الثقافة العربية بين رموز الأصالة ودعاة التبعية
د. محمد مورو
الثقافة والنهضة، الثقافة العربية والتقنية الحديثة، التحدي العلمي والتكنولوجي، العقل العربي أهو مشدود إلى الخلف, أم جامد في مكانه، أم أنه عقل قادر على التطلع بأمل إلى مستقبل أفضل، الأصالة والمعاصرة، التراث والتجديد... هذه العناوين كلها وغيرها إشكالات مطروحة ومشروعة ويجب حسمها، أو الحوار حولها، ولكن بشرط أساسي ألا تكون نوعًا من العلامات المزيفة، أو طريقة لطمس الحقيقة والواقع، أو نوعًا من الدجل السياسي، أو تبريرًا، أو خدمةً دعائية لإيديولوجية سياسية معينة، أو لسلطة محددة، أو قفزًا على الإشكالات الحقيقية في الواقع العربي، أو تعاليًا عليه.

وإذا اعتبرنا أن الثقافة هي التي تقود عملية تغيير المجتمع وتقدمه، أو أنها في أقل الحالات تقع في القلب من عملية التغيير والنهضة والتقدم وليست مجرد عملية استهلاك عقلي للإمتاع، أو التسلية، أو إبراز الذات الشخصية، أو المجتمعية فإن من الواجب علينا علميًا أن نضع التصور الصحيح للأرضية الاجتماعية والأوضاع المجتمعية التي تعمل فيها هذه الثقافة، وبالتالي فإن إشكالات أخرى تسبق هذه الإشكالات يجب أولاً أن يجري الحوار حولها أي يجب ألا يتم تجاهلها، أو القفز عليها، وهذه الإشكالات منها هل يمكن للثقافة أن تكون قائدة لعملية التغيير والتقدم في ظل سلطة مستبدة؟ وهل نستطيع حسم تحدي العلاقة بين السلطة المستبدة والثقافة قبل حسم قضية التحدي في علاقة الثقافة بالعلم والتكنولوجيا مثلاً، وبكلمة أخرى هل تصبح الثقافة قادرة على حسم تحدياتها المطروحة دون أن تصبح ثقافة لمواجهة الاستبداد وهل يصح الحديث أصلاً عن دور للثقافة في غياب الحرية!

الأمر ذاته في الحديث عن الثقافة في مجتمع مستعمَر، سواء أكان الاستعمار تقليديًا، أم استعمارًا حديثًا يعمل من خلال آليات السوق، أو المؤسسات المالية الدولية العملاقة، وهل يمكن الحديث عن ثقافة قائدة وقادرة على التغيير إذا تجاهلت هذه الثقافة قضية كشف العلاقات الاستعمارية ومواجهتها.

ومن هذه الإشكالات أيضًا الحوار حول طبيعة التصور الحضاري في العالم، فهل الحضارة في العالم مجرد حضارة واحدة تسهم فيها الأمم ...