دور رفاعة الطهطاوي في تخريب الهوية الإسلامية قضية التحسين والتقبيح (1)
د- هاني السباعي
إن قضية التحسين والتقبيح من أخطر القضايا التي قصمت ظهر أمتنا الإسلامية. فما نراه اليوم من قوانين وضعية، وتفسخات اجتماعية، وتحلل خلقي، وعلو الباطل في مجتمعاتنا...إلخ، كل ذلك نتاج قضية التحسين التي أثارها المعتزلة الذين قالوا بالتحسين والتقبيح بواسطة العقل، وأن العقل هو الذي يحكم بحسن الأشياء وقبحها بصرف النظر عن نصوص الكتاب والسنة. هكذا أُطلق للعقل العنان فصار العقل رباً جديداً!! فما يراه العقل حسناً فهو حسن، وما يقبحه العقل فهو كذلك ولاعبرة بنصوص القرآن المنزل من لدن حكيم حميد، ولا بالسنة النبوية المطهرة طالما خالفها العقل!! ورغم ذلك لم تذكر كتب التاريخ والفرق أن المعتزلة كان يدور في خلدهم تنحية الشريعة الإسلامية.

لكن المعتزلة الجدد يرون تنحية الشريعة وفصلها عن الحكم بحجة تطوير الشريعة وأن هذا ما يستحسنه العقل في عصرنا الحاضر!!
إذن قضية التحسين والتقبيح ليست ترفاً فكرياً أو جدلاً أصولياً، بل نحن بصدد قضية لها افرازاتها ونتائجها الملموسة على أرض الواقع.

ومن منطلق هذه التقدمة نتناول هذه القضية عبر النقاط التالية:
أولاً: نبذة سريعة عن التحسين العقلي والتقبيح.
ثانياً: موقف الطهطاوي من قدرة العقل على التحسين والتقبيح.
ثالثاً: تباين وجهة نظر الطهطاوي في قضية التحسين والتقبيح.
رابعاً: أثر الفكر الطهطاوي على أرض الواقع.

أولاً: نبذة سريعة عن التحسين العقلي والتقبيح

يذكرعلماء الأصول مسألة التحسين العقلي والتقبيح في باب الحاكم أي الذي صدر عنه الحكم وهو المشرع الحكيم؛ الله سبحانه وتعالى حيث قال (إن الحكم إلا لله) (ألاله الحكم والأمر).. (وأن احكم بينهم بما أنزل الله) والإجماع منعقد على أن الحاكم هو الله جل جلاله، إلا أن العلماء اختلفوا في مسألة: هل المكلف مأخوذ بما يقضي به العقل أو هل يمكن للعقل أن يستقل بإدراك أحكام الله وإذا كان كذلك فهل يعد مصدراً من مصادر الفقه الإسلامي؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على عدة أقوال:

القول الأول:
رأي المعتزلة والشيعة الإمامية...