في نقد الخطاب النسوي دفاعا عن الموضوعيّة وانتصارًا للعلم
أنس الشّابّي - تونس
تقول آمال القرامي في الإشادة بزميلتها رجاء بن سلامة إنّها : " اهتمّت بتحليل نظام تكوّن الهويّات الجندرية المتعدّدة مراوحة في مقالها بين تفكيك نصوص التراث ومقارنتها بأحداث شهدتها بعض المجتمعات الحديثة وذلك بهدف الدفاع عن القيم التي أتت بها منظومة حقوق الإنسان " (1).

ما يهمّنا حاليّا من هذا الكلام هو القول بتفكيك رجاء لنصوص من التراث، فإلى أيّ حدّ كانت المذكورة موفقة في ذلك؟ وهل أنّ تفكيكها لنصوص من التراث استند إلى معرفة بهذا التراث ومصطلحاته وآلياته أو أنّها لم تتجاوز في عملها المستوى اللّغوي المباشر المتاح لكلّ من يفكّ الخطّ؟ . والأهمّ من كلّ ما ذكر أن نفرّق بين الدين كعقيدة مفتوحة لكلّ الناس والدين كعلم لمن تمرّس بأصوله وثافن مصادره وعاشر مصطلحاته وميّز بين عامّه وخاصّه ومحكمه ومتشابهه ومجمله ومفصّله وأصوله وفروعه... إنّ المتأمّل في الخطابات " الدينيّة" الرائجة اليوم ومن بينها خطاب الذين يدّعون تفكيك نصوص من التراث يلحظ جرأة غريبة في تناول أدقّ المسائل الفقهيّة والكلاميّة... وفي إبداء الرأي فيها دون امتلاك أدواتها فيخلطون في المعاني والدلالات ويخبطون في ترتيب الأدلّة والقواعد ويدخلون المسائل في بعضها البعض ليخلصوا في نهاية الأمر إلى نوادر تضحك الثكلى، فإن كان حقّ السّكن للجميع فإن البناء وتهيئته للمهندسين والبنائين والمختصين الذين أعدّوا له أدواته ومعارفه، وكذا من يتصدّى لدرس المسائل الدينيّة وإبداء الرأي فيها عليه أن يكون على معرفة وإلمام كاملين بطبيعة الموضوع وآليات البحث فيه حتى لا يختلط عليه الحدّ بالتعزير، أو النفقة بالحضانة.

ولعلّي لا أجانب الصواب إن قلت إن مقالات رجاء بن سلامة الموجودة في الأنترنيت في موقعي الحوار المتمدّن والأوان تعدّ المثال الأبرز لما ذكرنا حيث يزاح العلم والواقع والمعرفة لتحلّ محلّها الأوهام والافتراضات والخواطر.

وحتى لا نتّهم بالتجني نورد فيما يلي المصطلحات الفقهيّة والأصوليّة كما صاغها واضعوها وحدّدوا مضامينها والطريقة التي فهمتها بها واستعملتها رجاء في مقالاتها المشار إ...