البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات محرر بوابتي
مقالات محرر بوابتي

الفرد الإمعي/ التابع والبحث عن المعنى

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس   
 المشاهدات: 567


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


هل الإنسان بطبعه وجد لكي يكون تابعا وان الخروج عن منطق القطيع استثناء

الحقيقة أن استقراء الواقع تاريخيا وحاليا، يزودنا بمؤشرات عديدة أن الأفراد في غالبهم ينشؤون بمنطق التسليم للمجموعة كي تقرر مصيرهم، فهو إقرار ضمني من الفرد انه مجرد جزء من كتلة بشرية اكبر هي من تسطر حدود التحرك بل هي من تقرر حتى دلالة المفاهيم الفكرية والعقدية (المجموعة أي الواقع هو من يحدد معنى الإسلام مثلا وبسبب ذلك تنشأ الانحرافات العقدية لأنها تحديدات بشرية) وما على الفرد إلا الاتباع، وهذا هو منطق القطيع

انظروا حتى في ابرز النماذج وهم المسلمون الأوائل، إذ يحدثنا التاريخ كيف أن نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم كان يلتقي بشيوخ القبائل ومن يقال انهم سادة قومهم يدعوهم للإسلام، ثم يرجع إليه أولئك مرة أخرى وقد أسلمت قبائلهم، نحن إزاء تابعية وإمعية في مسالة حميمية وهي الإيمان بالله فما بالك ما دونها، تمّ التسليم فيها للغير لكي يقرر عنهم، فلما اسلم كبير القبيلة وافق الآخرون، فهذا هو منطق القطيع

ثم انظروا بعد تلك الفترة، ما ذكره معاوية في قبيلة (تميم على ما اذكر) محذرا منهم لما واجه احد زعمائهم فقال في ما معناه: “إذا غضب هذا غضب معه مائة ألف لا يدرون لماذا غضب”.، يعني الآلاف تغضب و الأرجح تتحرك للقتال وهي لا تعرف أصلا لماذا غضب رأسهم

يعني معاوية يتحدث ويقر بجريان منطق القطيع، بحيث تنشأ حروب لا يعرف أصحابها أصلا لماذا وقعت

يبدو أن هناك أسبابا كثيرة تجعل الفرد مدفوعا لكي يكتفي بما تضبطه المجموعة التي ينتمي إليها، فيقر ما تقر ويعادي ما تعادي، ويبدو أن الكثير من الناس يجدون راحة نفسية في خضوعهم للمجموعة أي انهم يرتاحون حين تبني سلوك القطيع

ولكل ذلك فان الفرد الذي يرفض توجيهات المجموعة وضبطها ويعمل على التحرر من منطق القطيع يعتبر أمرا شاذا عن القاعدة

وعلى أية حال، فانه في واقعنا تم استغلال هذا السلوك البشري الهش والقابلية الموجودة لدى عامة الناس ليكون إمعة فردا من قطيع باطمئنان، من طرف أدوات الضبط الحديثة كالإعلام والتعليم والثقافة، بحيث توجه الشعوب من طرف خفي لخدمة مصالح المتحكمين في الواقع سياسيين ومتنفذين اقتصاديين

ولما كان الأصل في الفرد هو وضع التابع الذهني، فان على من يتصدى لفهم الواقع وتغييره وليكن واقعنا بتونس نسبة لسيطرة فرنسا عليه، فانه يلزمه مجهود لكي يخرج من اسر أدوات التوجيه الذهني التي يحركها المتحكمون والمستفيدون من الواقع،، ولكن إضافة لذلك ولعل قبل ذلك على رافض الإمعية الذهنية أن يستعد للمشاكل التي سيعترضها حين كسر الطوق الذي بنته المجموعة حوله، وهو طوق ذهني وجداني في أساسه

الفرد الإمعي التابع والحاجة لمصدر منتج للمعنى

لماذا يخضع الفرد للمجموعة ويقبل بتوجيهاتها، هل هي الحاجة المادية، لو كان الأمر كذلك لكان لازمه أن الميسور لا يخضع للمجموعة و تحديداتها، وللزم كذلك ان المحتاج والمعدم لا يخرج عن المجموعة ولا يكون منهم الثائرون عن القطيع، كيف ونحن نجد الكثير من الثوار منتمين لصف المحتاجين

إذن موضوع الخضوع للمجموعة والالتزام بضوابطها ليس ماديا، فهو بالتالي لامادي

في مستوى آخر للتفسير يمكننا القول أن الذي يخضع للمجموعة ويعجز عن عصيانها انما يقوم بترجيح ذهني لاحتمالات موقف يكون متعلقا بالواقع ينتهي به لتغليب احتمالية مقتضيات الواقع

إذن فالخضوع للواقع حقيقة هو تسليم بالدلالة التي يقررها الواقع على موجودات ذهنية كانت تحمل دلالة أخرى لدى الفرد

بمعنى آخر فان ما حصل هو قبول قهري وان كان في شكل اختيار، بمعاني قررها الواقع لمفاهيم موجودة لدى الفرد

لنفهم المسألة من زاوية أخرى، ما يحصل أن الواقع الضاغط على الفرد الضحية / الإمعة، يأخذ مفاهيم موجودات فيترك وعاءها لكنه يستبدل معانيها، نحن إزاء إعادة ضخ معاني المفاهيم

مثلا لنأخذ مفهوم الكرامة حيث كانت من معانيه العفة وعدم الخضوع وعدم التذلل والرفعة الأخلاقية

فيأتي الواقع فيترك نفس المفهوم لكنه يبدل معانيه بأخرى، فيسحب مثلا معاني الرفعة الأخلاقية ونصل في النهاية للمنحرفات أخلاقيا ونجد من يدافع عنهن بداعي انهم يشتغلن لحفظ كرامتهن (قيل ذلك عن الداعرات المحترفات في المواخير التي تتبع الدولة، ولكنه يقال أيضا عن المنحرفات أخلاقيا اللاتي تسمين فنانات والاني ينشطن في البؤر التي تسمى مهرجانات)

فالمفهوم بقي متداولا (الكرامة) لكن معانيه تبدلت وقس على ذلك باقي المفاهيم كالحرية والاستقلال والتدين....، والفرد في سياق سعيه للاندماج في الواقع، يقوم بالتماهي مع المعاني الجديدة للمفاهيم التي حددت في ذلك الواقع خوفا من عزله ورفضه وانبتاته عنه

إذن هناك احتياج لمعاني المفاهيم المتداولة في الواقع، لدى الفرد، وهذه الحاجة هي التي تشد الفرد وتجعله يتصرف بعجز أمام ذلك الموجود الكبير الذي يحيطه وهو الواقع الذي يقرر معاني المفاهيم

لكن في الحقيقة الارتباط ليس بالواقع ككيان معنوي، وإنما حاجة الفرد الضحية / التابع، تقع تحديداً في ارتباطه بمن ينتج المعاني

يعني الربط والارتباط يقع بدقة اكبر مع منتجي المعاني، هؤلاء هم من يشد الفرد ويقرر مصيره

ما يمكن أن اسميه مصادر إنتاج المعاني هي تلك التي تزود المجال المفاهيمي للواقع بمعاني جديدة، وهي عادة التعليم والإعلام والثقافة وبدرجة أقل الاقتصاد، لكن يوجد من مصادر إنتاج المعاني كذلك الزعماء وشيوخ الدين، اذ أنها أدوات تشكيل للأذهان من خلال ضخها معاني مستحدثة لمفاهيم موجودة تخدم مصلحة المتحكمين بالواقع

إذن الإمعية لدى الأفراد هي الحاجة القوية لديهم لمصادر إنتاج للمعاني، ذلك يعني أن تخلصنا من الإمعية التي هي شرط تغيير واقعنا، لازمه تفتيت علاقة الحاجة تلك وهذا يكون أما بتفكيك أدوات إنتاج المعاني من خلال تغيير أدوارها ومحتوياتها أو هدمها والاستغناء عنها، وإما تحرير الأفراد من حاجتهم لتلك المصادر


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

التبعية، الفرد، المجتمع، الإمعية، الشخصية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 22-08-2022  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
طلال قسومي، محمد الياسين، يزيد بن الحسين، سامر أبو رمان ، د - عادل رضا، د. عبد الآله المالكي، د - محمد بنيعيش، جاسم الرصيف، سفيان عبد الكافي، سلام الشماع، كريم السليتي، المولدي الفرجاني، محمد الطرابلسي، أحمد ملحم، فتحي الزغل، أحمد الحباسي، سلوى المغربي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، صفاء العراقي، محمود طرشوبي، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. أحمد محمد سليمان، د.محمد فتحي عبد العال، منجي باكير، محمد يحي، فوزي مسعود ، د. صلاح عودة الله ، فتحـي قاره بيبـان، رشيد السيد أحمد، محمود سلطان، سامح لطف الله، رضا الدبّابي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمد اسعد بيوض التميمي، رافد العزاوي، كريم فارق، وائل بنجدو، عمر غازي، مصطفى منيغ، يحيي البوليني، د. ضرغام عبد الله الدباغ، نادية سعد، عبد الرزاق قيراط ، د - المنجي الكعبي، مصطفي زهران، محمد شمام ، محرر "بوابتي"، د- جابر قميحة، حاتم الصولي، مجدى داود، د. طارق عبد الحليم، د - مصطفى فهمي، د - الضاوي خوالدية، أحمد النعيمي، سليمان أحمد أبو ستة، مراد قميزة، فتحي العابد، أنس الشابي، إسراء أبو رمان، إيمى الأشقر، د. عادل محمد عايش الأسطل، عبد الله الفقير، عمار غيلوفي، د. خالد الطراولي ، حسن عثمان، محمود فاروق سيد شعبان، سيد السباعي، علي الكاش، رحاب اسعد بيوض التميمي، عبد الغني مزوز، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عواطف منصور، خبَّاب بن مروان الحمد، حميدة الطيلوش، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، ضحى عبد الرحمن، صلاح الحريري، رافع القارصي، خالد الجاف ، أ.د. مصطفى رجب، صفاء العربي، الهيثم زعفان، ياسين أحمد، صالح النعامي ، ماهر عدنان قنديل، د - صالح المازقي، د- هاني ابوالفتوح، الناصر الرقيق، صباح الموسوي ، محمد العيادي، الهادي المثلوثي، العادل السمعلي، د - شاكر الحوكي ، عزيز العرباوي، فهمي شراب، محمد عمر غرس الله، إياد محمود حسين ، أحمد بوادي، أشرف إبراهيم حجاج، صلاح المختار، رمضان حينوني، حسن الطرابلسي، حسني إبراهيم عبد العظيم، سعود السبعاني، د. أحمد بشير، عراق المطيري، علي عبد العال، د- محمود علي عريقات، د - محمد بن موسى الشريف ، عبد الله زيدان، د- محمد رحال، محمد أحمد عزوز، أبو سمية، تونسي،
أحدث الردود
مقال ممتاز...>>

لغويا يجب استعمال لفظ اوثان لتوصيف مانحن بصدده لان الوثن ماعبد من غير المادة، لكني استعمل اصنام عوضها لانها اقرب للاذهان، وهذا في كل مقالاتي التي تتنا...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

واضح أن الكاتب يعاني من رؤية ضبابية، وهو بعيدٌ عن الموضوعية التي يزعم أنه يهتدي بها..
نعم، وضعت الأنظمة القومية قضية تحرير فلسطين في قائمة جدول...>>


الأولى أن توجه الشتائم التي قدمتها لما يُسمى بالمعارضة الذين هم في الحقيقة تجار الوطن والشرف.. ارتموا كبائعات الهوى في حضر التركي والأمريكي والقطري وا...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء