البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي الإدراجات
مقالات متعلقة بالكلمة : تونس

تونس: المستقبل أقل وضوحا من الماضي

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 514



الأسبوع الثاني من شهر كانون الأول/ ديسمبر 2022 قدم لنا إخوتنا المغاربة وجبة كاملة من الفرح. لقد رقصت أمة العرب ونحن منها في الشوارع فرحا، وشاركها قوم كثير من كل بلاد الإسلام وأفريقيا، وقرئ انتصار الفريق المغربي على نظيريه الإسباني والبرتغالي كنصر عسكري في حروب التحرير، وما زال الفرِحون ينتظرون انتصارا ثالثا على قوة استعمارية دمرت أفريقيا واستنزفت خيراتها بل امتصت دمها كعنكبوت الأرملة السوداء.

وقليل من تابع المقابلات المغربية من أجل فرجة كروية محايدة، كما حبرت مقالات كثيرة تمجد النجاح القطري في تنظيم الدورة أمنيا وأخلاقيا وجماليا حتى لم يبق مجال للاستزادة إلا بالتكرار، لذلك نعود بالقلم إلى موطنه ونتأمل اللحظة التونسية في نهاية سنة إدارية تبدو بلا موازنة ولا مؤسسات فاعلة، ولذلك عنونا الورقة بأن الماضي كان أوضح مما ننتظر ولا ندري في الواقع ماذا ننتظر من الانقلاب وقد تصحر كل شيء.

انقلاب عسكري أخفي تحت الطاولة

من داخل السلطة وأجهزتها تم تفجير خبر صادم؛ هناك محاولة انقلابية خطط لها في تونس لإنهاء الانقلاب، وذُكرت أسماء كثيرة وخطة من داخل المتحمسين للانقلاب أو من جماعة 25 تموز/ يوليو، وبعيدا جدا عن المعارضة المدنية الرافضة له. وفُتح التحقيق أمام القضاء المدني وفجأة أحيل الملف برمته إلى القضاء العسكري، واختفى من التداول الإعلامي وتذكر الجميع فجأة سرية التحقيق وحق المتهمين الأبرياء، وعاد بعض المتهمين يعلّموننا أخلاق التقاضي ويثبتون براءتهم في وسائل الإعلام.

قلنا في لحظتها إن الملف قد قُبر وما إظهاره ثم قبره إلا علامات تنازع داخل المنظومة؛ تعمل أطرافها على تحسين مواقعها إزاء المكاسب المحتملة بعد تنظيم الانتخابات التي توهم بأن الانقلاب سيستقر لمرحلة طويلة. لقد دخلت أخبار الانقلاب المزعوم في منطقة الظلام إلى جانب ملفات اغتيال الرئيس وملف اغتيال مديرة مكتبه، ملفات تعلن ثم تدفن ويبقى الجمهور يحلل بالاحتمالات الافتراضية ثم يقوم الإعلام نفسه باختلاق قضية تصرف النظر عن الأصل إلى الفروع. وقد لعب هذا الإعلام اللعبة نفسها فاختلق قضية الأستاذ الممثل مهذب الرميلي، وظل يجذب إليها الناس لمدة أيام عشرة ونسي حديث الانقلاب.

إشارات غامضة إلى دور الجزائر في تونس

ليلة انفجار خبر الانقلاب حل وزير خارجية الجزائر في تونس تحت جنح الظلام ولم يعلم أحد لماذا جاء بمثل تلك السرعة. قالت التخرصات إن مخابرات الجزائر هي من تفطن للمؤامرة على الرئيس وقد جاء الوزير بقائمة الأسماء، وذهبت تحليلات أخرى تؤلف سيناريوهات غريبة عن حرب مخابرات بين فرنسا والجزائر في تونس كما لو أن الدولتين مختلفتان في إسناد الانقلاب وحمايته منذ البداية. ثم طارت وزيرة الانقلاب إلى الجزائر ولأنها لا تحسن تركيب جملة مفيدة بالعربية لم نفهم لماذا طارت وبماذا عادت؛ هل كانت توضح موقفا سياسيا محددا من دولة الجزائر؟ وماذا غاب عن الجزائر ليحتاج التوضيح؟ هل كانت تسعى لرفد مالي ترجم لاحقا بمنح تونس قرضا جزائريا؟

منطقة أخرى غامضة تتعلق بالمستقبل القريب، ولأنها غامضة فإن تخرصات أخرى تروج عن نية الجزائر الهيمنة العسكرية على تونس الفاشلة أمنيا لحماية حدودها الشرقية. ونحن إذ نستبعد بجدية مثل هذه السيناريوهات الهتشكوكية، فإننا نقرأ رواجها بين الناس كعلامة على غموض ما يحيط بتونس في آخر سنة لم يفرحهم فيها إلا فريق كرة القدم المغربي.

لا يحتاج العالم وخاصة في حوض المتوسط (الآن وهنا) حربا أخرى، فحرب روسيا تقتل أوروبا بالبرد وغاز الجزائر هو آخر أمل في التدفئة، لكن رغم ذلك نحتاج أن نفهم (لأن الغموض يلفنا) لماذا تعطف الجزائر بكل حماس على الانقلاب وتقدم له المعلومات الاستخبارية والهبات المالية والقروض؟ هل هذه علامات خوفها من الاحتمال الديمقراطي في تونس؟ هل هو جهلها بما فعله الانقلاب بالناس من تجويع وتشريد؟ أليس فقر الشعب التونسي وإفلاس الدولة التونسية خطرا على أمن الجزائر أكثر من خطر الإرهاب؟ إلى أي مدى يمكن لدولة الجزائر أن تذهب في حماية انقلاب يخلق كل يوم أسباب الانتفاض عليه؟ علاقة الانقلاب بالجزائر وحركة الجزائر في تونس واحدة من البوابات المغلقة للتطلع إلى مستقبل مفهوم.

من مكة إلى واشنطن عبر المنيهلة

شارك الرئيس في القمة الصينية العربية في السعودية، وتفاصح في الخطاب بجمل من الحرب الباردة ولا ندري مقدار الصبر الذي بُذل لسماعه، ثم ظهر معتمرا ككل زعماء العرب الذين تسبقهم الكاميرات إلى الحرم. بماذا عاد من الحجاز؟ لا ندري.

ظهر فجأة في الحي الشعبي "المنيهلة" يروّج لخطاب الشفقة على الفقراء ويظهر التعاطف كما لو أنه معارض شعبوي يحرض على نظام بلاده. وهو اللحظة في واشنطن لحضور قمة أخرى وسيتفاصح في غير موضع فصاحة، وفي كل الحركات لا نفلح في تأليف خط سير سياسي قابل للتحليل.

هل لديه القدرة على تحمّل الانحياز إلى الصين في معركة تقدمها في أفريقيا؟ أم سيدفِّعه الأمريكيون ثمنا لهذه المشاركة التي بالمناسبة تهرب منها رئيس الجزائر رغم حجم الاستثمارات الصينية في بلاده؟ نعرف أن أنصاره القوميين خاصة يحرضونه على الذهاب في هذا الاتجاه بدعوى التحرر من الإمبريالية الأمريكية (كما لو أن الصين دولة ملائكة) لكننا نذكّر بأمور جرت. لقد اتبع المنقلب رأي حاكم مصر بخصوص العلاقات مع ليبيا (بتحريض من القوميين) فقطع طرق التواصل مع طرابلس فحازت مصر كل عقود العمل مع ليبيا (مليون فرصة معلنة)، وانحاز إلى الجزائر ضد المغرب في قضية الصحراء فخسر المغرب وظلت علاقات المغرب والجزائر ممكنة رغم العداء الظاهر. أخبار العقود والاتفاقات الصينية العربية لا تذكر تونس إلا أن تكون مشاريع سرية (خشية العين والحسد ربما).

أبحث عن الخيط الرابط بين حركات الرئيس وحكومته في الخارج وأحاول قراءة دبلوماسيته فلا أجد مفاتيح، سوى غياب الرؤية وفقدان البوصلة، وهو سبب كاف لغموض المستقبل والمكوث في انتظار المجهول.

لم نمر هنا بالانتخابات القادمة (السبت 17 كانون الأول/ ديسمبر) ولا بغياب نقاش الموازنة ولا بغياب قوانين ختم الموازنات السابقة. كيف سيكون برلمان الرئيس وماذا سيفعل؟ غموض مطلق حول المستقبل. هل نقول دولة بلا قيادة أو سفينة بلا ربان، أو نقول لحظة بقاء تونس مرهون بالصدف لا بالنظام؟ النتائج المعيشة الآن وهنا الرئيس وحكومته يجعلون حياة الناس تزداد عسرا كل يوم ولا يلوحون بأية خطة انفراج.

سننتظر -وهذا مبلغ رجائنا- انتصار المغرب على فرنسا كرويا لنتنفس حتى نهاية الأسبوع.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

إنقلاب قيس سعيد، تونس، الإنقلاب في تونس، العجز،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 15-12-2022   الموقع الأصلي للمقال المنشور اعلاه المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
المولدي الفرجاني، عبد الغني مزوز، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عواطف منصور، عبد الله الفقير، محمود فاروق سيد شعبان، سعود السبعاني، عبد الرزاق قيراط ، د- هاني ابوالفتوح، د. خالد الطراولي ، محمد يحي، د.محمد فتحي عبد العال، محمد الياسين، صلاح الحريري، جاسم الرصيف، مصطفى منيغ، د. صلاح عودة الله ، د - صالح المازقي، محمد عمر غرس الله، كريم فارق، حميدة الطيلوش، فوزي مسعود ، محمد أحمد عزوز، د - شاكر الحوكي ، عمر غازي، رشيد السيد أحمد، أ.د. مصطفى رجب، صفاء العربي، يحيي البوليني، خبَّاب بن مروان الحمد، د- محمود علي عريقات، محمد اسعد بيوض التميمي، فتحـي قاره بيبـان، عبد الله زيدان، مصطفي زهران، د- محمد رحال، د - مصطفى فهمي، طلال قسومي، د. مصطفى يوسف اللداوي، حاتم الصولي، صباح الموسوي ، د - محمد بنيعيش، د - محمد بن موسى الشريف ، سيد السباعي، محمود طرشوبي، إياد محمود حسين ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عمار غيلوفي، د - الضاوي خوالدية، فتحي العابد، حسن الطرابلسي، أحمد النعيمي، صالح النعامي ، علي عبد العال، مراد قميزة، ياسين أحمد، حسن عثمان، رضا الدبّابي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، إيمى الأشقر، سفيان عبد الكافي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د. أحمد بشير، محمد العيادي، يزيد بن الحسين، أحمد بوادي، محرر "بوابتي"، محمد شمام ، أحمد ملحم، سامح لطف الله، أنس الشابي، عزيز العرباوي، د. عبد الآله المالكي، فتحي الزغل، د - عادل رضا، الناصر الرقيق، محمد الطرابلسي، سليمان أحمد أبو ستة، العادل السمعلي، سامر أبو رمان ، حسني إبراهيم عبد العظيم، وائل بنجدو، رمضان حينوني، د. طارق عبد الحليم، منجي باكير، د. أحمد محمد سليمان، أبو سمية، الهيثم زعفان، سلام الشماع، الهادي المثلوثي، عراق المطيري، كريم السليتي، ماهر عدنان قنديل، نادية سعد، فهمي شراب، د- جابر قميحة، رحاب اسعد بيوض التميمي، أحمد الحباسي، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - المنجي الكعبي، صفاء العراقي، رافع القارصي، ضحى عبد الرحمن، إسراء أبو رمان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، صلاح المختار، مجدى داود، سلوى المغربي، تونسي، رافد العزاوي، أشرف إبراهيم حجاج، خالد الجاف ، محمود سلطان، علي الكاش،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء