشورة في مجلتي "ساينس" و"نيتشر".

كيف إذن يمكن تفسير غياب الجامعات المغاربية عن التصنيف الدولي لأفضل ألف جامعة في العالم، الذي حصر الجامعات المرشحة للاختيار في 2500 جامعة هذا العام (2022)؟

هناك في الواقع أكثر من مصدر وسبب لتفسير عجز الجامعات المغاربية عن الالتحاق بكوكبة الجامعات الألف الأفضل في العالم. فبدون الانتقاص من الجهود التي يبذلها الأكاديميون العرب الأوفياء لمهنتهم العلمية، والمقتنعون برسالة الجامعة ودورها في التحصيل العلمي والتنوير الفكري والثقافي، والابتكار الخلاق من أجل النهوض بالمجتمعات، ثمة مصفوفة من العوامل المسؤولة عن تخلف الجامعات المغاربية، وتأخرها في مراتب التصنيف العالمي، لعل أبرزها نصيب الإنفاق المالي على البحث العلمي والتطوير من الناتج القومي، الذي ما زال من أضعف النسب عالميا، حيث لا تتجاوز نسبته 3.0، مقارنة بـ6.2 في المئة في الولايات المتحدة الأمريكية، و3.2 في المئة في اليابان، و4 في المئة في السويد، و9.4 في المئة في إسرائيل.

والحال أن البحث العلمي لا يستقيم ويتطور، ويعطي النتائج المرجوة منه، بدون إنفاق مالي فعلي وحقيقي. وقد أبانت جائحة كورونا عن مدى أهمية البحث والابتكار في مواجهة الأزمات الكبرى، كما هو حال الأوضاع التي أنتجها وباء كوفيد 19 ومتحوراته. فقد باتت البلاد العربية برمتها عرضة للتبعية والحاجة لغيرها من البلدان المتقدمة علميا حتى في أبسط وسائل مقاومة الوباء، علما -وهذه من المفارقات الكبرى التي كشفت عنها الجائحة- أن علماء كُثرا من العالم العربي يشتغلون بمؤسسات ومختبرات أجنبية، كانوا في صدارة من ساهموا بقوة في اكتشاف مجمل اللقاحات المضادة للوباء..

إلى جانب ضعف الإنفاق المالي على البحث العلمي والتطوير، هناك ضعف البيئة الحاضنة للعلم والعلماء، وهشاشة القيم المحفزة على الابتكار، والمبادرة الخلاقة، والاعتراف بالكفاءة والجدارة والاستحقاق وتكافؤ الفرص. فمجمل الجامعات المغاربية، نشأت كجامعات تدريس وتلقين، لا سيما الكليات والمعاهد الاجتماعية والإنسانية.

وقليلة هي المؤسسات التي أولت للبحث العلمي والابتكار والتطوير أهمية استراتيجية، وأدمجتها ضمن رؤى بعيدة المدى، وربطتها بشكل قوي بالمشاريع المجتمعية، وحولتها إلى روافد لهذه الأخيرة، لأن الدول ذاتها تفتقد في أغلبها إلى مشاريع مجتمعية، واضحة ومتوافق حولها داخليا. لذلك، تشكو الجامعات المغاربية عموما، وإن بدرجات مختلفة في الدرجة، من ضمور لقيم الاستحقاق، والاعتراف بالكفاءة، وتثمين العطاءات العلمية الفردية والجماعية والتشجيع عليها، وبث روح التقييم والتقويم والمساءلة والمحاسبة.

يمكن أن نضيف عاملا ثالثا لتفسير غياب الجامعات المغاربية عن ركب الترتيب العالمي لأفضل ألف جامعة، وهو لا يقل أهمية وخطورة عن العاملين السابقين، يتعلق بآفة الفساد وغياب النزاهة الأكاديمية والحكامة الجامعية. وهي في كل الأحوال صورة مصغرة عن الآفة الكبرى التي تنخر مجمل البلاد العربية، كما تعكس ذلك مراتبها في سلالم تقارير الشفافية في العالم.

لذلك، يُمثل الفساد في تدبير الجامعات واختيار قياداتها، وصرف موازناتها، والتعامل مع هيئاتها الأكاديمية؛ أسبابا جوهرية في تقهقر الجامعات المغاربية، وانحصار أدوارها في الإنتاج والعطاء العلميين، وما لم يُنجز التغيير العميق في تجاوز هذه المصادر المعيقة للعلم والعلماء، ستظل الجامعات المغاربية تترنح في مكانها وتدور في حلقة مفرغة، وتراكم التراجعات والخسائر، والأخطر تساهم في تعطيل نهضة المجتمعات ونمائها.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الجامعات، التعليم العالي، تصنيف شنغهاي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 23-08-2022   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عبد الله الفقير، أبو سمية، يزيد بن الحسين، محرر "بوابتي"، محمد شمام ، فتحـي قاره بيبـان، إسراء أبو رمان، حاتم الصولي، سلوى المغربي، د - عادل رضا، محمد أحمد عزوز، مجدى داود، د- محمود علي عريقات، أحمد النعيمي، د - الضاوي خوالدية، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمود سلطان، علي عبد العال، د. طارق عبد الحليم، محمود فاروق سيد شعبان، د. أحمد محمد سليمان، المولدي الفرجاني، د - صالح المازقي، د - مصطفى فهمي، عبد الغني مزوز، سلام الشماع، محمد العيادي، أحمد ملحم، محمد اسعد بيوض التميمي، أحمد الحباسي، فوزي مسعود ، وائل بنجدو، رمضان حينوني، عمار غيلوفي، د. عبد الآله المالكي، د. صلاح عودة الله ، سفيان عبد الكافي، عمر غازي، د- جابر قميحة، أحمد بوادي، رشيد السيد أحمد، سيد السباعي، رضا الدبّابي، فهمي شراب، د. خالد الطراولي ، صفاء العراقي، طلال قسومي، كريم فارق، عبد الله زيدان، أ.د. مصطفى رجب، صلاح المختار، ياسين أحمد، محمد الياسين، أنس الشابي، د. عادل محمد عايش الأسطل، سليمان أحمد أبو ستة، الهادي المثلوثي، مصطفى منيغ، محمد عمر غرس الله، تونسي، صفاء العربي، كريم السليتي، عراق المطيري، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، نادية سعد، د.محمد فتحي عبد العال، خبَّاب بن مروان الحمد، حسني إبراهيم عبد العظيم، صالح النعامي ، د- هاني ابوالفتوح، د. كاظم عبد الحسين عباس ، يحيي البوليني، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمد الطرابلسي، رافد العزاوي، الناصر الرقيق، علي الكاش، مصطفي زهران، عزيز العرباوي، مراد قميزة، منجي باكير، محمود طرشوبي، حسن عثمان، ضحى عبد الرحمن، د - محمد بنيعيش، إياد محمود حسين ، خالد الجاف ، ماهر عدنان قنديل، رافع القارصي، العادل السمعلي، صباح الموسوي ، سامر أبو رمان ، سامح لطف الله، د - محمد بن موسى الشريف ، عواطف منصور، د - شاكر الحوكي ، د- محمد رحال، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. أحمد بشير، صلاح الحريري، الهيثم زعفان، فتحي الزغل، حميدة الطيلوش، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. مصطفى يوسف اللداوي، حسن الطرابلسي، عبد الرزاق قيراط ، جاسم الرصيف، سعود السبعاني، فتحي العابد، أشرف إبراهيم حجاج، إيمى الأشقر، د - المنجي الكعبي، محمد يحي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة