البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

ما الذي يحدث خلف أسوار وزارة الداخلية التونسية؟

كاتب المقال محرر نون بوست   
 المشاهدات: 1036



ما الذي يحدث خلف أسوار وزارة الداخلية التونسية؟ تبدو الاجابة عن هذا السؤال المحوري صعبة خلال الفترة الأخيرة، بعد أن شاهدَ التونسيون والعالم بأسره صورًا مفزعة يوم 14 يناير/ كانون الثاني 2022، تُظهر قمعًا غير مسبوق قامت به القوات الأمنية تجاه عدد من المتظاهرين العزّل، ممّن أرادوا إحياء الذكرى الـ 11 للثورة التونسية.

قمع بوليسي غير مسبوق، راحَ ضحيّته متظاهر وطالَ الجميع بلا استثناء، مدنيين وسياسيين وناشطي مجتمع مدني وصحفيين ومحامين، بل طالَ عددًا من الأمنيين المندسّين وسط المتظاهرين كما تظهر ذلك فيديوهات التقطتها عدسات وسائل الإعلام، وهو ما يعكس التخبُّط الكبير الذي كانت تعيشه القيادات الأمنية على الأرض.

أحداث القمع غير المشهودة في تاريخ تونس بعد الثورة، والتي طالَت سياسيين بارزين من أمثال عصام الشابي ونبيل حجي، وغيرهما ممّن ناضلوا ضد دكتاتورية نظام زين العابدين بن علي خلال سنوات الجمر، ورفعوا أصواتهم عاليًا في معارضة حكومات ما بعد 14 يناير/ كانون الثاني 2011، تمّت بموافقة وأوامر مباشرة من وزير الداخلية الحالي توفيق شرف الدين، الصديق الشخصي لقيس سعيّد، ومدير حملته الانتخابية في محافظة سوسة.

هذا القمع البوليسي والانتهاكات الخطيرة، إلى جانب قرارات الإقامة الجبرية ضد عدد من معارضي قيس سعيّد، وأبرزهم وزير العدل الأسبق نور الدين البحيري، حدثت كلّها في عهد توفيق شرف الدين، المحامي التونسي الذي سبقَ له ترؤّس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية مطلع شهر أبريل/ نيسان الماضي، بمقتضى أمر رئاسي من قيس سعيّد، بعد إقالته من حكومة رئيس الوزراء السابق هشام المشيشي.

توفيق شرف الدين، هذا الاسم الذي اقتحمَ الساحة السياسية في سبتمبر/ أيلول 2020، بترشيح من سعيّد من خلال تعيينه وزيرًا للداخلية، ليس أكثر من حصان طروادة، أرادَ من خلاله سعيّد التحكُّم بدواليب الوزارة والاطِّلاع على ما يحدث في البلاد بواسطة إمكانات البناية الرمادية، قبل أن يتحوّل الأمر إلى محاولة جدّية للسيطرة على الأجهزة الحساسة داخل هذه الوزارة، بواسطة تعيينات مشبوهة في مناصب أمنية واستخبارية عليا، سرعان ما تفطّنَ إليها رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي، الذي سارعَ بإقالة شرف الدين وإلغاء تلك التعيينات.

منذ تلك الإقالة، صارت القطيعة بين قصرَي الحكومة وقرطاج في تونس ظاهرة للعيان، ليعود توفيق شرف الدين مرّة أخرى إلى وزارة الداخلية في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لكن هذه المرّة لتنفيذ المشروع الذي أوقفه هشام المشيشي في لحظاته الأخيرة، حيث قامَ الوزير بإحالة عدد من القيادات الأمنية التي سبق لها مباركة الانقلاب للتقاعد الوجوبي، وتعيين آخرين في مناصب عليا وحسّاسة، في خطوة تهدفُ إلى إحكام قبضة سعيّد الحديدية على هذه الوزارة الحسّاسة.

ليس هذا فحسب، حيث تؤكّد مصادر متطابقة أن خلافات كبيرة جمعت بين وزير الداخلية توفيق شرف الدين ونادية عكاشة مديرة ديوان قيس سعيّد السابقة، حول طريقة إدارة الأوّل لبعض الملفّات الأمنية إلى جانب بعض التعيينات والإعفاءات صلب وزارة الداخلية، والتي لم ترُق لعكاشة، وهي تعيينات محسوبة على جهات دون أخرى، سرعان ما أسفرت عن تقديم عكاشة لاستقالتها من منصبها، وهي المرأة التي يصفها البعض بالصندوق الأسود لقصر قرطاج وحاملة أسرار الرئيس سعيّد.

مصادر وتقارير إعلامية عديدة تحدّثت عن دور هذه السيدة فيما كان يحدث خلف الكواليس في تونس، فهي المسؤولة الوحيدة التي لا تكاد تفارق سعيّد في كلّ اجتماعاته ورحلاته الداخلية والخارجية، حتى إن استدعى الأمر خرق البروتوكولات في أكثر من مناسبة، كما أنها المرأة التي كانت تحظى بنفوذ كبير داخل وزارة الداخلية التونسية.

أرجعت عكاشة سبب استقالتها الرئيسي لوجود اختلافات جوهرية في وجهات النظر المتعلقة بالمصلحة العليا للوطن، كما كتبت ذلك على صفحتها الرسمية على فيسبوك، ورغم أنّها لم تقدّم تفاصيل حول ذلك، إلّا أن مقرّبين منها أكّدوا أن الإعفاءات الأخيرة التي صدرت بحقّ قيادات أمنية عليا في جهازَي الشرطة والحرس وإحالتهم إلى التقاعد الوجوبي، ساهمت في إنجاح انقلاب 25 يوليو/ تموز، على غرار كمال القيزاني وزهيّر الصدّيق ومحمد علي بن خالد وغيرهم؛ كانت القطرة التي أفاضت الكأس.

تقول المصادر ذاتها إن هذه الأسماء كانت من بين أبرز القيادات الأمنية العليا التي ساهمت في إقناع مسؤولين أمنيين بارزين آخرين صلب وزارة الداخلية، بمساندة الانقلاب على رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي، وتجميد عمل البرلمان التونسي.

أكثر من ذلك، تؤكّد مصادر متقاطعة أن وزير الداخلية الأسبق لطفي براهم، المحسوب على رجل الأعمال المعروف كمال اللطيّف، يُعتبَر الساعد الأيمن والمستشار الأوّل لوزير الداخلية الحالي توفيق شرف الدين، حيث أن التعيينات والإعفاءات الأخيرة تحمل بين طيّاتها بصمة المسؤول الأمني الأسبق، الذي عُرفت فترة تولّيه الوزارة فبركة إحدى العمليات الإرهابية وإقحام جهاز الاستخبارات التابع للداخلية، في تتبُّع السياسيين والتنصُّت على مكالماتهم ومكالمات الصحفيين دون أذون قضائية.

وبحسب المصادر ذاتها، فإن براهم الذي سبق وأن تمّت إقالته في يونيو/ حزيران 2018، من طرف رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد بسبب خلافات جوهريّة بين الرجلَين، بات المتحكِّم الرئيسي في الوزارة السيادية بواسطة وزير الداخلية الحالي شرف الدين، حيث أن الأوّل أكثر علم وتجربة من الثاني فيما يتعلّق بطريقة عمل وتسيير الوزارة.

لا أحد منّا يعلم ما ستحمله الأيام القادمة من تطورات في المشهد السياسي في تونس، لكنَّ الجميع صارَ مقتنعًا أكثر من أيّ وقت مضى بأن الاحتقان الشعبي والظروف الاجتماعية والاقتصاديّة الصعبة التي تعيشها البلاد اليوم، ستكون التحدّي الأبرز الذي يواجهه الرئيس قيس سعيّد، الذي يبدو مقتنعًا أكثر من أي وقت مضى بأن ثورة البطون لن يستطيع أحد إيقافها، سواء كان وزير داخليته توفيق شرف الدين ومن خلفه من داعمين، أو الأصدقاء الإقليميين الذين باعوا له الوهم ودفعوه دفعًا إلى الهاوية، بتنفيذ انقلابه على الديمقراطية التونسية الناشئة يوم 25 يوليو/ تموز 2021، ذلك اليوم المشؤوم.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

إنقلاب قيس سعيد، تونس، الإنقلاب في تونس،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 27-01-2022   المصدر: نون بوست

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عبد الله الفقير، رضا الدبّابي، صالح النعامي ، د. صلاح عودة الله ، صفاء العربي، محمد الياسين، سعود السبعاني، طلال قسومي، أشرف إبراهيم حجاج، محمد يحي، د. خالد الطراولي ، إيمى الأشقر، عبد الله زيدان، حسن عثمان، رحاب اسعد بيوض التميمي، مصطفي زهران، ضحى عبد الرحمن، حميدة الطيلوش، عبد الغني مزوز، رافد العزاوي، فتحي العابد، أحمد بوادي، محمد أحمد عزوز، د. أحمد محمد سليمان، سامح لطف الله، إسراء أبو رمان، حسني إبراهيم عبد العظيم، د.محمد فتحي عبد العال، رمضان حينوني، كريم فارق، د- محمود علي عريقات، مصطفى منيغ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، رشيد السيد أحمد، نادية سعد، د- هاني ابوالفتوح، صلاح المختار، محمود سلطان، حسن الطرابلسي، د. طارق عبد الحليم، خبَّاب بن مروان الحمد، د - عادل رضا، سيد السباعي، سليمان أحمد أبو ستة، د - الضاوي خوالدية، يحيي البوليني، يزيد بن الحسين، د - صالح المازقي، صلاح الحريري، إياد محمود حسين ، محمد اسعد بيوض التميمي، د. أحمد بشير، المولدي الفرجاني، فتحي الزغل، د- جابر قميحة، أ.د. مصطفى رجب، عمر غازي، علي عبد العال، فهمي شراب، سفيان عبد الكافي، محمد شمام ، عواطف منصور، محمد الطرابلسي، أحمد الحباسي، مراد قميزة، عزيز العرباوي، مجدى داود، عبد الرزاق قيراط ، ياسين أحمد، د - محمد بنيعيش، علي الكاش، د. ضرغام عبد الله الدباغ، تونسي، محمود طرشوبي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حاتم الصولي، محمد العيادي، عراق المطيري، أحمد ملحم، فتحـي قاره بيبـان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د. عبد الآله المالكي، الناصر الرقيق، سلوى المغربي، محرر "بوابتي"، الهيثم زعفان، د- محمد رحال، د - محمد بن موسى الشريف ، د - المنجي الكعبي، فوزي مسعود ، عمار غيلوفي، وائل بنجدو، أنس الشابي، د - شاكر الحوكي ، الهادي المثلوثي، العادل السمعلي، سامر أبو رمان ، رافع القارصي، أبو سمية، كريم السليتي، سلام الشماع، د. عادل محمد عايش الأسطل، صفاء العراقي، خالد الجاف ، د. مصطفى يوسف اللداوي، أحمد النعيمي، منجي باكير، جاسم الرصيف، د - مصطفى فهمي، محمود فاروق سيد شعبان، محمد عمر غرس الله، ماهر عدنان قنديل، صباح الموسوي ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة