الأرض وشروط وراثتها في القرآن الكريم
د. الشاهد البوشيخي
ينبغي على ابن آدم أن يذكر آلاء الله سبحانه وتعالى ليعرفه ويحبه. ولا شك أن كل إنسان، يحب آباءه وإخوانه، لأن كثيرًا من الخير والنعم تأتيه -في الظاهر- على أيديهم. ولكن لو تأمل هذا الإنسان قليلاً لوجد أن المنعم الحقَّ واحدٌ وهو الله سبحانه وتعالى، والخلْقُ إنما معابر ووسائل، يمر عبرها وعن طريقها هذا الخير من الله سبحانه وتعالى. فالمنعم الوحيد الذي له الحمد في الأولى والآخرة هو الله عز وجل، قال تعالى: ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ﴾(النحل:53)؛ نعمة السمع والبصر والكلام والمشي والعقل والهواء والضوء والماء والقراءة... فكل نعمة من النعم يتمتع بها العبد ذكَرًا كان أو أنثى، إنما هي من الله سبحانه وتعالى.

التكريم الإلهي لبني الإنسان
وإن أعظم نعمة كرّم الله بها هذا الإنسان، هي أنه جعله من بني آدم، إلا أن كثيرًا من الخلائق لا تستمتع بهذا التكريم، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾(الإسراء:70). فبنو آدم هم المستخلفون في الأرض بين جميع الكائنات وعلى جميع الكائنات، ولهم السيادة في هذا الكون: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾(البقرة:30). فالخلافة في الأرض؛ لتعميرها، وعبادة الله فيها إنما هي لأبناء آدم، وهذا تكريم وأي تكريم: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾(الذاريات:56).

ونعمة ثانية هي نعمة الإسلام التي رضيها الله سبحانه وتعالى لعباده ومنّ عليهم بها فقال: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾(المائدة:3). فجميع الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وجميع التابعين لهم في الأمم الغابرة كانوا مسلمين؛ إبراهيم قال له الله تعالى: &...