نحن وفخ حوار الأديان والحضارات
د. نانسي أبو الفتوح
الحوار في العرف والثقافة الإسلامية، ليس فقط فضيلة إسلامية، إنما هو فريضة إسلامية، لأن الإسلام هو الذي يجعل التعددية في الشعوب والقبائل، في الألوان وفي الألسنة، في المناهج والشرائع، أي في الملل والحضارات، وهو يجعل هذه التعددية سنة من سنن الله التي لا تبديل لها ولا تحويل.

وصورة التعددية في الرؤية الإسلامية هي قول الله تعالى: [ولا يزالون مختلفين] والمفسرون يقولون: للاختلاف خلقهم.
وحتى ظهور الإسلام على الدين كله ليس معناه أن الإسلام ينفرد بالبشرية، إنما معناه ظهور الحلول الإسلامية حتى في البلاد التي لا تدين بالإسلام.

فإيطاليا الكاثوليكية حينما تأخذ بالطلاق فهنا يكون ظهور الإسلام على الدين كله، فرغم أنها على كاثوليكيتها لكن لجأت إلى حل الإسلام، ولما تدرس بعض البلاد الغربية الآن النظام الإسلامي اللاربوي لأنها ترى أن في هذا حل لمشكلة التضخم وللأزمات المالية العاتية والمعقدة، فهذا ظهور على الدين كله، دون أن يكون الإسلام هو الذي سيزيح هذه الأديان، لأن التعددية في الملل سنة من سنن الله التي لا تتخلف كما قال تعالى: [ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة].

فالتعددية هي السر الذي يجعل هناك حوافز للتسابق، لكن لا يمكن أن يكون هناك تعدد بلا حوار، ولأن الإسلام يؤمن بالتعددية فهو يؤمن بالحوار، لكن شرط الحوار أن يكون المتحاورون يعترف كل منهم بالآخر، فالذين يتحدثون عن الحوار بين الحضارات أو عن الحوار بين الأديان هؤلاء إما مخدوعون وإما عابثون، نحن نعترف بالنصرانية وباليهودية، لكن هؤلاء لا يعترفون بنا، فكيف نتحاور مع من لا يعترف بنا؟ إن الشرط الأول واللبنة الأولى للحوار أن يكون هناك اعتراف متبادل من الفريقين.

إن صورة عيسى وأمه في الإسلام ليس بعدها قداسة وإجلال، وصورة موسى، وهارون وأنبياء بني إسرائيل في التصور الإسلامي في غاية من القداسة، بينما صورة الإسلام والقرآن ومحمد صلى الله عليه وسلم عند الآخرين في غاية من السوء.
ولذلك فنحن ندعو الآخرين إذا كانوا جادين في الحوار مع الإسلام والمسلمين أن يعترفوا بالإسلام كدين.