البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي الإدراجات
مقالات متعلقة بالكلمة : تونس

تونس.. عودة سياسة بلا خريطة طريق

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 608



العودة السياسية في أيلول/ سبتمبر بتونس انطلقت دون أن يتبين الجمهور الواسع خارطة طريق سياسية قد يضعها الرئيس وفريقه، أو تضعها المعارضة المتعددة الرؤوس. نعم أعلن الرئيس عن موعد انتخاباته وأصدر قانونه الانتخابي كما أعلنت أطياف المعارضة مقاطعتها للانتخابات، لكن في الطريق إلى الانتخابات (في كانون الأول/ ديسمبر) تندلع معارك سياسية وأمنية تجعل احتمال الوصول إلى الانتخابات ضعيفا. واليقين أن لهذه المعارك تأثيرا مباشرا على نسب المشاركة، فالحماس الشعبي في أدنى درجاته بعد الخيبة في الرئيس التي تراكمت أسبابها منذ الانقلاب.

نتناول بعض وقائع الطريق إلى الانتخابات ونظن أنها تتضافر لجز العشب تحت أقدام الرئيس ومشروعه.

النهضة هدف أبدي

عودة اليسار الاستئصالي السياسية بدأت بهجوم استئصالي على حزب النهضة، هجوم أدارته غرفة إعلام محترفة تنسق عملها مع نقابات أمنية متخصصة في مطاردة الإسلاميين، لكن القضاء وجد ملفات فارغة ولم يخضع للمحاكمات الإعلامية، فكأن الهجوم سقط في الماء وقد ظهر السيد لعريض واثقا من براءته وقوة حزبه. وفي انتظار توليف ملف آخر للنهضة تبدو الآن بمنجاة

هل للرئيس علاقة مباشرة بهذه الحرب؟ أم أن غرفا أخرى تتحرك دون علمه أو التنسيق مع فريقه الرئاسي؟

القطيعة بين الرئيس وحزب النهضة ورئيسها (رئيس البرلمان) ثابتة وغير قابلة للحل، بل إن الوضع عدائي ولكن الرئيس لم يشرع في حرب مباشرة على طريقة ابن علي، لذلك نلاحظ أنه خيب ظن الفريق الاستئصالي الذي كان يسانده مقابل شن حرب على النهضة، فتقدموا إلى معركتهم معولين على صمت الرئيس أو موافقته الضمنية. ونراه يكسب من ذلك إضعاف خصمه اللدود دون أن تتسخ يده بهذه الحرب، لكن عندما يخرج خصمه من أروقة التحقيق دون أن يجد القضاء إثباتا (خاصة في ملف التسفير) فإن المكسب يتلاشى بسرعة ويظهر الصياد المنكود الحظ.

معركة أخرى كشفت أسلوبه غير المبادر (دعهم يختصمون فخراج المعركة راجع لي)، لكن خراج هذه المعركة لم يصب في رصيد الرئيس، لقد صب في خزينة القضاء المستقل والذي يتحول في كل معركة إلى كابوس للرئيس لم يفلح في اختراقه، وصب في رصيد النهضة التي برئت من قضية كبرى (تمويل بؤر الإرهاب بالإرهابيين).

في انتظار معركة أخرى بهدف استئصالي، ظهر بديل الغنوشي في المؤتمر القادم، وهذا ملف آخر سنعود إليه.

وجبات الرئيس دسمة جدا

قبل خفوت صوت هذه المعركة وُضعت في التداول كشوف مصاريف القصر، وتبين أن هناك قفزة كبيرة في كميات المواد الموردة للقصر وأثمانها مقارنة بأرقام سنة 2019. وهو ما كان موضوع حملة دعاية مضادة للقصر؛ نعتقد أنها كانت من القوة والتركيز بحيث وصلت إلى قطاعات واسعة وفرضت السؤال: ما هي مبررات هذا الإنفاق الكبير والذي جرى مع دعوة الناس إلى التقشف وشد الأحزمة في ظل ندرة المواد الغذائية؟

ونذكر هنا أن الأرقام متاحة للعموم في موقع المرصد الوطني للصفقات العمومية، وهذه مؤسسة فرضتها كتلة النهضة في برلمان 2014-2019 الذي كان تحت سيطرة حزب النداء وقد تنبه (أو نبه بفعل فاعل) الجمهور إلى أرقام الإنفاق الغذائي على القصر، حيث فاقت كلفة اللحوم الحمراء وحدها في سنة واحدة مليارا وربعا من المليمات التونسية، وهو مبلغ كبير جدا لم يسع القصر إلى توضيح وجوه الحاجة إليه وأبواب إنفاقه، وخاصة لم يفسر للناس سبب القفزة في الكميات.

حملة السخرية المركزة أفضت إلى أسئلة عند جمهور واسع عمن يعيش على الإنفاق العمومي في القصر، وما الذي تغير في سياسته حتى يحتاج كل المواد الغذائية المذكورة في المرصد. والذي زاد في صدى الحملة هو تزامنها مع حالة شح في تزويد السوق بالمواد الحيوية، وارتفاع أسعار المواد بشكل غير قابل للتراجع.

ماذا يأكل الرئيس وماذا يترك لشعبه؟ هذا السؤال صار على ألسنة كثير من الناس، حتى أن جمهور الرئيس المعتاد على تبرير كل ما يفعله صَمَتَ صمْتَ القبور على تناقض الحالة الرئاسية مع الحالة الشعبية. من فعل هذا بالرئيس؟ لقد وضع نفسه في وضع الاستهداف وكانت مؤسسات الحرية أو ما تبقى منها بالمرصاد.

معركتان انتهتا لغير صالح الرئيس وجزتا العشب تحت قدميه، وهناك معركة ثالثة..

النقابات الأمنية تحت الأضواء الكاشفة

البلد العربي الوحيد الذي تنتظم فيه قوات الأمن الداخلي في نقابات هو تونس، وهذا على الورق مكسب اجتماعي، لكن على الأرض ومنذ التأسيس لهذه النقابات سعى بعضها إلى التأثير في المشهد السياسي، وخاصة نقابة قوات الأمن الداخلي التي تحركت كحزب سياسي مسلح تقريبا، وكانت لها جوقة إعلامية تروج لها.

شهدت نهاية الأسبوع إخراج النقابة من مقر لها كانت استولت عليه دون وجه حق، ورغم أحكام قضائية باتة ضدها فإنها رفضت الإخلاء حتى تم استعمال القوة العامة ضدها. وقد ضُبطت لدى النقابة مبالغ مالية كبيرة لم يفهم سبب تواجدها في المقر ولا مصدرها، وهو ما فتح الباب لتأويلات كثيرة عن دور النقابة وعلاقتها بتحريك الشارع في أماكن محددة وفي فترات محددة.

وليس لدينا الآن ما يكفي من المعلومات حول مصير البحث في الأموال، وما إذا كانت ستفتح طريقا لمحاسبة النقابة وفهم دورها وكشف من يحركها وأجندته. لكن الأكيد أن شكا كبيرا بدأ يحوم حول هذه النقابة وربما يتسع إلى بقية النقابات، خاصة أن الرئيس يود توحيدها سريعا في نقابة واحدة (طبعا دون أن يكشف هدفه من ذلك). وتعتبر هذه النقابة هي الأشد رفضا للتنسيق مع بقية النقابات والتوحد معها.

مسرح عرائس لكن من يمسك الخيوط؟

أحداث تبدو متباعدة وتجميعها في سياق لا يكون إلا تأويلا، لكن رغم ذلك لا بد من التأكيد على أن هناك ساحة سياسية حية لم تمت وإن عبرت عن حيويتها بأشكال غير نمطية؛ نتائجها المباشرة تهرئة رصيد الرئيس وإعدام كل أمل في حل يأتي من قبله (وهذا في أفق انتخابات ستحدد مصيره قبل مصير البلد)، وفضح الصف الاستئصالي الذي لم يغير أجندته ولم ينوع في وسائله الحربية.

لكن أي عاقل يعتقد أن هذا الوضع يمكن أن يستمر وينتج حلولا لبلد يسير على حافة الإفلاس (بلغ سعر الدولار 3.3 دنانير في نهاية شهر أيلول/ سبتمبر)، وهو ما يفرض علينا سؤالا حول المستقبل القريب. من يحكم البلد فعلا؟ ومن سيحكمه قريبا، وهل أن الأحداث التي وصفت أعلاه في علاقة بمن يحرك خيوط الفاعلين من وراء ستار؟

شعور عام نلتقطه عند كثير من الناس، هذا الوضع على وشك أن ينقضي وهناك بديل يتهيأ في مكان ما. ما ملامحه؟ ومن أعمدته؟ وما برنامجه للخروج من الأزمة؟ هذه الأسئلة الجادة التي يطرحها الجادون في المشهد دون أن يتيسر لأحدهم ملامح إجابة دقيقة تشفي الغليل.

هناك يقين ثابت بأن مرحلة سياسية تنقضي بشخصياتها وبأجنداتها، وأخرى في علم الغيب ستطلب ثمنا لتكون، كل ما نود أن لا يكون الثمن دما غزيرا.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، إنقلاب قيس سعيد، الثورة المضادة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 30-09-2022   الموقع الأصلي للمقال المنشور اعلاه المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أحمد النعيمي، د. خالد الطراولي ، د- هاني ابوالفتوح، د- جابر قميحة، أبو سمية، حسن عثمان، د. مصطفى يوسف اللداوي، سامر أبو رمان ، ضحى عبد الرحمن، محمد الطرابلسي، د. عادل محمد عايش الأسطل، سلام الشماع، أحمد بوادي، رافد العزاوي، خالد الجاف ، المولدي الفرجاني، سليمان أحمد أبو ستة، فتحـي قاره بيبـان، الهادي المثلوثي، محمد عمر غرس الله، د. أحمد بشير، الناصر الرقيق، حاتم الصولي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، حسن الطرابلسي، د. صلاح عودة الله ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، رمضان حينوني، فوزي مسعود ، د - محمد بنيعيش، يحيي البوليني، عمر غازي، رشيد السيد أحمد، صلاح المختار، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عمار غيلوفي، محمد اسعد بيوض التميمي، إيمى الأشقر، منجي باكير، محمود فاروق سيد شعبان، عراق المطيري، كريم فارق، د- محمود علي عريقات، محمود طرشوبي، محمد شمام ، د - عادل رضا، رافع القارصي، عبد الله الفقير، سفيان عبد الكافي، علي الكاش، د - الضاوي خوالدية، عبد الرزاق قيراط ، ماهر عدنان قنديل، د - صالح المازقي، أنس الشابي، طلال قسومي، وائل بنجدو، محرر "بوابتي"، محمد الياسين، مجدى داود، عبد الله زيدان، فتحي العابد، إسراء أبو رمان، محمد يحي، الهيثم زعفان، د.محمد فتحي عبد العال، د - المنجي الكعبي، صلاح الحريري، أشرف إبراهيم حجاج، علي عبد العال، إياد محمود حسين ، نادية سعد، د - محمد بن موسى الشريف ، صباح الموسوي ، سامح لطف الله، أحمد الحباسي، فتحي الزغل، العادل السمعلي، صالح النعامي ، محمود سلطان، صفاء العربي، سعود السبعاني، د. عبد الآله المالكي، أ.د. مصطفى رجب، كريم السليتي، محمد العيادي، مصطفى منيغ، مراد قميزة، د- محمد رحال، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - شاكر الحوكي ، حسني إبراهيم عبد العظيم، رحاب اسعد بيوض التميمي، عواطف منصور، جاسم الرصيف، أحمد ملحم، رضا الدبّابي، ياسين أحمد، يزيد بن الحسين، د. طارق عبد الحليم، د. كاظم عبد الحسين عباس ، تونسي، د. أحمد محمد سليمان، صفاء العراقي، سلوى المغربي، د - مصطفى فهمي، عزيز العرباوي، حميدة الطيلوش، عبد الغني مزوز، محمد أحمد عزوز، خبَّاب بن مروان الحمد، سيد السباعي، مصطفي زهران، فهمي شراب،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء