البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

نذُر الحرب حذَر العدوى

كاتب المقال د - المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 1844


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


عندما أطلق الرئيس الفرنسي ماكرون إعلان الحرب في قولته الشهيرة نحن في حرب لا على جيوش ولا على دولة ولكن على فيروس، لم يفعل سوى أنه شابه الحالة بالحالة.

لأن الوباء هو عدو في ذهنه، وربما في ذهن الكثيرين من زعماء العالم المستقوين بسلاحهم النووي الرادع، المحظور على من دونهم امتلاكه، كسائر الأعداء، وربما أطلقته دولة من الدول أو جيش من الجيوش في شكل فيروس مسيّر، كالأقمار الاصطناعية للتجسس أو كالطائرات المسيرة ( الدرون ) ثم أعجزها التحكم فيه بلقاح أو دواء.

ولذلك يمكن أن يخطر بباله أن الكورونا كوفيد - ١٩، التي انطلقت الإصابات به من الصين، أكبر دولة نووية متقدمة صناعياً واقتصادياً وجغرافياً يخشونها بعد سقوط الشيوعية في روسيا، هي الجهة الأنسب للاتهام به كوباء حربي وتحمل مسؤولياته.

فإذا تقرر هذا في ذهن الرئيس ماكرون أو ترامب أو بو جو في المملكة المتحدة، لا يبقى إلا أن نتصور أن كل قراراتهم الاستثانية التي تولوها بمناسبة هذا الفيروس لا تصب إلا في صالح الاستعداد للحرب وخوضها بالأسلحة المناسبة، منعاً للانهيار الاقتصادي المهدد لدولهم، وهو الأهم بالنسبة اليهم من كل انهيار في أية ميادين أخرى.

ولذلك خاطب ماكرون الدول الإفريقية في شخص قادتها الفرنكوفونيين، لعقد العزم وإياهم على الربح معاً في هذه المواجهة.

ومثله ترامب في مسارعته للمساعدة بآلاف ملايين الدولارات للفلسطينيين، التي كان منعها عنهم بالأمس، تخفيفاً لوطئ الفيروس على حليفته إسرائيل، أن تأتيها العدوى به من ناحيتهم. لا خشية أن يكون الله قد سلط عليها هذا العذاب في نظرهم انتقاماً لهم منها ومنه.

وربما يتطور رد الفعل بإعلان حرب على العالم على خلفية مقاومة الكورونا الضاربة أطنابها في كثير من دوله، كحربهم على الإرهاب الذي استوصفوه بالإسلامي إقحاماً لدول الإسلام لمحاربته بزعامتهم وأموال تلك الدول نفسها.

والحرب على من يُعدي يعني الحرب على الآخر في قاموسهم، باعتبارهم ليسوا المتسببين في منشإ هذا الفيروس المستجد، أي مأتاه من غيرهم.

وسائر الدول قِبْلتها الوحيدة هي المنظمة الأممية، التي يشكك كلهم تقريباً في حريتها للقيام بدورها، كما تنص عليه لوائحها ومقرراتها. ولكنهم يعرفون أن سيف الفيتو المرفوع على رأس كل قضية تعرض لمشروع قرار لفائدتهم، إلا ومآله السقوط أو الإهمال في سلة التقادم، إذا ما يتم الالتفاف عليه بصياغة توافقية لإحكام الطوق به على أصحابه بدل تحرير طاقاتهم.

وهذه الدول الصغرى ما دامت تعاني التفرقة والصرعات المريرة، من ذات أنفسها ومن الخارج، بقيت وفي كثير من الأزمات، عاجزة عن تدارك وضعها بين الأمم، رغم ما عرفه تاريخها القريب من ثورات بملايين الشهداء قطعاً لدابر الاستعمار فوق أرضها الطاهرة.

وهذه أزمة جديدة. فلا نعلم ما تخبئ الدول من استراتيجيات لها، لأن ما قبلها سيكون حتماً خلافاً لما بعدها.

ونحن أمة شابة بالمعني الديموغرافي، حباها الله بثروات نحسد عليها. فلو أحكمنا تراص صفوفنا بمناسبة هذه الأزمة، لكانت لنا فرصة خلاقة لتجنيد كافة طاقاتنا وتحويل ظرفية الحجر الصحي، أو الحذر الصحي بعده، الى ظرفية لخوض معركة الحياة والموت ولأمكننا صنع المعجزات في سبيل التقدم ببلادنا كما لم نكن نحلم سابقاً.

وتكون هذه الأوامر الحكومية والرئاسية والتشريعات النيابية المقتضاة لمدافعة هذا الوباء محل تدبر وإقبال لا موضوع قهر عليها وعناد ومواربة. والدولة محمولة على القهر من أجل الصالح العام. وهذه الأزمة عرّت عن انحرافات كبيرة سلوكية وأخلاقية لا بد من القطع معها لإصلاح ما أفسدته السياسات الثقافية والتربوية والاجتماعية لأجيال، أصبحنا نشاهد آثارها السلبية في عديد من الطبقات والفئات منذ الثورة والى أن داهمتنا هذه الأزمة بفيروسها القاتل.

وبإمكاننا أن نبدّل فقرنا بغنى وبؤسنا بنعيم وخلافنا بصلح، إذا كانت تضحياتنا بسبب هذا الفيروس أكثر من النفوس المريضة مجتمعياً منه بالنفوس المريضة جرثومياً. لأن العلاج في استساغة الدواء جزء من مفعول الدواء نفسه.

وكم مبادرات كانت محل شجب وارتياب تصبح مقبولة بطعم المصائب العامة، كوقف الاقتتال وتلاحم الشعوب وتقاسم الحظوظ. والأزمات أمهات المعجزات. وما التباعد الاجتماعي الذي نعالجه من أجل منع العدوى بهذا الفيروس، إلا فرصة كبرى للدول لتوطيد التقارب الروحي والفكري والعاطفي بين أفرادها وجماعاتها من أجل عالم أكثر إنسانية وسماحة وتعاون، بدل إعلان الحرب وتجييش النفوس.

تونس في ٢٥ شعبان ١٤٤١ه‍‍‍

١٨ أفريل ٢٠٢٠م


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

كورونا، الوباء، الأوبئة، المرض، فرنسا، أمريكا، ترامب، ماكرون،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 19-04-2020  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  على هامش الانتخابات الرئاسية القادمة صدور كتابين تاريخيين في طبعة جديدة
  حل الدولتين في مأزق النقض
  فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ
  المرحوم قاسم بوسنينة مثال نادر من الرجال المخلصين
  فعل المستحيل، أو بعبع حق النقض في يد إسرائيل بالتناظر لأمريكا
  أفكار يجرفها الطوفان
  كل ما تخسره إسرائيل بتطاول مدة الحرب تكسبه حماس
  يهود العالم في ولايات متحدة أمريكية صهيونية
  هدنة تفتح على حل دائم وإلا عودة لحماس أشد بأسا
  معركة الأسرى أقوى من معركة السلاح وفتيل النار
  كل الغثاء حمله الطوفان
  رب درس تأخذه من عند غير مدرس ولو من طوفان
  في غزة طوفان دموع اختلط بطوفان الأقصى
  فرنسا من المعاداة للسامية إلى المؤاخاة للصهيونية
  قمة العرب والمسلمين لمساندة طوفان الأقصى في غزة بما أوتوا من قوة الإختلاف والإئتلاف
  فلسطين بطوفان الأقصى دخلت حرب التحرير بالمعنى الجزائري الفريد
  إهلال الإسلام على الكون الجديد
  "‏الفيتو" الأمريكي البريطاني الفرنسي ملطوخ في غزة
  ‏إسرائيل تقتل نفسها عرقا عرقا في غزة
  إسرائيل «غريبة» أوروبا في الشرق الأوسط
  هذه حرب ظالمة لا حرب دفاع عن النفس
  مال الإسلام إرهاب
  الصراع الأمريكي الإسرائيلي
  ‏تركيا وإيران ومصر
  حل الدولة الواحدة
  التهور مزلة والإقدام عن تبصر مأمون
  الموقف التونسي
  ‌على أنفاس غزة
  لمحات شابية
  نيتشه الموت والحياة

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د.محمد فتحي عبد العال، علي الكاش، العادل السمعلي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عبد الله الفقير، د. أحمد محمد سليمان، حميدة الطيلوش، د. عبد الآله المالكي، د- محمود علي عريقات، رمضان حينوني، د. كاظم عبد الحسين عباس ، سليمان أحمد أبو ستة، أشرف إبراهيم حجاج، يحيي البوليني، نادية سعد، أحمد النعيمي، حسن عثمان، عراق المطيري، فتحـي قاره بيبـان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - مصطفى فهمي، رضا الدبّابي، صباح الموسوي ، الهيثم زعفان، سامر أبو رمان ، محمد الياسين، رافع القارصي، فتحي العابد، مصطفي زهران، عبد الله زيدان، إيمى الأشقر، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمود سلطان، د - محمد بن موسى الشريف ، إسراء أبو رمان، أحمد ملحم، سلام الشماع، المولدي الفرجاني، سامح لطف الله، محمد عمر غرس الله، د. صلاح عودة الله ، حسني إبراهيم عبد العظيم، فوزي مسعود ، صلاح المختار، أبو سمية، د - الضاوي خوالدية، عبد الرزاق قيراط ، خبَّاب بن مروان الحمد، صلاح الحريري، عواطف منصور، د - صالح المازقي، وائل بنجدو، طلال قسومي، مجدى داود، جاسم الرصيف، محمود طرشوبي، إياد محمود حسين ، سفيان عبد الكافي، أنس الشابي، ماهر عدنان قنديل، علي عبد العال، الناصر الرقيق، د. مصطفى يوسف اللداوي، تونسي، أحمد بوادي، رحاب اسعد بيوض التميمي، صالح النعامي ، عمر غازي، محمد شمام ، صفاء العراقي، د - شاكر الحوكي ، محمود فاروق سيد شعبان، د - محمد بنيعيش، د- جابر قميحة، محمد الطرابلسي، كريم السليتي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، رافد العزاوي، د - المنجي الكعبي، أ.د. مصطفى رجب، د- محمد رحال، فهمي شراب، سعود السبعاني، د. أحمد بشير، سيد السباعي، صفاء العربي، محمد يحي، مراد قميزة، رشيد السيد أحمد، أحمد الحباسي، مصطفى منيغ، فتحي الزغل، يزيد بن الحسين، د- هاني ابوالفتوح، الهادي المثلوثي، محرر "بوابتي"، د. خالد الطراولي ، عزيز العرباوي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمد اسعد بيوض التميمي، عمار غيلوفي، حاتم الصولي، عبد الغني مزوز، منجي باكير، ضحى عبد الرحمن، د. طارق عبد الحليم، د - عادل رضا، محمد العيادي، كريم فارق، محمد أحمد عزوز، ياسين أحمد، خالد الجاف ، حسن الطرابلسي، سلوى المغربي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة