يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
حرب شرسة تلك التي تشنها المؤسسات التعليمية في ألمانيا على الإسلام، وتتكشف معالم هذه الحرب بين الحين والآخر، ومع كل حادث إساءة يتعرض لها الإسلام بالغرب، حيث يتم إضافة وسيلة جديدة من وسائل معاداة الإسلام في تلك المؤسسات .
وكانت دراسة جديدة أعدها مجلس وزراء الداخلية المحليين بالولايات الألمانية، بتكليف من وزارة الداخلية الاتحادية ومعهد بحوث الإجرام في ولاية سكسونيا السفلى، وشملت خمسين ألف تلميذ اختيروا عشوائيا في مدارس61 مدينة ألمانية، أكدت أن خمس المستطلعة آراؤهم في سن الخامسة عشرة، لديهم مواقف عدائية تجاه الإسلام، وعبر ثلث المستطلعين عندما سئلوا "هل تعتقد بأن عدد الأجانب في ألمانيا زائد عن الحد؟" عن قناعتهم بأن العبارة حقيقة مطلقة، فيما أيدها ثلث آخر بتحفظ.
وحذرت الدراسة من خطورة انتشار واسع لتصورات نمطية مسبقة معادية للأجانب والإسلام بين الناشئة الألمانيين، موضحة أن واحدا من كل13 تلميذا ألمانيا في الصف التاسع، أقر بارتكابه بدوافع يمينية متطرفة فعلا يعاقب عليه القانون كرسم الصليب المعقوف (شعار النازيين) فوق ممتلكات أشخاص أجانب أو التعدي على هذه الممتلكات.
ولعل الطريقة التي وجه بها السؤال محل الاستطلاع إلى التلاميذ، يكشف عن استخدام المؤسسات التعليمية لهذه الاستطلاعات، كأحد وسائل الحض على كراهية الإسلام والمسلمين في ألمانيا، حيث إن صيغة السؤال الذي يقول هل تعتقد بأن عدد الأجانب في ألمانيا زائد عن الحد؟" جاءت على شكل تقريري تكاد توحي بأن السائل يريد تلقين التلاميذ الإجابة بالإيجاب، وفقا لما قال الدكتور أحمد الخليفة، المشرف العام على المركز الرئيسي في ميونيخ عاصمة بافاريا الإسلامي، والذي أوضح أن دراسة بهذا الشكل، علامة خطر شديد لأنها توسع الهوة بين المواطنين الألمانيين والأجانب، وتعمق الخلافات وسوء الفهم بين المسلم وغير المسلم داخل المجتمع الألماني.
والمتفحص لمناهج التعليم الألمانية التي تتناول العقيدة الإسلامية سيجد أنها تلقن للتلاميذ بصورة توحي بالتخلف والجمود...! في مقابل العقائد الغربية التي يراد إظهارها في صورة مشرقة وحيوية، وهو ما أكده تقرير للجنة جمعية دراسات الشرق الأوسط عن واقع الدراسات الإسلامية في ألمانيا، والذي ذكر أن صورة الإسلام التي تقدم للطلبة الألمان في مجملها تؤكد، أنّ الإسلام دين يعوق التطور والتنمية، لذلك فقد فات العرب قطار الحضارة وسيطر عليهم الأتراك والإنجليز والفرنسيون.
ووفقا للتقرير فإنه في عام 1995قامت معلمة في إحدى المدارس الابتدائية الألمانية بعمل اختبار هام لتلاميذ المدرسة، الذين تتراوح أعمارهم ما بين التاسعة والعاشرة، لمعرفة رأيهم في الإسلام، وقد استقت هذه المعلمة شرحاً وتفسيراً لأسماء الله على ورقة بطريقة عشوائية دونما أي ذكر لمصدر أو أصل إسلامي، ثم قامت بنسخ تلك الورقة وتوزيعها على التلاميذ. وقالت لهم: على هذه الصفحة أسماء مختلفة عن أسماء الله.. ضعوا خطاً تحت الأسماء التي تعتبرونها أسماء الله في المسيحية. وخطاً بلون آخر تحت تلك التي ترونها أسماء لله في الإسلام.
فالمعلمة إذن - وعن قصد- لم تقل للأطفال أن هذه الأسماء كلها إسلامية. فماذا فعل هؤلاء الأطفال؟ أن غالبية - كما هو متوقع - فسروا الدالة على الرحمة والمغفرة والسلام والحب على أنها مسيحية. والأسماء التي توحي بالقوة والقدرة على أنها إسلامية..!!وهذه التجربة المفزعة توضح مدى التحيز ضد الإسلام، وكيف أنّ الأحكام المسبقة تحاك ضده بكل دقة، وفي وقت مبكر في مراحل التعليم الأولى.
تحريض الطلاب الألمان على كراهية الإسلام، ليس وليد الألفية الثالثة كما يردد البعض، ولكنه يعود إلى الثمانينيات وفقا لما أكدته دراسة أعدتها الأكاديمية الإسلامية العلمية - ومقرها مدينة كولونيا الألمانية. والتي قالت: إن التعليم المدرسي في ألمانيا منذ الثمانينات وخاصة الكتب المدرسية هي المنبع الأصلي لنشأة وتثبيت تلك الصورة المشوهة والزائفة عن الإسلام، والتي من شأنها أن تتحول بالأجيال التالية في الغرب إلى أجواء أكثر انفعالاً وتوتراً إزاء الإسلام، ومن ثم التحضير غير المباشر للعقلية الغربية وتعبئتها بمقومات التصادم والاحتكاك.
وفي كتابه الذي حمل عنوان "يوميات مسلم ألماني" أكد الدكتور مراد هوفمان الأستاذ الألماني الذي اعتنق الإسلام وأصبح داعية ومفكراً إسلامياً عالمياً أنه في مدارس ألمانيا يدرس الإسلام مشوهاً في (600 ) كتاب بطريقة مرعبة وهو الأمر الذي رفضه بشدة، موضحا أنّ الإسلام هو الحل الوحيد للخروج من الهاوية التي تردى الغرب فيها, وأن الانتشار العفوي للإسلام هو سمة من سماته على مر التاريخ، ذلك لأنه دين الفطرة المنزّل على قلب المصطفى صلى الله عليه وسلم .
تشويه صورة الإسلام في المؤسسات التعليمية الألمانية، لم يقتصر فقط على المناهج، وإنما شمل إدارات تلك المدارس التي رفضت أكثر من مرة دخول الطالبات المحجبات مدارسها، وهو الأمر الذي أثار حفيظة المسلمين هناك والذين قاموا بمقاضاة تلك المدارس، وحصلوا على أحكام تتيح للطالبات دخول المدارس الألمانية بالحجاب، ورغم ذلك رفضت بعض المدارس تنفيذ القرار .
وكانت إدارة إحدى مدارس حي "فيدينج" الذي يعيش فيه عدد كبير من المسلمين ذوي الأصول العربية والتركية، قد رفضت السماح لأحد تلاميذها بالصلاة في المدرسة، مبررة ذلك بمبدأ حيادية الدولة، ووصل الأمر إلى ساحة القضاء الذي قضى للتلميذ المسلم بحقه في الصلاة في المدرسة.
والجدير بالذكر أن هناك بعض المؤسسات التعليمية الإسلامية إلا أنها لا تكفي لاستيعاب نحو نصف مليون من أبناء المسلمين الذين يتلقى 80% منهم تعليمهم في المدارس الألمانية ورياض الأطفال، التي تخضع أغلبها لإشراف الكنيسة، كما أن هناك نقص شديد في الإمكانيات المادية لدى المسلمين لبناء مدارس ورياض أطفال خاصة بأبنائهم، ففي برلين وحدها يوجد نحو 35 ألف طفل مسلم بالمدارس الألمانية ولا يوجد بالمدينة سوى المعهد الإسلامي، الذي لا يضم منهم سوى أقل من200 طفل فقط، وحتى هذا المعهد لا يحصل على أي دعم من وزارة التعليم الألمانية كسائر المدارس الخاصة بالطوائف الأخرى وترفض الوزارة إدخال مادة التربية الإسلامية في المناهج المقررة على طلبة وتلاميذ المدارس المسلمين بدعوى مخالفة القرآن الكريم للدستور.
ويرجع انحسار التعليم الإسلامي في ألمانيا، وعدم تلقي المدارس الإسلامية لمعونات حكومية من الضرائب، التي يدفعها المسلمون إلى عدم اعتراف الدولة الألمانية بالدين الإسلامي، رغم أن اتباعه يشكلون التركيبة السكانية الثانية في البلاد، ومع ذلك فإن ألمانيا تشترط للاعتراف بأي دين أن يبلغ عدد اتباعه20 ألفا على الأقل، وأن يكون دينا قديما وهذه الشروط تنطبق على المسلمين، إلا أنه يبدو أنها وُضعت بالتفصيل لتطبق على اليهود فحسب، فعددهم في ألمانيا لا يتجاوز30 ألفا إلا أنه معترف رسميا بهم.
وعلى الوجه الآخر فقد أدركت بعض المؤسسات غير الرسمية في ألمانيا خطورة التحريض على كراهية الإسلام في البلاد، وقامت بخطوات عملية لمواجهة هذا الأمر حيث تبنت أكاديمية برلين برندنبورج للعلوم ضرورة تدريس الدين الإسلامي في المدارس الألمانية للتلاميذ المسلمين ووضع حد للجدل القائم منذ سنوات حول الأسس والإطار العام الذي من الممكن أن ينفذ به هذا الطرح على أرض الواقع في ظل تزايد أعداد التلاميذ المسلمين في المدارس ووجود أربعه ملايين مسلم على الأراضي الألمانية.
ومن هذا المنطلق دعت الأكاديمية عددا كبيرا من مسؤولى وزارة التعليم الألمانية والأكاديميين إلى ندوة تتبنى هذا الطرح فيها البروفسير ارى كريستين مور، أستاذة علم الإسلاميات في جامعه ايرفورت والبروفسور فولف رامز فايس، أستاذ علم الإسلاميات من جامعة هامبورج (الاثنين) القادم بمقر الأكاديمية ببرلين .
جدير بالذكر أن ثلاثة مؤتمرات إسلامية عقدت في برلين ضمت الجاليات والاتحادات الإسلامية مع وزير الداخلية الألماني فولفجانج شويبلا لمناقشة كيفية تدريس الدين الإسلامي في المدارس الألمانية وحتى الآن لم تخرج بإطار محدد لذلك.
04-05-2008
Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /htdocs/public/www/actualites-news-web-2-0.php on line 785
الردود على المقال أعلاه مرتبة نزولا حسب ظهورها
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
4-05-2008 / 12:33:27 أبو سمية
لماذا لا يطلب من الدول الغربية أيضا تنقية برامجها التعليمية
اذا كان يطرح كثيرا المطلب الذي يدعو الدول الاسلامية الى تنقية برامجها التعلييمية من الاشارات الداعية لكراهية الأخر كما يزعمون (ويقصدون بها تلك الداعية للالتزام بالاسلام)، والعمل بدلها على ايجاد محتويات تدعو للتسامح (العاملة على عدم الالتزام بالاسلام من حيث عدم تصنيف الناس ككفار ومسلمين)، واذا كانت دول عربية بادرت فعلا لذلك ومنها تونس التي كانت سباقة في ذلك حيث عملت منذ تسعينات القرن العشرين على القيام بعمليات تحوير منهجي بالبرامج التعليمية التونسية اتسقت مع مثل هذه المطالب الغربية، بحيث ان العديد من البرامج التعليمية التونسية الان لا تكاد تعرف من خلالها اهي موجهة لتلاميذ مسلمين ام مسيحيين.
اذا كان ذلك كذلك، فلماذا لا يطرح نفس المطلب (مطلب تنقية البرامج التعليمية) ايضا نحو الدول الغربية، التي تطفح برامجها التعليمية بالاشارات العاملة على زرع بذور الكراهية نحو المسلمين، ولماذا لا يقع المطالبة بنفس الشيئ من "اسرائيل" التي تغلبت على الجميع باحتواء برامجها على محتويات تدعو لكراهية الكل وتصنيفهم على أنهم "ّأغيار ما وجدو الا لخدمة اليهود".
4-05-2008 / 12:33:27 أبو سمية