البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

على خلفية الثورة وبالمواكبة لها

كاتب المقال د - المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5544


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


انقلاب 14 جانفي، بتسمية من أطاحت بنظامهم الثورة لم يفاجئ إلا أصحابه من أركان الحكم، ممن يصعب أن تكون تقديراتهم الأمنية والعسكرية لم تكن تتحسب ليومه الفاصل الذي كانت ملامحه القريبة تتراءى لهم منذ وقت بعيد.

ولكن حرارة الأحداث وخواء القصر من ساكنه، أفسد العملية على الجميع، للماء الذي نزل في الرُّكب، دون تحمل القرار الخطير وسط أطراف متطلعة كلها للنجاة بنفسها. لأن الفصل بين السلطات في الأنظمة الصورية، يصبح في حال الأزمات صراعاً مكشوفاً بينها، لأنها تكون في السابق مشمولة برئيس يقبع فوق إرادتها كلها بالكامل.

وبطبيعة الحال كانت القيادات التي تقف خلف الثورة وإن لم تدّع أنها تقودها تبحث كلها على هذا الاضطراب في أجهزة الدولة بعد غياب البعبع للانقضاض على السلطة دونها، أي دون أصحابها الدستوريين، أي المبوبين للحكم بالنيابة دستورياً. ولم يكن أضعفهم حلقة الوزير الأول الذي منحه الغياب المفتعل العلة للارتقاء الى سدة الرئاسة؛ ولذلك ملأت صورة الرئيس المؤقت للجمهورية في شخص رئيس مجلس النواب الفراغ الدستوري لتضييع الفرصة عليه ولمنع تناسل النظام من نفسه الذي حصل في مأزق تنازع السلطات الدستورية دون تنفيذ خطة القصر.
وكم ألمحنا الى ذلك في مناسبات عديدة في مقالاتنا ومداخلاتنا النيابية والحزبية قبل الثورة، لتعديل الدستور في الاتجاه الأضمن للتداول، لا الأضمن للتراخي في المدة للحاكم الفرد حتى يملأ كفيه من السلطة الى الثمالة ثم يفكر في حسن العاقبة له. ولكن ذهبت تلميحاتنا أدراج الرياح.. وقامت الثورة.

ولم تكن ترسانة الخارج لتقف في غير المكان المناسب من خلفية الأحداث، بالتنسيق مع الإعلام المتواطئ أو المتناغم مع الأطراف في الداخل والخارج للدعم والتحريض وربما زيادة البلبلة في الصفوف.

ولم يكن قدَر الثورة ليسلم من المشادات بين الأحزاب، ليرضخ الجميع في الآخر لبعض الرّؤى التي تلبي أدنى قدر من الطموحات وليس أقصاها. فكان الاحتكام الى الديمقراطية بحكم مطالب الثورة نفسها، وهكذا توافق "التوافقيون" بالطبع على الاحتكام للانتخابات التي بات أجلها يتأخر من موعد الى الآخر، بحجة تمهل الكل لترتيب بيته استعداداً لها أو أخذاً بالأكثر من نصيبها.

وهنا سقطت الثورة الى أيدي التوافقيين ليصنعوا منها حظيرة لهم، بالمراسيم والتدابير التي منحها إياهم سقوط الدستور وانتظار الانتخابات المؤجلة والتلويح بالتدخل الخارجي أو انعكاس الخارجي على الداخلي. وكلها كانت تعلة مضخمة، أو أحداثاً استُغلت كغيرها سياسياً لتصنع صورة وضع أصبح شيئاً فشيئاً في دائرة التحكم التقليدي للسلطة القائمة، بسلبياتها الكثيرة الموروثة من عهود.

ومجيء الثورة كان فرصة لتغيير الأمور نحو الأحسن، كما رسمتها أحلام من استشهدوا ومن أصيبوا، ومن غُرّر بهم لبذل دمائهم وأرواحهم من أجل أن تحدث المعجزة التي بقيت في ظهر الغيب دون أن تظهر.

ولكن التاريخ ينبغي أن يحفظ لها وللثورات عامة أنها مناسبة للفرص الضائعة أن لا تتكرر. وقد لا تكون إلا إرهاصات إذا تكررت في أوقات غير متباعدة للثورة المنشودة التي إذا ما تحققت يصبح من الممتنع أن تنكسر عن خطها السوي. وهو ما أصحبنا نتمنى أن تحققه ثورة البوعزيزي كما يتشبث بها كل من خامرته أحلام صورة تونس بعد استشهاده هو وإخوانه في أرجاء الوطن، مليئة بالعدل والحرية والكرامة.

ولعل القدر أراد أن يجعل تونس دائماً تمسك بوسط العصا، وأن تكون هذه العصا رمزاً للاعتدال والتوازن في جميع أجزائها، حتى يعلم الجميع أن غايات الحاكمين والمحكومين واحدة في الغالب، ولكن ملابسات السياسة صعبة وراحة المتفرج سهلة للتنكيت والاعتراض. ولو انعكست المواقع لما رأينا غير ما نرى من تباعد بين الأماني والأفكار والمثل في ثوب التطبيق. ولذلك لا تعتدل الأمور إلا عند الأخذ بالوسط بينها ومنْح كل حاكم حظه المستحق من التأييد وتحصين الجبهة الداخلية، لأن دون ذلك تحريك ما في نفسه من نوازع ونوازغ، ويعود ضررها بالنتيجة على استقرار نسبي مأمون النتائج دونه استقرار هش مطعم بمرارة الانفلاتات والانقلابات والاضطرابات دون القدرة على التصحيح والإصلاح.

تونس في ١٨ جانفي ٢٠١٦


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الذكرى الخامسة للثورة، الثورة المضادة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 18-01-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  على هامش الانتخابات الرئاسية القادمة صدور كتابين تاريخيين في طبعة جديدة
  حل الدولتين في مأزق النقض
  فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ
  المرحوم قاسم بوسنينة مثال نادر من الرجال المخلصين
  فعل المستحيل، أو بعبع حق النقض في يد إسرائيل بالتناظر لأمريكا
  أفكار يجرفها الطوفان
  كل ما تخسره إسرائيل بتطاول مدة الحرب تكسبه حماس
  يهود العالم في ولايات متحدة أمريكية صهيونية
  هدنة تفتح على حل دائم وإلا عودة لحماس أشد بأسا
  معركة الأسرى أقوى من معركة السلاح وفتيل النار
  كل الغثاء حمله الطوفان
  رب درس تأخذه من عند غير مدرس ولو من طوفان
  في غزة طوفان دموع اختلط بطوفان الأقصى
  فرنسا من المعاداة للسامية إلى المؤاخاة للصهيونية
  قمة العرب والمسلمين لمساندة طوفان الأقصى في غزة بما أوتوا من قوة الإختلاف والإئتلاف
  فلسطين بطوفان الأقصى دخلت حرب التحرير بالمعنى الجزائري الفريد
  إهلال الإسلام على الكون الجديد
  "‏الفيتو" الأمريكي البريطاني الفرنسي ملطوخ في غزة
  ‏إسرائيل تقتل نفسها عرقا عرقا في غزة
  إسرائيل «غريبة» أوروبا في الشرق الأوسط
  هذه حرب ظالمة لا حرب دفاع عن النفس
  مال الإسلام إرهاب
  الصراع الأمريكي الإسرائيلي
  ‏تركيا وإيران ومصر
  حل الدولة الواحدة
  التهور مزلة والإقدام عن تبصر مأمون
  الموقف التونسي
  ‌على أنفاس غزة
  لمحات شابية
  نيتشه الموت والحياة

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
المولدي الفرجاني، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - مصطفى فهمي، كريم السليتي، حاتم الصولي، نادية سعد، فهمي شراب، ماهر عدنان قنديل، د. صلاح عودة الله ، خبَّاب بن مروان الحمد، أبو سمية، د. ضرغام عبد الله الدباغ، حسن عثمان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، علي الكاش، مراد قميزة، صفاء العربي، محمود فاروق سيد شعبان، د. طارق عبد الحليم، الهيثم زعفان، عمر غازي، رضا الدبّابي، يزيد بن الحسين، أنس الشابي، حسن الطرابلسي، حميدة الطيلوش، فتحي الزغل، كريم فارق، سليمان أحمد أبو ستة، محمد العيادي، العادل السمعلي، سامر أبو رمان ، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمد عمر غرس الله، فتحي العابد، صالح النعامي ، د- محمود علي عريقات، إسراء أبو رمان، د. أحمد بشير، طلال قسومي، د - الضاوي خوالدية، خالد الجاف ، د- هاني ابوالفتوح، أحمد النعيمي، صلاح المختار، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عبد الله زيدان، فوزي مسعود ، د - شاكر الحوكي ، محمد أحمد عزوز، عمار غيلوفي، فتحـي قاره بيبـان، أحمد بن عبد المحسن العساف ، رمضان حينوني، إياد محمود حسين ، ياسين أحمد، رافد العزاوي، محمد اسعد بيوض التميمي، الناصر الرقيق، د - محمد بن موسى الشريف ، محمود سلطان، صفاء العراقي، عزيز العرباوي، محرر "بوابتي"، أحمد الحباسي، إيمى الأشقر، رحاب اسعد بيوض التميمي، مصطفي زهران، مجدى داود، سلام الشماع، د. عبد الآله المالكي، د- محمد رحال، عراق المطيري، محمد الياسين، ضحى عبد الرحمن، أحمد ملحم، د. أحمد محمد سليمان، د - المنجي الكعبي، عواطف منصور، سلوى المغربي، رشيد السيد أحمد، سعود السبعاني، محمود طرشوبي، علي عبد العال، وائل بنجدو، أحمد بوادي، تونسي، د.محمد فتحي عبد العال، مصطفى منيغ، جاسم الرصيف، د - عادل رضا، د. عادل محمد عايش الأسطل، منجي باكير، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، أ.د. مصطفى رجب، سامح لطف الله، سيد السباعي، د - محمد بنيعيش، د - صالح المازقي، سفيان عبد الكافي، عبد الله الفقير، أشرف إبراهيم حجاج، محمد يحي، صلاح الحريري، عبد الغني مزوز، عبد الرزاق قيراط ، محمد الطرابلسي، يحيي البوليني، د. خالد الطراولي ، الهادي المثلوثي، رافع القارصي، محمد شمام ، د- جابر قميحة، صباح الموسوي ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة