(169) 84- دعوة للنظر:الإسلام وحرب المصطلحات
د. أحمد إبراهيم خضر - مصر
يقول الباحثون الإسلاميون :
" من الخطأ تصور انحصار المعارك والحروب بيننا وبين أعدائنا في ساحات القتال ومواطن النزال وحدها ...................
وأعداء الإسلام - وهم يخوضون حربهم ضد هذا الدين وأصحابه - لا يدعون فجا يمكن أن ينالوا به من الإسلام وأهله إلا وسلكوه، ولا تتهيأ لهم فرصة سانحة إلا وظفوها ورعوها حق رعايتها، لتكون لهم سندا وركنا يؤوون إليه ويعتمدون عليه في حربهم الكبرى التي يريدون بها استئصال شأفة الحق . قال تعالى مخبرا عنهم تتبعهم الصعب والذلول وارتكاب المستحيل لأجل ذلك: {يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون}.
ومن بين هذه الأساليب المتبعة - والتي لا تكاد تنفك عن سبيل من سبل سعيهم المتنوع والمتعدد - أسلوب يمكن أن نسميه بـ "حرب المصطلحات".

تعنى حرب المصطلحات :
" أن يعمد أعداء الله إلى أمر من أمور الإسلام ذات الحقائق المحددة والمسميات المبينة والأسماء المنضبطة، فيضعون لها اسما مزيفا منفرا، يقلب صورة حقيقتها في الأذهان، ويصيرها مطبوعة بطابع تشمئز منه النفوس، وتنفر لدى سماعه القلوب، أو أن يقصدوا شيئا من القبائح التي نهى الشارع عنها ومقَتَها وبين حكمها ونَفر وحذر منها، وأظهر مضارها ومفاسدها؛ فيخترعون لها مصطلحا جذابا متألقا، يزينونها به ويرغبون فيها بواسطته، لتدنو منه النفوس خطوة خطوة، وتستأنس به الأفئدة وتألفه، وتميل نحوه القلوب وتقل درجة النفرة بينها وبين تلك القبائح شيئا فشيئا، حتى تتلاشى، فيسهل على النفس بعدها اقتحامها والعب منها دون شعور بالحرج، بل تستطيبها مع الأيام وتطمئن لها لطول الإلف وتوثق الصلة.

حرب المصطلحات أسلوب قديم
وهذا الأسلوب بشقيه - تحسين القبيح، وتقبيح الحسن - اعتمادا على المصطلحات المخترعة؛ يعد من الأساليب الخطيرة التي رافقت أعداء الله تعالى عبر مسيرتهم الطويلة في صراعهم مع الحق، فلم يكد ينفك عنه زمن من الأزمنة، أو تهمله طائفة من الطوائف المشاقة للحق.

...