مناهج التعليم الديني في العالم الإسلامـي، تحت القصف الأمريكي
كمال حبيب
عرف العالم الإسلامي منذ وجوده الأول المدارس الدينية التي قامت بتفسير القران الكريم والسنة النبوية المطهرة ، صحيح أن ذلك بدأ بشكل فردي حيث كان الصحابة يقومون بنقل ما سمعوه عن النبي صلى الله عليه وسلم شفاهة ثم جاء التابعون من بعدهم لنقل ما أثر عن الصحابة ثم تكونت المدارس الفقهية واللغوية والأدبية . وكان كل نشاط العقل المسلم يدور حول الإسلام والقرآن والسنة ، وعلماء التفسير والبيان والسنة والجرح والتعديل جميعهم كان نشاطهم العقلي والفكري يستلهم الإسلام ويدور حوله من أجل بيانه وشرحه والحفاظ عليه ، ولم تكن المدارس الفقهية أو اللغوية أو الحديثية أو البيانية ، ذات بيان ولها رسوم مقررة ، ولكنها في أغلبها عمل تطوعي وأهلي ومجتمعي.

فأبو حنيفة مثلاً كان تاجراً لكنه متوافر على تأسيس مدرسة فقهية عريقة تعود بجذورها إلى الصحابي الجليل عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ الذي كان يحكم ويقضي ويجتهد؛ هذه المدرسة الفقهية هي تلامذته الذين نقلوا العلم عنه «كأبي يوسف» و «محمد بن الحسن الشيباني» وغيرهم من المجتهدين والعلماء والقضاة، ثم تبلور في النهاية «المذهب الحنفي» الذي هو طريقة في المنهج لفهم الشريعة، وكذا الشافعي وكذا «الإمام مالك» إمام أهل المدينة بلا منازع ثم الإمام «أحمد بن حنبل».

وكان يحدث في هذه المدارس الإسلامية تلاقح فكري وقواعد في الفهم والاجتهاد وهي آية في التضلع الفكري والعلمي العقلي بمعناه الواسع؛ فالنشاط العقلي والفكري للحضارة الإسلامية هو بالأساس نشاط حول الإسلام وعلومه، وهذا الذي مثل النسق المعرفي الإسلامي بالأساس، ثم ظهرت جماعات من شذاذ الفكر الذين تلوثوا بالفكر اليوناني الوثني، والأفكار النصرانية والخوارجية البدعية، وكان ذلك في الواقع جزءاً من محاولة العدوان على الفكر الإسلامي الأصيل، لكن هذا الفكر الشاذ ظل هامشياً، وكان أهله محاصرين بحكم الشعور الإسلامي العام وبحكم علو الشريعة فكراً وسلطة. كما أن طبيعة العصر التي لم تكن تحقق التواصل، وكان كل عالم يعيش وحده، وهو ما جعل آثار هذا التفكير محدودة وليس لها واقع في حياة الأمة والناس؛ لكنه مع نهاية القرن ال...