الإسلام الليبرالي أو الضوء الذي يخفي الحقائق
محمد إبراهيم مبروك
يبدو أن قناعات المنظِّرين الأمريكيين من أمثال (هنتنجتون) و (فوكوياما) و (برنارد لويس) بأن الإسلام يملك الأيديولوجية الوحيدة القادرة على تحدي المنظومة الليبرالية العلمانية للحضارة قد غدت قناعات نهائية للسياسة الأمريكية بوجه عام.

ومع إصرار هذه السياسة على الانفراد بحكم العالم غدا قهر الإسلام وإرغامه على الالتحاق بالتبعية الغربية هو الهدف المحوري لتلك السياسة الذي تدور حوله باقي أهدافها الأخرى. ومع استعصاء الإسلام على هذا القهر الذي يتجلى في المقاومة الجهادية للأمريكيين في أماكن مختلفة من هذا العالم اقتضى العمل على اختراق الإسلام نفسه من الناحية الفكرية بابتداع ما يسمى بـ (الإسلام الليبرالي) الذي شاع عنه الحديث في المرحلة الأخيرة والذي يعني بكلمة مبسطة للغاية: ابتداع بناء مفاهيمي مزيف يجمع بين بعض الأطر الشكلية للإسلام والمضمون الليبرالي للحضارة الغربية القائمة، ويتم تبنيه ودعمه والترويج له بالطريقة التي تصنع منه الضوء الذي يخفي الحقائق.


الرصد والتنظير لمحاولات توظيف الإسلام للمصالح السياسية:

العمل على توظيف الإسلام للمصالح السياسية شأن قديم، مثله مثل كل ما يمكن العمل على توظيفه من معتقدات للمصالح السياسية في التاريخ الإنساني؛ حيث يتوقف النجاح في ذلك على مدى تيقُّظ أهل هذه المعتقدات لما يستهدفه أعداؤهم من اختراق لها؛ لدفعهم إلى الوجهة التي يريدون من خلال الخداع والتضليل.

ويمكن الحديث عن ثلاث محاولات للرصد والتنظير حول هذا الموضوع في النصف الثاني من القرن العشرين:

الأولى: هي ما رصده الأستاذ (سيد قطب) من محاولات أمريكية لتوظيف الإسلام لمصالحها السياسية أوائل تلك المرحلة الزمنيـة للعمـل على إرث الإمبـراطورية الإنجليزية، وسماه حينذاك بـ (الإسلام الأمريكاني).

الثانية: ما كان قائماً بالفعل في الاتحاد السوفييتي، وقام بالتنظير له أيضاً مجموعة من المفكرين العرب من العمل على توظيف الإسلام لخدمة الأهداف الشيوعية وهو ما كان يسمى حينذاك بـ (الإسلام الأحمر).