البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات محرر بوابتي
مقالات محرر بوابتي

الرد على المغالطات في مسألة اليوم العالمي للمرأة

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 7309


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


تنادى الكثير للاحتفال بما أعلنوه كيوم عالمي للمرأة، ثم إن طائفة من التيار الإسلامي من أولئك الذين ما انفكوا مهمومين بالتماهي مع الواقع المحلي والغربي على السواء والسعي لإرضائه، سرعان ما أعلنوا تبنيهم لتلك المناسبة.

سأحاول أن أبرهن على أن اليوم العالمي للمرأة لا يعدو أن يكون احد مظاهر الفهم الغربي في آخر مراحله بسياقه التاريخي والمكاني للفرد والأسرة والمجتمع، وان تلك المناسبة من جانب آخر لا تنبني على أسس علمية من حيث فكرتها.

- الفكرة في مختلف تنزيلاتها وهي الكلام والفعل والكمون، من حيث قيمتها هي علم مؤدي لليقين أو الظن الغالب (حسب المنهج التجريبي المادي الذي يرفض اليقينات) الممكن البرهنة عليه، أو هي دون ذلك.

-العلم إما أن يكون نظريا مبنيا على قبليّات عقلية أولية وثانوية (مبدأ عدم التناقض ...) أو استقرائيا، والاستقراء أما أن كون نظريا وإما أن يكون تجريبيا.

- خلو الفكرة من العلم يجعلها من دون قيمة بل وينزع عنها أصلا اصطلاح الفكرة، وذلك إنما يكون نتيجة تلبسها بخاصيات شابت عملية إنتاجها منها التوهم والانطباع والمصادرة والدور والتسلسل وغيرها.

- المصادرة كأسلوب لإنتاج المعاني الفاسدة تعتبر الطريقة الأكثر استعمالا في المغالطات بتونس حسبما أرى، وهي إما مصادرة على المطلوب وإما مصادرة مطلقة. أما الأولى فهي حينما يكون الانطلاق من افتراض صحة احتمال دون الآخر لموضوع ذي احتمالات متعددة هو محل تناول، فهي عملية ترجيح من دون مرجح وهذا لا يصح منطقيا. والثاني أن يكون أيضا ترجيح من دون مرجح ولكن من دون تعلقه بموضوع محل نقاش و إنما يكون المتحدث صاحب المغالطة هو الذي يختار الموضوع ويحدد فرضيات الصحة لوحده.

- أَصِل بعد كل هذا لخلاصة تتعلق بموضوعنا وهي أن فكرة اليوم العالمي للمرأة يجب لتناولها تناولا علميا أن ننظر في مدى توفرها على شروط التفكير العلمي أم تراها مبنية على مصادرات وتحكم خارجي.

- إفراد المرأة بيوم عالمي هو نتيجة تطور التجربة الغربية في تناول مسالة المرأة في بداية القرن العشرين، وبالتحديد الفكر اليساري بخلفيته الفلسفية ورؤيته للفرد والمجتمع والكون، فالأمر إذن يتعلق بفكر بشري نتيجة واستجابة لمتطلبات تاريخية وجغرافية تتعلق بارورويا أساسا، ونقل تلك التجربة لباقي العالم يفترض أن تلك التجارب ومشاكل الأسرة و المرأة من ضمنها وتصورات الناس لهذين العنصرين وحلولهم لها هي ذاتها بباقي العالم، وهذا افتراض غير مبرهن عليه فهو مجرد مصادرة وتحكم لتفسير عملية الإسقاط تلك، وهي بالتالي عملية غير علمية.

- إسقاط حلول لقضايا غير قضايانا، سيكون طريقا لاستيراد مشاكل غير متأصلة لدينا، لان الحل المستورد يستبطن وجود تلك المشاكل، وفرض حل مشاكل غير موجودة ابتداء لا يمكن أن يتم إلا بعد أن يتم إيجاد تلك المشاكل بالاصطناع، وهي وان كانت غير موجودة بالطريقة التي وقع تناولها بالغرب يتم محليا تطويعها لتصبح كما وقع تصويرها هناك، فيصبح حل قضية المرأة بمشاكلها التي عرفتها في التجربة الغربية منبتا وإعادة زرع تلك المشاكل من جديد لدينا، وعليه فان إسقاط الحلول والتجارب الغربية يكون عادة أداة لإيجاد مشاكل إضافية لدينا.

- يقوم الفكر الغربي المنشئ لفكرة اليوم العالمي للمرأة على أصل ينادي بشيء مستحدث يسميه قضية المرأة. وهو يتبني معيار الجنس (ذكر / أنثى) حين الحكم ومناقشة القضايا.

- إفراد المرأة بالتناول هو تصور مبني على النظرة الجنسية للأشياء، وهذا الوجه للنظر إما أن يكون متأت من مسلمات عقلية قبلية أو متأت من استقراء، أما عقليا فهذا غير ثابت، والدليل عليه أن البشرية العاقلة لم تجد حاجة أولية لاعتماد مقياس الذكر والأنثى في النظر كحاجتها للوصول للبديهيات من مثل أن الواحد مع الواحد يساوي اثنين، وان الوجود والعدم يستحيل إجتماعهما معا، فهذا الكلام إذن ليس علما عقليا قبليا بديهيا بل هو من النظر الاستقرائي، ولنرى الآن مدى صحته في ذلك الجانب.

- الجنس (ذكر / أنثى) هو أحد صفات أو خواص أو أعراض الموضوع، مثله مثل باقي الخواص كاللون والوزن والعمر والمستوى التعليمي، وإفراد إحدى الصفات بالإعتماد كمقياس من دون علة لايجوز، وثبت بالتالي أن التناول المبني على الجنس كلام غير علمي وإنما هو مجرد تحكم ومصادرة.

- لو افترضنا صحة التناول الجنسي لعلة ما غير معروفة يمكن أن يثبت وجودها فيما بعد، فان التناول الجنسي يجب أن يشمل الذكر والأنثى وليس جنس الأنثى فقط، ولكن هذا لا يحصل واقعا، مما يؤكد أن التناول الجنسي ليس كذلك وإنما هو تناول أنثوي، وهو تفريع عن خاصية، فهو تفريع عن تفريع عن موضوع، فالأمر هو فعلا مصادرة وعمل انطباعي، مما يجعله غير مؤهل لأن يعتمد كمقياس علمي للنظر والتصنيف.

- الجنس (ذكر / أنثى) هو صفة متأخرة في الوجود عن موضوعه أو بأكثر دقة عن أصل موضوعه أي ماهيته، أي أن الجنس هو صفة / خاصية / عرض مضافة لموجود ما، والتناول إنما يتعلق بما هو سابق في الوجود وهو لا يكون إلا الموضوع بطريقة تجوّز أو بالماهية، ولذلك يوصف التناول العلمي بالتناول الموضوعي، وإذا كان يصح أحيانا اختزال الموضوع وتكثيفه في صفة / خاصية / عرض، فإن الاختزال يقع في خاصية الماهية، وهي الخاصية التي تمثل بطريقة فريدة وغير متكررة الموضوع ككل، والجنس لما كان خاصية مشتركة بين العديد من الموجودات فإنه يستحيل أن يكون ماهية، ويستحيل اعتماده بالتالي كمقياس تناول علمي.

- بمعنى آخر فان التناول العلمي المؤدي ليقين أو ما قاربه من ظن غالب، لا يكون إلا موضوعيا وليس مبنيا على أي صفة أخرى ومنها صفة الجنس، لان صفة الجنس ليست صفة في كل موجود ثم إنها لا تعكس كل حقيقة الموضوع المدروس في الحالات التي توجد بها خاصية الجنس.

- ونصل من كل هذا لان التناول المبني على إفراد المرأة بالاحتفال ومنه اليوم العالمي للمرأة، مواقف انطباعية لا قيمة لها، وتبني مثل تلك المناسبات هو من نوع الإمعية الثقافية التي يجب الكف عنها.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

اليوم العالمي للمراة، ذكرى يوم المرأة، المرأة، حرية المرأة، الغزو الفكري،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 12-03-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
العادل السمعلي، ضحى عبد الرحمن، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، أنس الشابي، محمد العيادي، د. صلاح عودة الله ، د. خالد الطراولي ، صالح النعامي ، طلال قسومي، يحيي البوليني، رافع القارصي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، إيمى الأشقر، وائل بنجدو، رمضان حينوني، صلاح الحريري، محمود سلطان، الهيثم زعفان، عبد الرزاق قيراط ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عواطف منصور، حسن عثمان، د - مصطفى فهمي، رافد العزاوي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد الياسين، عبد الغني مزوز، سلوى المغربي، سلام الشماع، د- هاني ابوالفتوح، صفاء العراقي، د- محمود علي عريقات، تونسي، إياد محمود حسين ، أحمد الحباسي، كريم فارق، إسراء أبو رمان، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أحمد بوادي، محرر "بوابتي"، د. عادل محمد عايش الأسطل، صلاح المختار، خالد الجاف ، د- جابر قميحة، د- محمد رحال، سليمان أحمد أبو ستة، فوزي مسعود ، أشرف إبراهيم حجاج، د - المنجي الكعبي، كريم السليتي، رحاب اسعد بيوض التميمي، حاتم الصولي، جاسم الرصيف، د. أحمد بشير، حسن الطرابلسي، رضا الدبّابي، د - الضاوي خوالدية، محمد يحي، علي الكاش، منجي باكير، د - محمد بنيعيش، مصطفى منيغ، د. أحمد محمد سليمان، مراد قميزة، نادية سعد، د - عادل رضا، الهادي المثلوثي، د.محمد فتحي عبد العال، محمد الطرابلسي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. طارق عبد الحليم، سامح لطف الله، الناصر الرقيق، د - صالح المازقي، د - محمد بن موسى الشريف ، ماهر عدنان قنديل، سامر أبو رمان ، فهمي شراب، د. مصطفى يوسف اللداوي، فتحـي قاره بيبـان، محمد اسعد بيوض التميمي، مصطفي زهران، علي عبد العال، رشيد السيد أحمد، عزيز العرباوي، محمد شمام ، محمد عمر غرس الله، د. عبد الآله المالكي، عمر غازي، محمد أحمد عزوز، صفاء العربي، أ.د. مصطفى رجب، أحمد ملحم، عمار غيلوفي، عبد الله الفقير، فتحي الزغل، فتحي العابد، محمود فاروق سيد شعبان، ياسين أحمد، يزيد بن الحسين، أحمد النعيمي، أبو سمية، عراق المطيري، د - شاكر الحوكي ، مجدى داود، محمود طرشوبي، خبَّاب بن مروان الحمد، سيد السباعي، سعود السبعاني، سفيان عبد الكافي، المولدي الفرجاني، صباح الموسوي ، حميدة الطيلوش، عبد الله زيدان،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء