البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي الإدراجات
مقالات متعلقة بالكلمة : تونس

محاربة الفساد ما بين الاستحقاق الثوري وأحكام القانون

كاتب المقال القاضي مراد قميزة - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 8598


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


أن تقوم ثورة في بلد ما يعني بالضرورة القطع مع نظام قام على الظلم والاستبداد وعدم المساوة وقمع الحريات قطعا نهائيا وبناء نظام جديد يقوم على المساواة والحرية والعدالة الاجتماعية، لكن من الذي سيتولى عملية القطع مع القديم وبناء الجديد ؟

إذا اكتملت الثورة فإن القوى الثوريّة التي قادتها تتولى طبعا هذه المهام باعتبارها ستتولى تسيير شؤون البلاد في الفترة الانتقالية وتطهير أجهزة الدولة من الفساد ورموزه وكشف الحقائق للشعب ومحاسبة من أجرموا في حقه ثم الانتهاء إلى المصالحة تمهيدا للبناء الديمقراطي . فهل يمكن تطبيق هذا على الثورة التونسية ؟

اعتقد أن الثورة التونسية لم تفرز قوى ثورية يعول عليها للقيام بهذه المهام لأنها ببساطة لم تكتمل ولم تحقق أهدافها فهي قامت على رفض الظلم وطلب الحرية والكرامة لكنها كانت من دون قيادة وهو ما سهل الالتفاف عليها من صقور النظام المتنفذين في كل أركان الدولة وذلك بداية من يوم 14 جانفي الذي أسموه تاريخا للثورة والحال انه تاريخ لانتكاسها.

المسرحية انطلقت بالشرعية الدستورية من الفصل 56 إلى الفصل 57 من الدستور وبإقرار اللجان التي أحدثها الرئيس المخلوع وبتهافت أحزاب الفتاة على حكومة الالتفاف للتموقع والجري وراء الكراسي التي قد تؤول رئاستها إلى احدهم أن أدى فروض الطاعة والولاء لحكومة الظل ولعملاء العم سام .

ومن سوء حظ هذا الشعب انه كان مغيبا عن السياسة لربع قرن ويعيش حالة جهل لكل ما يتعلق بالشأن العام فصدق تلك المسرحية عن مضض وضيع وقته في استقراء حسن النوايا وخفي عليه أن القطع مع النظام القديم لا يكون بواسطة أبنائه وأهله وعشيرته وخدمه، وان الشرعية الدستورية لا معنى لها في زمن الثورة .

لكن ما يطمئن حقا أن هذا الشعب الجاهل بالسياسة والشأن العام قرر أن يفهم ولم يضيع وقته كما في السابق في متابعة الرياضة والفن بل انكب على تدارك ما فاته وظل فطنا لكل محاولات الارتداد مما عقد الأمر على الحكومة واجبرها على التنحي وهنا كان الخطأ الثاني وهو قبول حكومة أخرى معينة في ظرف سويعات دون أن نعرف من عينها ولماذا وأي توافق أدى إلى هذا الخيار وها نحن إلى اليوم نعاني ضريبة ذلك القبول فنرى القديم يتجدد بكل وقاحة ويتموقع في اجهزة الدولة وفي احزاب مفرخة من التجمع الذي قدموا قربانا لحله امام المحكمة في مسرحية هزلية رديئة الاخراج، وكأن حل التجمع سينهي التجمع والحال أن التجمع هو من صمم على حل نفسه ليعمل في أريحية اكبر من أعين المراقبين وها هو اليوم يلملم شتاته ليعود بقوة على نظر هذه الحكومة وبمباركة منها.

اليوم عاد كل رموز الفساد إلى الصدارة واحتلوا المواقع الحساسة ومراكز القرار في كل الإدارات تقريبا من امن وقضاء ووزارات وولايات وإدارات عمومية وغيرها ولم تفعل الحكومة سوى عملية لتبادل المواقع أو تعويض بعض المسؤولين بأبناء النظام من الصف الثاني الذين لم تسلط عليهم الأضواء، لكن وكالعادة استطاع الشعب ان يعي خطورة الوضع ولملم نفسه ليخرج هذه المرة مطالبا بإسقاط النظام وبمحاسبة رموز الفساد وإقصائهم من الحياة السياسية ومن مراكز القرار.

محاسبة رموز الفساد وكشف الحقائق هي من مشمولات الحكومة الثورية التي تصير كل دواليب الدولة مفتوحة أمامها وباستطاعتها جمع وسائل الإثبات من أرشيف الوزارات والإدارات ومن إجراء التحقيقات اللازمة مع كل المشتبه بهم لكن حكومة السبسي ليست حكومة ثورية وهي امتداد للنظام القديم في شكل جديد لذلك نسمعه يقول بلامبالات انه لا وجود لقناصة ومن يعثر على قناص فليقدمه له، وبمعنى آخر يقول للشعب ليس لكم اي استحقاق ثوري وان ادعيتم شيئا فعليكم إثباته أي انه يطلب منا المستحيل، وكأن الاثبات ملقى على قارعة الطريق وسهل تقديمه . وعلى خطاب السبسي تنسج العديد من المؤسسات مثل الأمن الذي يرفض تقديم أي إيضاحات للجنة التقصي بخصوص تجاوزات الأحداث الأخيرة ويرفض الاستجابة لطلب القضاء بتقديم سجلات الأعوان المناوبين في فترة الأحداث ويصر على أن أعوانه أبرياء وعلى من يدعي خلاف ذلك إثباته، ثم القضاء الذي ترفض الوزارة تطهيره وفتح الملفات التي لديها لمحاسبة المشبوهين من القضاة تؤيدها في ذلك نقابة القضاة انطلاقا مما تسميه المحاسبة الفردية خارج اسلوب القوائم مع توفير الضمانات وذلك طبيعي لانها في الواقع بعثت بمخطط من الادارة لحماية قضاة الوزارة اولا ثم اولياء النظام من قضاة المحاكم وخاصة المسؤولين الذين كانوا اداة لضرب القضاة المستقلين وحصنا متقدما للادارة ضد كل محاولات التمرد على تعليماتها.

الخلاصة أن هؤلاء يحاولون الإيهام بأن كل محاولة لكشف الحقيقة دون تقديم إثبات تدخل تحت طائلة التشهير والثلب ويعاقب عليها قانونا وذلك ترهيبا لأصحاب الحقوق وللمناضلين الصادقين وترغيبا في الانسجام مع ما يسمونه أحكام القانون أو بالأحرى أحكام حماية الفساد بالقانون والتستر على ملفات الفساد.

اليوم أقول لهؤلاء لقد انقلبتم على ثورة الشعب وانتم امتداد للنظام والثورة لازالت مستمرة حتى تقتلعكم من جذوركم وتخرج قوى ثورية تحقق للشعب آماله وبالتالي فإن فضح الفساد وأصحابه ونشر قائمات في الفاسدين والمشبوهين يدخل تحت طائلة العمل الثوري الذي لا تدخرون جهدا لقمعه وان كنتم تدعون النزاهة والوطنية فابدؤوا بفتح ملفات الفساد بلجان مستقلة تماما وتحظى بالثقة تتولى التحقيق والبحث بكل حرية في الوزارات والمؤسسات وكل الإدارات المعنية وليس بلجان تقبع في المكاتب تتلقى الشكايات ولا تفعل شيئا للتحري فيها بجدية ولن نرضى بأنصاف الحلول فتغيير مسؤول بمسؤول من طينته لا يحل المشكلة ولا ينفض الغبار عما حصل في سنين الظلم والقهر.

وأخيرا أقول لكم أن المتفق عليه دوليا أن عبئ الإثبات عليكم وليس على الشعب في وقت الثورات فيدكم طائلة وبمكاتبكم وأرشيفكم تسكن الحقيقة وليس على المواطن الا ان يشير الى موطن الفساد والقائمين عليه لتتولوا انتم اكمال الباقي والا فإنكم تتسترون على الفساد ويحق للشعب كنسكم وإكمال ثورته


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة المضادة، الثورة التونسية، الفساد القضائي، البادي قائد السبسي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 24-08-2011  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
صالح النعامي ، حسن عثمان، سامر أبو رمان ، عمر غازي، د- محمود علي عريقات، د.محمد فتحي عبد العال، محمد الياسين، أنس الشابي، صباح الموسوي ، رشيد السيد أحمد، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عبد الله الفقير، طلال قسومي، فهمي شراب، د - المنجي الكعبي، عبد الله زيدان، سيد السباعي، أحمد النعيمي، محمد أحمد عزوز، الناصر الرقيق، ياسين أحمد، كريم فارق، وائل بنجدو، سامح لطف الله، سليمان أحمد أبو ستة، إسراء أبو رمان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد الطرابلسي، يزيد بن الحسين، العادل السمعلي، د - الضاوي خوالدية، ماهر عدنان قنديل، إياد محمود حسين ، أ.د. مصطفى رجب، عمار غيلوفي، عواطف منصور، صفاء العراقي، رافع القارصي، صفاء العربي، عراق المطيري، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - مصطفى فهمي، الهيثم زعفان، د. صلاح عودة الله ، إيمى الأشقر، محمود فاروق سيد شعبان، فوزي مسعود ، مصطفي زهران، خبَّاب بن مروان الحمد، سعود السبعاني، د. طارق عبد الحليم، د - عادل رضا، عبد الرزاق قيراط ، سلام الشماع، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، أحمد بوادي، منجي باكير، رضا الدبّابي، الهادي المثلوثي، تونسي، مراد قميزة، أشرف إبراهيم حجاج، محمد عمر غرس الله، فتحي الزغل، يحيي البوليني، د - صالح المازقي، جاسم الرصيف، محمد يحي، أبو سمية، نادية سعد، د- محمد رحال، د. أحمد محمد سليمان، علي عبد العال، محمود طرشوبي، فتحـي قاره بيبـان، سلوى المغربي، رافد العزاوي، د - محمد بنيعيش، علي الكاش، رحاب اسعد بيوض التميمي، كريم السليتي، د. عبد الآله المالكي، محمد اسعد بيوض التميمي، د - محمد بن موسى الشريف ، أحمد الحباسي، د- هاني ابوالفتوح، د. أحمد بشير، صلاح المختار، حميدة الطيلوش، أحمد ملحم، عزيز العرباوي، فتحي العابد، محمد شمام ، سفيان عبد الكافي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمد العيادي، محمود سلطان، حسن الطرابلسي، المولدي الفرجاني، د. خالد الطراولي ، د. عادل محمد عايش الأسطل، مصطفى منيغ، رمضان حينوني، صلاح الحريري، حاتم الصولي، عبد الغني مزوز، د. مصطفى يوسف اللداوي، د - شاكر الحوكي ، ضحى عبد الرحمن، مجدى داود، حسني إبراهيم عبد العظيم، د- جابر قميحة، محرر "بوابتي"، خالد الجاف ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء