البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي الإدراجات
مقالات متعلقة بالكلمة : تونس

الشريعة تخوض آخر معارك إزاحتها في مصر

كاتب المقال د . ليلى بيومي   
 المشاهدات: 11188



إذا كانت النخبة العلمانية الحاكمة في مصر تتلاعب بمقدرات البلاد السياسية والاقتصادية والعسكرية، في اتجاه يصب في صالح أعداء الأمة من الصليبيين والصهاينة الذين يحمون بقاءهم ممسكين بمقاليد الحكم في بلادنا، فإنها أصبحت تعشق التلاعب بمقدراتنا الدينية حيث الشريعة الإسلامية، فدأبت على العبث في القوانين، وتغيير كل ما له صلة بالشريعة، وإذا كانت قد نجحت في ذلك تمامًا وأجهزت على أي قانون يستند إلى الشريعة أو به روح الشريعة، وحيث أن قانون الأحوال الشخصية كان هو القانون الوحيد المستمد من الشريعة؛ فقد جرى العبث به على مراحل يبدو أننا في آخر مرحلة، بعد أن أعدت الحكومة قانونًا جديدًا للأحوال الشخصية، وتستعد لعرضه على مجلس الشعب في دورته الجديدة.

الحكومة أعدت أوراقها وقررت أن يكون هذا الفصل هو آخر الفصول في قضية تنحية الشريعة كليًّا، ولذلك تسربت الأخبار عن بنود لمنع التعدد وتجريمه، وبنود أخرى لوضع العراقيل أمامه، مثل ضرورة موافقة الزوجة الأولى موافقة خطية، وبنود أخرى لضرورة موافقة القاضي، فضلاً عن العبث بأمور النفقة والحضانة، وإجبار الزوج على توفير مسكن للزوجة التي مر على زواجه منها 15 سنة ولم تنجب، فالمتسرب إلينا حتى الآن من بنود مشبوهة يؤكد أن الحرب قد تم إعلانها على أي شيء يخص الشريعة، وأن العلمانية المصرية تتجه شيئًا فشيئًا نحو العلمانية التونسية المتطرفة.

بات الأمر واضحًا، وهو أن النخبة المصرية الحاكمة تكتسب شرعيتها من رضاء الغرب الصليبي وبني صهيون عليها، ودعمهم لها، وبالتالي استمرارها في الحكم وامتيازاته وغنائمه إلى أمد غير محدد، أما الشرعية الحقيقية وهي رضاء الأمة وبيعتها أو اختيارها للنخبة الحاكمة في انتخابات حرة؛ فإنها لا تعنيها طالما أن هذه النخبة تحكم الناس بالإجبار والحديد والنار وتكميم الأفواه.

ولم تعد حجة القوم بإعطاء المرأة حقوقها التي حرمها الإسلام منها تنطلي على أحد، فباعتراف القريب والبعيد والقاصي والداني والعدو والحبيب؛ فإن المرأة المصرية قد حصلت على كل حقوقها وزيادة، وبالتالي فإن أية إضافة لها في هذا السياق إنما هي تمييز لها على الرجل، وإعلاءً لسيطرتها وقوتها داخل الأسرة، وهذا كله في غير صالح استقرار الأسرة، لأن الأسرة ستكون محكومة في هذه الحالة بقوانين غير عادلة ومنحازة لأحد الطرفين ضد الآخر.

إن النخبة المتعلمنة المتغربة التي تخوض آخر معاركها ضد الإسلام في مصر اليوم، لا تدرك ولا تعلم أن الشريعة الإسلامية ظلت تحكم المسلمين وغير المسلمين في بلادنا بلا مشاكل تذكر، موفرة كافة الحقوق للزوج والزوجة والأبناء لقرون طويلة، حتى بدأ الاتصال بالثورة الفرنسية، وبدأت العلاقة بالثقافة الغربية، فقد كانت القوانين المطبقة في مصر كلها من الشريعة الإسلامية حتى عام 1875م.

ولكن مع أول سنوات الاحتلال البريطاني لمصر بدأت تظهر القوانين المختلطة، وأنشئت المحاكم المختلطة، وفي عام 1883م قامت الحكومة المصرية بإيعاز وضغط من سلطة الاحتلال بترجمة القوانين الفرنسية بالكامل، وانحصر تطبيق الشريعة الإسلامية على مجال الأحوال الشخصية، وبدأ الغرب تصدير مفاهيمه المسيحية إلينا، والتي تحمل لنا رؤيته عن الإنسان ودوره في الحياة، وكذلك عن الدين وحدود الدور المرسوم له.

النخبة المتعلمنة المتغربة في بلادنا ومن يلف لفهم لا يستطيعون إدراك أن الفكر الإسلامي ينطلق من أساسين مختلفين، الأول أنه يستمد فلسفته من الكتاب والسنة فقط، والثاني أنه يجمع بين الدين والدنيا في كيان واحد، فمن أولى واجبات ولي الأمر رعاية الدين بجانب سياسة أمور الدنيا، إنهم لا يدركون ذلك لأنهم لم يقرءوا إلا الفكر الغربي والقانون الغربي، والأدب الغربي والثقافة الغربية والتاريخ الغربي، وليس لهم أدنى اطلاع فضلاً عن العلم والمعرفة والإحاطة بالشريعة وعلومها وبالثقافة الإسلامية والتاريخ الإسلامي.

مع فترة الاحتلال الغربي الصليبي لبلادنا العربية المسلمة، بدأت النظم الأوروبية تحل تدريجيًّا محل النظم الإسلامية، وبدأ يحدث ازدواج في حياة المسلمين، وانحسار في تطبيق الشريعة الإسلامية، حتى وجدنا بنوكًا وشركات تأمين وبنوكًا عقارية ونظمًا سياسية جديدة بديلة عن نظام الخلافة الذي كنا نعيش فيه، وبدأ المستعمر يكرس الأوضاع والبيئة الثقافية والفكرية والقانونية لهذه الأوضاع المقلوبة.

بعض الذي حدث في معركة الشريعة كان بيد المستعمر وبعضه الآخر كان بيد النخبة التي صنعها المستعمر، هذه النخبة الفارغة من كل علم ومعنى وقيمة، لما عرضت عليها الثقافة الغربية تشربتها، وملأت منها جوفها، وانهزمت أمامها، وليت الأمر توقف عند هذا الحد ولم يصل إلى مستوى كراهية الشريعة، ومواجهتها بكل السبل، خاصة وأن دور هذه النخبة أصبح محددًا بوظيفة واضحة؛ وهي حراسة العلمانية ومحاربة الدين والدفاع عن القيم الغربية والمصالح الغربية، ومن يفشل في القيام بهذا الدور المحدد فإن إقصاءه يسير.

وإذا كانت النظم المتعلمنة المتغربة الحاكمة في بلادنا تتشدق ليل نهار بأنها نظم مستقلة ذات سيادة، فلماذا تنفذ صاغرة قائمة الإملاءات الغربية التي أقرتها مؤتمرات المرأة والسكان والتنمية، التي نظمتها الأمم المتحدة، التي تأتمر بأمر الغرب وتروج لقيمه وثقافته؟


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الشريعة، مصر، علمانية، ليبيرالية، تغريب، حقوق المرأة، الأمم المتحدة، الأسرة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 13-04-2009   الموقع الأصلي للمقال المنشور اعلاه shareah.com

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
صلاح المختار، محمد يحي، عبد الغني مزوز، فتحـي قاره بيبـان، د. أحمد محمد سليمان، محمود فاروق سيد شعبان، أحمد ملحم، الناصر الرقيق، المولدي الفرجاني، ضحى عبد الرحمن، رافد العزاوي، د. طارق عبد الحليم، عمر غازي، علي عبد العال، إياد محمود حسين ، عبد الله الفقير، فتحي العابد، د. أحمد بشير، سامح لطف الله، وائل بنجدو، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، رحاب اسعد بيوض التميمي، مصطفى منيغ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، سفيان عبد الكافي، د - شاكر الحوكي ، صفاء العربي، د- محمود علي عريقات، حسني إبراهيم عبد العظيم، جاسم الرصيف، د. خالد الطراولي ، صالح النعامي ، محمد أحمد عزوز، فهمي شراب، د - محمد بنيعيش، حميدة الطيلوش، أحمد الحباسي، د.محمد فتحي عبد العال، عواطف منصور، فوزي مسعود ، ماهر عدنان قنديل، سعود السبعاني، يزيد بن الحسين، سليمان أحمد أبو ستة، محمد اسعد بيوض التميمي، د - محمد بن موسى الشريف ، ياسين أحمد، د- محمد رحال، رشيد السيد أحمد، د - عادل رضا، محمود طرشوبي، رافع القارصي، سيد السباعي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عراق المطيري، خبَّاب بن مروان الحمد، صباح الموسوي ، أحمد بوادي، مصطفي زهران، أشرف إبراهيم حجاج، رضا الدبّابي، الهيثم زعفان، د. عادل محمد عايش الأسطل، محرر "بوابتي"، سلوى المغربي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. صلاح عودة الله ، صلاح الحريري، محمد عمر غرس الله، عمار غيلوفي، طلال قسومي، محمد الياسين، سامر أبو رمان ، علي الكاش، الهادي المثلوثي، مراد قميزة، محمد العيادي، د - مصطفى فهمي، د- هاني ابوالفتوح، فتحي الزغل، محمد الطرابلسي، تونسي، د - الضاوي خوالدية، أحمد النعيمي، عبد الله زيدان، كريم السليتي، محمد شمام ، أنس الشابي، د - صالح المازقي، العادل السمعلي، عزيز العرباوي، إسراء أبو رمان، منجي باكير، د- جابر قميحة، عبد الرزاق قيراط ، أبو سمية، نادية سعد، حسن الطرابلسي، سلام الشماع، مجدى داود، إيمى الأشقر، حاتم الصولي، يحيي البوليني، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمود سلطان، رمضان حينوني، صفاء العراقي، حسن عثمان، خالد الجاف ، د. عبد الآله المالكي، أ.د. مصطفى رجب، د - المنجي الكعبي، كريم فارق،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء