البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

تونس: هل يمكن ازاحة الانقلاب بالتعاون مع النقابة واليسار ؟

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 664



بتنا نخشى أن نثير غثيان القراء من الدوران في الحلقة السياسية المفرغة التي أدخلنا فيها الانقلاب. فما نبيت عليه من خبر نستعيده مع قهوة الصباح التي فقدت طعمها وقد انتبهنا بشكل متأخر أن لم نعد نسمع موسيقى لقد قرفنا من الانقلاب نعم ولكن قرفنا أيضا من معارضي الانقلاب فلا هو حسم الأمر كدكتاتور شجاع وحاسم ولا المعارضة خرجت عليه وعلى أنصاره الحقيقيين من اليسار خروجا ينهي المهزلة. ولقد رددنا أيضا أن البلد سيدار من خارجه وتمنينا أن تكذبنا الوقائع لكن تونس صارت حديث المجالس الدولية وهناك مؤشرات كثيرة تتجمع على أن الحلول ستأتي من الخارج ويجري الآن تجهيز المظلة الداخلية للتغطية. وهذا سبب آخر للقرف. هل نحن مستعجلون على رزقنا؟ إن فقدان الحرية يشتت عقولنا بعد أن استطبنا عيشها.

الرئيس معزول لكنه لا يسقط.
أشار الرئيس الجزائري في ايطاليا بعبارة صريحة غير قابلة للتمويه إلى المأزق التونسي. وقدم الحل المطلوب (العودة إلى الديمقراطية) وكان البلدان الجاران القويان المؤثران فعلا (الجزائر وايطاليا) متوافقين على التوصيف والحل. وقد سبق ذلك إعلان غضب ليبي من سياسة المنقلب تجاه الأزمة الليبية لجهة الانتصار لباش آغا ضد الدبيبة. بينما نطالع الصحف الفرنسية وهي تشن هجوما غير مسبوق على المنقلب وتصف الوضع بأنه على شفا الانهيار. ولجريدة لوموند قراء في تونس يعدلون عليها بوصلتهم. ولعل تصريح الأستاذ بن عاشور (يعتبر بوصلة النخبة المتفرنسة) بأنه ضد الانقلاب ولم يعد يثق في الرئيس وينكر معرفته به. علامة مهمة في تغير موقف النخبة الاستئصالية (الفرانكفونية )نفسها من الانقلاب.

عزلة خارجية يظهر تأثيرها على النخبة في الخارج فتكتمل دائرة العزلة في الداخل لكن المنقلب يمضي غير مبال حتى أنه خرج ضد لجنة البندقية ورفض توصيفها القانوني للوضع التونسي ولخطة المنقلب المتعلقة بوضع دستور جديد والاستفتاء حوله. كأنه قادر فعلا على البقاء في عزلته وقيادة البلد دون عون خارجي مالي وسياسي وديبلوماسي. لماذا لا يسقط إذن؟

نجلد المعارضة من فرط القرف.
سرنا مع المعارضة الديمقراطية منذ الساعات الأولى للانقلاب وكنا على يقين من أن المنقلب لا يملك وسائل بقاء ولن يملك ولكن يوشك الحول أن يكتمل والانقلاب صامد وطيف من هذه المعارضة يقنعنا بأن حولا من عمر شعب زمن وجيز يمكن احتماله.

لقد كسرت هذه المعارضة وهم المنقلب وحصرت النقاش ببراعة في مربع ديمقراطية ضد انقلاب وجعلت قاعدة واسعة تنفض من حوله فيظهر عجزه في الشارع بينما تظهر قوتها متى أرادت النزول لكن بقدر وضوح هذه الصورة بقدر استدامة فترة التريث والمطاولة كأن المعارضة ليست واعية بالثمن الاجتماعي الذي سيقع على كاهلها بعده.(نعم يوجد ما بعد الانقلاب) هذا الثمن يثقل كل يوم ونراه يقسم ظهر من يتولى الأمر بعده.

المعارضة الديمقراطية الحقيقية لا تزال تطمع في ضم قوم آخرين إلى صفها باسم توسيع قاعدة المعارضة وتسهيل الحلول اللاحقة وهذا في تقديرنا وهم كبير يدفعنا إلى القول أن هذا خطأ تكتيكي واستراتيجي ونفسر وجهة نظرنا

هناك طيف ثان من المعارضة يشمل الذين ساندوا الانقلاب ورغبوا في توظيف زخمه الأول لتصفية خصومهم بواسطة قوة الدولة وأسمي اليسار الاستئصالي والقوميين وحزب الإدارة الكسول ومعهم غوغاء بلا رأي ولا مشورة ولكن حطب معارك غير ديمقراطية جاهز وتحت الطلب.
بعد أن فقد هذا الطيف أمله في توظيف الانقلاب ورأى القوى الدولية تعبر عن غضبها ورغبتها في إنهاء الوضع انسحب من حول الانقلاب ليتخذ موقعا في المعارضة ولكن بنفس الأجندة الاستئصالية وهو يسوق نفسه الآن كبديل دون الطيف المعارض الحقيقي وفي عمقه حزب النهضة.
انتظار المعارضة الصادقة لالتحاق المعارضة الكاذبة (والتسميات تلزمني) وبناء آمال سياسية على عمل مشترك بعد الانقلاب هو الخطأ الذي لن ينتج حلولا لا في إسقاط الانقلاب ولا في قيادة البلد من جديد على طرق الديمقراطية.

هذا الاختلاف الانقسام السياسي بخلفية استئصالية هو الذي صنع ممهدات الانقلاب وهو الذي مد في أنفاسه لحول كامل وهو الذي سيخرب ما بعده لنعود إلى وضع مشابه وربما أكثرا سوءا مما قبله. وتقديرنا أنه لغم سيدس في طريق الديمقراطية وسينفجر مرة أخرى كما انفجر الانقلاب في طريق المسار الديمقراطي. هل على المعارضة الصادقة أن تتخلى عن وهم التجميع المفيد؟

الحسم في الانقلاب وفي من سانده أولا وعارضه لاحقا.
أحد أسباب القرف السياسي هو الإبقاء على وهم قوة النقابة التونسية والتزلف إليها لتكون ضد الانقلاب. وفي بناء ما بعده. لقد فقدت النقابة كل رصيد أخلاقي قبل الانقلاب عندما هرسلت كل الحكومات وعطلت المرفق العمومي وأجهزت على آخر أرصدتها الأخلاقية والرمزية بإسناد الانقلاب وتبريره طيلة هذه المدة وهي تتحول إلى عدو صريح للديمقراطية بمحاولتها تصدر المشهد وجني ثمرة جهد المعارضة الصادقة التي كسرت قاعدة الانقلاب وجعلته هشا. تقفز النقابة ويسارها الخياني إلى مقدمة المشهد كأنها المعارضة الوحيدة وتظهر من الوقاحة ما تنسف به جهد من خرج ضد الانقلاب منذ اليوم الأول. وتقف موقف من يملي الشروط.

وتقديرنا أن المعارضة الصادقة تقع في خطأ قاتل باستدامة هذا الوهم الذي يضعها في موضع الدونية والتبعية للنقابة. إنها تمنحها (أو تعيد لها) رصيد قوة لا تستحقه. ولا يمكنها فعلا اكتسابه إلا بالإيهام بأنها قادرة على شيء فعلا. وهذا يمثل عندي حالة عجز فكري وسياسي. وفيه كسل نضالي ولا نستنكف أن نقول أن حزب النهضة هو من يعيش بوهم قوة النقابة بل نراه يخاف من النقابة ويرتعد فرقا أمامها وذلك منذ حكومة الجبالي وما تلاها.

جهلنا بما يجري وما يقال داخل الحزب حول الموقف من النقابة لا يسمح لنا بفهم كامل لهذا الخوف منها ولكننا نؤمن بأن تشريك النقابة في أي حل سياسي هو بوابة لعودتها لابتزاز ما بعد الانقلاب والحكم بقوة من خارج كل الحكومات ولو كان فيها أقوى الكفاءات الإدارية والسياسية.
إن النقابة هي اليسار الاستئصالي (وواهم من يظن أن الطيف غير اليساري بها له قوة فعل داخلها)وهذا اليسار هو صوت السفارة الفرنسية منذ عقود طويلة ويكفي أن نتأمل نتائج (نضالات هذا اليسار) لنجد مطالب السفارة تتحقق على الأرض دون أن تلفت الانتباه. تشريك النقابة في الحل هو منح فرنسا (حقوقها التاريخية) في تونس وهذه هي بوابة خراب المستقبل وقد كانت بوابة خراب ما قبل الانقلاب.

ويقيننا أن تحول الموقف الفرنسي من الانقلاب جاء بعد أن دفعت النقابة لموقفها الحالي وهي تشجعها على افتكاك المقعد الأول في المعارضة مع مواصلة كسر الصف المعارض لإقصاء النهضة ومن يساندها في المستقبل أي مواصلة الحكم بالنقابة ووضع البلد تحت وصاية فرنسية لا تنقضي أبدا.

القرف إذن ليس من سخافة الانقلاب وعته المنقلب فحسب بل من غباء من يعارضه وجبنه دون الحسم في الأسباب والبقاء في سطح معارضة نتائجه. نعرف كلفة ذلك ونقدر شقاء الحسم لكن من لم تحمل كلفة الحسم في الأسباب سيعيد إنتاج الوضع الهش الذي سبقه حيث حكم البلد أضعف من فيه عددا وأشدهم وقاحة.

سيصل القوم إلى قناعة بسيطة بعد زمن طويل لا يمكن بناء ديمقراطية سليمة مع اليسار التونسي المسلح بنقابة فاسدة. لكن الزمن الذي سيمر قبل ترسخ هذه القناعة سيجعل فترة مع بعد الانقلاب فترة أزمات طويلة. ننتظر في حالة قرف ونعتذر للقراء.

-------------
وقع تحوير العنوان الاصلي للمقال
محرر موقع بوابتي


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

إنقلاب قيس سعيد، تونس، الإنقلاب في تونس، الثورة المضادة، إتحاد الشغل، اليسار الوظيفي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 1-06-2022   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أحمد بن عبد المحسن العساف ، وائل بنجدو، كريم فارق، أحمد الحباسي، كريم السليتي، سفيان عبد الكافي، جاسم الرصيف، رافد العزاوي، فوزي مسعود ، سليمان أحمد أبو ستة، علي عبد العال، محمود فاروق سيد شعبان، مراد قميزة، د. كاظم عبد الحسين عباس ، فتحي الزغل، سلوى المغربي، العادل السمعلي، د - صالح المازقي، محمد الياسين، ياسين أحمد، علي الكاش، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمد عمر غرس الله، د. خالد الطراولي ، مجدى داود، صلاح المختار، عبد الله زيدان، ماهر عدنان قنديل، د- محمود علي عريقات، أ.د. مصطفى رجب، يحيي البوليني، تونسي، أحمد بوادي، أبو سمية، محرر "بوابتي"، يزيد بن الحسين، المولدي الفرجاني، د. أحمد بشير، حاتم الصولي، حسن الطرابلسي، الهادي المثلوثي، فهمي شراب، عبد الرزاق قيراط ، د. صلاح عودة الله ، رمضان حينوني، د - المنجي الكعبي، عواطف منصور، سامر أبو رمان ، صفاء العراقي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أحمد ملحم، د- محمد رحال، محمود سلطان، عراق المطيري، الناصر الرقيق، محمد الطرابلسي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، رشيد السيد أحمد، حسني إبراهيم عبد العظيم، مصطفي زهران، نادية سعد، منجي باكير، صباح الموسوي ، رافع القارصي، ضحى عبد الرحمن، سيد السباعي، طلال قسومي، محمود طرشوبي، محمد أحمد عزوز، عمار غيلوفي، حميدة الطيلوش، محمد اسعد بيوض التميمي، فتحـي قاره بيبـان، د- جابر قميحة، عزيز العرباوي، مصطفى منيغ، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمد يحي، رضا الدبّابي، د. طارق عبد الحليم، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، إيمى الأشقر، الهيثم زعفان، د. أحمد محمد سليمان، د - محمد بن موسى الشريف ، عبد الغني مزوز، سعود السبعاني، سلام الشماع، عبد الله الفقير، د.محمد فتحي عبد العال، عمر غازي، إسراء أبو رمان، د - شاكر الحوكي ، د - مصطفى فهمي، صلاح الحريري، د - محمد بنيعيش، أحمد النعيمي، د- هاني ابوالفتوح، محمد شمام ، د. عادل محمد عايش الأسطل، د. عبد الآله المالكي، فتحي العابد، خبَّاب بن مروان الحمد، سامح لطف الله، صفاء العربي، إياد محمود حسين ، أشرف إبراهيم حجاج، د - عادل رضا، د - الضاوي خوالدية، حسن عثمان، خالد الجاف ، أنس الشابي، محمد العيادي، صالح النعامي ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة