(137) قاعدة فى معيار الحكم على أعمال الكاتب أو الأديب أو الروائى
د. أحمد إبراهيم خضر - مصر
يقول العلماء : ما من فعلة وإن صغرت، إلا وينشر لها ديوانان: لم، وكيف. أى لم فعلت وكيف فعلت. فالأول سؤال عن علة الفعل وباعثه والداعى إليه. هل هو لغرض من أغراض الدنيا من محبة المدح من الناس، أو خوف ذمهم، أو استجلاب نفع عاجل أو دفع مكروه. أم الباعث على القيام بالفعل هو القيام بحق العبودية والتودد والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى وابتغاء الوسيلة إليه. وبمعنى آخر هل الفعل لله أو الهوى. والثانى: سؤال عن متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم. هل ما يكتبه الكاتب أو الأديب أوالروائى فيه متابعة للرسول صلى الله عليه وسلم أم لا ؟. أى هل كان الفعل طبقا لما شرعه الله تعالى على لسان رسوله، أم كان عملا لم يشرعه الله ويرضاه. السؤال الأول عن الإخلاص، والثانى عن المتابعة. فإذا قيل أن أمر الإخلاص أمر لا يمكن الحكم عليه فهو بين الكاتب وربه، فإن أمرالمتابعة لا يحتاج إلى عناء فى معرفة مدى موافقته أومخالفته لأمر الشارع. ولا بد للعمل - حتى يقبله الله تعالى - من أن يكون خالصا، أى يتجرد فيه الإخلاص لله، وأن يكون صوابا أى يجرى طبقا لما شرعه الله تعالى على لسان رسوله. والعمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل.

فإذا تقرر هذا انبنى عليه عدة قواعد منها : أن كل عمل كان المتبع فيه الهوى بإطلاق من غير التفات إلى الأمر أو النهى أو التخيير، فهو باطل بإطلاق، لأنه لا بد للعمل من حامل يحمل عليه وداع يدعو إليه.فإذا لم يكن لتلبية الشارع فى ذلك مدخل فليس الباعث إلا مقتضى الهوى والشهوة. وما كان كذلك فهو باطل بإطلاق، لأنه خلاف الحق بإطلاق. وكل فعل كان المتبع فيه بإطلاق هو الأمر والنهى أو التخيير فهو صحيح وحق، لأنه قد أتى به من طريقه الموضوع له ووافق فيه صاحبه قصد الشارع فكان كله صوابا.

ولعل هذه القاعدة هى التى تجعل البعض يرفض بشدة تطبيق الشرع على الأعمال الأدبية أو الروائيه، لأن الشرع يحكم عليها بالبطلان طالما أنها تخالف أحكامه. لكنهم يحكمون عليها بالإبداع لأنها تجرأت وخالفت هذه الأحكام.

وقد وضع العلماء عدة قواعد فرعية فى ه...