(35) علم الإجتماع : أقصر الطرق إلى الإلحاد [3]
د. أحمد إبراهيم خضر - مصر
-فإذا قلت إن هذه التعريفات تمثل درجة من الفوضي والتشوش والإضطراب لا حد لها وتخرج الناس من دائرة الدين المحدد والدقيق عند الله ليدخل تحته كل ما يعبد ويقدس من دون الله ولو كان بقرة أو صليباً أو توتماً ، وإنها تهبط بالإسلام من علوه وتساويه بل وتقر ما هو دونه ، وإنه لم يعد من المستطاع تأكيد وجود الله والمغيبات بنفس القدر الذي لا يمكن نفيها ، ويصبح تحديد معني الدين وما يرتبط به من مقدس ودنس ليس من الله عز وجل وإنما من الناس أنفسهم ، وإنه كان يجب علي علماء الإجتماع العرب حسم هذه المسألة بمفهوم الجرجاني عن الدين بأنه: وضع إلهي يدعو أصحاب العقول إلي ما جاء به محمد صلي الله عليه وسلم ، وتأكيد أن الدين عند الله الإسلام.


-أجابك عالم الإجتماع: من قال لك إن علماء الإجتماع العرب يعرفون أويقرأون للجرجاني؟ وحتي إذا قرأوا له فإنه إما لا يفهمونه أو يرفضونه. إنهم يؤمنون إذا آمن الغرب ، ويكفرون إذا كفر الغرب ، إلي درجة إنهم قد دخلوا مع الغرب في لعبة التعريفات نفسها ، فعرفوا الدين بأنه نسق من الإعتقادات والممارسات الذي تستطيع جماعة من الناس من خلاله أن تفسر وتستجيب لما تشعر به علي أنه مقدس . وهكذا تري أنه تعريف علي النمط الغربي من الألف إلي الياء.

-وإذا سألت عن أصل الدين في علم الإجتماع.
-أجابك عالم الإجتماع: إن الأديان المتقدمة ليست إلا صورة معقدة من الديانة التوتمية البدائية ، وهي عبادة أفراد القبيلة لحيوان أو نبات يعتقدون أنهم ينحدرون منه ، هذه التوتمية هي الشكل الأول للدين ويتميز الإنسان بحب الإستطلاع الفكري ، وبقدرته علي عقد مماثلات والخروج منها بتعميمات ، من هنا كان الإعتقاد الديني الأول للإنسان في الأرواح المشخصة وليس في القوي اللامشخصة ، ذلك لأن المبدأ الذي يعطيه الحياة هو الروح ، وتظل هذه الإعتقادات محل إختبار وتجربة الإنسان ، وتخضع للمحاولة والخطأ ، ويؤدي التعطش الفكري بالتدريج بالإنسان إلي الإيمان في قليل من الآلهة أو الكائنات التي لها مسؤولية عن قطاع كبير من الظواهر ، أو عن مصي...