البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي الإدراجات
مقالات متعلقة بالكلمة : تونس

العراقيون يمزقون خرائط التقسيم

كاتب المقال هيفاء زنكنة - لندن    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3864


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


بين فترة وأخرى، وبشكل شبه ممنهج، يصدر مسؤولون أمريكيون، حاليون او سابقون، تصريحات عن ضرورة تقسيم العراق أو نهايته. ترافق التصريحات، أحيانا، خرائط لعراق تمزقه سكين او يقطعه مقص بحدود جديدة لمناطق تفرض التقسيم الطائفي والعرقي. إطلاق التصريحات وما يعقبها من نفي ونقاش، هو تهيئة لجعل الخريطة الجديدة، مع غياب الفعل المقاوم، أمرا مقبولا وواقعا لامفر منه. واذا ما صدقنا مقولة إن التاريخ يعيد نفسه بشكل مهزلة، ما نراه في عراق مابعد «تحرير» 2003 لا يثير الضحك إطلاقا. انه تكرار مبتذل لخرائط تقسيم البلاد العربية منذ 100 عام، ومايراد منه، الآن، ان يكون النموذج لما سيليه من تفاصيل سترسم مستقبلنا للسنين المقبلة. مستقبل سيرانا راحلين ونحن نجر الحسرات على ما كان كما فعل أجدادنا، في الماضي. الأمثلة كثيرة، إلا ان اكثرها حضورا في الأذهان، لتشابه الكثير من معطياتها مع الوضع الجيوسياسي الراهن، هو تقسيم البلاد العربية كغنيمة حرب وفق اتفاقية سايكس ـ بيكو.

كانت هناك إشارات سريعة عن العراق في محاضرة د. بسام عبد القادر النعماني، سفير لبنان لدى تونس، التي ألقاها في مركز جامعة الدول العربية في تونس الشهر الماضي، بعنوان «الوطن العربي بعد 100 عام من اتفاقية سايكس ـ بيكو، قراءة في الخرائط». ذكر النعماني ان الاتفاقية وخريطتها المتعارف عليها لم تكن واحدة بل حصيلة سلسلة من الخيارات والخرائط التي غربلت وأدت إلى الاتفاقيات والخرائط السرية التي تم تعديلها عدة مرات، وبضمنها اتفاقات سيفر ولوزان، أي حتى بعد التوصل في ما بينهم إلى الشكل النهائي الذي رسم للبلاد العربية حدودها، وكرس تقسيمها إلى دول لم تكن موجودة تحت الامبراطورية العثمانية. كانت بداية رسم الخارطة في بداية 1915 بين فرنسا وبريطانيا وروسيا التي كانت حصتها القسنطينية والمضائق الرابطة بين البحرين الأسود والمتوسط، والنهائية بين الدول الثلاث في أيار / مايو 1916. ما يثير الاهتمام وقتها، ويتكرر الآن، هو محاولة المسؤولين العرب (مهما كانت مناصبهم) التظاهر بعدم معرفة تفاصيل ما يجري، والتعامل معه بعد انكشاف الحقيقة، باعتباره مؤامرة استعمارية خارجية تتنافى مع موقفهم الوطني. الحقيقة هي انهم يعرفون ويشاركون، سلبا او ايجابا، مباشرة او بشكل مباشر، في الـتخطيط الاستعماري وتغييب ما تريده الشعوب. فمفاوضات اتفاقية او معاهدة سايكس – بيكو تمت بعلم الشريف حسين عن طريق تغذيته بالوعود تارة في مراسلات موثقة وعن طريق استغبائه تارة أخرى. صحيح انه احتج حين علم بخرق بريطانيا لوعدها بالاعتراف بدولة عربية مستقلة واحدة، يكون هو حاكمها بطبيعة الحال، إلا انه اختار الاستمرار بتأييد بريطانيا والثورة ضد الاتراك على الرغم من إصدار بريطانيا وعد بلفور بإقامة وطن يهودي في فلسطين، الأمر الذي كان يرفضه العثمانيون.

في نهاية محاضرته، أشار النعماني، إلى ان محاولات التقسيم الجارية حاليا ليست جديدة، وان خرائطها المتعددة الخيارات ترسم وتنشرمنذ زمن. هنا يواجهنا سؤال ملح، أحاول تجنبه عادة لفرط مايثيره من مخاوف: هل العراق ماض نحو التقسيم فعلا ؟ وما هو الموقف العراقي الرسمي والشعبي منه؟

بدأ تداول فكرة التقسيم بعد الاحتلال الانجلو أمريكي، عام 2003، وتأسيس مجلس الحكم وفق محاصصة طائفية ـ عرقية، انعكست بشكل مباشر على مؤسسات الدولة، بكافة مستوياتها، والخطو التدريجي نحو استقلال اقليم كردستان كحقيقة واقعة، مقابل إنشاء اقليم «الجنوب». ومع فشل فكرة التقسيم الأولى نتيجة الرفض الشعبي، ولوضع حد للمقاومة ضد الاحتلال، سقيت الطائفية بسخاء عبر أحزاب فاسدة باتت تتنافس مع المحتل وتفاوضه سرا على تقسيم البلد. فصارت فكرة التقسيم حلا ناجعا يطرحه المحتل ليخلص الشعب من نفسه. كان هنري كيسنجر من أوائل «الحريصين» على سلامة العراقيين، فطرح فكرة تقسيم العراق إلى دويلات. تلاه جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكي، مؤيدا فكرة الدويلات الكردية والسنية والشيعية ليجنب العراقيين محنة الاقتتال الطائفي العرقي. وهي الفكرة التي دفعها جانبا إلى حين داعيا إلى توحيد القوى لمواجهة الدولة الإسلامية. أما مجلة التايم الأمريكية فقد كشفت في تقرير بعنوان «نهاية العراق» عن تفاصيل خطة التقسيم: دولة كردستان في الشمال ودولة السنة بمحاذاة سوريا، أما الثالثة فللشيعة، ومكانها في الجنوب. وان بقيت بغداد مصدر خلاف. وصرح ريموند أديرنو، رئيس الأركان الأمريكي السابق (1 آب/أغسطس، 2015) بأن « تقسيم العراق ربما هو الحل الوحيد»، وأن «العراق لن يبدو في المستقبل كما كان عليه في الماضي».

هل معنى ذلك انهيار اتفاقية سايكس ـ بيكو؟ نعم، أكد مايكل هايدن، الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الأمريكية، قائلا «ان ما نراه هو انهيار الحدود التي رسمت في معاهدات فيرساي وسايكس ـ بيكو» ملخصا الوضع «بأن سوريا لم تعد موجودة، والعراق لم يعد موجودا. ولن يعود كلاهما أبدا».

أما الموقف الرسمي لأحزاب العملية السياسية، سواء كانت شيعية او سنية، عرقية او علمانية، فإنه يجمع ما بين الادعاءات بالوطنية والمفاوضات السرية، مع أمريكا. تساندها دول اقليمية، يهمها استخدام دويلات المستقبل، كبيادق لصراع القوى في المنطقة.
ولا يزال الموقف الشعبي، حتى الآن، بضمنه التيارات الوطنية المقاومة للاحتلال، العائق الأكبر أمام تنفيذ التقسيم، على الرغم من مرور 13 عاما على الغزو، وتشكيل حكومات احتلال بالنيابة، وتفشي الفساد المالي والإداري والأخلاقي والديني. في خضم هذه الأحداث، قد يتوهم دعاة التقسيم، العاملين خفية على رسم خرائط دويلات الطوائف، أنهم قادرون على تمزيق العراق، متعامين عن حقيقة ان من قاوم أكبر قوة عسكرية في العالم، وأجبرها على الانسحاب المبكر وإعادة هيكلة الجيش الأمريكي، سيكون قادرا على تمزيق خرائطهم ليبقى العراق موحدا، جامعا لكل مواطنيه.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

العراق، الصراعات المذهبية، الارهاب، داعش، الشيعة، السنة، التدخل الايراني، التدخل الامريكي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 1-03-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أشرف إبراهيم حجاج، د- هاني ابوالفتوح، فتحـي قاره بيبـان، سفيان عبد الكافي، سعود السبعاني، د - المنجي الكعبي، صفاء العربي، الناصر الرقيق، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، إيمى الأشقر، محمد الطرابلسي، محمد يحي، د. خالد الطراولي ، محمد اسعد بيوض التميمي، كريم فارق، صلاح المختار، أحمد ملحم، جاسم الرصيف، مجدى داود، خبَّاب بن مروان الحمد، رافد العزاوي، د - الضاوي خوالدية، فتحي الزغل، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. صلاح عودة الله ، د - محمد بنيعيش، حميدة الطيلوش، تونسي، رضا الدبّابي، محمد شمام ، العادل السمعلي، محمد أحمد عزوز، مصطفى منيغ، د- محمد رحال، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د.محمد فتحي عبد العال، فوزي مسعود ، حسن الطرابلسي، محمود سلطان، علي عبد العال، د - محمد بن موسى الشريف ، د - عادل رضا، محمود فاروق سيد شعبان، فتحي العابد، محمد الياسين، د. أحمد محمد سليمان، إياد محمود حسين ، منجي باكير، أ.د. مصطفى رجب، نادية سعد، د. مصطفى يوسف اللداوي، الهادي المثلوثي، حسن عثمان، أحمد النعيمي، د - شاكر الحوكي ، أحمد الحباسي، يحيي البوليني، صلاح الحريري، وائل بنجدو، عراق المطيري، عواطف منصور، د- جابر قميحة، د - مصطفى فهمي، سلام الشماع، طلال قسومي، عبد الرزاق قيراط ، رمضان حينوني، عبد الغني مزوز، المولدي الفرجاني، ماهر عدنان قنديل، محمد العيادي، سيد السباعي، سامح لطف الله، صالح النعامي ، الهيثم زعفان، صفاء العراقي، إسراء أبو رمان، أنس الشابي، د. طارق عبد الحليم، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - صالح المازقي، عبد الله الفقير، مراد قميزة، صباح الموسوي ، رافع القارصي، فهمي شراب، عمار غيلوفي، محرر "بوابتي"، كريم السليتي، محمود طرشوبي، سامر أبو رمان ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، مصطفي زهران، ضحى عبد الرحمن، خالد الجاف ، حسني إبراهيم عبد العظيم، حاتم الصولي، رشيد السيد أحمد، سليمان أحمد أبو ستة، ياسين أحمد، د. عبد الآله المالكي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، أحمد بوادي، عبد الله زيدان، أبو سمية، عمر غازي، يزيد بن الحسين، د. أحمد بشير، د- محمود علي عريقات، محمد عمر غرس الله، علي الكاش، سلوى المغربي، عزيز العرباوي، د. عادل محمد عايش الأسطل،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء