(102) مصر بعد مبارك :
محاولة دفع مصر إلى إسلام على الطراز التركى
د أحمد إبراهيم خضر - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7690
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
بينما كانت الأحداث تتسارع فى مصر قبل أيام قليلة من تنحى الرئيس "مبارك" عن الرئاسة ، اتصل الرئيس الأمريكى " أوباما " برئيس الوزراء التركى " رجب طيب أردوغان " وناقش معه الأحداث التى تجرى فى مصر ، وأكد له على أهمية دوره كقائد رئيس منتخب فى المنطقة . دارت هناك فى واشنطن مناقشات متوازية مع هذه الأحداث تدور حول مستقبل مصر بعد مبارك . كانت الولايات المتحدة عبر عقود عديدة تدعم النظام المصرى الذى كانت تصفه بأنه " استبدادى" ، لانها تخشى البديل الذى تصفه بأنه إسلامى " متطرف " أو "راديكالى " أو " لينينى " كما وصف به البعض فكر " سيد قطب ".( Ibon Villebeitia)
يقول الأمريكيون :" أن المنطق الذى كان يدفعهم إلى ذلك منطق قاهر ، إذ كان عليهم إما أن يقبلوا بنظام استبدادى مستقر ، أو مواجهة إسلام راديكالى ... لقد نجحت الأنظمة الاستبدادية فى إقناع الأمريكيين بأنها البديل الوحيد عن هذا الإسلام فى المنطقة ، لم يكن هناك بديل ثالث ، وحتى إن لاح فى الأفق هذا البديل ، كان زعماء هذه الأنظمة يدمرونه " .
تابع الأمريكيون أحداث ما يسمى بثورة " شباب 25 مايو " فى مصر ، وفى أذهانهم سؤال واحد : هل مصر قادرة على توليد حركة سياسية ، علمانية ، ديموقراطية ، ليبرالية ، مؤيدة للغرب . وكانت إجابات المتابعين لحركة هذه الثورة الشبابية بـ "نعم" . فهذا هو الذى كانت تبشر به هذه الثورة . من هنا برزت تركيا على السطح بنموذجها السياسى العلمانى الديموقراطى كبديل محتمل لمصر بعد مبارك . دارت مناقشات أخرى بين الأمريكيين : هل يمكن أن يسير النظام الجديد فى مصر على نفس خطى النموذج التركى ؟ يقول المتناقشون : " هناك فى الواقع نموذجان تركيان . النموذج الأول يبرز فيه دور الجيش . فإذا وقف الجيش إلى جانب مبارك فمن غير المحتمل أن نجد تغيرا سريعا فى مصر . وإن وقف الجيش إلى جانب الثورة ، فإن الأمر يحتاج إلى مزيد من الوقت لدراسة الوضع الذى يكون فيه الجيش هو الفاعل السياسى الأكبر لعقود قادمة فى مصر . وعند المقارنة بين مصر وتركيا ، يتبين أن النموذج التركى لم يفرز جنرالات مثل فرانكو ، وسالازار ، وناصر ، ومبارك . كان تدخل الجيش فى سياسة البلاد محدودا ولفترة قصيرة ، وسرعان ما يعود إلى ثكناته ، وذلك على العكس من الوضع فى مصر الذى أفرز جنرالات عسكريين تقلدوا أمور البلاد منذ انقلاب يوليو عام 1952وحتى الوقت الحاضر . كان دور الجيش التركى هو حماية الإيديولوجية العلمانية الرسمية التى رسم خطوطها " كمال أتاتورك" . ومن هنا يأتى سؤال آخر : هل يمكن أن يلعب الجيش المصرى بعد 25 يناير نفس دور الجيش التركى فى غياب إيديولوجية مشابهة للإيديولوجية الكمالية . وما هى هذه الإيديولوجية الجديدة التى سيتولى الجيش المصرى مهمة الدفاع عنها ؟.
أما النموذج التركى الثانى فيتعلق بدور ما يسمى بـ " الإسلام السياسى " . يتقلص دور الجيش فى هذا النموذج ويبرز دور الإسلاميين . ويكون السؤال هنا عند مقارنة النظام التركى بالنظام المصرى . ماهى طبيعة الإسلام السياسى فى مصر ، وهل سيكون هذا الإسلام راديكاليا ؟ أم سيسير على نفس خطى حزب العدالة والتنمية التركى . هناك اختلافات بين مصر وتركيا فيما يتعلق بهذا النموذج . الإسلاميون فى تركيا شاركوا فى الحياة السياسية منذ أكثر من خمسين سنة . وخرج حزب العدالة من رحم أحزاب إسلامية أخرى كان هو أكثرها اعتدالا . دخل هذا الحزب الحياة السياسية ، وتعلم قواعدها ، وكيَّف نفسه للتعامل مع نظام ديموقراطى علمانى . هذا النظام الديموقراطى العلمانى بدأ أولى خطواته مع بزوغ فجر التظاهرات الشبابية فى مصر .
وصحيح أن الوضع فى مصر لا يسمح الآن بالتكهن بما ستؤول الأمور إليه فيما بعد ، لكن الذى لا شك فيه أن الغرب بإمكانه أن يتعايش مع هذا النوذج الثانى إذا سار النظام الجديد فى مصر على نفس خطى حزب العدالة التركى . ( Omer Taspinar )
يقول الدارسون لهذه القضية أن الأتراك لم يتركوا لحظة أثناء التظاهرات إلا وقدموا أنفسهم للمصريين على أنهم النموذج البديل الجديد لمرحلة ما بعد مبارك . طلب "أردوغان" رئيس الوزراء التركى مع البدايات الأولى للتظاهرات فى مصر من "مبارك" أن يرحل ، وألقى بكل ثقله وراء هذا الأمر ، وكاد يتسبب ذلك فى أزمة دبلوماسية بين البلدين ، واعتبر المسئولون المصريون أن هذا الطلب يعتبر تدخلا سافرا فى شئون مصر . كان " أردوغان" يريد توصيل رسالة إلى مصر مؤداها :" نحن لدينا نموذجا يزاوج الإسلام بالديموقراطية ...إنه الطريق الثالث الذى يتجنب تجاوزات السلطة العلمانية ، وتجاوزات الإسلام المتطرف " .
كان " أردوغان " يروِّج للنموذج التركى وليس النموذج الإيرانى ويحاول توجيه الإسلاميين فى مصر إلى السير على خطى الإسلاميين الأتراك الذين استطاعوا كسب ما يسمى بالمسلمين الأتقياء فى الوقت الذى حافظوا فيه على الديموقراطية والتعددية السياسية ..... لكن المشكلة هنا كما يقول الدارسون هى أن النماذج لا يمكن أن تُرَحَّل بسرعة من سياق إلى سياق آخر مختلف . كان الإسلاميون الأتراك يشاركون فى السياسة منذ عام 1950مع نظرائهم العلمانيين فى الأحزاب الأخرى ، وذلك على خلاف الاسلاميين المصريين الذين تعرضوا للقمع الشديد وأجبروا على العمل السرى بصورة دفعتهم إلى اتخاذ مواقف متطرفة . يقول هؤلاء الدارسون أيضا :" إن على مصر أن تتعلم من النموذج التركى ، وأن تحرك المياه الراكدة فى الشرق الأوسط ، وأن تبحث عن قيم مشتركة تلتقى فيها مع الغرب فى عصر تسوده الاضطرابات وعدم اليقين ". (Dimitar Bechev )
لم يقتصر الأمر على " أردوغان" فى الترويج للنموذج التركى . العديد من الأتراك الآخرين كانوا يروجون لأردوغان ولهذا النموذج التركى . يقول " إحسان داجى" : " إن تركيا ونموذج حزب العدالة هما الطريق الثالث للشرق الأوسط . إن تركيا الجديدة تمثل قصة ناجحة بديموقراطيتها ، وتعدديتها السياسية، واقتصادها المزدهر الذى يجرى وفق سياسة السوق الحر والافتصاد المفتوح .....إن حزب العدالة يتبنى نظرية اجتماعية وثقافية محافظة ، لكنه ليبرالى وله برنامج سياسى واقتصادى ، ويعتبر نموذجا على الآخرين أن يتأملوا فيه كثيرا . كان " أردوغان" أعلى الأصوات فى العالم الإسلامى تأييدا للتظاهرات فى مصر، وكان أول من دعا إلى حكومة انتقالية تشرف على الانتخابات وتدعو إلى برلمان جديد.... إن لأردوغان مكانة خاصة فى قلوب العرب ويحظى بثقتهم . كان يعارض السياسة الكمالية العلمانية فى بلاده ، وكانت له مواقف قوية لصالح الشعبين العراقى والفلسطينى . لقد أدان بشدة اعتداءات اسرائيل الوحشية على قطاع غزة ، وانسحب من مؤتمر دافوس حتى اعتبره العرب بطلا ". يوضح " داجى " ما هو مطلوب من مصر بالضبط فيقول :" ان التغيير الديموقراطى فى مصر سيساهم بلا شك فى حل مشاكل المنطقة واستقرارها . يجب عدم النظر إلى الديموقراطية بتخوف . إنها السبيل لإنشاء نظام إقليمى مستقر . ان الحكومة التركية تتوقع من نظام ما بعد مبارك أن يعمل على إيجاد توازن إقليمى من شأنه أن يحل المشكلة الفلسطينية . إن افتقاد إسرائيل للدعم المصرى سيجعلها تعيد حساباتها ومواقفها ، وكذلك الأمر مع منظمة التحرير . إن تعميق الديموقراطية فى تركيا ساعدها على الحفاظ على مصالحها والمصالح الدولية فى نفس الوقت ".
(Ihsan Dagi )
أما " مصطفى أكيول " فقد كان أكثر وضوحا فى تحديد الهدف من الإغراء والإغواء لدفع مصر ما بعد مبارك إلى النموذج التركى . يقول " أكيول":" إن تجربة حزب العدالة فى تركيا يمكن أن تتطور إلى مرحلة تسمى بمرحلة " ما بعد الأسلمة ". يقبل الإسلاميون فى هذه المرحلة قواعد اللعبة الديموقراطية العلمانية واقتصاد السوق . لهذا يجب أن يُعطى الإسلاميون الفرصة للمشاركة فى السياسة ، وفى الوصول إلى السلطة ، ومواجهة قضايا العالم الحقيقية . يجب أن تتاح أمامهم الفرصة نحو تحديد طريقهم إلى البراجماتية . يقول " راؤول بارك " من جريدة النيويورك تايمز" : إننا لا نعتقد أن الإسلاميين غير مخلصين فى التعامل مع الديموقراطية ، يجب أن نعطهم الفرصة . يجب أن يكون المسلمون الأتقياء جزءا من اللعبة الديموقراطية ، وعليهم أن يطوروا أنفسهم بينما هم يلعبون وفق قواعدها " . (Mustafa Akyol)
لخص " سونر كاجابتاى" هذه العملية برمتها قى مصطلح أطلق عليه " فن صناعة الديموقراطية " ، وعرفه بأنه :" فن إدارة الشئون الديموقراطية التى يلعب فيها الجيش دور المدافع عن استقرار البلاد خلال الفترة الانتقالية فى الوقت الذى ينحو فيه الإسلاميون نحو الاعتدال بالمشاركة فى العملية السياسية فى إطار ديموقراطية علمانية ، تكون على علاقة صداقة مع الولايات المتحدة والغرب" .
ويلفت " كاجابتاى" إلى مسألة هامة مؤداها أن اتجاه الإسلاميين نحو الاعتدال لن يكون بسبب تغييرهم لنظامهم ، وإنما سيكون الاعتدال مفروضا عليهم بسبب التوازنات السياسية التى ستجبرهم على قبول الاعتراف بالديموقراطية الليبرالية .
(Soner Cagaptay )
لم تكن هذه الأصوات التى أشرنا إليها هى الوحيدة التى تحاول دفع مصر على الإقتداء بالنموذج التركى . هناك أصوات أخرى تعالت محفزة ومغوية مصر على الولوج فى هذا الطريق .
أكد " فواز جرجس " أستاذ سياسة الشرق الأوسط والعلاقات الدولية فى مدرسة الاقتصاد بلندن على ذلك معتبرا أن هذا النموذج التركى ، ولا شيئ غيره ، هو النموذج الوحيد والفعال فى الشرق الأوسط . وذلك بالرغم من الاختلافات العميقة بين تركيا وغيرها من أقطار الشرق الأوسط ، وأهمها أن تركيا شريكة للناتو ومرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوربى ، وذات اتجاه إسلامى معتدل ، فى حين أن عرب الشرق الأوسط يفتقدون إلى ثقافة الحرية السياسية المطلوبة ، لكن الثورة التى حدثت فى مصر كانت بمثابة إعادة بناء للديموقراطية ، وإعادة بناء للمؤسسات الفاشلة القائمة فيها فى نفس الوقت " .
" فادى حقورة" الأستاذ المشارك فى " لندن شاتام هاوس" ، يؤيد ما قاله " جرجس " وإن كان يرى أن أمر تحقيق تنمية اقتصادية وسياسية فى مصر وتونس بعد التغيير يحتاج إلى عقود ، كما يرى أن نجاح حزب العدالة والتنمية فى عام 2002 يعتبر انتصارا لجهود الإسلام السياسى المرتكز على ما يسميه بقيم إسلامية راقية تجرى فى ظل الديموقراطية ، وليس تحت ظل الشريعة الإسلامية الصارمة ".
ورغم كل هذه الأصوات الداعمة لدفع مصر نحو النموذج التركى ، هناك شكوك تحيط بإمكانية حدوث ذلك . يقول "لورنزو فيدنو" الخبير فى شئون حركة الإخوان المسلمين فى مؤسسة راند :" لا شك فى أن الخبرة التركية هى أفضل سيناريو للحركة الإسلامية السياسية فى مصر ، لكننى لا أرى أن ذلك يمكن أن يحدث ، ذلك لأن حركة الإخوان فى مصر لم تعايش هذا التطور الذى حدث للإسلاميين الأتراك ، من حرس قديم معاد للديموقراطية إلى حرس آخر مدعم لها ".
والأهم من ذلك كله هو أن هناك شكوكا أخرى تحيط بمدى استمرار تركيا فى طريقها الذى يجمع بين الإسلام والديمواقراطية . يقول "فيليلبيتيا" : " إن تركيا حليف لا يمكن التنبؤ بأفعاله . لقد رسمت لنفسها طريقا مستقلا فى السنوات الأخيرة ، فقد اختلفت مع الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين فى بعض قضايا السياسة الخارجية ، أثرت على صداقتها مع الدولة اليهودية ، وكسبت بها إعجاب شعوب منطقة الشرق الأوسط " ( Villelbeitia) .
أما " مايكل روبن " فيقول بصراحة واضحة : " إن الأمر الذى يبعث على السخرية هى أنه بينما تتحرك مصر نحو النموذج التركى ، فإن " أردوغان" يكاد يتبنى موقف " جماعة الإخوان" ، إنه ينزع أحشاء الديموقراطية ، ولا يبقى منها إلا الإسم فقط ، وهناك من يرى أنه فى طريقه إلى تبنى النموذج السعودى مما يطرح تساؤلات عدة حول مدى التزام تركيا بالديموقراطية ". ( Michael Rubin )
المدافعون عن النموذج التركى يبرزون قضية المزاوجة بين الإسلام والديموقراطية ، ويرون فى هذه المزاوجة الصورة البراقة لما يسمى بالإسلام المعتدل . لكن الكاتبين اليهوديين " دانييل بايبز " و " عساف روميروسكى " حددا بوضوح ملامح هذا الإسلام المعتدل المطلوب على النحو التالى :
أولاً: رفض الجهاد كوسيلة لفرض الحكم الإسلامي.
ثانيًا: رفض العمليات الاستشهادية.
ثالثًا: رفض أن يكون غير المسلمين مواطنين من الدرجة الثانية في بلاد الإسلام.
رابعًا: رفض عقاب الزُّناة بالقتل، ورفض عقاب الفتيات اللواتي وقعن في جريمة زنا بالقتل ، أو ما يُسمَّى بالقتل من أجل الشرف.
خامسًا: رفض توقيع عقوبة القتل على مَن يسبُّون الدين، أو مَن يرتَدُّون عن الإسلام.
سادسًا - وهو الأهم -: أن يتبنَّى المسلمون نفس نمط الحداثة الذي يعيشه اليهود والنصارى ؛ بمعنى أنهم لا يشعرون بالتناقض بين كونهم يحافظون على أداء شعائرهم الدينية، ويعيشون في مجتمع عصري مهما اتفقت أو اختلفت حياة هذا المجتمع مع مُسَلَّمات هذا الدين.
الذى لا شك فيه أن محاولة مزاوجة الإسلام بالديموقراطية هى معركة يحارب الغرب من أجلها بلا هوادة ، بعد أن تبين له أن النصر على الجهاديين أمر بعيد المنال . ويعترف الكاتب الأمريكى " دافيد سيلبورنى " بأن كل أوجه الحرب ضد الإسلام خاسرة . يقول " سيلبورنى فى مقالة له بعنوان " الحرب الخاسرة مع الإسلام ":
"الإسلام ليس دِينَ سلام ، وليس دِينَ اختطاف ، وليس دِينًا أفسدتْه القِلَّة من أبنائه ، إنه على خِلاف ذلك كله : دِين فيه صَلابة أخلاقيَّة ، وحماسة وغَيْرة بدأتْ تدبُّ في أوصاله، وأخلاقيات جِهادية ، حتى إنَّ الكثير من المسلمين في الشتات يرفضون أن يُشاركوا غيرَ المسلمين قِيمَهم على اختلاف أنواعهم ، وقرآنُهم يؤيِّدهم في ذلك ، الإسلام ليس مجرَّدَ دِين بالمعنى التقليدي للدِّين ، إنَّه إلى جانب ذلك حركةٌ سياسيَّة وأخلاقية ، ويرى معتنقوه أنَّه دِينٌ يملك حلاًّ لكلِّ مشاكل البشرية ، وأنَّ على البَشر جميعًا الخضوعَ لحُكمه .....إن القيم الغربية مثل حرية السوق وحرية الاختيار وحرية المنافسة أو الحرية الفردية ذاتها لا تتسق مع الإسلام وشريعته...."
" إنَّ عقيدةً بهذه الصورة تجعل مشروعَ تجذير الديمقراطية في المجتمعات الإسلاميَّة لصالِح الغرْب أمرًا مضحكًا، ومنافيًا للعقل ، ولا يقبله الإسلام ".
هذا هو رأى " سيلبورنى " . أما الإسلاميون فيشرحون ذلك شرحا محددا يقولون فيه : " أن عقيدة الإسلام وحدها والمنهج المنبثق منها هى أساس المجتمع المسلم ، وهذا مبدأ لا يسمح الإسلاميون فيه بالتميع والأرجحة ، فعقيدتهم هذه لا تقبل لها شريكا ، ولا يسمحون لهذه العقيدة أن تختلط بغيرها من المعتقدات والتصورات البشرية . فالإسلام عندهم إسلام فحسب ، وهم يؤمنون بأنه ليست هناك مناهج متعددة للمؤمن أن يختار منها ، أو يخلط واحدا منها بالآخر . ليس هناك حل وسط ، ولا منهج بين بين ، ولا خطة نصفها من هنا ، ونصفها الآخر من هناك ، إنما هناك حق وباطل ، هدى وضلال ، إسلام أو جاهلية ، طريق الله أو غواية الشيطان . ليس هناك إلا منهج واحد هو الحق ، وهو المنهج الذى شرعه الله ، وماعداه فهو للشيطان ومن الشيطان ، فلا يمكن التعايش بين منهجين للحياة ، أحدهما من صنع الله والآخر من صنع البشر، بينهما اختلاف جذري عميق بعيد المدى شامل لكل جزئية من جزئيات الإعتقاد والخلق والسلوك والتنظيم الإقتصادى والإجتماعى والسياسي والإنساني ، فكل خطوة من خطوات الحياة فى أحد المنهجين لا بد أن تكون مختلفة مع الأخرى متصادمة معها، فشرائع الأرض وقوانينها ومناهجها تصدر من بشر قاصر، محدود العمر ، محدود الرؤية ، متقلب الهوى ، لا يستقر على حال ، ولا يكاد يتفق اثنان فيه على رأى أو رؤية أو إدراك. ذلك لأن الحق واحد لا يتعدد ، فالله قد حصر الأمر فى اثنين لا ثالث لهما : الحق والهوى ، طريق الله و طريق الشيطان ، وعلى الإنسان إما : أن يستمع إلى وعد الله ، أو أن يستمع إلى وعد الشيطان ، ومن لا يسير فى طريق الله ويسمع وعده، فهو سائر فى طريق الشيطان ، ومتبع لوعده ويقول تعالى فى ذلك :" ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله" القصص 50 ، وهدى الله هو القرآن ".
الطريقان مختلفان بلا شك ، إسلام يسمونه بالمعتدل ، يرضى عنه الغرب ، محوره ديموقراطيته الليبرالية ، ويكتفى فيه بالشعائر التعبدية ، والأخلاق الفاضلة ، وإسلام حقيقى محوره كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأساسه شريعة الله عز وجل ، وسنامه الجهاد فى سبيل الله . فأى الطريقين تختاره مصر بعد مبارك : هذا أمر لم يتضح بعد .
نقلا عن مجلة المجتمع الكويتية
------------
المصادر :
1- أحمد إبراهيم خضر ، الحداثة: مخرج اليهود إلى ما يسمى بالإسلام المعتدل" www.alukah.net/Web/khedr/10863/20952/
2- أحمد إبراهيم خضر ، هزيمة الغرب للإسلام أمر غير ممكن ، نظرية دافيد سيلبورنى
www.alukah.net/Web/khedr/0/27181/
3-Dimitar Bechev, Egypt and the Turkish model , www.ecfr.eu/blog/entry/egypt_and_the_turkish_models
4- Ibon Villelbeitia , Can the Arab revolt learn from Turkish model.www.canada.com./ news..Turkish-model/ …/ story.html
5-Ihsan Dagi ,Turkish model: neither authoritarian nor Islamist, www.todayszaman.com/newsDetail_getNewsById.action?...
6- Michael Rubin , What is the Turkish Model? .www.nationalreview.com/…what-Turkish-model-rubin
7- Mustafa Akyol ,Egypt needs the new 'Turkish model', www.hurriyetdailynews.com/n.php?...egypt-needs-the-new-turkish-model...
8-Omer Taspinar. Egypt and the Turkish model , www.todayszaman.com/columnist-234723-egypt-and-the-turkish-model.html
9- Soner Cagaptay , Turkish Model for Egypt?
, www.cagaptay.com/8730/egypt-turkish-model
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: