البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي الإدراجات
مقالات متعلقة بالكلمة : تونس

بديل البرلمان هو الفوضى.. فمن المستفيد؟

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 1307



يظهر الرئيس التونسي مرتين في وسط الشارع في وقت وجيز فيصدر بيان رئاسي عن زيارة عفوية، لكن الجمهور الذي يتجمع فجأة حول الرئيس المتفاجئ بوجود الجمهور يتفق حول شعار جاهز حل البرلمان. هكذا يراد إقناعنا بعفوية الجمهور الذي بلغ من الوعي حدا يفاجئ الرئيس المذهول من وعي الجمهور. لكن هذا الجمهور يقف في منتصف الطريق. لنفترض أن حل البرلمان قرار يمكن اتخاذه بين عشية وضحاها فما بديل البرلمان؟ هل نتجاوز كل المسارات القانونية المؤدية إلى حياة برلمانية أم نترك الحكم لفرد بدون رقابة؟ أم نؤلف مجالس شعبية على طريقة لجان القذافي الشعبية؟

لقاء غريب بين قوى مختلفة
لكن ليس جمهور الرئيس العفوي من يطالب بحل البرلمان هناك قوى سياسية تختلف عن الرئيس ولم تصوت له سابقا ولها أفكار مختلفة ظهرت فجأة ضمن جمهور حل البرلمان. حزب الفاشية يرذل البرلمان من الداخل ويطالب بحله وأحزاب ديمقراطية وجدت نفسها أقلية وبلا سلطة تطالب بحل البرلمان وأصوات عالية في الإعلام لم تنل أية حظوة في الصندوق الانتخابي كلها متفقة على مطلب واحد (حل البرلمان) لكن لا أحد من هؤلاء يقدم تصورا سياسيا لما بعد حل البرلمان بما يجعل حديثهم إما رغبات أطفال مدللين لم تعجبهم لعبة الديمقراطية فهم يبكون من أجل لعبة أخرى لا يعرفونها، أو دعاة فوضى يقف البرلمان الحالي في زورهم فلا يصلون إلى مبتغاهم وفي الحالتين هم يتجاهلون وأعتقد أنهم يجهلون أن حل البرلمان لا يكون بمطلب يوجه إلى الرئيس ولا يحصل بالطرق الإعلامي المتواصل على جمهور متعطش إلى إنجازات لم يعقها البرلمان بقدر ما أعاقها من يعطل عمل البرلمان. من هؤلاء؟ ولماذا اتفقوا على مطلب واحد فجأة؟

هؤلاء هم من لم يملك القدرة على دخول البرلمان وقيادة البلد من خلاله طبقا للدستور. هؤلاء هم من سقط في كل انتخابات جرت ومن لم يجد ثقب إبرة لدخول البرلمان فبقي يطالب بحله. إنهم قوى سياسية ضعيفة في الشارع ورغم قانون أكبر البواقي الانتخابية فإنها لم تدخل ومن دخل منها لم يتغلب بالعدد فظل في موقع معارض وليته عارض طبقا للتقاليد الديمقراطية بل نراه اتخذ أسلوب التخريب من الداخل. فلما عجز تحول إلى طلب حل البرلمان.

الرئيس يود حل البرلمان
يبارك الرئيس ما يسمعه من جمهوره العفوي فيهز برأسه ويهدد بجمل غامضة لا يسمي أحدا لكنه يتوعد مجهولا. هذا المجهول صار معلوما إنه البرلمان الذي لا يتفق معه ولا يتفق خاصة مع رئيسه رئيس الحزب الأغلبي بقوة الصندوق لا بقوة التهديد الغامض. هذه حقيقة تزعج الرئيس. فما دام البرلمان بيد خصمه الذي لم يكن خصمه قبل الانتخابات أو لم يكشف خصومته معه قبل أن يجده أمامه يعيق برنامجه الذي لم يكشفه بعد إلا لخاصته كما لو كان إمام تنظيم سري يذكر بأعمال الباطنية وتكتيكات الحسن الصباح في مسلسل نهضة السلاجقة الكبرى. فبرنامجه معلق حتى أنه لم يقدم فيه مبادرة تشريعية منذ سنة ونصف من انتخابه.

برنامج الرئيس ليس برلمانا منتخبا بالاقتراع السري المباشر الذي وصل به إلى سدة الرئاسة بل برلمانا مفروزا بطريقة نخبوية أي بالتصعيد (لينتبه القارئ أني لا أعرف كيف سيكون هذا التصعيد عمليا فالرئيس لم يطرح كراساته للنظر والتمحيص ويحتفظ بغموض الفكرة والطريقة المثلى لتطبيقها) لذلك نقع في مقارنتها بطريقة تصعيد اللجان الشعبية التي اتبعها القذافي في حكمه لبلده ونعرف فقط نتيجتها على الشعب الليبي.

لذلك يصادف هوى حل البرلمان شيئا في نفس الرئيس فيهز رأسه موافقا على المطلب ويقف عند ذلك حتى اللحظة. فيكمل الدائرة ويغلقها. الفاشية ترذل البرلمان وتهين النواب وتقاليد العمل الديمقراطي فتنتقل الصورة الرديئة إلى الجمهور عبر إعلام محكوم بعناية يربط بين تعطل البرلمان وبين تعطل الحلول الاقتصادية ثم يوجه الجمهور إلى مطلب وحيد (حل البرلمان). تكامل أدوار موزع بعناية ودقة تكشف خطة. إفقاد الجمهور صبره على المرحلة وإخراجه الى الشارع.

الرئيس معني بتقديم حلول قانونية لما بعد حل البرلمان وهذا واجبه الدستوري لكنه يتهم الآخرين بتجاوز أحكام الدستور بما يوسع دائرة الحيرة ويمهد لفوضى. دفع الجمهور إلى الشارع ضد البرلمان والحكومة التي شرع وجودها. فهل يملك الرئيس القدرة على قيادة شارع منتفض ضد المؤسسات؟ فمن السهل إطلاق الفوضى (لنقل التمرد الشعبي المشروع) لكن ما هي الحلول التي ستقدم للجمهور إذا صار في الشارع؟

التشخيص بسوء نية سياسية لن ينتج حلولا فعالة
قبل أن يوضع مطلب حل البرلمان على لسان جمهور فقد صبره كان التشخيص يركز على القانون الانتخابي وإليه يعزى تعطل البرلمان واضطراب نسق العمل التشريعي لأنه لا يفرز حزبا حاكما بل جماعات مشتتة لا أحد منها يتحمل مسؤولية الحكم. لكن التشخيص انقلب من نقد القانون الانتخابي إلى نقد النظام شبه البرلماني فكشف النوايا المبيتة للنظام السياسي القائم على دستور 2014.

القانون الانتخابي الحالي لا يقضي على الحزب الإسلامي وقد جرب في دورتين فكان للحزب الإسلامي وجود ثقيل يفرض من خلاله الحزب دورا ويشارك في السلطة من موقع متقدم. وهناك مشروع تعديل للقانون في أدراج البرلمان قد يمهد لمزيد من قوة الحزب الإسلامي إذ يفرض العتبة الانتخابية التي ستسقط الداخلين بأكبر البقايا. وقد استشعرت القوى المنادية الآن بحل البرلمان الخطر فكان مطلب حل البرلمان بمثابة استباق سياسي لمنع التعديل، فما دام البرلمان مستقرا بتركيبته الحالية فالقانون الانتخابي يمكن أن يعدل بسهولة وقد ضاعف هذا الخوف التصويت على التعديل الوزاري الأخير بما أشعر الخائفين أن الكتلة البرلمانية التي تدور حول الحزب الإسلامي قد تفرض قواعد جديدة تقلب كل التوازنات .

في سيناريوهات كثيرة محتملة يسرع تعديل القانون الانتخابي في إنهاء المدة النيابية الحالية بحجة الاستجابة لضغط الشارع الذي أثاره الرئيس وأنصاره فينقلب السحر على الساحر. ونعتقد أن الاستطلاعات التي تقدم حزب الفاشية في نوايا التصويت تأتي في سياق تخويف الإسلاميين وأنصارهم وحلفائهم بمنطق إذا ذهبتم إلى انتخابات فستهزمون. لكنه تخويف يكشف الاحتماء بالفاشية والاعتماد عليها. باختصار مطلب حل البرلمان من خارجه هو تكملة للترذيل الذي تقوم به الفاشية من داخله ويعري تحالفا سياسيا مع الفاشية ضد الإسلاميين ولو بفتح باب الفوضى. لكن البرلمان الحالي ليس بمثل هذه الهشاشة والهوان خاصة بعد المصادقة على التعديل الوزاري.

موازين القوة الحالية راجحة للبرلمان وللحكومة ضد مطلب حل البرلمان والترذيل الداخلي شوه صورة العمل النيابي لكنه لم يفلح في تعطيل البرلمان. وكثير من عمل الفاشية ينقلب عليها خاصة بعد يوم البوق. وهناك قطاع واسع من جمهور نخبوي لا يتفق مع الإسلاميين وأنصارهم بالبرلمان بدأ يعلن خشيته من مشروع الرئيس ويصرح بمخالفته للدستور بعد ان رفض استقبال الوزراء الجدد لأداء اليمين.

نسمع هذه الأيام تهديدات كثيرة بأمور غامضة تثير الخوف تصدر عمن كلف بتطمين الناس وجبر خواطرهم في عالم موبوء (تقترب تونس من عد سبعة آلاف وفاة بوباء الكورونا) والخوف ينتج الحذر والانكفاء حول الموجود لا الخروج لتغييره نحو أفق مجهول.

نختصر إذن، إن صمود هذه الحكومة وهذا البرلمان بالخوف من الفوضى ليس أمرا حميدا ولكن لا البرلمان ولا الحكومة عملا على تخويف الناس. وإلى أن يفهم الجمهور الواسع جمل الرئيس الغامضة سنتابع الكوميديا الدنيوية التي يستحضر فيها الرئيس رسالة الغفران فيوهم إذ يتوهم أنه في موقع رب الجزاء الذي يعبر إليه الناس على السراط المستقيم.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، قيس سعيد، الثورة المضادة، النظام المجالسي، قذافي تونس،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 5-02-2021   الموقع الأصلي للمقال المنشور اعلاه المصدر: نون بوست

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمد عمر غرس الله، رحاب اسعد بيوض التميمي، د - صالح المازقي، تونسي، د. أحمد محمد سليمان، الهادي المثلوثي، محمد الياسين، حاتم الصولي، سلام الشماع، محرر "بوابتي"، الناصر الرقيق، صفاء العراقي، أحمد النعيمي، عبد الغني مزوز، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د- محمد رحال، إسراء أبو رمان، مصطفى منيغ، إياد محمود حسين ، الهيثم زعفان، ماهر عدنان قنديل، يزيد بن الحسين، علي عبد العال، صفاء العربي، طلال قسومي، صباح الموسوي ، أشرف إبراهيم حجاج، رافد العزاوي، د - شاكر الحوكي ، د- محمود علي عريقات، مراد قميزة، فتحي الزغل، د. عادل محمد عايش الأسطل، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، أحمد بوادي، سليمان أحمد أبو ستة، كريم فارق، محمد شمام ، سفيان عبد الكافي، العادل السمعلي، فتحـي قاره بيبـان، حميدة الطيلوش، منجي باكير، عمار غيلوفي، د - مصطفى فهمي، د. صلاح عودة الله ، د - المنجي الكعبي، محمد اسعد بيوض التميمي، خالد الجاف ، د. خالد الطراولي ، محمود فاروق سيد شعبان، علي الكاش، رضا الدبّابي، خبَّاب بن مروان الحمد، ياسين أحمد، أنس الشابي، د - محمد بن موسى الشريف ، د. مصطفى يوسف اللداوي، مجدى داود، د - الضاوي خوالدية، سامح لطف الله، د. طارق عبد الحليم، أحمد ملحم، محمود سلطان، سلوى المغربي، صلاح المختار، د- جابر قميحة، حسن الطرابلسي، عبد الرزاق قيراط ، رمضان حينوني، إيمى الأشقر، مصطفي زهران، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. عبد الآله المالكي، صلاح الحريري، أ.د. مصطفى رجب، سامر أبو رمان ، د. أحمد بشير، عزيز العرباوي، فتحي العابد، عراق المطيري، محمد أحمد عزوز، عبد الله الفقير، عبد الله زيدان، أبو سمية، محمد العيادي، د.محمد فتحي عبد العال، د - محمد بنيعيش، نادية سعد، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عمر غازي، د - عادل رضا، ضحى عبد الرحمن، أحمد الحباسي، حسن عثمان، عواطف منصور، سيد السباعي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، رافع القارصي، محمد الطرابلسي، وائل بنجدو، سعود السبعاني، كريم السليتي، د- هاني ابوالفتوح، جاسم الرصيف، فهمي شراب، فوزي مسعود ، يحيي البوليني، رشيد السيد أحمد، صالح النعامي ، المولدي الفرجاني، محمود طرشوبي، محمد يحي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء