البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

ماذا بعد عقد البرلمان التونسي جلسته رغم التجميد؟

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 993



يتحرك الشارع المعارض للانقلاب، فيظهر الرئيس غاضبًا يتوعد، عرفنا العادة والتقليد، لعبة تمريرات قصيرة بلا أهداف تسجل في أي مرمى، لذلك نجدها خاليةً من الإبداع لكنها توهم بحركة، والإيهام بالحركة لا يقدم بالبلد، لهذا نسأل بعد أن عقد البرلمان جلسته الافتراضية يوم 27 يناير/كانون الثاني متحديًا التجميد الرئاسي لنشاطه، ماذا يكون بعد الجلسة الافتراضية التي احتفلت بذكرى المصادقة على الدستور المعلق، هل هي خطوة إلى الأمام أم فصل من مناكفة غير منتجة لحل؟

الجلسة الافتراضية أخيرًا
كان هناك سؤال معلق منذ الانقلاب (25 يوليو/تموز) لماذا لا يعقد البرلمان جلساته افتراضيًا (وقد حيل بين النواب ودخول القاعة)؟ فالقانون يسمح له بذلك وقد عقد جلسات مماثلة أيام الحجر الصحي وكانت جلسات قانونية، وبالتدريج عرفنا أن النواب ليسوا على قلب رجل واحد وأن شقًا كبيرًا منهم يقف جهرةً وضمنًا مع الانقلاب رغم أنه جمد رواتب النواب وفيهم من جاع ومرض ولم يجد علاجًا وواصل القبول بوضع التجميد سيرًا مع رغبات الانقلاب في حل البرلمان.

التداول في عقد الجلسة الافتراضية تم خلال إضراب الجوع الذي نظمه مواطنون ضد الانقلاب/المبادرة الديمقراطية، وكانت النية رفع الإضراب أمام جلسة البرلمان افتراضيًا اعتمادًا على أنه سلطة مؤسسة وشرعية وانتهى القرار إلى أن تكون الجلسة احتفالًا بذكرى المصادقة وكانت، فماذا نتج عنها؟

المداولات التي تناقلها العالم عبر الشبكة وعبر قنوات إعلامية أجنبية وتجاهلها الإعلام المحلي كانت حادةً في لهجتها ضد الانقلاب وضد الإجراءات غير الدستورية التي أعلنها المنقلب ويسيّر بها البلد بصفة فردية، لقد زادت في توضيح المواقف وإظهار الفرز الحقيقي داخل البرلمان، فقد تجاوز الحضور النصاب القانوني لجلسة عامة وهي 73 من النواب، ولم يتغيب إلا الموالون للانقلاب والمطاردون.

لكن رغم الحدة والوضوح فإن الجلسة لم تتخذ قرارات حاسمة كان البعض ينتظرها مثل إعلان العودة بقوة إلى مقر البرلمان وفتحه والاعتصام به ومواصلة العمل من داخله كحركة تحد سياسي وقانوني للانقلاب، ولم تعلن الجلسة أنها جلسة مفتوحة وستواصل العمل بالصيغة الافتراضية وهذا ترك انطباعًا أن البرلمان لا يريد الدخول في مواجهة تامة وحاسمة مع الانقلاب، أي أنه أجل الحسم المفضي إلى عزل الرئيس بجريمة الاعتداء على الدستور، فضلًا عن أفعال أخرى قابلة للتوصيف الإجرامي ليس أقلها الخيانة العظمى، وهنا تطرح الأسئلة الجديدة عما بعد الجلسة الاحتفالية المنقطعة عما بعدها.

البحث عن رسالة سياسية في ركام الكلمات الكبيرة
الرسالة الأولى التي يمكن القول إنها أطلقت في الجلسة هي أن الهدف من الجلسة لم يكن الحسم العملي مع الانقلاب والمرور إلى الحلقة الأخيرة المطلوبة أي إسقاط الانقلاب، بل الإعلان عن أن البرلمان لا يزال فاعلًا وأن التعليق ليس إجراءً نافذًا على النواب ولا على المجلس وأن الدستور لا يزال هو المرجع الوحيد المعتمد في تنظيم الحياة السياسية، لذلك تركز تدخل رئيس المجلس على إلغاء الأمر عدد 117 أو الدستور المؤقت الذي يحتكم إليه الرئيس وحزامه.

الرسالة الثانية الممكنة هي أن نصف الموقف يبعث برسالة تجنب الصدام مع الرئيس وحزامه الأمني بالأخص (ويضم كل مكونات القوة الصلبة باسم الحفاظ على الدولة)، وفي نصف الموقف دعوة إلى التفاوض لكن تحت سقف الدستور، وبقدر ما في هذه الرسالة من رغبة في الحل السلمي دون مواجهات في الشارع (باقتحام البرلمان مثلًا)، فإن رد الرئيس الذي جاء سريعًا لا يكشف تفاعلًا إيجابيًا، بل كشف تصعيدًا بلهجة وعيد بما يعني أن الرسالة لم تصل، وهذا يؤدي إلى طرح سؤال آخر: متى تكون الرسالة الثانية؟ وما مضمونها إذا كان المتلقي يصم أذنيه؟

الرسالة الثالثة موجهة من الجلسة في تقديرنا إلى الخارج الذي يراقب الوضع عن كثب ومفادها البرلمان هنا ويملك النصاب القانوني للانعقاد بشكل دائم إذا لم تصل الرسائل إلى مقصدها، أي أن هناك جهةً شرعيةً في البلد يمكن الحديث معها بشأن المستقبل.

كيف ستكون استجابة الخارج؟ هل يتقدم في اتجاه البرلمان ويتعامل معه كسلطة شرعية أم يظل محافظًا على موقفه من المشهد برمته بدعوى الحفاظ على السيادة (التي لا يحافظ عليها أصحابها)؟

ردود فعل السفارات لم تظهر بعد، نقول السفارات النافذة بكل أسف، فقد صار دورها محددًا طبقًا لمصالح دولها ولعل حديث كواليس يجري الآن في اتجاه حلحلة الوضع السياسي تمهيدًا لمعالجة الوضع الاقتصادي الذي ينذر بكارثة يراها الجميع.

هناك حديث يقال سرًا أو همسًا ويصل الجميع وهو أن أمر القوة الصلبة بيد السفارات وهناك من ينتظر أن يلقى إليها أمر بالتخلي عن الانقلاب، لكن في هذا الحديث أمنية العاجزين عن الفعل بأنفسهم، لذلك يتمنون أن يفعل لهم ويغفلون أن الفعل لهم هو فعل بهم في النهاية وأن تلك آخر علامات وجودهم ودورهم وسيادتهم على بلدهم.

قنبلة صوتية أو صرخة في واد
سيفهم هذا الحديث مزايدة من وراء الحاسوب، لا بأس من ذلك، لكن التخاطب عبر القانون (أو المؤسسات) دون شارع متحرك لا يزعج الانقلاب ولا حزامه، بل يزيده طمأنينة خطاب الرئيس المتوعد فيه رسالة واضحة لن تقدروا علي بحديث القانون والمؤسسات فأنا الدولة.

وفيها أيضًا الشارع تحت رقابتي وسلطتي وقد قتلت منكم يوم الرابع عشر ولم تقدروا على شيء إلا صلاة جنازة حزينة، وأنني ماض في مشروعي وقد قدمت لكم أرقامًا عن استشارة بخصوص النظام السياسي المرغوب والأرقام لصالحي، ودعكم من الطعن في مصداقيتها، فالمصداقية تصنعها القوة والقوة معي، باختصار سأحكم على هواي وهاتوا أعلى ما في خيلكم فاركبوه.

لا حوار عن المستقبل مع الرئيس، فهذا الرئيس لا يحاور، والرسائل السلمية لا تجدي، فهل يكون الشارع؟ ينكشف هنا الوجه الآخر للمعضلة التونسية، الشارع الممكن هو شارع حزب النهضة وهو شارع متردد وحذر، فإذا أراد التقدم والتنسيق مع بقية المعارضين للانقلاب طالبوه بثمن مسبق فيما بعده وإن لم يعد بشيء (ولا أراه قادرًا على أي وعد) استنكفوا عن التنسيق، دون أن ينتبهوا إلى أن تخليهم يزيد في عمر الانقلاب ويزيد في تعميق الأزمة التي سيرثها الجميع بعده.

ماذا ستكون نتيجة جلسة البرلمان إذًا؟ حتى الآن هي صرخة في واد سحيق ما لم يعقبها تحرك الشارع بمن حضر وتحمل الكلفة، هناك كلفة أخرى كامنة أن ينفلت الشارع على الجميع وساعتها لن يقدر أحد الكلفة في الأرواح والمؤسسات.





 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

إنقلاب قيس سعيد، تونس، الإنقلاب في تونس، مجلس النواب،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 29-01-2022   المصدر: نون بوست

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. أحمد محمد سليمان، محرر "بوابتي"، محمد الياسين، مجدى داود، عبد الله زيدان، نادية سعد، د- جابر قميحة، فتحي العابد، د. عادل محمد عايش الأسطل، الهادي المثلوثي، د - صالح المازقي، محمد الطرابلسي، يزيد بن الحسين، عراق المطيري، سفيان عبد الكافي، عبد الغني مزوز، أنس الشابي، سلوى المغربي، سلام الشماع، طلال قسومي، سيد السباعي، صفاء العربي، أبو سمية، تونسي، أ.د. مصطفى رجب، د- هاني ابوالفتوح، مصطفى منيغ، سليمان أحمد أبو ستة، خالد الجاف ، أحمد الحباسي، علي الكاش، محمود فاروق سيد شعبان، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، مراد قميزة، كريم فارق، د - مصطفى فهمي، الهيثم زعفان، فوزي مسعود ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، المولدي الفرجاني، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، ماهر عدنان قنديل، محمد شمام ، سامح لطف الله، محمد العيادي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، عواطف منصور، د - محمد بن موسى الشريف ، ضحى عبد الرحمن، وائل بنجدو، د. صلاح عودة الله ، محمد أحمد عزوز، د - شاكر الحوكي ، فهمي شراب، حسن الطرابلسي، كريم السليتي، إيمى الأشقر، محمود سلطان، أحمد ملحم، محمد اسعد بيوض التميمي، فتحـي قاره بيبـان، عمر غازي، حاتم الصولي، العادل السمعلي، رشيد السيد أحمد، أحمد بوادي، الناصر الرقيق، سامر أبو رمان ، محمود طرشوبي، صالح النعامي ، د - محمد بنيعيش، حسن عثمان، د - الضاوي خوالدية، ياسين أحمد، أشرف إبراهيم حجاج، صلاح الحريري، د- محمد رحال، د. خالد الطراولي ، أحمد النعيمي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمد يحي، إسراء أبو رمان، رافد العزاوي، د.محمد فتحي عبد العال، رافع القارصي، صفاء العراقي، رمضان حينوني، د. عبد الآله المالكي، د. أحمد بشير، منجي باكير، فتحي الزغل، مصطفي زهران، إياد محمود حسين ، محمد عمر غرس الله، رحاب اسعد بيوض التميمي، د- محمود علي عريقات، رضا الدبّابي، صلاح المختار، صباح الموسوي ، سعود السبعاني، يحيي البوليني، حميدة الطيلوش، عبد الله الفقير، جاسم الرصيف، د - عادل رضا، د - المنجي الكعبي، خبَّاب بن مروان الحمد، عمار غيلوفي، د. طارق عبد الحليم، عبد الرزاق قيراط ، علي عبد العال، عزيز العرباوي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة