البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي الإدراجات
مقالات متعلقة بالكلمة : تونس

لم يعد للرئيس التونسي ما يقدمه لبلده

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 1114



والأحرى أن نصحح العنوان: لم يكن للرئيس شيء يقدمه للبلاد قبل أن يصير رئيسها، وبعد أن اختبر الناس عمقه وفكره فلم يجدوا إلا بلقعا من الأرض الجدب..

نكتب هذا في نفس الأيام التي جر فيها الرئيس بعض المدونين أمام المحاكم العسكرية ليؤدب حريتهم في التدوين.. ونكتبه في ساعات إعلان نعي مفكر عظيم يسكن قريبا من قصر الرئيس، وقد مرض ولم يعده ورفض سعي مثقفين كبار لتوسيم الرجل ولو على فراش الموت، بما يليق بجهده العلمي والفكري ودوره النضالي كمعارض شرس لنظامي بورقيبة وابن علي.. ونكتبه على وقع رفض الرئيس استقبال ممثل المقاومة المنتصرة في غزة متعللا بأسخف الأعذار (الوقت غير المناسب)، لكن سفير المقاومة عاد خائبا، والمدونون باتوا في السجون، والمفكر توفاه الله، والوسام صار غير ذي معنى، لينفتح لنا برغم الحزن باب للبحث في إضافات الرئيس في تاريخ تونس، وخاصة في جهد البناء الوطني بعد الثورة، وإننا لنأسف أن نجد أرضا يبابا.

انكشاف الخديعة

لم يكمل الرئيس عامين من مدته بعد، ولكن تبين أن كل خطابه الانتخابي كان مزيفا، وكل فعاله السياسية ذهبت عكس اتجاه الخطاب الشعبي الذي تقدم به للناس. كنا ننتظر أن يطوف البلاد محمولا على رصيد انتخابي غير مسبوق في تاريخ البلاد، وأن يشرح للناس مشروعه لتعديل النظام السياسي ليفتح النقاش حول عيوب الدستور الحالي ويتقدم في تجسيد أبوابه، خاصة منها باب الحكم المحلي. لكن الرئيس امتنع عن تقديم أي مبادرة تشريعية وشن حربا على البرلمان ورئيسه خاصة، ثم قسّم الكتل الحزبية فضم إليه البعض واتخذهم حزاما لا يقابل غيرهم، وأقصى آخرين كما لو أنهم نواب غير منتخبين.

ومع تقدم الوقت وجدنا الرئيس يخطط للاستيلاء على السلطة مستعملا قوة الدولة ضد الديمقراطية الناشئة. انتقل بين ثكنات الجيش والأمن محرضا ضد حكومة اختار رئيسها بنفسه، واختار أغلب وزرائها على خلاف ما نص عليه الدستور، فلما التزمت الحكومة بالدستور عطل عملها ورفض قبول يمين الوزراء.

لقد تبين أن القوات المسلحة بكل أصنافها لم تماش الحركة الانقلابية حتى الآن ولا نراها تفعل، لذلك تقدم الرئيس في خطه الانقلابي في مجال آخر، لقد عطل انتخاب المحكمة الدستورية ليحتفظ بحق ادعاه لنفسه وهو سلطته الفردية المطلقة في تأويل الدستور، رغم معارضة كل فقهاء الدستور لتمشيه الأحادي.

بالتوازي، عمل الرئيس على تخريب علاقة البلد بجيرانه، فهو مرفوض في الجزائر، واجتهد في منع تواصل اقتصادي مع ليبيا، ولولا أن الحكومة تجاوزته بالسعي لتم عزل البلد إلا من قناة واحدة هي قناة أعداء الربيع العربي الذين يعتبرهم أشقاء له.

هذا الوضع من القطيعة غير المسبوق في تاريخ البلد هو الإنجاز الأكبر للرئيس المنتخب. فعلاقته برئيس البرلمان انقطعت، ورئيس الحكومة يتحرك دون العودة إليه ولو مجاملا، وقد رأيناه ينحني على كتف الرئيس الفرنسي ويستنكف أن يمد يده لشركائه في الحكم. وقد وصل الآن مرحلة تهديد الحريات الفردية مستعملا المحاكم العسكرية ضد المدنيين. أما موقفه من سفير المقاومة المنتصرة فقد سجل في الخيانة.

الرئيس الجامعي عزل نفسه عن النخبة

آلاف الأسئلة يطرحها التونسيون كل يوم: لماذا لا يخرج من قصره ويتحدث مع الناس حديث ابن الشعب للشعب كما توهم الشعب ذات انتخابات؟ لماذا لا يعبر عن أفكاره في الإعلام، فالرئيس لم يقابل صحفيا واحدا منذ تولى السلطة، والمقابلة الوحيدة (13 دقيقة) منحها لقناة أجنبية؟

لماذا هرب مستشاروه من القصر تباعا؟ ومن يشير عليه الآن في وحدته؟ لقد تسربت معلومات كثيرة عن مال وسخ في حملته الانتخابية، لكنه لم يرد عليها بالقضاء، بل يطالب الحكومة بمطاردة المدونين الذي ينقدونه في السوشيال ميديا. لماذا لا يتحدث مع مثقفي البلد وهم كثر؟ لماذا لا يستضيف ندوات فكرية في القصر كما فعل الدكتور المرزوقي؟ لقد بنى بورقيبة مسرحا صغيرا في قصر قرطاج كان يشاهد فيه قبل الجمهور العروض الأولى وينقد الفنانين ويحاورهم، لكن هذا الرئيس لم ير في عرض فني أبدا ما يستحق. وحتى عندما قابل البعض اختار أبعدهم عن الإبداع، ممن لا يصنف في أهل الفن (ومن يعرف خارج كباريهات العاصمة غلاما اسمه نور شيبة؟).

وتتسع دائرة أسئلة الجمهور: لماذا لا يخرج أنصار الرئيس مفسرين لسياساته (إن كانت له سياسيات كما يزعمون)؟ ولماذا يجنحون إلى لعن كل من يعارضه بكل لفظ سوقي وبكل لغة منحطة دون أن يقدموا أية فكرة بديلة؟ هل لدى الرئيس مشكلة مع مثقفي بلده؟

السؤال في المجالس الشعبية والمقاهي الآن: من هذا الشخص الغريب؟ وما علاقته بنا؟ ويرتد السؤال على أصحابه: كيف خدعنا وانتخبناه؟ ثم ماذا نفعل لننهي المسخرة؟ ويصل الجميع إلى الجملة الأخيرة: هذا الرئيس مات في نفوسنا ونحن الآن بلا رئيس، وبإمكانه أن ينشر ما شاء من أسبار آراء مزيفة عن شعبية في اطراد.

رئيس للنسيان

إن الرئيس باق لأننا فقط لا نملك كلفة تمويل انتخابات رئاسية سابقة لأوانها. هذه الحقيقة التي نقف عليها، ويجب أن يحمد الرئيسُ الوباءَ المتفشي الذي يعيق الذهاب إلى تجمعات انتخابية. بعض أسباب بقاء الرئيس هو وباء كورونا، وبعض صبرنا عليه أن الدستور حجم صلاحياته فلن يلحق بنا ضررا أكثر مما فعل منذ توليه.

كل المؤشرات السياسية تتجه إلى عزله من النفوس ثم من النفوذ، خاصة بعد فضيحة الخطة الانقلابية التي وصلت مكتبه وسكت عنها حتى تسربت من داخل القصر. لقد تحركت الحكومة والبرلمان في اتجاه حلحلة الأزمة الاقتصادية، ونستشعر حركة اقتصادية تدب في أوصال البلد رغم الوباء، كما نستشعر حالة تفهم خارجية للوضع في تونس، فالديبلوماسية الدولية تتحرك في تونس ولا تمر بقصر الرئيس، بما يوحي بأن للبلد أصدقاء ليس منهم من يثق في الرئيس.

لدينا كثير من الصبر والمثابرة، فقد تحملنا نظام ابن علي ربع قرن، ونحن نتصبر بذلك لاحتمال بقية المدة. وقد تلقينا درسا قاسيا نعتقد جازمين أنه سيكون سلاحا انتخابيا أمام الصندوق الانتخابي القادم، فرب صفعة أفاقت غافلا من غفلته. ومن يدري لعل ذلك من بعض ضرورة الوعي الذي تجله الثورات. نقول على بصيرة: هذا رئيس للنسيان، وليس راتبه الشهري هو الخسارة الأكبر في الموازنة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، قيس سعيد، الثورة المضادة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 16-06-2021   الموقع الأصلي للمقال المنشور اعلاه المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
المولدي الفرجاني، د. كاظم عبد الحسين عباس ، ماهر عدنان قنديل، حسني إبراهيم عبد العظيم، وائل بنجدو، محمد اسعد بيوض التميمي، عواطف منصور، جاسم الرصيف، د.محمد فتحي عبد العال، عبد الله الفقير، صباح الموسوي ، سلوى المغربي، نادية سعد، حميدة الطيلوش، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمود طرشوبي، سامح لطف الله، د. عادل محمد عايش الأسطل، ياسين أحمد، الهادي المثلوثي، سعود السبعاني، خبَّاب بن مروان الحمد، سامر أبو رمان ، يحيي البوليني، عمار غيلوفي، الناصر الرقيق، د - صالح المازقي، د - عادل رضا، مصطفي زهران، طلال قسومي، أحمد بوادي، محمد العيادي، فتحي العابد، أبو سمية، محمد الطرابلسي، أحمد الحباسي، رافع القارصي، د. عبد الآله المالكي، خالد الجاف ، يزيد بن الحسين، إيمى الأشقر، د - شاكر الحوكي ، سفيان عبد الكافي، د. أحمد بشير، رضا الدبّابي، محمد شمام ، صفاء العراقي، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمد عمر غرس الله، العادل السمعلي، مجدى داود، رمضان حينوني، د. صلاح عودة الله ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، رشيد السيد أحمد، د. مصطفى يوسف اللداوي، د - مصطفى فهمي، محرر "بوابتي"، عزيز العرباوي، محمد يحي، فهمي شراب، صالح النعامي ، صلاح المختار، حسن عثمان، كريم السليتي، علي الكاش، حسن الطرابلسي، سيد السباعي، د. خالد الطراولي ، د - محمد بنيعيش، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عبد الله زيدان، محمد أحمد عزوز، عمر غازي، د. أحمد محمد سليمان، عراق المطيري، فوزي مسعود ، د- محمود علي عريقات، صفاء العربي، فتحي الزغل، ضحى عبد الرحمن، أحمد ملحم، فتحـي قاره بيبـان، مصطفى منيغ، مراد قميزة، محمد الياسين، إسراء أبو رمان، عبد الغني مزوز، علي عبد العال، د- محمد رحال، تونسي، د. طارق عبد الحليم، حاتم الصولي، د- جابر قميحة، د - المنجي الكعبي، إياد محمود حسين ، سليمان أحمد أبو ستة، الهيثم زعفان، د - الضاوي خوالدية، صلاح الحريري، أحمد النعيمي، كريم فارق، سلام الشماع، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - محمد بن موسى الشريف ، أنس الشابي، منجي باكير، محمود فاروق سيد شعبان، رافد العزاوي، أشرف إبراهيم حجاج، محمود سلطان، أ.د. مصطفى رجب، د- هاني ابوالفتوح، عبد الرزاق قيراط ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء