البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي الإدراجات
مقالات متعلقة بالكلمة : تونس

زحف اليمين الشعبوي… لا أحد أفضل من الآخر

كاتب المقال توفيق رباحي   
 المشاهدات: 566



في السويد احتاج اليمين الشعبوي إلى 12 سنة فقط ليرتقي من مجرد أصوات هامشية مبعثرة إلى قوة سياسية وبرلمانية في البلاد تحوز على قرابة 20٪ من أصوات الناخبين (حزب ديمقراطيي السويد).

وفي إيطاليا يتفنَّن السياسيون في بلورة المشاعر اليمينية حتى أصبح في البلاد أكثر من حزب يميني واحد وأكثر من زعيم سياسي يغرف من إرث موسوليني الفاشي. (إيطاليا يمكن اعتبارها جرس إنذار أوروبا ومختبرها. فقد سبق فيها بينيتو موسوليني أدولف هتلر في ألمانيا. ونشأت فيها الألوية الحمراء اليسارية قبل ظهور حركة العمل المباشر الفرنسية وفصيل الجيش الأحمر في ألمانيا. وسبق فيها سيلفيو بيرلسكوني دونالد ترامب في أمريكا).

في فرنسا نجح اليمين المتطرف في أن يصبح جزءا من اللعبة السياسية ومن الفضاء العام لا يُمكن تخيّل انتخابات نيابية أو رئاسية من دونه. منذ نحو عشرين سنة لا يختار الفرنسيون قادتهم بل يُجبَرون على ما يسمى التصويت الاضطراري لصالح القوى السياسية التقليدية، ليس حُبًّا فيها وإنما لسد الطريق أمام اليمين المتطرف ممثلا في التجمع الوطني (الجبهة القومية سابقا).

لكل دولة أوروبية اليوم تجربة مع اليمين المتطرف. حتى الدول التي لطالما وُصفت بالمتسامحة، مثل سويسرا والنمسا وبلجيكا والنرويج، لم تنجُ من هذا الزحف ولها نصيب في الجدل.

دول أوروبا الشرقية، بالذات تلك التي غداة انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي صدَّرت ملايين المهاجرين إلى دول أوروبا الغربية والوسطى، مثل بولندا ورومانيا وبلغاريا، تضج اليوم بالعصابات الفاشية وتبدو مثل دول القارة الأخرى أو أسوأ من حيث تغلغل اليمين الشعبوي.

فوز اليمين الشعبوي في السويد، ولو بصعوبة، وفي إيطاليا بنتائج مريحة، هو آخر حلقات ظاهرة تتكرس بقوة وسرعة في أوروبا، وانعكاس لواقع لا يختلف كثيرا عبر العالم. كل دولة، بما في ذلك العربية والمسلمة، والآسيوية البوذية والهندوسية، لها نسختها من اليمين المتطرف. اليابان لديها يمينها الشعبوي. روسيا كذلك، وكندا وأوكرانيا. الهند أسوأ من الكل. قريبا منا، المغرب، الجزائر، تونس، مصر، لبنان، تركيا وقس على ذلك في القارات الخمس. دولة جنوب إفريقيا لا تخلو من يمين شعبوي يلاحق الجياع القادمين من دول إفريقية مجاورة في قوتهم ويطاردهم في الشوارع وفي الجحور التي يضطرون إلى اتخاذها مأوى. إسرائيل في وضع أخطر إذ ينخرها اليمين الشوفيني أكثر من غيرها لكن لا أحد يتكلم.

ليس ضروريا أن يكون هذا اليمين مهيكلا سياسيا وانتخابيا. في دول الجنوب، ومنها العربية، هو غائب سياسيا، لكنه متجذر في أعماق الفرد والمجتمع ويُشاهَد بسهولة يوميا.

لكن لأن أمريكا تقود العالم، يتجه الاهتمام إليها أكثر من غيرها. ولأن أوروبا تشارك في قيادة هذا العالم، يحظى انتشار اليمين المتطرف فيها باهتمام أكبر مما هو الحال في غيرها.

لعل التركيز الغربي الموجه أكثر إلى أمريكا وأوروبا نابع من خوف القوى الكبرى من خسارة مكاسبها الاقتصادية والجيو استراتيجية ومن فقدان هيمنتها على العالم إذا افترضنا أن اليمين الشعبوي يميل إلى رفض العولمة والفضاءات والتكتلات ويفضّل الانطواء في الأوطان وعليها (شعار موسوليني كان: الله، الوطن، العائلة).

في هذه التحولات السياسية العميقة التي تشهدها المجتمعات الغربية، والتي من نتائجها زحف اليمين الشعبوي بسرعة مخيفة، علامات على أزمات متنوعة تعيشها هذه المجتمعات. من الخطأ الاعتقاد أن الأمر مرتبط فقط باتساع نطاق موجات الهجرة من مناطق الحروب وبؤر الفقر والأزمات.
هناك ما هو أعمق. في التحوّلات الحالية إشارة إلى أن الديمقراطية بمفهومها الغربي التقليدي انتهى مداها ووصلت إلى طريق مسدود. واستنتاجا فقدت الحكومات والأجهزة السياسية في الغرب تميّزها ونفوذها الأخلاقي لتلقين الآخرين دروسا في الحقوق والحريات.

الأسوأ في الأمر أن هذا التراجع لم يعد مزعجا للذين يكرِّسونه. ولم يعد مخيفا للذين يختلفون معه. ليس عيبا اليوم أن يُعيَّر سياسي في الغرب بأنه يميني شعبوي، ولن يكلف نفسه عناء الدفاع عن نفسه وفكره السياسي. تقدم مارين لوبان إلى الدور الثاني في الانتخابات الرئاسية الفرنسية في ربيع العام الجاري بالكاد استوقف البعض، لكن تقدم والدها للدور ذاته منافسا لشيراك في 2002 أصاب فرنسا وأوروبا كلها بالصدمة والذهول. نواب اليمين المتطرف في البرلمان الأوروبي اليوم، وبعضهم لا يخفي افتتانه بالفكرين النازي والفاشي، ينحدرون من عشر دول ويشكّلون كتلة متجانسة لا تقل تأثيرا عن الكتل الأخرى.

هذا «التطبيع» هو ما ساهم في تذويب الحدود بين التيارات السياسية التقليدية في أوروبا. فقد جنحت الأحزاب اليمينية إلى مزيد من اليمين (في فرنسا لم يعد هناك فرق واضح بين اليمين التقليدي مثل حزب ماكرون و«الجمهوريون»، وحزب مارين لوبان)، واقتربت اليسارية من اليمين (حزب العمال البريطاني، على سبيل المثال، يقف في المنطقة الرمادية بين اليمين واليسار منذ قاده إليها توني بلير فخسر اليسار ولم يكسب اليمين).

من الضروري التذكير بأن قادة اليمين المتطرف الأوروبي حلفاء تقليديون لكثير من الحكام الطغاة في منطقة الشرق الأوسط وفي غيرها. مارين لوبان صديقة سياسية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وزارت روسيا نحو أربع مرات خلال السنوات القليلة الماضية. والدها جان ماري لوبان كان صديقا للرئيس العراقي الراحل صدام حسين. يورغ هايدر، وهو أحد زعماء اليمين المتطرف في النمسا قبل أكثر من عشرين سنة (توفي في حادث سيارة)، كان صديقا شخصيا للعقيد معمر القذافي. النظام السوري يقيم علاقات وثيقة، عبر وسطاء، مع نازيين جدد في فرنسا ودول أوروبية أخرى تطوّع بعضهم لمساعدة الجيش السوري والميليشيات المتحالفة معه في حربه الأهلية.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

اليمين، أوروبا، الأحزاب الفاشية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 6-10-2022   الموقع الأصلي للمقال المنشور اعلاه المصدر: القدس العربي

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
رافع القارصي، خالد الجاف ، إسراء أبو رمان، د- هاني ابوالفتوح، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عبد الله زيدان، د - الضاوي خوالدية، علي عبد العال، رشيد السيد أحمد، مراد قميزة، مصطفى منيغ، د - المنجي الكعبي، ماهر عدنان قنديل، إياد محمود حسين ، عمار غيلوفي، فتحـي قاره بيبـان، محرر "بوابتي"، سيد السباعي، فتحي الزغل، محمد يحي، محمود فاروق سيد شعبان، أشرف إبراهيم حجاج، عواطف منصور، حاتم الصولي، رافد العزاوي، صفاء العربي، د - شاكر الحوكي ، د.محمد فتحي عبد العال، حسن عثمان، ياسين أحمد، مجدى داود، عبد الرزاق قيراط ، يحيي البوليني، سامح لطف الله، أحمد بوادي، د. أحمد بشير، سليمان أحمد أبو ستة، د- محمود علي عريقات، د - صالح المازقي، الناصر الرقيق، د- جابر قميحة، حميدة الطيلوش، د. أحمد محمد سليمان، د. مصطفى يوسف اللداوي، المولدي الفرجاني، د- محمد رحال، سامر أبو رمان ، محمد الياسين، سلوى المغربي، فهمي شراب، أ.د. مصطفى رجب، رضا الدبّابي، منجي باكير، محمد الطرابلسي، رمضان حينوني، د - مصطفى فهمي، د. طارق عبد الحليم، أحمد الحباسي، د. خالد الطراولي ، محمود سلطان، صلاح المختار، سعود السبعاني، د - عادل رضا، أنس الشابي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، مصطفي زهران، عبد الله الفقير، عمر غازي، محمد أحمد عزوز، جاسم الرصيف، أحمد ملحم، رحاب اسعد بيوض التميمي، عبد الغني مزوز، العادل السمعلي، خبَّاب بن مروان الحمد، فوزي مسعود ، د. صلاح عودة الله ، فتحي العابد، أحمد النعيمي، صفاء العراقي، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمد اسعد بيوض التميمي، إيمى الأشقر، د - محمد بن موسى الشريف ، كريم السليتي، علي الكاش، محمد عمر غرس الله، محمد العيادي، محمد شمام ، أبو سمية، محمود طرشوبي، الهادي المثلوثي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، وائل بنجدو، د. عبد الآله المالكي، ضحى عبد الرحمن، د. عادل محمد عايش الأسطل، عراق المطيري، صالح النعامي ، عزيز العرباوي، سفيان عبد الكافي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، كريم فارق، حسن الطرابلسي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، طلال قسومي، صلاح الحريري، د - محمد بنيعيش، نادية سعد، صباح الموسوي ، تونسي، الهيثم زعفان، يزيد بن الحسين، سلام الشماع،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء