(43) محمد أركون وحصاد الصراع بين الإسلاميين والليبراليين
د - أحمد إبراهيم خضر
فى كتابه "سؤال الهوية" وجه التنويرى الماركسى المتطرف "شريف يونس"، لائحة اتهام لرفاقه التنويرين، وإن كان قد تحفظ فى اعتبار ما قاله بأنه لائحة اتهام. أقر” يونس” بأن ظاهرة التنوير ظاهرة نشطت فى السنوات الأخيرة، وأنه قد مضى وقت كاف على نشاطها العلنى، وعلو صوتها الملموس فى المنابر الحكومية وغير الحكومية، طرحت نفسها للناس على أنها "سلطة" و "كمبدأ مقدس"، بادرت باستخدام جميع أسلحة الإرهاب الفكرى ضد خصومها، لأن المسألة كانت بالنسبة لهـــــا "مسألة حرب": سلطة أمام سلطة، ومبدأ مقدس أمام مبدأ آخر مقدس، خصومها يدافعون عن "الله" وهى تدافع عن الوطن والحرية والديموقراطية، ورغم ذلك فقد حدث لهذه الظاهرة تدهور خطير صحبها منذ بدايتها ذاتها، وترافق مع علو صوتها، جعلها دائما فى موقع الدفاع.

العلمانية التى نادت بها، كما يرى "يونس" هى علمانية منافقة، ليس من شأنها سوى تأكيد موقفها الدفاعى هذا، دون أمل فى الخروج منه، اضطرت دوما للتراجع المستمر كلما اشتد هجوم خصومها، وإلــى جانب ذلك فهى "علمانية مبتورة" أصبحت قضيتها "قضية نخبة" أو نحلة مضهدة تمارس تقية مكشوفة تغطى بها على أفكار حكم عليها أصحابها أنفسهم بأنها لا تصلح للتداول العام، وأنها أشبه "بجيتو يهودى" مستقل سياسيا وإيديولوجيا، ولو فرض امتداد هذا الخط على استقامته فسيتحول كما يرى "يونس" إلى أصولية جديدة، سرية، تقوم مع انعزالها المتزايد "بتكفير" المجتمع بإسم "العقل المجرد والتقدم"، وقد تبحث لنفسها عن هجرة تحتمى بها مما يسميه " يونس" الجاهلية الإسلامية القادمة"

حدد " يونس " لائحة الإتهام لرفاقه التنويرين على النحو التالى:

التنويريون يثبون على الفجوة التى تحدث بين الإسلاميين والسلطة، ويرتمون فى أحضان السلطة لتدفع عنهم ما يسميه "بالشيطان الرجيم" ممثلا فى الإسلاميين، يستعدون السلطة عليهم ـ ويحاولون إقناعها بخطورتهم، ويطالبونها بتح...