البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

حول الأهداف الخبيثة لـ"حملة" أبو ظبي ضد الإسلام السياسي

كاتب المقال أندرياس كريغ   
 المشاهدات: 1678



فرضت أبو ظبي نفسها بثبات كقوة إنترنت، من خلال استغلال قدراتها على التحكم في الإنترنت ليس فقط للتخريب والتجسس، ولكن لغايات التدمير أيضًا، وبشكل متزايد. ويعني هذا الأمر اختلاق الروايات لتقويض المجتمع المدني في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

على عكس الحكمة التقليدية، فإن السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة أبعد ما تكون عن العلمانية. إن رواياتها الكبرى حول "التسامح" و"التعايش الديني" ليست مجرد أداة بين القوة واللين لنزع الشرعية عن الإسلام وتقويض الحركات الإسلامية في المنطقة؛ بل غلاف، وإن كان أجوف فكريًا، للترويج لشكل من الإسلام يتسم بالهدوء السياسي.

في الحقيقة، تدرك دولة الإمارات العربية المتحدة جيدًا قوة الدين والأيديولوجية في تعبئة المجتمع المدني في العالم العربي. إن الترويج للصوفية ليس إلا علمانيًا، فهو بمثابة قاعدة أيديولوجية ودينية لموقف السياسة الخارجية العدواني في المنطقة.

فصل المسجد عن الدولة
منذ منتصف ألفنيات القرن الماضي، اتخذت أبو ظبي، مركز ثقل اتحاد الإمارات السبع، موقفا هجوميا وذلك لتشجيع شكل من أشكال "الاستثنائية الإماراتية" التي لا تستند فقط إلى الحريات الاجتماعية والاقتصادية النسبية، وإنما أيضًا إلى دعاة الفصل بين المسجد والدولة.

في الواقع، لقد أشاد البعض بنموذج أبو ظبي باعتباره ينتمي إلى الديمقراطية الجيفرسونية، وتعد الدولة الشرق أوسطية التي تعزز العلمانية في المنطقة هدية للمحافظين الغربيين الجدد والليبراليين غير الليبراليين الذين يعتبرون أن دور الإسلام في دول الشرق الأوسط يمثل مشكلة.

أُعدت رواية الإمارات بشكل هادف لتستقطب الجمهور الغربي، وخاصة الأمريكي، في أعقاب أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، والطفرة الإسلامية خلال الربيع العربي، وصعود تنظيم الدولة. مع ذلك، وبالنسبة لأبو ظبي، فإن لحملتها الصليبية ضد الإسلام في الفضاء السياسي هدف آخر أكثر شرورا، ألا وهو عدم تسييس المجتمع المدني مع احتكار النفوذ والسلطة "الاجتماعية - السياسية" بين أيدي الدولة.

إن جذور جنون العظمة الإسلامي في أبو ظبي متأصلة في خوف عميق الأصول من جاذبية القوة السياسية للإسلام السياسي باعتباره المعارضة التقليدية للوضع الاستبدادي الراهن في المنطقة. ينبع القلق بشأن الإسلام السياسي بين النخبة في أبو ظبي من الاعتقاد بأنه بمجرد اختلاط الرواية الإسلامية بالأهداف السياسية قد لا يمكن للدولة أو النظام السيطرة، مما يخلق ديناميكية اجتماعية مدنية يمكن أن تقوض الوضع الراهن. وقد كان الربيع العربي مثالاً على ذلك.

بالتالي، عندما بدأ الوضع السلطوي القديم في الانهيار سنة 2011، سارعت الإمارات العربية المتحدة بحشد قوتها المالية والعسكرية لتشكيل المسار الاجتماعي السياسي المستقبلي في المنطقة. بدءا من ليبيا ومصر وصولا إلى اليمن والسودان، كانت الإمارات العربية المتحدة القوة الأولى في المنطقة المعادية للثورة، حيث تحاول تثبيت أو دعم الأنظمة التي تقوم على المجتمع المدني، وتدافع عن الحكم العسكري وتظل محصنة ضد نداء الإسلام السياسي.

تبييض الحملات الاستبدادية
في الواقع، ما كانت تحتاجه أبو ظبي هو رواية بديلة قادرة على تبييض الحملات الاستبدادية وتقديمها على أنها عمليات مكافحة للإرهاب وتشجع على "التسامح" العلماني. لقد قدمت الصوفية، وهي الفرع الإسلامي الأكثر طمأنة سياسيا والذي ينطوي على فضائله الأكثر جوهرية، بالضبط السرد الذي تبحث عنه أبو ظبي، وهو رواية بديلة للإسلام تقوم على نسخة أكثر قبولا لدين تم تشويهه على نطاق واسع في الغرب.

بصفتها البطل المعلن عن نفسه في مكافحة الإرهاب، استخدمت أبو ظبي الصوفية بمهارة لتمثيل "الإسلام الحقيقي"، وهو الإسلام الذي يتطرق بشكل واضح إلى العناصر المتطرفة للسلفية، مع توفير أساس أنطولوجي مبسط لمكافحة التطرف الذي يقع بالكامل على اللاهوت، وبالتالي، إهمال الأدلة التجريبية من العوامل الاجتماعية والسياسية الدافعة للتطرف.

من خلال التزامها بتحقيق ذلك، قامت أبو ظبي برعاية مراكز لاهوتية في ليبيا ومصر والإمارات العربية المتحدة، والتي ستنشر نسخة من الإسلام تبدو من النظرة الأولى مطمئنة، ولكن عند إلقاء نظرة فاحصة عليها يظهر أنها عبارة عن أمر سياسي، تمامًا مثلها مثل الأشكال الأخرى للإسلام السياسي.

عندما دعا مؤتمر الشيشان لسنة 2016 حول الإسلام السني، بتمويل مشترك من الإمارات ومصر وبالتنسيق مع الرئيس الشيشاني رمضان قديروف، وهو صديق شخصي لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، إلى العودة إلى نسخة أكثر تسامحاً من الإسلام التي ترفض النشاط السياسي، فإن رسالته هذه كانت سياسية.

ينطبق الأمر ذاته على الدعوة التي أطلقها منتدى الإمارات لتعزيز السلام في المجتمعات الإسلامية، بقيادة الباحث الصوفي الشيخ عبد الله بن بيه، والمتمثلة في الفصل بين المسجد والدولة، مناديا أيضا بعدم تسييس المجتمع المدني وجعل الطاعة للحاكم السياسي بمثابة فضيلة إسلامية.

الأمر سيان بالنسبة لمنع طالب بن بيه، العالم الإسلامي الشيخ حمزة يوسف، التمرد على القيادة السياسية. وعندما وصف عارف النايض، وهو باحث صوفي من ليبيا شغل منصب سفير ليبيا في الإمارات العربية المتحدة ويرأس الآن مؤسسة القلم الإسلامية التي يقع مقرها في دبيا، الثوريين الإسلاميين في ليبيا بالإرهابيين، فقد كانت رسالته سياسية هو الآخر.

الحفاظ على شرعية النظام
نظرا لأنها صُنعت كأداة قوة جيوسياسية ناعمة من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال الترويج للمراكز اللاهوتية، أصبحت المؤتمرات والعلماء الصوفيون منبرا غير معتدل للسلفية. في الواقع، توفر هذه الوسائل المبرر الأخلاقي لتضييق الخناق على المعارضة السياسية والمجتمع المدني، وتقديم الأساس اللاهوتي للمساواة الأخلاقية بين الإسلام والإرهاب، وهما عنصران حيويان لاستراتيجية التواصل التي تعتمدها أبو ظبي في المنطقة.

عندما يستخدم خليفة حفتر العنف بشكل عشوائي لإحراز التقدم على حساب الحكومة التي تدعمها الأمم المتحدة في طرابلس، وعندما يواجه عبد الفتاح السيسي المعارضين بالقوة أو حين يدير المجلس الانتقالي الجنوبي معسكرات تعذيب الإسلاميين في اليمن، فإن شبكة المعلومات اللاهوتية في الإمارات العربية المتحدة تقدم تبريرات أيديولوجية لكل هذه المسائل.

من خلال هذا التوجه، قامت الإمارات العربية المتحدة بتسييس علمنة السياسة وتحويلها إلى وسيلة لإضفاء فهم أيديولوجي لأهداف سياستها الخارجية. في الحقيقة، لقد أصبح دورًا أساسيًا في الحفاظ على شرعية النظام في ليبيا ومصر وأبو ظبي، وموضوع رئيسي في الروايات الكبرى "للتسامح"، وهي رواية تعظ بالتسامح في ظل التعايش الديني مع إضفاء الشرعية على التعصب تجاه أولئك الذين يعارضون الوضع الاجتماعي السياسي الراهن.

في النهاية، خلقت ممارسة أبو ظبي للدين ثنائيات إسلامية زائفة بين الصوفية وغيرها من أشكال الإسلام السياسي، شكل يسيطر عليه النظام وشكل يسيطر عليه من يعارضونه أيضا.

--------------
المصدر: ميدل إيست آي
ترجمة وتحرير: نون بوست


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الإمارات العربية، الثورات العربية، الثورات المضادة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 22-01-2020   المصدر: ميدل إيست آي / نون بوست

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمد شمام ، أحمد ملحم، منجي باكير، مصطفى منيغ، سفيان عبد الكافي، صفاء العراقي، محمد عمر غرس الله، د. أحمد محمد سليمان، صلاح المختار، كريم السليتي، أنس الشابي، خبَّاب بن مروان الحمد، فتحي الزغل، عراق المطيري، د - صالح المازقي، سعود السبعاني، رضا الدبّابي، محمود طرشوبي، محمود سلطان، د - محمد بن موسى الشريف ، فتحـي قاره بيبـان، فوزي مسعود ، رمضان حينوني، خالد الجاف ، د - مصطفى فهمي، العادل السمعلي، جاسم الرصيف، محمود فاروق سيد شعبان، إياد محمود حسين ، عمر غازي، صالح النعامي ، الهيثم زعفان، ضحى عبد الرحمن، إيمى الأشقر، رشيد السيد أحمد، ياسين أحمد، مراد قميزة، د. خالد الطراولي ، الناصر الرقيق، حاتم الصولي، يزيد بن الحسين، د. مصطفى يوسف اللداوي، محرر "بوابتي"، يحيي البوليني، سليمان أحمد أبو ستة، أحمد الحباسي، طلال قسومي، علي الكاش، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سلوى المغربي، د - المنجي الكعبي، عبد الرزاق قيراط ، محمد الطرابلسي، إسراء أبو رمان، أ.د. مصطفى رجب، عزيز العرباوي، المولدي الفرجاني، صلاح الحريري، فهمي شراب، د- جابر قميحة، سامح لطف الله، د. أحمد بشير، نادية سعد، د. طارق عبد الحليم، حسن الطرابلسي، د. عبد الآله المالكي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، رافع القارصي، عبد الله زيدان، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، ماهر عدنان قنديل، الهادي المثلوثي، تونسي، مصطفي زهران، أحمد النعيمي، د - عادل رضا، عبد الله الفقير، د - الضاوي خوالدية، د - محمد بنيعيش، علي عبد العال، د.محمد فتحي عبد العال، حسني إبراهيم عبد العظيم، حميدة الطيلوش، محمد اسعد بيوض التميمي، أشرف إبراهيم حجاج، محمد الياسين، عمار غيلوفي، حسن عثمان، أحمد بوادي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، فتحي العابد، صباح الموسوي ، أبو سمية، وائل بنجدو، محمد أحمد عزوز، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عواطف منصور، رافد العزاوي، د- محمود علي عريقات، كريم فارق، صفاء العربي، د. عادل محمد عايش الأسطل، رحاب اسعد بيوض التميمي، مجدى داود، محمد العيادي، سلام الشماع، سيد السباعي، د. صلاح عودة الله ، د - شاكر الحوكي ، سامر أبو رمان ، محمد يحي، د- هاني ابوالفتوح، عبد الغني مزوز، د- محمد رحال،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة