البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

مجزرة رابعة: ثلاث سنوات من الكراهية والفشل

كاتب المقال مصطفى النجار   
 المشاهدات: 3046



كان يوما فاصلا بلا شك، تغيرنا بعده جذريا، تكشف ما بداخل بعضنا من قبح وتكشفت بقايا الضمير لدى آخرين، لم نعد نحب شهر أغسطس لآن المرارة والوجع يعتصرنا ونحن نتذكر مأساة فض اعتصام رابعة التي كسا الدم كل جوانبها وجعلها ذكرى نهرب من استدعائها لأنها تعيدنا للحظة سعار وجنون رأينا فيها من يرقصون على الأشلاء ومن يطربون وهم يسمعون عن مزيد من الضحايا الذين أفنتهم المحرقة.

لم نكن نعلم أن بيننا من يقبلون ويباركون قتل إنسان طالما أنه يخالفهم الرأي، لم نكن ندري أن هناك من نزلوا يطالبون بالقتل والتنكيل تحت دعوى حماية الوطن، لم نتخيل أن الحلم سيتحول لكابوس دامي لتبتعد مصر عن مسار الثورة ويصير بينها وبين ركب الإنسانية شوطا طويلا من البعاد.

كنا نعلم أن إراقة الدماء ومباركة القتل ستغرق المصريين في بحر الكراهية المقيت، تمزقت العلاقات بين الناس وسقط الأقارب والأصدقاء والجيران في فخ الكراهية، مزقت السياسة أواصر الود والمحبة وصنعت مجتمعا جديدا يتنابذ فيه الجميع ويتصارعون، تعمقت الجراحات وضاعت قضية الثورة الحقيقية بين المزايدات والتخوين وضيق الأفق.

صار الجميع يلوكون كلمة الثورة، هذا يرى الثورة نصرة جماعته وحزبه وأيدلوجيته وهذا يرى الثورة إعادة الماضي وتمكين الفساد والانتقام وهذا يرى الثورة تجاوز الطرفين ولملمة الجراح للعبور للمستقبل.

خسرت مصر بلا شك، لكن الحقيقة أن الكل قد انهزموا بلا استثناء، انهزم من باركوا القتل لأن الدماء لم تصنع سوى السواد، وانهزم من تحجرت أفكاره وتجمدت معتقدا أن هذا هو الثبات الذي سيقود للنصر فما لقي غير الخذلان وتجاوزه الزمن، انهزم من لاذوا بالصمت فقد طالتهم شظايا الانفجار الكبير وعرفوا أن الصمت لا ينجي أحدا من الدمار.

هنا مجتمع بائس لا يستطيع أهله أن يدركوا أن الزمن لا يتوقف عند لحظة مهما كانت ضخامتها وكارثيتها، هنا قوم لم يدركوا حتى الآن أنهم في سفينة واحدة. إما أن تنجو بالجميع أو تغرق بهم دون استثناء، هنا بشر لا يريدون التعلم من تجارب بلاد سبقتهم في تعاطي الكراهية وما لبثوا أن استفاقوا لكن بعد أن خربت بلادهم وشقي حالهم وعظم مصابهم، هنا من يصرون أنهم لن يستطيعوا الحياة إلا إذا أفنوا المخالفين لهم، هنا من يظنون أنه يمكنهم إبادة فصيل من بني وطنهم ثم يهنأون بالعيش بعدها في سلام!

ثلاث سنوات يبدو أنها لم تكن كافية ليستفيق الجميع من أوهامهم ويكفروا عن خطاياهم، الذين ينسبون أنفسهم للثورة جل معاركهم فيما بينهم، يتطاحنون ويوزعون صكوك الوطنية ويخونون بعضهم البعض في بؤس بالغ، أما من طمست فطرتهم وشاركوا بالتأييد فما زال كثير منهم يكابرون ويخجلون من العودة لإنسانيتهم فيبررون ويبررون حتى أصبحوا بما يفعلونه سببا لاستمرار القبح وتشوه الحياة لأنفسهم ومن حولهم!

يحتكر بعضهم إطار الحل ويهاجم من لا يتبنى طرحه، لكن الحقيقة أن مشكلتنا صارت أعمق من الاختلاف على طرح سياسي ما، نحن مرضى بالكراهية ومولعون بالانتقام والتشفي، نحن لا نتخيل أننا سنسامح يوما من ظلمنا وسيسامحنا غيرنا حتى يمكن للمجتمع أن يتعافى من داء الكراهية والشقاق.

لا حل سيخرج للوجود دون أن نتداوى ذاتيا مما أصابنا من تشوه، وندرك أن شيطنة الآخرين لن تنتهي سوى بمزيد من البؤس، لا يعني هذا تضييع الحقوق ولا إفلات من أجرم فحق العفو ملك لمن أصابه الضرر فقط، لكن معركتنا الأولى هي إعادة التلاحم بين المصريين وكسر الحواجز النفسية التي أصابت هؤلاء وهؤلاء، ليس الأمر بالسهل لكنه التحدي الأكبر قبل أي طرح سياسي جديد.

لن يتعاطى الناس أي طرح سياسي جديد قبل أن تتطهر قلوبهم من الكراهية، كيف نفعل ذلك؟

إن التبشير بالنجاة من السواد يجب أن يقترن بالتهيئة النفسية للناس وغرس قيمة التعايش وقبول المختلف ومعرفة أن المصير واحد مهما كان الماضي أو الحاضر.

سيوحد الألم الناس، وستعيد المعاناة الجمعية التي لا تفرق بين مؤيد ومعارض مزجهم وصهرهم مرة أخرى، سيدرك الناس عظم ما ارتكبوه في حق أنفسهم وأبنائهم ووطنهم، وحينها سيطمحون في غد أفضل، فلنحارب الكراهية أولا، وبعدها سيعرف الناس الطريق بمفردهم، رحم الله كل من مات ظلما، وعجل بعقاب كل ظالم، وهدانا لخير السبيل ..

------------
وقع تحوير طفيف بالعنوان الأصلي للمقال
محرر موقع بوابتي


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

مصر، مجزرة رابعة، ذكرى مجزرة رابعة والنهضة، الإنقلاب بمصر، الثورة المضادة، السيسي، الإخوان المسلمون،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 17-08-2016   عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أ.د. مصطفى رجب، إيمى الأشقر، عبد الله الفقير، د. مصطفى يوسف اللداوي، نادية سعد، صفاء العراقي، د - المنجي الكعبي، المولدي الفرجاني، د. طارق عبد الحليم، أحمد بن عبد المحسن العساف ، رحاب اسعد بيوض التميمي، حسني إبراهيم عبد العظيم، عراق المطيري، محمد أحمد عزوز، رشيد السيد أحمد، سيد السباعي، مصطفي زهران، أحمد الحباسي، د- محمد رحال، محمد يحي، د. أحمد محمد سليمان، د- هاني ابوالفتوح، د. عبد الآله المالكي، فتحي الزغل، تونسي، رضا الدبّابي، سعود السبعاني، فوزي مسعود ، رافد العزاوي، يحيي البوليني، أحمد بوادي، سلام الشماع، محمد العيادي، د- محمود علي عريقات، عزيز العرباوي، علي الكاش، أبو سمية، إياد محمود حسين ، حاتم الصولي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، إسراء أبو رمان، طلال قسومي، عمر غازي، فهمي شراب، محمد اسعد بيوض التميمي، أنس الشابي، سفيان عبد الكافي، سامح لطف الله، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د. أحمد بشير، د - شاكر الحوكي ، مراد قميزة، فتحـي قاره بيبـان، د - الضاوي خوالدية، محمود فاروق سيد شعبان، د- جابر قميحة، محمود طرشوبي، الهيثم زعفان، د.محمد فتحي عبد العال، عواطف منصور، د. خالد الطراولي ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، الهادي المثلوثي، د - محمد بنيعيش، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، وائل بنجدو، د - مصطفى فهمي، صفاء العربي، منجي باكير، محمد شمام ، أحمد ملحم، عبد الرزاق قيراط ، عبد الله زيدان، مصطفى منيغ، خبَّاب بن مروان الحمد، محمد الياسين، رافع القارصي، محمد الطرابلسي، د - عادل رضا، علي عبد العال، محرر "بوابتي"، جاسم الرصيف، مجدى داود، د. عادل محمد عايش الأسطل، سامر أبو رمان ، ضحى عبد الرحمن، ماهر عدنان قنديل، حسن الطرابلسي، أشرف إبراهيم حجاج، صالح النعامي ، صباح الموسوي ، د. صلاح عودة الله ، صلاح المختار، عبد الغني مزوز، د - صالح المازقي، كريم السليتي، صلاح الحريري، رمضان حينوني، حسن عثمان، محمود سلطان، حميدة الطيلوش، فتحي العابد، ياسين أحمد، سليمان أحمد أبو ستة، العادل السمعلي، يزيد بن الحسين، خالد الجاف ، أحمد النعيمي، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد عمر غرس الله، كريم فارق، عمار غيلوفي، سلوى المغربي، الناصر الرقيق،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة