البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

فلسطين تحرق كل الأقنعة

كاتب المقال محمد هنيد   
 المشاهدات: 360



ما حدث ولا يزال جاريا في الأرض المحتلة مشهد يفوق الخيال على كل الأصعدة؛ فكيف تحولت غزة المحاصرة منذ سنوات إلى قوة عسكرية ضاربة تسيطر المقاومة فيها على ضعف مساحتها وتستعيد مستوطنات اغتصبها المحتل وطرد منها سكانها الأصليين؟

لن نعود إلى جذور الصراع التي يعرفها الكثيرون ولا إلى عدد المجازر والمذابح التي ارتكبها المحتل منذ مذبحة بلدة الشيخ 1947 ومذبحة دير ياسين 1948 وصولا إلى مذبحة صبرا وشاتيلا 1982 ومذبحة جينين 2002، مرورا بعشرات المجازر والمذابح التي قتل فيها النساء والشيوخ والأطفال. لن نخوض كذلك في سرديات المفاوضات وسراب السلام ووعود الدولة الفلسطينية الزائفة وخيانة السلطة الفلسطينية لكن من المهم اليوم تبيّن حجم التزييف والتضليل الذي أحاط بسرديات المشهد الفلسطيني وشكّل رصيدا تمثّله عند جمهور عريض من العرب والمسلمين.

قناع حقوق الإنسان

لعلّه أول الأقنعة التي سقطت إنما كانت عن صورة الغرب معقل حقوق الإنسان الذي يدّعي ذلك؛ فقد خرجت كل الأجهزة الرسمية لتعلن عن دعمها الكامل وغير المشروط لجيش الاحتلال وسط مزايدات وقحة في الشماتة والعنصرية. فإذا كان وزير دفاع دولة الاحتلال قد وصف الفلسطينيين بأنهم "حيوانات وأنه سيعاملهم حسب هذا المبدأ"، فإن كل المسؤولين السياسيين الغربيين وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي "بادين" ورئيسة المفوضية الأوربية "فون ديرلاين" قد صنفا الحرب بأنها "حرب ضد الإرهابيين في غزة" وهو ما يصنف كل سكان غزة وعددهم يقارب الثلاثة ملايين في خانة الإرهابيين.

لم تحمل تصريحات المسؤولين السياسيين في الغرب وأذرعهم الإعلامية أية إشارة إلى مأساة شعب فلسطين طوال أكثر من نصف قرن من المجازر الصهيونية. هذا الأمر ينسف كل الأكاذيب عن القيم الأوروبية وحقوق الإنسان والعدالة والحرية والتنوع والتعايش وحوار الأديان وتقارب الحضارات ... وغيرها من الشعارات الكاذبة التي سقطت مع أول امتحان حقيقي.

في حقيقة الأمر ليس سقوط هذا القناع مرتبطا بما يحدث في غزة اليوم بل هو سليل الجرائم التي ارتكبها الغرب في بلاد العرب والمسلمين في العراق وسوريا وأفغانستان وكل الدول التي احتلتها بلجيكا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا وهولندا وألمانيا وإسبانيا والبرتغال ... عبر القرون الأخيرة. ففي الولايات المتحدة وكندا وأستراليا محت الحضارة الغربية المسيحية حضارات الشعوب الأصليين وأبادت ما استطاعت الوصول إليه منهم، وبالأمس القريب رأينا في "سجن أبو غريب" في العراق كيف تجلت حقوق الإنسان جلية ناصعة للناظرين.

المسلم والعربي في نظر النظام السياسي الغربي إرهابيان ويجب معاملتهم على هذا الأساس وهو ما صرح به السيناتور الأمريكي "لندسي غراهام " حين وصف الحرب بأنها حرب دينية وهي بذلك امتداد للحروب الصليبية ضد الشرق المسلم.

قناع التضامن العربي

في الوقت الذي تشحن فيه الدول الغربية الأسلحة والجنود والأموال لنصرة جيش الاحتلال فإن الدول العربية تكتفي بالبيانات وخطابات الدعوة إلى التهدئة والمساواة بين الجلاد والضحية باستثناءات قليلة جدا. ففي معبر رفح الذي يفصل قطاع غزة عن مصر عادت شاحنات المساعدات أدراجها بعد أن هدد المحتل بقصفها، بل وقام بقصف المعبر أكثر من مرة دون ردة فعل مصرية تذكر ولو حتى بالتنديد الكاذب.

وهناك دول أخرى مثل الإمارات والبحرين التي "نددت بالتصعيد الفلسطيني الذي قادته مجموعات إرهابية ضد المدنيين في إسرائيل ". أما جامعة الدول العربية فقد اكتفت بتصريحات هزيلة كعادة هذه المنظمة البائسة التي تعبّر بحق عن القاع الذي وصل إليه الانكسار والفساد العربي بقيادة مصر.

اللافت أيضا في هذا الإطار هو ظهور عدد من الأصوات التي تعالت لأول مرة تقريبا في سياقات مشابهة بالهجوم اللاذع على الفلسطينيين خاصة في الخليج، وهي ظاهرة جديدة لم يعرفها المشهد العربي من قبل. هذا الخطاب الجديد يأتي في الحقيقة من منصات تشرف على عملية التطبيع المتسارعة بين دول الخليج وخاصة السعودية والإمارات التي تلقت مساعيها في التطبيع ضربة موجعة.

هاته الأصوات التي أطلق عليها المغردون اسم "الصهاينة العرب" تبدو اليوم أكثر وقاحة في الهجوم على المحتويات الفلسطينية وفي تشويه نضال الشعب الفلسطيني واتهامه بالإرهاب بشكل لم يحدث من قبل.

لكن الأبرز من ذلك هو الصمت المطبق الذي ضرب كل المشاهير والوجوه العربية المعروفة على الساحات الرياضية والفنية والفكرية وغيرها باستثناءات قليلة هنا وهناك. هذه الظاهرة الخطيرة تؤكد أن هاته الفئات المتقدمة إعلاميا هي في الحقيقة جزء من النظام الرسمي العربي الذي أصيب هو الآخر بالصدمة من جراء العملية الأخيرة في فلسطين المحتلة.

أما الشعوب فتقف عاجزة عن الحركة بعد أن فعل الاستبداد بها فعله؛ فجزء كبير منها لا يهمه غير توفير ضروريات الحياة له ولعائلته وسط بحيرات الفساد التي تسبح فيها المنطقة. أما الذين يريدون مساعدة شعب فلسطين ولو طبيا أو إغاثيا فهم ممنوعون من ذلك وقد يوضعون على "لوائح الإرهاب والتردد على بؤر التوتر" كما هو الحال في أغلب الدول العربية. لكن يصبح السفر إلى القتال حلالا وواجبا إنسانيا وعقائديا حين يتعلق الأمر بطائرات كاملة محملة بالشباب اليهودي القادم من كل القارات للمشاركة في قتل أهل غزة.

أقنعة كثيرة سقطت ولا تزال أقنعة أخرى ستسقط. فقد سقط قناع "محور المقاومة والممانعة" وقناع "التضامن الإسلامي" وقناع "نصرة الأقصى". سقط قناع "الشارع العربي" وقناع "الالتزام العربي" وقناع "وحدة المصير" ... وغيرها من الأقنعة التي ضللت شعوب الأمة عقودا من الزمن.

رغم كل هذه الأقنعة التي سقطت فستبقى "أسطورة الجيش الذي لا يهزم" هي أكبر الأقنعة التي تهاوت خلال ساعات أمام إرادة تحرير فلسطين كل فلسطين من الغزاة والمحتلين.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

غزة، طوفان الأقصى، فلسطين، إسرائيل،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 13-10-2023   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
فتحي الزغل، د.محمد فتحي عبد العال، مصطفى منيغ، ماهر عدنان قنديل، محمد عمر غرس الله، حاتم الصولي، رحاب اسعد بيوض التميمي، أشرف إبراهيم حجاج، د. صلاح عودة الله ، تونسي، عزيز العرباوي، د - محمد بنيعيش، محرر "بوابتي"، يزيد بن الحسين، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، صفاء العربي، خالد الجاف ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أحمد النعيمي، د - الضاوي خوالدية، رضا الدبّابي، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد الياسين، طلال قسومي، حميدة الطيلوش، د- محمود علي عريقات، د. طارق عبد الحليم، د - محمد بن موسى الشريف ، فتحـي قاره بيبـان، د - شاكر الحوكي ، إياد محمود حسين ، صباح الموسوي ، أنس الشابي، سليمان أحمد أبو ستة، إيمى الأشقر، د. مصطفى يوسف اللداوي، د - عادل رضا، رمضان حينوني، محمد الطرابلسي، وائل بنجدو، د - مصطفى فهمي، الهيثم زعفان، مجدى داود، د. خالد الطراولي ، سلام الشماع، محمود فاروق سيد شعبان، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - المنجي الكعبي، أحمد ملحم، منجي باكير، فهمي شراب، علي عبد العال، خبَّاب بن مروان الحمد، سلوى المغربي، العادل السمعلي، أحمد بوادي، عبد الغني مزوز، أحمد الحباسي، د. أحمد محمد سليمان، سفيان عبد الكافي، كريم فارق، أبو سمية، إسراء أبو رمان، المولدي الفرجاني، د. ضرغام عبد الله الدباغ، صفاء العراقي، صلاح المختار، سعود السبعاني، صلاح الحريري، فوزي مسعود ، عبد الله زيدان، كريم السليتي، د- هاني ابوالفتوح، رافع القارصي، د. عبد الآله المالكي، عبد الله الفقير، عمر غازي، عراق المطيري، حسن عثمان، رشيد السيد أحمد، ضحى عبد الرحمن، رافد العزاوي، عمار غيلوفي، الهادي المثلوثي، د- جابر قميحة، محمود سلطان، علي الكاش، ياسين أحمد، أ.د. مصطفى رجب، د - صالح المازقي، صالح النعامي ، محمد أحمد عزوز، حسن الطرابلسي، عواطف منصور، سامح لطف الله، سيد السباعي، عبد الرزاق قيراط ، نادية سعد، أحمد بن عبد المحسن العساف ، فتحي العابد، محمد يحي، محمد شمام ، مصطفي زهران، يحيي البوليني، جاسم الرصيف، مراد قميزة، حسني إبراهيم عبد العظيم، د- محمد رحال، سامر أبو رمان ، محمد العيادي، الناصر الرقيق، محمود طرشوبي، د. أحمد بشير،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة