البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي الإدراجات
مقالات متعلقة بالكلمة : تونس

قطر وفشل الحصار والمحاصرين

كاتب المقال محمد هنيد - تونس   
 المشاهدات: 3117



رغم استماته الإعلام الرسمي الخليجي في رفض توصيف الإجراءات الأخيرة ضد دولة قطر بأنه حصار وإصرارهم على أنها مسألة مقاطعة فحسب فإن كل الدلائل والتصريحات الرسمية السعودية تؤكد أن الفعل حصار في شهر رمضان. فقد صرّح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير من الولايات المتحدة بأن السعودية مستعدة لتلبية كل الحاجيات الغذائية التي تحتاجها قطر وهو اعتراف رسمي بأن العملية حصار ممنهج ومدروس.

ليس مدار الحديث هنا عن الحدود الأخلاقية للعملية التي تمت في الشهر الحرام من أجل تركيع القرار القطري ونزع السيادة عن دولة عضو مؤسس لمجلس التعاون الخليجي. بل مدار الحديث هنا عن رفض المحاصرين الاعتراف بحصارهم الذي لا تخطئه العين. صحيح أن السحر انقلب على الساحر وصحيح أيضا أن مشروع الهجمة على قطر قد سقط في الماء بسبب ردود الفعل غير المتوقعة من طرف الرأي العام العربي والخليجي بشكل خاص وأساسا من داخل الدول التي خططت للحصار ونفذته.

لكن نعتقد جازمين أن استهداف قطر ليس سوى المرحلة الأولى في مسلسل طويل يستهدف المنطقة العربية والخليج العربي بشكل خاص. نقول ذلك لأن السياق السياسي والدبلوماسي الذي تنزل فيه الحملة الأخيرة ضد قطر ليس سياقا عربيا عربيا ولا سياقا ثنائيا بقدر ما هو جزء من مشهد كامل هو بصدد التشكل داخل المنطقة.

في وسط هذا المشهد تتمركز القمة الأمريكية العربية التي انعقدت في الرياض وحضرها عراب المشهد الجديد دونالد ترمب. فليس من الصعب ولا من معجزات التحليل الربط المباشر بين الزيارة الأمريكية وبين الحصار الذي ضرب على قطر مباشرة بعد الزيارة "المشؤومة".

ثم من ناحية أخرى تتنزل الزيارة الأمريكية في سياق حساس لا تمثل المليارات التي دفعت فيها إلا رأس جبل الجديد الذي ستشكل مياهه مستقبل المنطقة العربية من جديد. فالانقلابات العسكرية على ثورات الشعوب التي أتمت دورتها كاملة اليوم تمثل انتصارا دمويا حاسما لقوى الثورة المضادة في مواجهة الربيع العربي ومطالبه بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.

بناء عليه ووعيا من قوى الاستبداد العربي بأنه تمت تصفية المكاسب الثورية الأولى فإن نفس هذه القوى تقوم اليوم بتصفية الإرث المتبقي من ثورات الربيع باستهداف مركز القوى والوعي التي لا تزال ترفض التخندق ضد الثورات وضد مكاسبها ولو كانت هذه المكاسب مكاسب رمزية مثل حرية التعبير أو حرية الحركة والتنقل أو حتى حرية التعاطف.

المشروع الكبير إذن هو إعادة رسم المنطقة العربية بشكل يعيد مكونات الاستبداد العربي ومفاصله المركزية إلى مكانها الذي كانت عليه قبل الانفجار التونسي الكبير في تونس لكن بشروط تحصنه من الهزات القادمة. أي أن النظام العالمي يسعى إلى ترميم منظومة الاستبداد العربية مع إضافة مكون جديد يمنع تجدد شروط الربيع العربي وفعل الثورات المصاحبة له من أجل تحصينه من السقوط.

في هذا السياق العام تتنزل حرب الحصار الأخيرة التي شنّت ضد دولة قطر وفي هذا الاطار أيضا يتنزل الانقلاب التركي الفاشل خلال الصيف الماضي باعتبار أن الهدف من العملتين واحد وهو تطويع الدول التي ترفض الاعتراف بتصفية ثورات الشعوب والارث الناسل عن هذه الثورات. لكن ما له يكن متوقعا هو الفشل الذريع الذي مني به مشروع تصفية إرث الربيع العربي سواء بعد فشل الانقلاب التركي من ناحية وفشل إعادة منظومة الاستبداد كاملة وكذلك فشل الحصار على القوى التي ترفض الاعتراف بالانقلابات.

هذا الفشل الكبير ليس فقط نصرا لدولة قطر وللقوى المتحالفة معها وعلى رأسها الجماهير التي آمنت بثورات الربيع العربي وبالقدرة على التخلص من الإرث الثقيل للاستبداد العربي بل هو قبل كل شيء نصر لإرادة التغيير داخل الأمة العربية والمسلمة وهي الارادة التي لا تزال تدفع عنها ثقافة الموت والقبول بالموت تحت أحذية الطغيان العربي.

سقوط حصار رمضان درس جليل في تغير الوعي العربي وفي بداية انكفاء الوعي القديم الذي كان حارسا لمنظومة الاستبداد العربية طيلة عقود من الزمان. لكنه من ناحية أخرى مؤشر بارز على اتساع الشرخ العربي الذي طال منطقة كنا نعتبرها الجزء الأسلم من المنطقة العربية وهي منطقة الخليج العربي ودول مجلس التعاون الخليجي.

إن أهم الخلاصات التي يجب الوقوف عندها بعد الأزمة الخليجية الأخيرة إنما تتمثل أساسا في الوعي بأن إعادة ترميم النظام الاستبدادي العربي أمر مستحيل إجرائيا. كما أن الاعتقاد بقدرة المؤسسات العربية الإقليمية مثل جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي على الصمود في وجه المتغيرات السريعة التي تعصف بالمنطقة لا يمثل اليوم إلا تعميقا لمأساة الأمة التي تتهددها المخاطر من كل صوب.

إن فشل حصار قطر تعبير صارخ على أن الوضع العربي اليوم هو غير الوضع الذي كان قبل ثورات الربيع وأن مصير كل محاولة لإلغاء هذا الفعل الجماهيري العظيم مآلها الفشل والفشل الذريع.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

قطر، السعودية، آل سعود، الإمارات العربية، الثورة المضادة، حصار قطر،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 16-06-2017   الموقع الأصلي للمقال المنشور اعلاه المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د - شاكر الحوكي ، صفاء العربي، رضا الدبّابي، د. أحمد محمد سليمان، إيمى الأشقر، أحمد النعيمي، محمد الطرابلسي، محمد الياسين، سلوى المغربي، عبد الرزاق قيراط ، رمضان حينوني، تونسي، محمود فاروق سيد شعبان، طلال قسومي، د. عادل محمد عايش الأسطل، عبد الله الفقير، مصطفى منيغ، إياد محمود حسين ، أ.د. مصطفى رجب، مراد قميزة، أحمد الحباسي، رشيد السيد أحمد، فتحـي قاره بيبـان، مصطفي زهران، د- جابر قميحة، يزيد بن الحسين، د- محمد رحال، الناصر الرقيق، د - صالح المازقي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، منجي باكير، المولدي الفرجاني، أحمد بوادي، عمار غيلوفي، د - مصطفى فهمي، ضحى عبد الرحمن، رافد العزاوي، نادية سعد، د- محمود علي عريقات، يحيي البوليني، د - عادل رضا، مجدى داود، فتحي العابد، أشرف إبراهيم حجاج، حاتم الصولي، محمود سلطان، د - الضاوي خوالدية، محمد عمر غرس الله، فوزي مسعود ، الهيثم زعفان، وائل بنجدو، د. صلاح عودة الله ، محمود طرشوبي، فهمي شراب، حسن الطرابلسي، ياسين أحمد، د. أحمد بشير، محمد أحمد عزوز، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد اسعد بيوض التميمي، محرر "بوابتي"، عبد الله زيدان، حسن عثمان، محمد يحي، إسراء أبو رمان، سيد السباعي، محمد شمام ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، أبو سمية، سامر أبو رمان ، رحاب اسعد بيوض التميمي، حسني إبراهيم عبد العظيم، علي الكاش، د. طارق عبد الحليم، خبَّاب بن مروان الحمد، أنس الشابي، صالح النعامي ، خالد الجاف ، رافع القارصي، صباح الموسوي ، العادل السمعلي، د- هاني ابوالفتوح، علي عبد العال، ماهر عدنان قنديل، سلام الشماع، حميدة الطيلوش، عبد الغني مزوز، د. مصطفى يوسف اللداوي، أحمد ملحم، د - محمد بنيعيش، صلاح الحريري، فتحي الزغل، د. خالد الطراولي ، صلاح المختار، عمر غازي، كريم فارق، صفاء العراقي، سفيان عبد الكافي، جاسم الرصيف، د.محمد فتحي عبد العال، عواطف منصور، عراق المطيري، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عزيز العرباوي، كريم السليتي، سليمان أحمد أبو ستة، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سعود السبعاني، د - المنجي الكعبي، الهادي المثلوثي، سامح لطف الله، محمد العيادي، د. عبد الآله المالكي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء