البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي الإدراجات
مقالات متعلقة بالكلمة : تونس

تونس.. تفاؤل حذر

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 700



نشحن جملنا بروح رمضانية لعلاج الإحباط فقد طال أمد الانقلاب وكنا ظننا أنه لا يملك نفسا لصعود ربوة السياسة والديمقراطية. كلما خرج المنقلب أضاف لفشله سببا جديدا ونفّر آخر المخلصين له ولم نعد نرى حوله إلا كل استئصالي مرعوب من الديمقراطية.

في الجهة الأخرى حيث وقفنا ونقف بوعي تام بخطر الانقلاب منذ الساعات الأولى نرى جبهة وطنية للخلاص تضع أسس مرحلة جديدة وندفع حدود التفاؤل (ولكن بحذر شديد) إلى حد القول بأن النواة الديمقراطية التي تتشكل الآن كقاعدة لما بعد الانقلاب ستكون طليعة موجة ربيع عربي واثق وواع بأخطائه الأولى وتملك مقومات بقاء ونجاح ولو بعد حين. نرى مرحلة عسيرة قادمة تعمل على محو آثار الانقلاب وتثبيت المبادئ التي تقوم عليها ديمقراطية ناجحة بعيدا عن الاستئصال السياسي. أما مصدر الحذر من لدغة ثانية من نفس الجحر فهي معاينتنا لوجود ثوريين يظهرون في الوسط وفي اللحظة الأخيرة لقطف نتائج (غنائم محتملة) ومصادرة وعي الجمهور. ثوريون بدون سيرة نضالية يمدون وجوههم لحظة توزيع الفيء ويقولون نحن اكتشفنا العجلة.

النقابة ليست شريكا في ما بعد الانقلاب

أثبت موقفا شخصيا لم أنفك في التأكيد عليه طيلة عشر سنوات من الثورة. النقابة المسماة تعسفا بالاتحاد العام التونسي للشغل، لم تكن شريكا في الثورة ولم تكن وسيلة لدعم مطالبها منذ تفكيك اعتصام القصبة 2 سنة 2011. بل نراها أداة تخريب ولم تعد كونها جزءا مكينا من منظومة الحكم التي أسقطتها الثورة. وقد كانت ولا تزال هي العنصر الرئيسي في بقاء الانقلاب قائما بعد.

ونرى مكونات جبهة الخلاص الوطني في هذه الأيام تكرر تلك الجمل الخائفة بل المرعوبة من النقابة ولا تفتأ تدعوها إلى الانحياز إلى الصف المعادي للانقلاب. وفي كل دعوة نستشعر خوفا مرضيا (لم يسع أصحابه في علاجه) كما لو أن النقابة تمسك السماء أن تقع فوق تونس. هذه الدعوات (الطيبة أو الغبية غالبا) تتبنى فكرة طفولية عن النقابة (ذات التاريخ النضالي) إذ تفرق بين القواعد النقابية الوسطى والقيادة المركزية وتحصر الخطأ في التنفيذي فتزعم أن الهياكل المتوسطة ثورية ومناضلة ولكن الحقيقة التي لم أعم عن رؤيتها يوما هي أن هذه القواعد لا سلطة فعلية لها بل إن القرار المركزي في التنفيذي هو الغالب وإليه يعود كل القرار في المنظمة.

وأزعم أن النقابة كانت هي الانقلاب الحقيقي منذ اليوم الأول للثورة. وهي القاعدة التي سمحت للانقلاب بإنجاز عمله وأمسكت به أن يقع منذ الساعات الأولى وحتى اللحظة لا تزال تراه أفقا ممكنا يؤدي المهمة التي ترغب النقابة في إنجازها. وهي منع الديمقراطية من أن تقوم وتستوعب الفريق الإسلامي الذي هو مكون أساسي في الساحة التونسية. حجتي في ذلك أن النقابة ليست نقابة فعلا بل هي حزب سياسي يساري متطرف واستئصالي بواجهة نقابية مزيفة. ودعوتها لمعارضة الانقلاب ساقطة بالقوة لأن اليسار الاستئصالي هو مالك الانقلاب ومدبره وقاطف ثمرته.

الأصدقاء الذي نسير معهم في معارضة الانقلاب يدسون بوعي أو بدونه في جبهة الخلاص جرثومة قاتلة. وهذا أكبر مصدر للحذر من الإفراط في التفاؤل بالمستقبل. وإذا كان هناك من نصيحة في هذه المرحلة فهي أن نغسل أيدينا من النقابة (الحزب اليساري الاستئصالي) وأن يتعامل معها الديمقراطيون بصفتها قاعدة معادية للديمقراطية وعنصر تخريب للمستقبل لا يمكن التعويل عليها كشريك. ومن لم يقرأ مرحلة السنوات العشر كمرحلة غربلة لزيف نضالية النقابة فهو يعيد ترحيل سبب الفشل إلى ما بعد الانقلاب.

الحذر من الشطّار الجدد والزعامات المستنفدة

لم يملك الانقلاب قوة بن علي ليوجه ضربات ماحقة لخصومه ومعارضيه فقد ارتعشت يده وهذه الميوعة سمحت حتى الآن لبعض الشطار بالقفز إلى وسط المشهد. لتزعم نضالات مخملية أغلبها يمر في بلاتوهات الإعلام. وبعضها غير مواقفه 180 درجة من لحظة 25 ـ 07 إلى لحظة 10 إبريل. ويوشك الكثير منهم أن يفتك طليعة الحديث باسم معارضة الانقلاب. وصناعة سيرة سياسية من فراغ.

وهذا مشهد تكرر كثيرا منذ الثورة. فقد قفز تجمعيون فاسدون إلى مقدمة المشهد وصنعوا سيرهم على حساب مناضلين دفعوا الثمن أيام الدكتاتورية. بل شارك بعضهم في كتابة الدستور. وقد أظهروا من الوقاحة ما جعل أبناء الثورة يتراجعون في مواقع كثيرة حفاظا على السفينة من الخرق. كثير من هؤلاء يحوم الآن حول النواة الصلبة التي برزت ضد الانقلاب منذ اليوم الأول ويخططون لما بعد الانقلاب من احتمال فيء.

ويقع المناضلون في خطئهم الأول باسم التجميع ضد الانقلاب، يجب أن ننبه هنا إلى أن أكثر المتساهلين مع هؤلاء (باسم التجميع والعفو عند المقدرة) هم قيادات حزب "النهضة" التي تسند النواة الصلبة للمعارضة كدأبهم منذ الثورة بحديث الطلقاء. وهذا مدعاة لمضاعفة الحذر وعدم الاطمئنان لحديث العفو.

إلى هؤلاء أضيف الزعماء الذين لم يفلحوا أبدا في بناء قاعدة حزبية ولم يفلحوا في تجميع فريق سياسي حولهم. وقد كان كل عملهم السعي إلى وضع أنفسهم في الوسط بصفتهم قيادات سياسية ديمقراطية. وفيهم من يريد الخروج من فشله التاريخي على نهاية سياسة مرفهة باسم نضال تاريخي لم يقلع شعرة واحدة من رأس دكتاتور. وفيهم كثير ظل يتربص في أشهر الانقلاب الأولى أن يمنحه مكانة ولم يتراجع إلا بعد يأس مطلق من أن يراه الانقلاب بعين الرضا.

لننظف الطاولة

هنا تتجمع عندي أهم الأسباب للحذر من أفق ديمقراطي مصاب بفيروس الزعامات الطارئة والزعامات المستنفدة والنقابات السفيهة. إني لا أملك هنا مقياسا للنضالية وللثورية ولكن تجربة السنوات العشر جديرة بالقراءة المعمقة قبل البدء في بناء تشكيل سياسي (برلماني) يروج للمستقبل مع هذه الجراثيم السياسية.

عند الحديث عن أخطاء السنوات العشر (برغبة التجاوز) أضع خطأ التسليم بنضالية النقابة كخطأ مركزي دمر الثورة والانتقال الديمقراطي كما أعتبر أن الاعتماد على الزعامات التي تتفضل علي الجمهور بتاريخها خطأ كبير. يتجاهل الدور السلبي الذي لعبته هذه القيادات في تخريب الثورة. خاصة أن أي من هؤلاء لم يتوجه للجمهور بنقد ذاتي واعتذار فصيح عن دوره ولا يزال يبرر أنه في الموقع السليم دوما.

من أين سنأتي بقيادات جديدة؟ هذا سؤال عاجز وغير واثق من نفسه. القيادات ظاهرة في الصورة وهي تقود الشارع فعلا وتأثيرها بين جلي لكن حديث الزعامات يصغرها ليجد مكانا فوق رؤوسها. وهي من فرط استصغار نفسها تسلم له بهذا الدور. كما تسلم للنقابة بدور اجتماعي وما هي إلا بيدق بيد رأس المال ومنظومة الفساد والاستبداد.

ما بعد الانقلاب يصير يقينا ويقترب لكن البناء بعده يقتضي غربلة حقيقية لأخطاء من حكم قبله ومن تزعم على الفراغات الكبيرة ومن يتربص بكل مغنم ممكن. لهذا نتفاءل ولكن نغلب الحذر من موقع المواطن الناخب الذي لا يريد منح صوته مرة ثانية بخديعة لن تختلف عن خطيئة (التطبيع خيانة عظمى). نسير معكم بوعي تام ضد الانقلاب ولكن لن نسمح بسرقة إيماننا مقابل مغانمكم. من أنتم؟ نحن من سنحرس الصندوق الانتخابي القادم من كل زيف. وهذا مبلغ مطمحنا من الكلمة والصرخة والدموع.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

إنقلاب قيس سعيد، تونس، الإنقلاب في تونس، راشد الغنوشي، حركة النهضة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 19-04-2022   الموقع الأصلي للمقال المنشور اعلاه المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
سعود السبعاني، منجي باكير، حسن عثمان، محرر "بوابتي"، محمد العيادي، د - محمد بن موسى الشريف ، د. أحمد محمد سليمان، محمد الطرابلسي، فتحـي قاره بيبـان، فتحي الزغل، عواطف منصور، رحاب اسعد بيوض التميمي، كريم فارق، صالح النعامي ، حاتم الصولي، أ.د. مصطفى رجب، أحمد الحباسي، أنس الشابي، جاسم الرصيف، الهادي المثلوثي، عبد الرزاق قيراط ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - محمد بنيعيش، محمود سلطان، محمد عمر غرس الله، ضحى عبد الرحمن، د - شاكر الحوكي ، عبد الغني مزوز، صلاح المختار، محمد اسعد بيوض التميمي، مراد قميزة، المولدي الفرجاني، د- محمود علي عريقات، سفيان عبد الكافي، د- محمد رحال، محمود طرشوبي، عمار غيلوفي، عمر غازي، تونسي، العادل السمعلي، د. خالد الطراولي ، د. صلاح عودة الله ، ياسين أحمد، رافع القارصي، مصطفي زهران، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، إيمى الأشقر، عزيز العرباوي، نادية سعد، ماهر عدنان قنديل، سامر أبو رمان ، عبد الله الفقير، د - صالح المازقي، طلال قسومي، وائل بنجدو، علي عبد العال، أبو سمية، يحيي البوليني، عراق المطيري، صلاح الحريري، د. طارق عبد الحليم، د- هاني ابوالفتوح، د - الضاوي خوالدية، محمود فاروق سيد شعبان، رمضان حينوني، محمد يحي، أحمد ملحم، أحمد بوادي، أشرف إبراهيم حجاج، صفاء العراقي، كريم السليتي، د. مصطفى يوسف اللداوي، سامح لطف الله، حسن الطرابلسي، محمد الياسين، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. عبد الآله المالكي، صباح الموسوي ، خبَّاب بن مروان الحمد، د - عادل رضا، د. عادل محمد عايش الأسطل، الناصر الرقيق، سليمان أحمد أبو ستة، فتحي العابد، د - المنجي الكعبي، د- جابر قميحة، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أحمد النعيمي، رافد العزاوي، إياد محمود حسين ، مجدى داود، مصطفى منيغ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمد أحمد عزوز، الهيثم زعفان، رضا الدبّابي، حميدة الطيلوش، سلوى المغربي، عبد الله زيدان، سلام الشماع، خالد الجاف ، د.محمد فتحي عبد العال، سيد السباعي، رشيد السيد أحمد، إسراء أبو رمان، فهمي شراب، فوزي مسعود ، د. أحمد بشير، يزيد بن الحسين، صفاء العربي، علي الكاش، د - مصطفى فهمي، محمد شمام ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء