البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي الإدراجات
مقالات متعلقة بالكلمة : تونس

تونس ومحاولات إنعاش سوق الانقلاب بعد ركوده

كاتب المقال المختار غميض - تونس   
 المشاهدات: 1055



الثورة التونسية التي كانت فارقة في الدول العربية والإسلامية وظلّت متماسكة في أحلك الأوقات، رغم كل الأزمات والمؤامرات التي حيكت لها، دخلت منذ 25 يوليو/ تموز الماضي على حين غرة نفق الانتكاسة، على يد من كان طيلة تلك الفترة مضرب المثل بالصدق والنزاهة والثورية.

بيدَ أنَّ "الانقلاب" الدستوري الذي نفّذه أستاذ القانون الدستوري، ظلّ على مدى الأشهر الخمسة الماضية يراود التونسيين على استحياء، ويردّ عن نفسه صفة الانقلاب بتعلّة عدم زجّ الناس في السجون والمحافظة على حرية التعبير والإعلام وتواصُل الحياة السياسية العادية، وكما قال سعيّد نفسه فهو لم ينصب المشانق ولم يعدم الناس بالرصاص.

بل كان الرئيس التونسي قيس سعيّد يستهزئ في جُلّ كلماته وخُطَبه المصوّرة ممّن يصفون ما فعله بالانقلاب، ويتّهمهم بعدم فقههم للقانون، رغم أن ما فعله هو تطبيق حرفي لوثيقة "الانقلاب" المسرَّبة التي نشرها موقع "ميدل إيست آي" في أواخر شهر مايو/ أيار الماضي.

تنكيل لإنعاش أسهم الانقلاب
رغم كل الوعود بالمحافظة على حرية التعبير ومكسب الحقوق والحريات، إلا أن سلطة "الانقلاب" سرعان ما بدأت بالتضييق على الحريات والحقوق ووسائل الإعلام في أكثر من مناسبة، ومع أن سعيّد رفع كل القيود اللاقانونية التي حاصر بها معارضيه بداية، لتوجّسه منهم خيفة على انقلابه المقدّس على "قبة الإخوان"، إلا أن انفضاض الناس من حوله يومًا بعد يوم، وتزايُد حدّة معارضيه وجرأتهم في التصدّي له، جعلا سلوكيات "السلطان الجديد" تتغير وتنزع رويدًا نحو مزيد البطش والقمع والاستبداد.

ومع بدء تقهقر سلطة "انقلاب" الرئيس وتراجع شعبيتها في الشارع، انتشرت بعض الأقاويل من هنا وهناك عن عودة ماكينة "البوليس السياسي" القديمة للعمل مجددًا، وفق تعليمات شفوية ومبادرات لا قانونية تهدف بالأساس إلى التقرُّب من السلطة الجديدة.

إلا أن تلك المقولات لم يكن هناك ما يعززها على أرض الواقع، حتى بعد حادثة صحفي إحدى القنوات التلفزيونية الخاصة، الذي نشرَ في شهر أغسطس/ آب الماضي مقالًا عن تعمُّد بعض الأشخاص السؤال عن منزله واستفسار الجيران عنه تبيّن أنهم من الأمن، قالوا له: "جئنا للاطمئنان عليك" في رسالة واضحة يعرفها التونسيون، التي هي تحذير من مواصلة انتقاد الرئيس وأفعاله وقراراته.

إضافة إلى حادثة محاولة اقتحام منزل الناشط السياسي وأستاذ القانون وعضو مبادرة "مواطنون ضدّ الانقلاب"، جوهر بن مبارك، قبل أشهر، في رسالة كذلك واضحة لعدم مواصلة نشاطه ضد "الانقلاب"، إلى جانب عمليات رصد مقرّ إضراب الجوع الذي ينفّذه عدد من السياسيين في مقرّ حزب حراك تونس الإرادة.

كما عملية الاعتداء على أخ الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، بعد ترصّده قرب محل سكناه، وغير ذلك من الحوادث التي تشير فعليًّا إلى عودة نشاطات البوليس السياسي من جديد لصالح شقّ سياسي واضح، وهو رئيس الدولة ومحيطه، لا سيما بعد جملة من التغييرات والتحويرات على مستوى قيادات الوزارة الأمنية، منذ تولي الوزير الحالي توفيق شرف الدين زمام الوزارة.

الاختطاف والإخفاء القسري
إلا أن جميع ما سبق لم يصل لدرجة ما وقع على المحامي والقيادي في حركة النهضة ووزير العدل الأسبق، نور الدين البحيري، الذي تمَّ اختطافه من أمام بيته من طرف مجموعة من الأمنيين غير المعروفين، وتمَّ اقتياده إلى مكان غير معلوم، دون إذن قضائي ولا أية معلومات من أية جهة رسمية في الدولة.

هذا إلى جانب تغييب الإطار السابق بوزارة الداخلية، فتحي البلدي، الذي لا يزال مكانه مجهولًا إلى اليوم، وهي سابقة خطيرة جدًّا لم تقع في تونس حتى في زمن دكتاتورية ابن علي، والغريب في الأمر أن وزارة الداخلية برّرت ذلك في بيان لها، على أنه تنفيذ إجراء في الإقامة الجبرية ضدّ الاثنين المذكورَين.

إلا أن الإقامة الجبرية لا تتمّ بهذه الصورة، ويكون المشتبه فيه معلوم المكان ويتمتّع بحقوقه المدنية الكاملة، لكن ما حدث لكلّ من البحيري والبلدي يُعتبر إخفاءً قسريًّا لمواطنَين تونسيَّين، دون أية تُهم أو شبهات واضحة أو دراية أية جهة قضائية، وهذا ما يؤكده أهل الاختصاص من المحامين والقضاة والحقوقيين، ما يفتح المجال واسعًا للتأويل.

ولا يختلف اثنان أن ما وقع لا يمكن أن يقع إلا في أكثر الدول تخلُّفًا وقمعًا واستبدادًا ودكتاتوريةً، ولا يمكن أن يقع في بلد ما زال حاكموه يتحدثون باسم الثورة والمبادئ والأخلاق والقانون، رغم أنهم خرقوا القانون وخالفوه في عدة مناسبات، منها التأويل الفاسد لمدلول الفصل 80 من الدستور، ثم الانقلاب على الدستور برمّته بعد ذلك.

ورغم تبريرات وزير الداخلية توفيق شرف الدين، في الندوة الصحفية التي عقدها مؤخرًا، إلا أن أغلب المتابعين للوضع لم يقتنعوا بما وردَ في كلمته، لا سيما أنه أرفقها بنبرة تهديدية لمن شاركوا في الاحتجاج على احتجاز وزير العدل الأسبق نور الدين البحيري، أمام مستشفى بنزرت أين تمَّ إنعاشه قبل يومَين بعد أن تعرّض لسكتة قلبية كادت تودي بحياته.

كما أن التُّهم التي تحدّث عنها وزير الداخلية الذي بدا مذبذبًا ومضطربًا في كلمته، لا ترتقي لمستوى ما وقع من خطف واحتجاز غير قانوني لكل من نور الدين البحيري وفتحي البلدي.

منعرج خطير
أجمع أغلب السياسيين والإعلاميين المتابعين للشأن التونسي في الأيام الأخيرة، على أن سياسة الاختطاف والاحتجاز اللاقانوني أعادت تونس سنوات عديدة إلى الوراء، بل هي بمثابة الإعلان رسميًّا عن تأسيس دولة الدكتاتورية الجديدة بفرض الأمر الواقع على الجميع، رغم أن رئيس البلاد أستاذ للقانون الدستوري، ووزير داخليته محامٍ، ووزيرة عدله قاضية، فكان الأَولى ترسيخ دولة العدل والقانون لا دولة الانقلاب وقانون الغاب، حيث يصبح فيها المستقبل أكثر غموضًا.

إلا أن المحللين السياسيين اعتبروا أن عملية احتجاز كل من البحيري والبلدي تأتي في إطار التصعيد مع حركة النهضة، ومحاولة الترويج للمعركة على أنها ثنائية بين سعيّد والنهضة التي تتعلق بها "شبهات إرهاب وفساد"، وبالتالي حشد عدد جديد من الأنصار للرئيس بعد التقهقر الواضح في شعبيته.

يحدث هذا ونحن على أبواب 14 يناير/ كانون ثاني الذي يحشد له معارضو الرئيس، وينتظر خروج مسيرات مليونية احتفالية بعيد الثورة واحتجاجية ضدّ "الانقلاب"، وهو ما يعني أن الأيام القادمة في تونس سوف تكون حُبلى بالجديد، والذي قد يكون هذه المرة بخلاف التوقعات السابقة.



 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

إنقلاب قيس سعيد، تونس، الإنقلاب في تونس،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 6-01-2022   الموقع الأصلي للمقال المنشور اعلاه المصدر: نون بوست

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
ياسين أحمد، د- جابر قميحة، د. مصطفى يوسف اللداوي، صالح النعامي ، عبد الله الفقير، د - مصطفى فهمي، د - شاكر الحوكي ، حميدة الطيلوش، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - صالح المازقي، سعود السبعاني، فتحي الزغل، يزيد بن الحسين، نادية سعد، أحمد بن عبد المحسن العساف ، جاسم الرصيف، كريم السليتي، د - محمد بن موسى الشريف ، رافد العزاوي، عبد الرزاق قيراط ، محمد شمام ، محمود سلطان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، حسن عثمان، مصطفي زهران، محمد الياسين، محمد يحي، سامر أبو رمان ، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. صلاح عودة الله ، صلاح المختار، عزيز العرباوي، د. خالد الطراولي ، أحمد النعيمي، العادل السمعلي، سلوى المغربي، طلال قسومي، سامح لطف الله، فتحـي قاره بيبـان، محرر "بوابتي"، كريم فارق، المولدي الفرجاني، د. عبد الآله المالكي، رافع القارصي، أبو سمية، صفاء العراقي، فتحي العابد، ضحى عبد الرحمن، د- محمود علي عريقات، عمار غيلوفي، إيمى الأشقر، سليمان أحمد أبو ستة، الهادي المثلوثي، أنس الشابي، محمود فاروق سيد شعبان، عواطف منصور، حاتم الصولي، فهمي شراب، علي عبد العال، الناصر الرقيق، أ.د. مصطفى رجب، الهيثم زعفان، علي الكاش، د - الضاوي خوالدية، د. أحمد محمد سليمان، محمود طرشوبي، إياد محمود حسين ، مجدى داود، محمد أحمد عزوز، صفاء العربي، رمضان حينوني، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سفيان عبد الكافي، عبد الغني مزوز، ماهر عدنان قنديل، تونسي، أشرف إبراهيم حجاج، عمر غازي، مصطفى منيغ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أحمد بوادي، يحيي البوليني، عبد الله زيدان، محمد العيادي، د - محمد بنيعيش، عراق المطيري، د. عادل محمد عايش الأسطل، صلاح الحريري، رشيد السيد أحمد، مراد قميزة، د. طارق عبد الحليم، منجي باكير، محمد الطرابلسي، إسراء أبو رمان، خبَّاب بن مروان الحمد، رضا الدبّابي، وائل بنجدو، د - عادل رضا، د- هاني ابوالفتوح، صباح الموسوي ، فوزي مسعود ، د - المنجي الكعبي، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد عمر غرس الله، أحمد ملحم، سلام الشماع، د. أحمد بشير، سيد السباعي، د- محمد رحال، حسن الطرابلسي، حسني إبراهيم عبد العظيم، أحمد الحباسي، د.محمد فتحي عبد العال، خالد الجاف ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء