البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الصرف الصحي "العلماني"!

كاتب المقال محمد طلبة رضوان   
 المشاهدات: 2193



القدس عربية.. أم إسلامية.. أم أنها قضية إنسانية لمجموعة من البشر المجردين "ملط"؛ أولاد الحرام أخذوا منهم أرضهم وعلينا أن نتضامن معهم بصفتنا أولاد حلال "مصفى"؟!

اختر من الإجابات السابقة إجابة واحدة فقط. لا يحق لك الجمع بين إجابتين أو اختيار جميع ما سبق؛ وإلا يبقى نهارك أزرقا..

أين التعارض بين دوائر الانحياز الدينية والعروبية والإنسانية في قضية القدس والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة والأرض الفلسطينية؟ أين المشكل؟ وما الحاجة لعلمنة "مشاعر" الانحياز التي لا يعرف أصحابها، وهم ملايين البشر، سوى أنهم منحازون لأسباب "يستشعرونها "ويؤمنون بها، ولا يريد أحدهم أن يتقعر لإثبات صحتها، فهي صحيحة لأنه يراها كذلك؟!

لا يحب كثير من مثقفينا الحديث عن المشاعر الإنسانية.. يرونها أليق بأمسيات الشعر، وأغاني أنغام، لا بحديث الفكر والسياسة المعقد بطبيعة الحال. وإذا قال لوبون إن المشاعر هي التي تحرك التاريخ وتقوده، وأن الإسلام والاشتراكية وغيرهما من الأفكار العظيمة التي استقطبت الملايين؛ إنما فعلت لاحتوائها أولا وقبل أي شيء آخر على المكون العاطفي الفعال، تراهم يسبون الدين والدنيا لجوستاف لوبون ولمن يقرأونه، والمطلوب، كما رأينا في أحاديث ومقالات ومناقشات يحسب أصحابها أنها جادة، هو "علمنة" مشاعر الناس وتحديد بوصلة لا دينية لها لئلا يقع المتعاطف في إثم "أسلمة"قضية انحيازه لـ"مسجد" و"قبلة" و"مسرى نبي"!!

عندما اعتقل الأمن المصري طلاب الإيجور الذين جاؤوا لدراسة العلوم الإسلامية بجامعة الأزهر، بهدف تسليمهم للحكومة الصينية؛ حيث يتعرضون لأبشع ممارسات التعذيب والقتل على الهوية، شرفت باستضافة عميد المسلمين الإيجور في تركيا في برنامج صباح الشرق.. تحدث الرجل عن "قيمة" مصر لدى المسلمين الإيجور الصينيين، حيث يرونها بلد "الأزهر الشريف"، وهو المعادل الموضوعي للإسلام في نظرهم. وتفاجأت بأن تسليم النظام المصري للطلاب الإيجور لن يعني أي اهتزاز لمكانة مصر في قلوب الإيجور؛ لأن مصر بالنسبة إليهم ليست النظام الذي لا يعرفونه، ولا السيسي الذي سمعوا عنه فقط عندما أثيرت هذه المشكلة، إنما هو الأزهر ولا شيء آخر. الأغرب، أن الرجل لا يعرف أحمد الطيب ولا غيره، لا يعرف أسماء شيوخ ولا علماء ولا دعاة.. لا يعرف سوى أن الأزهر هو قبلة الإسلام السني، كما أن المسجد الحرام هو قبلة المسلمين، الأزهر وكفى...

في إسطنبول، الناس لا تتحدث العربية.. ترك، أعاجم.. لكنهم يحفظون القرآن بحكم كونهم - بعد إذن حضراتكم - مسلمين. بعضهم يحفظ ويفهم، وأكثرهم يحفظ ولا يفهم شيئا، لكنه يحمله في صدره حبا وتبركا. بمجرد أن يعرف السائق "المتدين" أنك مصري؛ حتى يسألك عن الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، بوصفه لحن السماء الخالد. أحدهم فوجئ بأن عبد الباسط ليس القارئ المفضل بالنسبة لي، كما أنه ليس القارئ الأول لدى أغلب المصريين.. يحدثني بالتركية فأفهمه من ذهول وجهه: ماذا تقول؟ عبد الباسط؟ إنه معجزة.. أحدثه عن رفعت، مصطفى إسماعيل، المنشاوي العظيم، لا يعرف منهم أحدا.. عبد الباسط وكفى. وهكذا في إيران، وفي غيرها.. كل العجم يحبون عبد الباسط.. أرزاق!

كيف يمكننا أن نقول لعميد الإيجوريين في إسطنبول أن عليه أن يحب مصر الحضارة والتاريخ وثورة يناير والدولة المدنية الحديثة، (مع ملاحظة أن كل ما سبق ميتافزيقيا بدوره)، وألا ينظر للأزهر بوصفه شريفا، فهو جامعة دينية تعاني الكثير من المشكلات الدينية والسياسية، بل والأخلاقية؟ كيف يمكنني أن أوجه عشاق عبد الباسط إلى ضرورة تعاملهم معه بصفته البشرية، والانحياز له كإنسان يؤدي عمله بشكل جيد ويتقاضى عليه الأجر المناسب، دون اعتباره رمزا وقيمة لأنه قارئ للقرآن الذي يؤمنون بقدسيته؟!

كيف يمكننا "علمنة" مشاعر الناس قسرا؟ ولمصلحة من، بشكل سياسي نفعي محض، نخسر جزءا من قوة مصر (والعالم العربي ولغته وثقافته) الناعمة؟ ومن قال إن استدعاء الإسلامي - دائما وأبدا - يعني نفي الآخر غير المسلم؟ وأن البعد الإسلامي لأي قضية يعني بالضرورة نفي البعد المسيحي؛ لأنهما - بحسب العلماني الأصولي - لا يلتقيان ولا يتجاوران، ولا يتقاطعان، ولا يتفاهمان، ولا يتكاملان، تماما كما لو أننا أمام "داعشي"أصيل؟!

أثناء حكم الإخوان لمصر، وقف أحد الإسلاميين، وهو صفوت حجازي بالمناسبة، أمام الجماهير الغفيرة، وأخذته الجلالة، وقال سوف نجعل كل شيء في مصر "إسلاميا"، حتى الصرف الصحي!!!

يبدو منطق الشيخ - ربنا يفك سجنه - عبثيا، ولا يخلو من المبالغة حد الهوس. الحقيقة أنهم مجانين بشكل رسمي، ولكن ما الفارق بين "الأخ" الإسلامي المهووس، ونظيره العلماني اللطيف الشيك الذين يريد أن يجرد القضية من بعد أصيل، غير مجلوب، ولا مفتعل، لمجرد أنه ديني، ويدعي أن استدعاءه من قبيل الأسلمة "الوحشة" في مقابل العلمنة "الحلوة"؟

ما أعرفه، وأتمنى ألا يكون قد فاتني شيئا، هو أن العلمانية فكرة متحركة، متطورة، بنت سياقها وظروفها، ليس لها كتاب مقدس وثوابت، وخوارق للإيمان يكفر من يتجاوزها.. وهي في سياقنا العربي محاولة لتنظيم العلاقة بين الديني والدنيوي، الشرعي والسياسي، المطلق والنسبي.. محاولة للتخلص من كهنوت الإسلاميين، دون التورط في خلق كهنوت آخر..

ما قرأته في الأيام السابقة لمثقفين مصريين، منذ أن أعلن ترامب قراره بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، لا يختلف كثيرا عن تطلعات "حجازي" للصرف الصحي الإسلامي.. الفارق هو أن صرف الشيخ "ريحته فاحت"، فيما لا يزال "الأخ" العلماني قادرا على استهلاك أنواع فاخرة من "البارفانات"الفرنسية الفواحة!


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

القدس، فلسطين، إسرائيل، العلمانية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 16-12-2017   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عبد الغني مزوز، ماهر عدنان قنديل، سيد السباعي، أشرف إبراهيم حجاج، ضحى عبد الرحمن، د- محمد رحال، فوزي مسعود ، عواطف منصور، الهيثم زعفان، صفاء العربي، رشيد السيد أحمد، مصطفى منيغ، خالد الجاف ، الهادي المثلوثي، العادل السمعلي، محمد يحي، أ.د. مصطفى رجب، محمد أحمد عزوز، محمود سلطان، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عمر غازي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، مجدى داود، صلاح المختار، د.محمد فتحي عبد العال، د- هاني ابوالفتوح، د- جابر قميحة، مراد قميزة، فهمي شراب، علي عبد العال، سامر أبو رمان ، حسن عثمان، عبد الله زيدان، سفيان عبد الكافي، سلوى المغربي، الناصر الرقيق، محمد العيادي، إيمى الأشقر، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - المنجي الكعبي، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمد عمر غرس الله، د - صالح المازقي، عبد الله الفقير، المولدي الفرجاني، سلام الشماع، صلاح الحريري، طلال قسومي، أبو سمية، محرر "بوابتي"، أحمد بن عبد المحسن العساف ، كريم فارق، د. عبد الآله المالكي، سعود السبعاني، ياسين أحمد، مصطفي زهران، د - الضاوي خوالدية، د. طارق عبد الحليم، فتحي العابد، رمضان حينوني، صفاء العراقي، رافع القارصي، محمد الطرابلسي، صالح النعامي ، محمود فاروق سيد شعبان، سليمان أحمد أبو ستة، حميدة الطيلوش، د - مصطفى فهمي، د. صلاح عودة الله ، أحمد بوادي، أحمد الحباسي، يزيد بن الحسين، إياد محمود حسين ، عبد الرزاق قيراط ، أحمد ملحم، صباح الموسوي ، د - شاكر الحوكي ، علي الكاش، د. خالد الطراولي ، كريم السليتي، د- محمود علي عريقات، عزيز العرباوي، يحيي البوليني، د. عادل محمد عايش الأسطل، وائل بنجدو، إسراء أبو رمان، أحمد النعيمي، جاسم الرصيف، د. أحمد محمد سليمان، خبَّاب بن مروان الحمد، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - محمد بن موسى الشريف ، حاتم الصولي، سامح لطف الله، رحاب اسعد بيوض التميمي، تونسي، محمد اسعد بيوض التميمي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، نادية سعد، د - محمد بنيعيش، د. أحمد بشير، منجي باكير، حسن الطرابلسي، فتحي الزغل، محمود طرشوبي، أنس الشابي، د - عادل رضا، محمد الياسين، رضا الدبّابي، رافد العزاوي، فتحـي قاره بيبـان، محمد شمام ، عمار غيلوفي، عراق المطيري،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة