البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي الإدراجات
مقالات متعلقة بالكلمة : تونس

في ذكرى الثورة التونسية: صراع البقاء

كاتب المقال طارق الكحلاوي - تونس   
 المشاهدات: 3514



الاستثناء التونسي سيواجه فترة صعبة في السنتين القادمتين تحديدا أي حتى الانتخابات التونسية المفترضة سنة 2019 ولكن أيضا حتى الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة. فالشأن التونسي الآن على قدر من الأهمية الذي يجعله في قلب مسارات دولية وليس محلية فحسب.

هذا الاستثناء القائم على الحد الأدنى الديمقراطي مقابل استمرار الاخفاق في الإصلاحات الاستراتيجية الاقتصادية والاجتماعية من أجل تنمية عادلة ومكافحة الفساد سيواجه تحدي البقاء بين القوى التي ستدافع عنه والأخرى التي ستحرص على إنهائه لقطع أي أمل لإرساء منظومة ديمقراطية عربية تخرج من الثنائية المغلقة أي "أما الاستبداد أو الإرهاب" والتي كانت الإطار الوحيد الممكن لعقود طويلة.

ضرب أو حماية الاستثناء التونسي، على هشاشته، يمثل الساحة المركزية لحسم وضع عربي وإقليمي شامل. تونس الصغيرة مثلما أطلقت الربيع العربي ستكون المساحة الحاسمة لمسار منطقة كاملة.

لنبدأ من المؤشرات المحلية وعلى رأسها الاتجاه البطيء لكن المؤكد لمصلحة ما يمكن أن نسميه "حاضنة شعبية للاستبداد". فبين سنتي 2011 وحتى نهاية سنة 2014 بقيت مؤشرات مراكز استطلاع الرأي الجادة ثابتة في سؤال محدد أي "هل تفضل استبدادا مستقرا أم ديمقراطية غير مستقرة؟". الإجابة بقيت لثلاث سنوات لمصلحة "ديمقراطية حتى لو كانت غير مستقرة".

لكن مع نهاية سنة 2014 بدأت المؤشرات في الانقلاب لمصلحة خيار "استبداد مستقر". كانت تلك أيضا الفترة التي استطاع فيها الحزب الذي تصدر الدفاع عن "مكاسب" المنظومة القديمة في الفوز في الانتخابات الرئاسية والتشريعية بشكل واضح. منذ تلك الفترة حتى الآن اتجهت المؤشرات بشكل واضح إلى ميل عميق نحو فرة "الدولة القوية" التي تستبطن اليد الحديدية بالتزامن مع عودة ظهور الرئيس المخلوع بن علي في الاستطلاعات كشخصية محبذة لدى بعض التونسيين.

الرياح الدولية والإقليمية المعادية لمسار الدمقرطة والمتوافقة مع الرجوع إلى منهجية الاستبداد في تسيير المنطقة تتقوى كل أسبوع تقريبا. بعد صعود دونالد ترامب في الولايات المتحدة والفوز المتوقع لفرانسوا فييون في فرنسا أي في البلدين ذي التأثير الدولي الأقوى على الوضع في تونس، تسقط حلب على الهواء بشكل دموي غير مسبوق وأمام صمت القوى الدولية التي ساندت المسلحين وفي ذات الوقت تحدث عملية إرهابية مريبة في مصر تستهدف مسيحييها يوظفها النظام المصري لاستهداف خصومه. هناك جرأة كبيرة لهذا الحلف (لا يمكن الادعاء أنه منسجم لكنه يمر بحالة انتعاش وثقة) تعكس موازين القوى الواقعية التي تميل لصالحه.

لا يمكن ألا يكون هناك بعض الاستتباعات لذلك على تونس. ما يسمى "الجبهة" التي بصدد إنشائها من بقايا حزب السبسي النداء (حزب مرزوق وبعض قيادات النداء) مع حزب رجل الأعمال الرياحي تستهدف بشكل واضح السبسي و"الإسلام السياسي" مثلما يقول متحدثون باسمها. هو تحالف يستهدف صفقة "التوافق" بين الشيخين الذي استند أيضا لحسابات إقليمية ودولية. ولكن يستهدف أيضا انتخابات رئاسية مبكرة كما يمكن أن يفهم من تصريحات الرياحي. من غير الواضح إن كان التصميم في مواجهة تركيبة التوافق هي بذات الدرجة لدى مرزوق والرياحي لكن أيضا من غير الواضح إن اتفق هذان الاثنين على اختيار أحدهما للمنافسة في الانتخابات الرئاسية القادمة سواء في وقتها أو كانت مبكرة… في كل الحالات يستثمر هؤلاء بوضوح في هشاشة المجموعة المحيطة بالسبسي وأيضا في هشاشة الوضع في البلاد اقتصاديا واجتماعيا. وبكل تأكيد يستثمرون بشكل مسبق في الرياح المعادية لمسار الديمقراطية في المنطقة.

تمر البلاد بمعنى آخر بحالات تأرجح بين ركود خطير (مثلما هو الوضع الآن بعد الانتهاء المؤقت للمعركة بين الحكومة واتحاد الشغل) وحالة غليان وتوتر. المحطة القادمة التي تحتاج الانتباه ربما تكون عودة جلسات الحقيقة والكرامة أو أيضا عودة الإضرابات بإضرابات المعلمين والأساتذة بعد رأس السنة أو ربما حدث طائش ربما يشعل الوضع الاجتماعي في هذه الجهة أو تلك… في كل الحالات كل ما يبدو استقرارا هو استقرار وهمي وكل ما يبدو انفجارا مطلقا هو انفجار متحكم فيه إلى حد.

هذا الاستقطاب بين قوى مترهلة في السلطة متحالفة مع الإسلام السياسي المعتدل وأخرى مترهلة تستقوي برياح قادمة من الخارج معادية لنظام الحد الأدنى الديمقراطي القائم سيجعل وضع البلاد صعبا بعض الشيء. إذ إن الاستقطاب بين السبسي وحلفائه والطامعين من حلفائه السابقين في كرسي قرطاج هو استقطاب حول الشكل بالأساس. صحيح أن السبسي لايزال يتمسك بتحالف مع الإسلام السياسي وهو أمر يحيد بالبلاد شيئا ما عن سيناريو الاستقطاب الاستئصالي، لكنه في نفس الوقت يميع ويشوه الصراعات الحقيقية والجوهرية في البلاد. لكن منظومة اللوبيات ستوجه البلاد نحو صراع بين "سلطة" يمثلها السبسي والنهضة والبقية و"معارضة" يمثلها المنشقون عن السبسي من حلفائه السابقين. ولا يجب أن نستبعد أن يقفز السبسي وابنه وبقية العائلة بين قرطاج والقصبة في حضن الرياح الجديدة وبعيدا عن التوافق المستقر منذ نهاية سنة 2014. خاصة إذا تقوى الاتجاه في الكونغرس نحو تجريم الإسلام السياسي المعتدل ممثلا في الإخوان، مثلما يشير مشروع القانون الذي طرحه تاد كروز في الكونغرس والذي يحظى بدعم واضح من قبل المرشحين لمناصب عليا في إدارة ترامب.

هنا سيتحدد جزء من الصراع في تونس في أروقة الصراع داخل الجمهوريين بين من دعموا التجربة التونسية مثل جون ماكاين وادارة ترامب. ومن الواضح أن الانتخابات النصفية لسنة 2019 ستكون اختبارا واضحا لموازين القوى تلك. وهو ما سيتزامن مع الانتخابات التونسية… إن تمت أصلا!

من جهة أخرى لم يعد ممكنا صد التاريخ. لم يعد ممكنا صد المد الاجتماعي العميق نحو التغيير وفي القرى والمدن الصغيرة التي أنتجت الثورة وحيث توجد ديناميكية متواصلة ترفض الانطفاء وهناك تحديدا يجب أن ننتظر المفاجآت الدائمة، خاصة في أكثر الفترات يأسا وقنوطا. مثلما كان القنوط واليأس قبيل الثورة التونسية.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الثورة المضادة، الإنتخابات الرئاسية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 13-01-2017   الموقع الأصلي للمقال المنشور اعلاه المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د - مصطفى فهمي، أ.د. مصطفى رجب، أحمد بن عبد المحسن العساف ، صفاء العراقي، رافع القارصي، سفيان عبد الكافي، محمد الياسين، د- محمود علي عريقات، فتحـي قاره بيبـان، د - عادل رضا، سيد السباعي، محمد اسعد بيوض التميمي، علي الكاش، أحمد النعيمي، رحاب اسعد بيوض التميمي، د- محمد رحال، صلاح المختار، إسراء أبو رمان، سامر أبو رمان ، عبد الله الفقير، رافد العزاوي، حسني إبراهيم عبد العظيم، كريم السليتي، محرر "بوابتي"، رشيد السيد أحمد، الهادي المثلوثي، سلوى المغربي، طلال قسومي، مصطفى منيغ، د - المنجي الكعبي، أحمد ملحم، محمد شمام ، يزيد بن الحسين، د - محمد بن موسى الشريف ، محمود فاروق سيد شعبان، د. عبد الآله المالكي، فوزي مسعود ، د. خالد الطراولي ، د. مصطفى يوسف اللداوي، سلام الشماع، خالد الجاف ، محمود سلطان، سعود السبعاني، مصطفي زهران، ياسين أحمد، د - شاكر الحوكي ، صفاء العربي، صالح النعامي ، د.محمد فتحي عبد العال، د- جابر قميحة، أبو سمية، فهمي شراب، حسن عثمان، حاتم الصولي، إياد محمود حسين ، صلاح الحريري، فتحي العابد، عبد الغني مزوز، الناصر الرقيق، د. أحمد بشير، صباح الموسوي ، حسن الطرابلسي، مجدى داود، محمد الطرابلسي، سامح لطف الله، وائل بنجدو، العادل السمعلي، محمود طرشوبي، أشرف إبراهيم حجاج، عمار غيلوفي، سليمان أحمد أبو ستة، عبد الرزاق قيراط ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. طارق عبد الحليم، فتحي الزغل، عراق المطيري، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، منجي باكير، د. أحمد محمد سليمان، جاسم الرصيف، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عواطف منصور، المولدي الفرجاني، عمر غازي، د - محمد بنيعيش، نادية سعد، رضا الدبّابي، أنس الشابي، د- هاني ابوالفتوح، تونسي، عبد الله زيدان، محمد عمر غرس الله، إيمى الأشقر، د - صالح المازقي، رمضان حينوني، د. صلاح عودة الله ، محمد أحمد عزوز، يحيي البوليني، د - الضاوي خوالدية، كريم فارق، أحمد بوادي، حميدة الطيلوش، محمد العيادي، الهيثم زعفان، عزيز العرباوي، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمد يحي، ماهر عدنان قنديل، خبَّاب بن مروان الحمد، مراد قميزة، أحمد الحباسي، علي عبد العال، ضحى عبد الرحمن،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء