موالاة الكافرين وأحكامها الشرعية
جمع وإعداد: محمد صديق
فضل هذه الأمة المحمدية على غيرها من الأمم، وجعل الريادة في أيدي أبنائها، قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران: 110]، وجعل مناط هذه الريادة موقوف على صدق الإيمان بالله جل وعلا، قال تعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139].

ولقد أسست هذه الأمة الإسلامية على رابطة الإسلام، والمسلمون لا يعدون إلى غيرها من الروابط لتقوي آصرة الترابط بينهم، بل إن الإخوة الإيمانية هي عنوان هذه الرابطة، فعن جابر رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوسط أيام التشريق خطبة الوداع، فقال: ((يا أيها الناس! إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا عجمي على عربي، ولا أحمر على أسود، ولا أسود على أحمر، إلا بالتقوى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، ألا هل بلغت؟))، قالوا: بلى يا رسول الله! قال: ((فيبلغ الشاهد الغائب)) [رواه البيهقي في شعب الإيمان، (4921)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، (2963)].

ولست أرضى سوى الإسلام لي وطنًا *** الشــام فيه ووادي النيل سياني
وحيثمـا ذكر اسـم الله في بلــد *** عـددت أرجاءه من لب أوطاني

ولقد جاء في كتاب النبي عليه الصلاة والسلام بين المهاجرين والأنصار واليهود، والذي اعتبر الدستور الذي قامت عليه دولة المدينة: ((هذا كتاب من محمد النبي (رسول الله) بين المؤمنين والمسلمين من قريش (وأهل يثرب) ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم، إنهم أمة واحدة من دون الناس ... وأن المؤمنين لا يتركون مفرحًا [هو من أثقله الدين والغرم فأزال فرحه] بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل، وألا يخالف مؤمن مولى مؤمن دونه،وأن المؤمنين المتقين أيديهم على كل من بغى منهم، أو ابتغى دسيعة ظلم [طلب دفعًا على سبيل الظلم...