(85) الشريعة والخلافة: هل يمثلان خطرًا مباشرًا على المدنية الغربية؟
د. أحمد إبراهيم خضر - مصر
شغلت قضيَّة "العقل" الفلسفة الغربيَّة لألفي سنة، ورفعتْ شعار "لا سلطان على العقل إلاَّ العقْل"؛ ممَّا أدَّى إلى التطرُّف في تأكيد مكانة العقل وسلطته في المجتمع البشري.
المشكلة في هذا "العقل الغربي" أنَّه يتوقَّف تمامًا عند قضيَّة "الشَّريعة الإسلاميَّة"، ويتحوَّل من "عقل" إلى هوى جامح لا يقوى هو نفسه على كبح جماحه؛ ذلك لأنَّ الشَّريعة تضع عقوبات رادعة على مَن يرتكب أفعالاً تسيْطِر فيها الشَّهوة على العقْل، وأهمُّها شهوة الجنس، وحين يغيب العقل فلا سلطان إلاَّ للهوى والشَّهوة.

يرى الغرب أنَّ وجود كلّ شيء، والعمل في كلّ شيء يجب أن يردَّ إلى مبادئ العقل، ولو ردَّ الغرب "الشَّريعة" إلى مبادئ العقل لعَقل ما فيها، ولعرف أنَّها تجري على مقتضيات العقول، بحيث تُصدّقُها العقول الرَّاجحة، وتنقاد لها طائعة أو كارهة، دون محاولة تحسينها أو تقبيحها.

لكن حقيقة موقف هذا العقْل تنكشف تمامًا عندما نتمعن في قول "سمارت" في الموسوعة الفلسفيَّة: "إنَّ روح عصر التَّنوير العقلانية النقدية وُجِّهت ضدَّ الحقائق المنزلة في الكتب المقدَّسة، وإنَّ أفضل استخدام للعقلانيَّة على المستوى الديني سلبي تمامًا، والعقلانيَّة في نهاية المطاف هى حركة مضادَّة للدّين، ذات نظرة نفعيَّة، لا تُلقي بالاً للقيم الأخلاقيَّة، وتعطي وزنًا أكبر للمناقشات العلميَّة والتَّاريخيَّة المضادَّة للإيمان".
(انظر مقالتنا: الأساس الإلحادي للمفاهيم الغربية؛ www.Islamlight.net/)

يعتبر "مارك شبرد" أحد كتَّاب مجلَّة "المفكّر الأمريكي "American Thinker" وهو واحد من ضحايا هذا النَّوع من العقول.
في مقالة له بعنوان: "هل هناك من حلّ لمشكلة الشَّريعة؟" هاجم "شبرد" الحدود في الشَّريعة الإسلاميَّة، وكغيره من الكارهين لهذه الشَّريعة، رأى في عقوبات الزِّنا، واللواط، والاغتِصاب، والسَّرقة، قسوةً ووحشيَّة، كما هاجم أحكام الشَّريعة الأخرى حتَّى وإن كانت أ...