البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات الثورة التونسية
مقالات الثورة التونسية

تطبيق الشريعة واجب

كاتب المقال فتحي العابد - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 9059


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


أراد بورقيبة ومن بعده بن علي القضاء على الإسلام فأنبت الأول صحوة وفجر الثاني ثورة.

بعد الثورة عدنا والحمد لله.. وعاد أبناء حركة النهضة التونسية للنشاط ولكن كحزب سياسي مدني، وليس كحركة إسلامية شاملة تجعل الدعوة أولى أولوياتها، وأهم ركائزها، وهي غير ملامة على ذلك عند السواد الأعظم، فالمتربصون كثر، وحتى وإن كانت تشتغل أساسا في السياسة فإنها لم تسلم من الإفتراءات من الداخل والخارج..

وما تشهدهالحركةاليوممن تغيرات لم يتوقعه أحد لا من الداخل ولا من الخارج، فيما يتعلق بمراجعة الكثير من الثوابت الذاتية أو المتعلقة بالآخر، بدءا من المضمون وانتهاء بالشكل، مرورا بالآليات اللازمة للتعامل مع هذه المستجدات، لدليل على ملامح هذا الثابت المتغير، أو حركة التمدن للمجتمع ككل التي تبنتها دائما.

الحضارة الإسلامية هي فهم الأمة لوضعية الإنسان في هذا الكون. وبما أن الإسلام هو الذي هيأ للأمة الإسلامية طريق فهمها لوضعية الإنسان في هذه الحياة، فالحضارة الإسلامية مستمدة من قوانين الإسلام وأصوله.
الله راعى أحوال الصحابة ولم ينزل أغلب أحكام الشريعة في مكة المكرمة، بل كلها في المدينة المنورة بعد أن تعلموا العقيدة الصحيحة. والسيرة ترشدنا عن سبب امتناع الرسول صلى الله عليه وسلم عن إعادة بناء الكعبة، ألا وهو أن القوم حديثو عهد بكفر، ورضي صلى الله عليه وسلم عن النجاشي بعد موته رغم أنه لم يطبق الشريعة لعدم قدرته، لدليل على أن الدين يأخذ بالتدرج.

يقول الشيخ بشير بن حسن: "عدم تطبيق الشريعة اليوم في تونس هو بسبب العجز، لأن الشعب يحتاج للتوعية والتربية.. علينا التدرج في تطبيق الشريعة بنشر الوعي أولا".

ويقول الشيخ راشد الغنوشي: "إن مسألة عدم إدراج الشريعة كمصدر للقوانين في الدستور التونسي لن تكون إلا مرحلة، حتى يتفهم الناس الشريعة ويتقبلونها.. ليس في برنامجنا تطبيق الشريعة، فأولويتنا هي إقامة نظام ديمقراطي حقيقي يضمن الحريات لجميع المواطنين من دون تمييز على أي أساس. نحن نعتقد أن تشريعات الإسلام لا يجب أن تفرض لأنها تقوم على الإقتناع والإيمان بها فلا إكراه في الدين، لذا فالحرية مكفولة للجميع في نظم الحياة التي يختارونها".
تطبيق الشريعة واجب. علينا أن نعتقد ذلك ولا نشكك في ذلك.. لكن الواجبات تسقط مع العجز. الواقع له اعتبار في الشرع وكذلك مراعاة طاقة النّاس.

أنا مقتنع بالتدرج في تطبيق الشريعة بسبب واقع المجتمع غير المتهيء، وعدم تطبيقه اليوم في تونس هو بسبب العجز. لأن الشعب يحتاج للتوعية والتربية، أنا مقتنع كذلك بأننا لن نستطع تطبيق الشرع كله اليوم، لانطبقه على أنفسنا وفي بيوتنا فكيف نطالب غيرنا بتطبيقه، ومقتنع حد اليقين أن واجبنا الديني يحتم علينا أن نجعل الشريعة أولى أولوياتنا، وأن نعتقد أن تطبيقها لا حيادة عنه إن آجلا أو عاجلا.

بعد أن حسم حزب النهضة التونسية مسالة التنصيص على الشريعة في الدستور واكتفى بالفصل الأول من دستور 59، هلل وكبر "الحداثيون" وجعلوها عناوين براقة في أحاديثهم، أضفوا عليها صبغة العلمية، ولونوها بالواقعية، وزينوها بمساحيق من العدالة الإجتماعية.

وعلل أبناء الحركة أن هذا القرار يندرج وفق مفاهيمها المدنية الديمقراطية الواضحة، آملين في أن يكون التمسك بالفصل الأول من الدستور السابق فاتحة لإجتماع كلمة التونسيين، حتى تساهم كل القوى الوطنية باختلاف توجهاتها في التأسيس لدولة مدنية، وأن التوعية والأيام كفيلة بإقناع آلاف التونسيين ممن خرج مطالبا بالتنصيص على الشريعة في الدستور من أبنائها قبل غيرهم، كما نادت الحركة الفرد التونسي بالسعي لتطبيق ما يستطيع منه على نفسه قبل كل شيء، ونلملم شملنا ونبدأ أولا ببناء وعي إسلامي جديد، يؤسس لواقع اجتماعي صلب، متجذر في هويته، ومنفتح على حداثة عصره، بما يتلاءم مع ثوابت ديننا الحنيف.

لاأخفي عليكم سرا، لقد فاجأني قرار الحركة. كان الأحرى بها أن تتريث بعض الوقت، وتتركها ليصوت عليها الشعب وتجتمع عليها الأغلبية.
أرجح أن قرار النهضة في حسم مسالة الشريعة وبالسرعة تلك جاء جزئيا، بسبب الضغوط القوية التي مارستها أحزاب علمانية عليها لتوضيح موقفها من تطبيق الشريعة في الدستور التونسي، وغلبت الجانب السياسي،رغم أنها لم تستفرغ جميع الأدوات التي يمكنها من خلالها تحقيق فرض الشريعة وجعلها المصدر الأساسي للتشريع في تونس، بل إن الحركة لم تبذل أي محاولة في هذا السبيل، وهذه إحدى الأسباب التي يمكنها أن تفقد بها النهضة أصوات في الإنتخابات المقبلة.
الحركة صنعت قيمها بنفسها انطلاقا من عقيدتها وموروثها سواء الديني أو النضالي، ويمكن لها أن تكون نموذج لغيرها من الحركات، لأنها تخطت العديد من المراحل التي ما زالت التيارات الأخرى تتلمسها، لو تعيد النظر في بعض ماطرحته سابقا، وتتدارك أمور أخرى.

وبالتالي، ولتقويم مسارها، يفترض بها أن تطرح حلا نهائيا في علاقة الحركة بالحزب في مؤتمرها القادم تقوّم به مسارها.. والدعوة موجهة لكل أبناء الحركة لصياغة مقترحات وتصورات في هذا المجال..

إن الناس في تونس لم يحبوا حركة النهضة ولم يصوتوا لها إلا لما رأوه من نضالها، وتضحياتها وسنواتها التي قضتها في السجون، أو في التهجير،في سبيل الشريعة.

الحركة اليوم شبه غائبة عن الدعوة، وتركت المساجد لغير أهلها يفسرون ويسطرون بغير علم ولادراية، لا بواقع ولا بشرع، ينفون على غيرهم الأهلية للوعظ والتدريس، بدعوى انفتاحهم ونصرتهم للديموقراطية وقلة علمهم، فخواء الساحة التونسية من أهل الفكر والعلم الشرعي أعطى الفرصة لأفكار من أصغر منهم.. وعندما تعود الحركة بقوة إلى مجال الدعوة عندها يمكن لها أن تسد الفراغ الموجود جزئيا.. وهذا لا يعني البتة أننا نمنع الآخرين من إبداء آرائهم في المسائل الإسلامية، لكن لا بد لهم من عملية "تلقيح فكري".

لقد عدّ الشيخ الطاهر بن عاشور، الحرية والديمقراطية من مقاصد الشريعة الإسلامية في كتابه (أصول النظام الإجتماعي في الإسلام)، لذلك ليس هناك مراحل باتجاه تطبيق الشريعة، بل مراحل باتجاه تكريس مقاصدها. التقدم والكرامة الإنسانية هما عين مقصد الشريعة، وأن أهداف الثورة التونسية هي من أكبر مقاصد الشريعة الإسلامية، التي هي الكرامة والحرية والديمقراطية والشفافية والتشغيل وكافة حقوق المواطن.

هناك بلدان نصّت في دساتيرها على الشريعة كمصدر وحيد للتشريع، ولم يمنعها ذلك التنصيص من أن تنتهك جميع الحرمات التي جاءت الشريعة لصونها، والسودان خير مثال على ذلك.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، المجلس التأسيسي، كتابة الدستور، تطبيق الشريعة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 26-04-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
كريم فارق، د - الضاوي خوالدية، عبد الله زيدان، محمد الطرابلسي، د. أحمد بشير، إسراء أبو رمان، د- محمود علي عريقات، رشيد السيد أحمد، صفاء العراقي، وائل بنجدو، د - عادل رضا، المولدي الفرجاني، سفيان عبد الكافي، محمد اسعد بيوض التميمي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، سامح لطف الله، د - المنجي الكعبي، الهيثم زعفان، ياسين أحمد، العادل السمعلي، إيمى الأشقر، فتحي العابد، فتحي الزغل، مصطفي زهران، رافد العزاوي، د- جابر قميحة، أحمد الحباسي، د. طارق عبد الحليم، سيد السباعي، منجي باكير، رضا الدبّابي، حاتم الصولي، د.محمد فتحي عبد العال، د. عادل محمد عايش الأسطل، تونسي، عراق المطيري، ماهر عدنان قنديل، كريم السليتي، سامر أبو رمان ، عزيز العرباوي، د- هاني ابوالفتوح، صلاح المختار، محمود طرشوبي، محمد عمر غرس الله، نادية سعد، محمد الياسين، طلال قسومي، مجدى داود، د - مصطفى فهمي، جاسم الرصيف، خالد الجاف ، صفاء العربي، د. خالد الطراولي ، محمد العيادي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، صلاح الحريري، د. صلاح عودة الله ، فتحـي قاره بيبـان، د. أحمد محمد سليمان، د- محمد رحال، محمد يحي، د - صالح المازقي، رحاب اسعد بيوض التميمي، أحمد النعيمي، علي عبد العال، محمد شمام ، أحمد بوادي، محمود سلطان، عبد الله الفقير، عبد الرزاق قيراط ، ضحى عبد الرحمن، د. كاظم عبد الحسين عباس ، سليمان أحمد أبو ستة، عواطف منصور، مصطفى منيغ، د - محمد بنيعيش، فوزي مسعود ، محرر "بوابتي"، مراد قميزة، عمر غازي، د. مصطفى يوسف اللداوي، الهادي المثلوثي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أ.د. مصطفى رجب، محمد أحمد عزوز، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عبد الغني مزوز، إياد محمود حسين ، حسني إبراهيم عبد العظيم، أشرف إبراهيم حجاج، أنس الشابي، يحيي البوليني، صالح النعامي ، د. عبد الآله المالكي، محمود فاروق سيد شعبان، فهمي شراب، سلوى المغربي، حميدة الطيلوش، د - محمد بن موسى الشريف ، علي الكاش، أبو سمية، خبَّاب بن مروان الحمد، سعود السبعاني، عمار غيلوفي، الناصر الرقيق، أحمد ملحم، يزيد بن الحسين، حسن الطرابلسي، رمضان حينوني، د - شاكر الحوكي ، صباح الموسوي ، رافع القارصي، سلام الشماع، حسن عثمان،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء